لاجئون يقررون العودة إلى درعا... وآخرون قلقون من «ضبابية المشهد»

«أبو محمود» العائد من الأردن يتفقد حارته في درعا أمس (وكالة نبأ)
«أبو محمود» العائد من الأردن يتفقد حارته في درعا أمس (وكالة نبأ)
TT

لاجئون يقررون العودة إلى درعا... وآخرون قلقون من «ضبابية المشهد»

«أبو محمود» العائد من الأردن يتفقد حارته في درعا أمس (وكالة نبأ)
«أبو محمود» العائد من الأردن يتفقد حارته في درعا أمس (وكالة نبأ)

«دفعني شعوري بالتقصير تجاه أهلنا في الداخل، ورغبتي في تقديم شيء لهم إلى العودة لمسقط رأسي مدينة درعا التي غادرتها منذ أكثر من أربع سنوات إلى الأردن مرغما؛ نتيجة الحرب التي تشنها قوات (بشار) الأسد على الشعب السوري».
بهذه الكلمات بدأ المحامي عدنان المسالمة حديثه حول عودته مؤخرا إلى مدينة درعا. وأضاف: «عدت في شكل طوعي من دون أي نوع من الضغوطات من أي جهة. فقط شعوري في الحاجة للعودة إلى أرض الوطن، وتقديم يد العون لأهلنا، وخاصة أننا مقبلون على كثير من العمل المدني عبر منظمات المجتمع المدني، ذلك بعد توقف المعارك أو توقيفها دولياً من الجهات الفاعلة في الشأن السوري».
يعيش المسالمة في منطقة الشياح غرب منطقة درعا البلد، التي كانت عبارة عن مزارع وحقول شبه مهجورة، وباتت حالياً حياً سكنياً حديثاً، لجأ إليه الأهالي هرباً من القصف الشديد على أحياء درعا البلد وطريق السد ومخيم درعا، حيث وصلت نسبة الدمار في تلك الأحياء إلى أكثر من 85 في المائة وفقاً لـ«الدفاع المدني السوري» في مدينة درعا. ويقول: «أعمل على المشاركة في حل المشاكل العالقة بين الناس، إضافة إلى العمل الدؤوب لتحريك الشارع ودفعه للانخراط في العمل المدني».
حركة عودة نشِطة
تشهد النقطة الحدودية بين سوريا والأردن، حركة نشطة نوعاً ما في الآونة الأخيرة؛ نتيجة لمبادرة العودة إلى الداخل من الأهالي، الذين غادروا مناطقهم خوفا على حياتهم وحياة ذويهم من القتل على أيدي قوات النظام التي استخدمت شتى أصناف الأسلحة، في محاولة منها لاستعادة المناطق التي خسرتها لصالح المعارضة السورية.
يقول أبو محمود الحوراني الناطق الرسمي باسم «تجمع أحرار حوران»: «يصل عدد اللاجئين العائدين من الأردن يوميا إلى ما يقارب 100 شخص، جلّهم من أبناء محافظة درعا، قادمون من مخيمي الأزرق والزعتري في الأردن».
وعن أسباب العودة، يوضح: إن توقف إطلاق النار عبر الاتفاق الروسي - الأميركي الذي دخل حيز التنفيذ في 9 يوليو (تموز) من العام الجاري والغياب التام للطائرات المروحية والحربية، دفع بالكثير من اللاجئين إلى التفكير بالعودة إلى سوريا، وخاصة إلى مدن وبلدات ريف درعا البعيدة عن مناطق الاشتباك والمعارك، حيث تشهد هذه المناطق حركة اقتصادية جيدة نسبياً، وظروفا معيشية وأمنية مناسبة إلى حد ما للعيش المقبول للأهالي.
ظروف اجتماعية وإنسانية
ليس الهدوء وحده الذي يدفع اللاجئين السوريين في الأردن بالعودة إلى مدينة درعا، بل هناك ظروف اجتماعية وإنسانية أخرى أجبرت فئة منهم على العودة، مثل أبو محمود البالغ من العمر 65 عاماً، الذي هرب من مدينة درعا منذ ما يقارب 4 سنوات بصحبة زوجته وأحد أبنائه وأحفاده، فيما بقي القسم الآخر من العائلة في مدينة درعا، متنقلين بين حي وآخر، ومن بلدة إلى أخرى في ريف درعا، كلما استعرت نيران الحرب. وهو يقول: «قُتل ولدي في المعركة الأخيرة التي دارت رحاها بمدينة درعا الموت ولا المذلة، خلال شهر فبراير (شباط) من العام الجاري، بين قوات الأسد من جهة وقوات المعارضة من جهة ثانية، حيث حاولت قوات النظام استعادة أحياء مدينة درعا المحررة من يد المعارضة، لكنها فشلت وقصفت الأحياء بشكل عنيف، وكنا نسمع أصوات القصف ونحن في مدينة الرمثا الأردنية، نتيجة هذا فقدت ولدي الذي ترك خلفه خمسة أطفال».
بات أبو محمود مسؤولا عن أحفاده الخمسة الذين فقدوا والدهم، ما دفعه بالعودة إلى مدينة درعا لرعايتهم وتأمين منزل بديل لهم، بعدما فقدوا منزلهم في درعا البلد؛ جراء استهدافه بصاروخ فراغي ألقته الطائرات الروسية، فيما كانوا يقطنون بإحدى قرى ريف درعا الشرقي.
صعوبات العودة
لعل أحد أهم العوائق التي تقف أمام عودة اللاجئين، يتجلى في متابعة أبنائهم للتعليم، وخاصة حصولهم على شهادتي المرحلتين الأساسية والثانوية، وفرصة استكمال دراستهم الجامعية، عبر المنح الدراسية. وتقول نورة محمد: «لا يمكن لأبنائي استكمال دراستهم، وخاصة حصولهم على الشهادتين الأساسية والثانوية في درعا؛ خوفاً من تعرضهم للاعتقال من قبل عناصر الاستخبارات التابعة للنظام وفقدان المناطق المحررة لمقومات الأمن والتعليم، وخاصة في المراحل المتقدمة، لذلك لا يمكننا العودة حاليا إلى درعا جنوب سوريا، رغم حالة الهدوء التي تشهدها المنطقة بشكل عام».
وليس هذا الأمر فقط ما يمنع عودة اللاجئين، إذ هناك صعوبات وأسباب عديدة تبرز للواجهة مع ضبابية المشهد السياسي والعسكري في الجنوب السوري، وعدم وجود اتفاق واضح وصريح بإيقاف العمليات العسكرية، وتصاعد الاغتيالات وخاصة عبر العبوات الناسفة، ما ولّد حالة من عدم الثقة لدى غالبية من الناس. ويقول أحمد المسالمة: «حتى اللحظة لا يوجد شيء واضح، فالنظام معروف بأنه لا عهد له ولا مواثيق يلتزم بها، كما أنّ روسيا هي الحليف القوي للأسد، وهي من تقود العمليات العسكرية في محافظة درعا، وطائراتها هي التي دمرت منازلنا ومساجدنا، وحتى المشافي الميدانية لم تسلم منها، فكيف نصدقها ونأخذ الأمان منها؟».
يذكر أن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أعلنت بأن عدد اللاجئين السوريين في الأردن قد بلغ أكثر من 655 ألف لاجئ، وذلك مع نهاية العام المنصرم 2016. إذ يعيش «141 ألفا من اللاجئين داخل المخيمات، في حين أن 514 ألفاً و274 يعيشون في القرى والمدن الأردنية».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.