شاشة الناقد

- الفيلم: Knife in the Clear Water
- إخراج: وانغ زوبو
- النوع: الصين (2017)
- تقييم: (4*)

لم يعد لدى زانغ ييمو وتشن كايجي، اللذان قادا ما عرف في الثمانينات بـ«الموجة الخامسة» من المخرجين الصينيين، ما يقولانه حول الصين المتحوّلة من نظام إلى آخر وما نتج من ذلك من مشاكل طرحها مخرجون حديثون بجدارة.
تحوّل ييمو وكايجي، بعد مسيرة فنية لامعة حازت جوائز عالمية، إلى نجوم محليين يحققان ما يتلألأ من نجاحات شعبية. أفلام مبارزات وكونغ فو تاريخية مع أبطال لديهم القدرة على الارتفاع عن الأرض من دون أجنحة، ومواصلة القتال فوق قمم الأشجار.
لكن الوضع الاقتصادي السائد الذي قسم المجتمع الصيني إلى من يملك ومن لا يملك أسوة بالغرب، لم يفت عدداً من المخرجين المنتمين إلى ما بعد ذلك الجيل، فدأبوا على تقديم أعمال تخوض في هذه المسألة الشائكة مبيّـنة الأثر الناتج منها اقتصادياً، اجتماعياً وبيئياً. الخوض ليس مباشرا في «تيار متقاطع» ليانغ تشاو، لكنه حاضر أكثر في فيلم جيو - ليانغ وانغ «بلاستيك تشاينا» وفيلم سو سن «مناظر جانغتزي» من بين أخرى.
الآن يصلنا فيلم جديد ينتقل بالموضوع المذكور إلى قلب مقاطعة «إيغورز» الواقعة شمال غربي الصين. تلك وسواها من المقاطعات ذات الغالبية المسلمة التي شهدت (ولا تزال) تمييزاً في التعامل مع مواطنيها. هذا الفيلم الأول لمخرجه لوانغ زوبو (كان مساعدا لزاينغ ييمو في بعض أفلامه) لا يلامس الوضع سياسيا ولا يقدّم حكاية ذات صوت عال، إلا أنه يعالج حياة لا يحتاج المشاهد لكتاب تفسير لكي يفهم أن ما يراه انعكاس فعلي لوضع من التجاهل يعيشه أناس تلك المناطق.
الحبكة التي يستند إليها الفيلم (عن سيناريو المخرج نفسه) تدور حول ذلك الرجل العجوز المضطر لقبول ذبح ثوره حسب تقاليد العزاء في اليوم الأربعين لوفاة زوجته. ليس لديه المال لشراء الطعام ولا بد من التضحية بالثور الوحيد الذي يملكه ويحرث الأرض به. يتابع الفيلم العجوز «ما» (يانغ شنغسانغ) وهو يعيش كفاف يومه ويلحظ امتناع الثور عن الطعام والشراب فجأة. وحسب أحد كبار رجال القرية، لقد شاهد الثور رؤية موته: «شاهد سكيناً في الماء التي يشرب منها فأدرك أن موته قريب» كما قال. لكن «ما» يحاول تجنيب ثوره الموت بالطلب من ابنه ترك عمله في المدينة والبقاء في المزرعة، لكن هذا لا يرغب في ذلك رغم تعاطفه مع وضع أبيه.
صوّر وانغ زوبو فيلمه بنظام الشاشة العريضة وترك هذا النظام ليستوعب البيئة الريفية كطبيعة وكنظام اقتصادي كحياة من يعيش المنطقة التي لا يبدو أن شيئا يتحرك فيها سوى أطراف تلك الحياة. التصوير (لوانغ ويهوا) يمنح الفيلم جماليات المكان والوقت من السنة التي تقع فيها الأحداث. يضع مشاهده أمام رسم لحياة مدقعة (قرية بلا كهرباء) خارج متناول الحضارة. ما يمتنع عنه المخرج زوبو بمهارة هو استغلال الوضع برخص عبر تكوين حكايات فجاعية، وهو إذ لا يقدم على توفير فيلم ديني، ولا ترويجي لمسلميه، إلا أن مجرد معايشته الواقعية المتمهلة خير تعليق على وضع لا يحتاج لأكثر من تصويره كما هو وبهذا الأسلوب شبه التسجيلي.
في النهاية يمضي «ما» مبتعداً عن القرية تاركاً عزاء الأربعين إلى عناية ابنه والجيران. الثور يُـذبح والحياة تمضي، لكن لا جديداً لها في الأفق.

(1*) لا يستحق
(2*) وسط
(3*) جيد
(4*) ممتاز
(5*) تحفة