أهالي «جرف الصخر» مبعدون عن مدينتهم منذ 3 سنوات

مجلس بابل قرر مقاضاة المطالبين بعودتهم

TT

أهالي «جرف الصخر» مبعدون عن مدينتهم منذ 3 سنوات

يبدو أن حل مشكلة آلاف العوائل المهجرة من ناحية جرف الصخر في محافظة بابل وعودتهم إلى منازلهم ما زالت بعيدة على المدى القريب، بعد سلسلة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المحلية في محافظة بابل (100 جنوب بغداد). فبعد أن اتخذ مجلس قضاء المسيب في المحافظة (يبعد نحو 12 كيلومترا جنوب جرف الصخر) في فبراير (شباط) الماضي قرارا «تعجيزيا» يلزم أهل الناحية بـ«تسليم الجناة (المتورطين بأعمال إرهابية من أهالي الناحية) وتعويض المتضررين وضمان أمن المنطقة»، عاد مجلس محافظة بابل وصوت على قرار قبل خمسة أيام، يقضي برفع دعوى قضائية على كل من «يطالب بعودة أهالي جرف الصخر» النازحين إلى مساكنهم.
وبرغم «الاستغراب» الذي أبداه رئيس الوزراء حيدر العبادي، الثلاثاء الماضي، من قرار مجلس بابل، حيث قال: «أستغرب قرار مجلس بابل الرافض لإعادة نازحي جرف الصخر إلى مناطقهم»، تبدو عودة نحو 100 ألف نازح إلى مدينتهم محل شك كبير، لجهة التعقيدات الطائفية والجغرافية والسياسية المتعلقة بالمنطقة. فالمدينة (جرف الصخر) تقع على الضفة الشمالية لنهر الفرات في محافظة الحلة وتسكنها أغلبية سنيّة، ونظرا لحقول النخيل والزراعة الكثيفة فيها، حيث تتكون من تسع مقاطعات زراعية، اتخذتها الجماعات الإرهابية مثل تنظيم «القاعدة» أولا، و«داعش» الذي سيطر عليها عام 2014، مقرا لشن أغلب هجماتها على محافظات الحلة وبغداد وكربلاء. حيث تبعد جرف الصخر عن مركز محافظة بابل نحو 30 كيلومترا، وعن بغداد بحدود الـ60 كيلومترا وكذلك الحال مع محافظة كربلاء، وكانت القوى الأمنية في بغداد تشير إلى أن النسبة العالية من السيارات المفخخة التي تصل العاصمة بغداد تأتي من جرف الصخر، وكذلك الحال مع بابل وكربلاء، نظرا لارتباط المدينة مع محافظة الأنبار وتماس حدودها مع قضاء الفلوجة شمالا. ولا تخفي القوى الشيعية عموما رغبتها بعدم عودة أهالي جرف الصخر إلى منازلهم، لخشيتهم من تكرار عودة الجماعات الإرهابية إليها، ولعل قرار مجلس محافظة بابل ذات الأغلبية الشيعية الأخير، القاضي بمقاضاة المطالبين بعودة الأهالي يصب في هذا الاتجاه، وأبلغ مصدر مقرب من «التحالف الوطني» الشيعي «الشرق الأوسط» بالقرار الضمني بعدم السماح «النهائي» بعودة الأهالي، ويضيف «جرف الصخر تمثل مركز التقاء محافظة الأنبار بمحافظتي بابل وكربلاء، إلى جانب قربها من بغداد، لذلك لا يسمح بعودة سكانها القدامى للخشية من تكرار تجارب الماضي»، ويلفت إلى وجود «شعور بعدم الرضا كبير على سكان المنطقة، نتيجة سكوتهم أو دعم بعضهم للجماعات المسلحة التي شنت هجمات كثيرة على كربلاء وبابل وبغداد».
ويشير المصدر إلى أن السلطات المحلية في بابل «عمدت إلى إلغاء عقود تأجير الأراضي للمزارعين في جرف الصخر، خاصة أولئك الذين قاموا بإيجار الأراضي منذ سنوات بعيدة، للحيلولة دون عودتهم للمدينة». وكانت الفصائل المسلحة الشيعية خاضت معارك طاحنة عام 2014 وقبله، مع الجماعات المسلحة في جرف الصخر وبضمنها تنظيم داعش وتمكنت الفصائل بعد تنفيذ عملية «عاشوراء» من إحكام سيطرتها على المدينة نهاية أكتوبر (تشرين الأول) من نفس العام. وعمدت إلى إعادة تسمية المدينة واختارت لها تسمية «جرف النصر» بدلا عن «جرف الصخر».
وفيما اعتبر «تحالف القوى العراقية» أن قرار مجلس محافظة بابل بشأن عودة النازحين لناحية جرف الصخر «لا قيمة له قانونيا»، وطالب رئيس الوزراء حيدر العبادي بالتدخل وإرجاع النازحين إلى مناطقهم، أعلنت النائبة عن ائتلاف «دولة القانون» عواطف نعمة، أمس، تأييدها لقرار مجلس محافظة بابل ووصفت المنطقة بأنها «الأسوأ في تاريخ العراق». وقالت نعمة في بيان صادر: «أشيد بقرار مجلس محافظة بابل برفع دعوى قضائية ضد السياسيين المطالبين بعودة نازحي جرف الصخر»، معتبرة أن «هذه المنطقة كانت وما تزال منطلقا للأعمال الإرهابية ضد القوات الأمنية والحشد الشعبي والمدنيين»، مضيفة، أن «مطالبة بعض الأصوات بإعادة نازحي جرف الصخر تعني – بقصد أو دون قصد – عودة حاضنة الإرهاب إلى هذه المنطقة التي تعد أسوأ منطقة في تاريخ العراق، إذ كانت منذ عهد النظام البائد بؤرة للتكفيريين والوهابية وباتت اليوم مكاناً للقتل والخطف والتحضير للعمليات الانتحارية التي تستهدف القوات الأمنية والحشد الشعبي والمدنيين».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».