موسكو تحذر من ابتلاع {جبهة النصرة} للمعارضة في إدلب

قالت إنها تتحالف مع 70 تنظيماً وتضم 25 ألف مقاتل

عناصر من «داعش» خلال معارك شرق الرقة (أ.ب)
عناصر من «داعش» خلال معارك شرق الرقة (أ.ب)
TT

موسكو تحذر من ابتلاع {جبهة النصرة} للمعارضة في إدلب

عناصر من «داعش» خلال معارك شرق الرقة (أ.ب)
عناصر من «داعش» خلال معارك شرق الرقة (أ.ب)

أعلنت وزارة الدفاع الروسية إن طائراتها نفذت أكثر من 28 ألف طلعة جوية في سوريا منذ بدء العملية العسكرية الروسية، شنت خلالها نحو 90 ألف غارة على «مواقع الإرهابيين»، ما ضاعف مساحة سيطرة قوات النظام أربع مرات.
وأكدت أن العمليات العسكرية في الفترة الحالية تركز على تحرير مدينة دير الزور من تنظيم داعش، محذرة في الوقت ذاته من تصعيد «جبهة النصرة» ضد المعارضة بهدف السيطرة على محافظة إدلب. إذ تستمر المشاورات بين الدول الضامنة لإنجاز الاتفاق حول منطقة خفض التصعيد في إدلب، وتأمل الخارجية الروسية إعلان بدء العمل في تلك المنطقة في وقت قريب.
ونظمت وزارة الدفاع الروسية أمس طاولة مستديرة، على هامش منتدى - معرض «الجيش - 2017» قرب موسكو، كرستها لبحث «التجربة السورية». وخلال هذه الفعالية قال الجنرال سيرغي رودسكوي، رئيس مديرية العمليات في هيئة الأركان الروسية، إن القوات الجوية الروسية نفذت منذ بداية العملية في سوريا أكثر من 28 ألف طلعة قتالية، وجهت خلالها زهاء 90 ألف ضربة لـ«مواقع الإرهابيين»، أدت إلى «قطع طرق الطرق الإمداد الرئيسية للمسلحين بالسلاح والذخيرة. وحرمت المنظمات الإرهابية من التمويل عبر التجارة غير الشرعية بالنفط».
وأقر رودسكوي بوضوح بمشاركة القوات الروسية الخاصة في القتال في سوريا، قائلاً إن «قوات المهام الخاصة لعبت دوراً هاماً في العمليات ضد العصابات المسلحة، وقامت بتنفيذ مهام القضاء على قادة الإرهابيين، وتدمير المواقع ذات الأهمية الحيوية بالنسبة لهم، فضلا عن تحديد الإحداثيات وتصحيحها خلال الغارات الجوية». ونوه بالمساعدة الملموسة التي يقدمها المستشارون العسكريون الروس لقوات النظام السوري، من خلال مشاركتهم في التخطيط للعمليات، لافتاً إلى أن النظام السوري تمكن منذ بدء العملية الروسية في سوريا من توسيع المساحات التي يسيطر عليها بأربع مرات، من 19 إلى 78 ألف متر مربع من الأراضي السورية البالغة 185 ألفاً.
وفي الفترة الحالية، تركز القوات الروسية في سوريا جهودها على تحرير دير الزور من قبضة «داعش»، بالتعاون مع قوات النظام السوري، بحسب رودسكوي. ومن دون أي إشارة إلى المستجدات في الرقة، وصف دير الزور بأنها آخر معاقل «داعش» في سوريا، وعبر عن قناعته بأنه بفك الحصار عن دير الزور ستنتهي عمليات القضاء على تشكيلات «داعش» التي تتمتع بقدرة قتالية، منوها إلى أن «المعلومات تفيد بأن مجموعات من الموصل، والمجموعات الأكثر قدرة قتالية من مدينة الرقة انتقلت إلى دير الزور».
ووفق تقديرات الأركان الروسية يزيد عدد مقاتلي «داعش» في سوريا حاليا على 9 آلاف مقاتل. وقال الجنرال إيغور كوروبوف، نائب رئيس قسم العمليات في الأركان الروسية، إن الجزء الرئيسي من قوات التنظيم تنتشر بصورة رئيسية في مناطق وسط سوريا وفي المناطق على الحدود السورية - العراقية، ولديها تعليمات بالحفاظ على المناطق الخاضعة لسيطرتها بأي ثمن.
إدلب و«النصرة»
في سياق متصل، حذر الجنرال كوروبوف من دور «جبهة النصرة» في منطقة إدلب، وقال إن هذا التنظيم الإرهابي يضم حاليا في صفوفه أكثر من 70 جماعة مسلحة، بعضها كان من المعارضة المسلحة في وقت سابق. وإجمالي عدد المقاتلين في «النصرة» حاليا يزيد على 25 ألف مقاتل، وأكد الجنرال الروسي أن «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) «تشن هجمات ضد القوات الحكومية كما وضد قوات المعارضة السورية المعتدلة في محافظات حلب ودمشق وإدلب وحماة»، وأردف محذرا من أن «نحو 9 آلاف عنصر من (جبهة النصرة) في مناطق شمال غربي محافظة إدلب، يحاولون فرض السيطرة التامة على المحافظة، ويصعدون هجماتهم ضد تشكيلات المعارضة السورية المعتدلة»، ولم يستبعد أن «هيئة تحرير الشام» تحاول في المرحلة الحالية عرقلة إقامة منطقة خفض التصعيد في المحافظة، وبالتالي تقويض عملية التسوية السياسية للنزاع في سوريا.
وشدد الجنرال سيرغي سورفيكين، قائد مجموعة القوات الروسية في سوريا، على أن العمليات ضد «داعش» و«جبهة النصرة» الإرهابيين ستستمر حتى القضاء التام على التنظيمين في سوريا.
ويشكل الوجود الكثيف لعناصر «جبهة النصرة» في محافظة إدلب إحدى أكثر العقبات تعقيداً خلال المشاورات حول إقامة منطقة خفض التصعيد في المحافظة. وكانت الدول الضامنة أعلنت خلال لقاء «أستانة - 5» مطلع يوليو (تموز) الماضي، عن تشكيل لجنة خاصة لمواصلة العمل على الوثائق الخاصة بإقامة مناطق خفض التصعيد، وتركز اللجنة حاليا على منطقة إدلب، نظرا للتوصل إلى اتفاقات حول المناطق الثلاث الأخرى في ريف حمص، وجنوب سوريا والغوطة. ويفترض أن تنجز اللجنة عملها بحلول نهاية أغسطس (آب) الجاري، وعرض الوثائق على لقاء «أستانة - 6» الذي كان مقررا في الأسبوع الأخير من أغسطس. إلا أن روسيا أعلنت عن تأجيل موعد اللقاء السادس في أستانة حتى منتصف سبتمبر (أيلول)، الأمر الذي يكشف حجم تعقيد الوضع حول إدلب.
وعبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تصريحات مؤخراً عن أمله أن تؤدي المشاورات المكثفة في إطار صيغة أستانة إلى تثبيت الاتفاق حول منطقة خفض التصعيد الرابعة في محافظة إدلب. وكان ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي بحث الوضع حول إدلب مع نظيره سادات أونال، نائب وزير الخارجية التركي، واتفق الجانبان على تكثيف الجهود في هذا الاتجاه.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.