صنعاء تحبس أنفاسها في يوم «تجمع السبعين»

أمين «حزب صالح»: مستعدون لكل الخيارات... والحوثي يتهم «المؤتمر» بـ«الفرح»

عناصر حوثية تتجه إلى مداخل صنعاء تنغيصا على جماعة صالح  (رويترز)
عناصر حوثية تتجه إلى مداخل صنعاء تنغيصا على جماعة صالح (رويترز)
TT

صنعاء تحبس أنفاسها في يوم «تجمع السبعين»

عناصر حوثية تتجه إلى مداخل صنعاء تنغيصا على جماعة صالح  (رويترز)
عناصر حوثية تتجه إلى مداخل صنعاء تنغيصا على جماعة صالح (رويترز)

بعد نحو 3 أعوام على تحالفهما، دخل شريكا الانقلاب في اليمن (الحوثي وصالح) في مواجهة سياسية معلَنَة، بعدما أدرك الرئيس السابق علي عبد الله صالح أنه بات مهمَّشاً.
المشهد في صنعاء التي تحبس أنفاسها، يبدو متوتراً بين طرفين قَلَبا الطاولة على الرئيس الشرعي (عبد ربه منصور هادي) وحاولا الاستئثار بحكم اليمن بشكل عام. وتتجه الأنظار اليوم إلى ميدان السبعين (جنوب العاصمة صنعاء)، حيث دعا صالح أنصاره للخروج في مظاهرة بمناسبة الذكرى الـ35 لتأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يتزعمه، رغم أن الحزب منقسم على نفسه وأكثر من نصف قياداته ذهبت مع الشرعية مؤيدة للرئيس هادي، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء الشرعي الدكتور أحمد عبيد بن دغر، وذلك منذ الانقلاب. ونقلت «سكاي نيوز» العربية عن مراسلها في اليمن عن حشد صالح نحو 30 ألف من مقاتليه في ميدان السبعين.
وقال مراقبون إن خطابي زعيم جماعة أنصار الله عبد الملك الحوثي وصالح أمس، لم يكونا سوى «مناورة إعلامية»، بعدما تمكَّن كل طرف من حشد ما يستطيع، ومنع ما يقدر ليحقق غايته.
ونقلت وسائل الإعلام التابعة لشريكي الانقلاب الخطابين اللذين خصصا الجزء الأكبر منهما للتحدث ضد الشرعية والتحالف، لكنها لم تخلُ من الإشارات إلى بعضهما، فصالح طالَب الحوثيين بأن يوقفوا «شياطينهم»، والحوثي اتهم المؤتمر بأنه «يفرح ويبتهج».
لكن المتمردين الحوثيين يرفضون أن يقيم شريكهم صالح مهرجاناً في صنعاء (اليوم الخميس)، دون إبداء الأسباب، لكن المراقبين يعتقدون أن الرفض يرجع إلى عمق الخلافات بين الطرفين حول جملة من القضايا، خصوصاً بعد أن فاحت رائحة تلك الخلافات وباتت علنية، على أثر استقواء الحوثيين وهيمنتهم على القرار السياسي في صنعاء، وهي الهيمنة المستمدة من علاقتهم المباشرة بطهران. ويواصل الحوثيون التهديد بمنع المهرجان، وقد نشروا مئات عناصر الميليشيات التابعة لهم في مداخل العاصمة لمنع دخول أنصار صالح، الذين بدأوا في التوافد من المحافظات والمديريات المجاورة للعاصمة، لكن صالح أمر القوات التابعة له بالتمركز في مناطق كثيرة، وبحسب مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، فقد أصدر توجيهاته لتلك القوات باستخدام القوة «إذا لزم الأمر» من أجل نجاح مهرجانه.
يقول المراقبون إن الصراع المكتوم بين طرفي الانقلاب، بدأ يظهر وبقوة على السطح، خصوصاً بعدما وصف صالح ما تسمى اللجان الشعبية التابعة للحوثيين بـ«الميليشيات»، إذ يعتمد صالح على قوات عسكرية عالية التدريب (الحرس الجمهوري - سابقاً)، وخلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، أظهر قياديون في الجناح الموالي لصالح في حزب المؤتمر، مواقف حازمة، تحدثت عن خيارات كثيرة لدى صالح وأنصاره في مواجهة الحوثيين، الذين ينظر إليهم صالح وأنصاره على أنهم أقلية في معادلة الحرب الدائرة، وبأنه هو والموالون له من يمسكون بدفة الأمور، في الوقت الراهن.
وفي كلمة له، في اجتماع بقيادات حزب المؤتمر، قال صالح، إن الحشد الذي دعا إليه هو لـ«توجيه رسالة للخارج، المجتمع الدولي ممثلاً في الأمم المتحدة»، وأعرب عن رغبته في وصول الرسالة، لأنه يعتبر أن «المؤتمر الشعبي العام يمثل نبض الشعب اليمني»، على حد تعبيره. من جانبه، قال طارق الشامي، رئيس الدائرة الإعلامية لحزب المؤتمر الشعبي العام (جناح صالح)، إن لديهم استعدادات كبيرة، مشيراً إلى أنه تم «إنتاج العشرات من الأناشيد الوطنية والزوامل الحماسية على مستوى المحافظات، بالإضافة إلى القصائد الشعرية التي تتغنى بهذا الحدث العظيم، والتي تجاوزت 1600 قصيدة فصيحة وشعبية لشعراء من مختلف المحافظات»، ويوحي ذلك بعودة لحزب صالح إلى المشهد السياسي بعد الإقصاء الذي تعرض له على يد الحوثيين، حيث تعرض معظم القيادات الموالية لصالح للإهانة و«اللطم»، على يد مشرفي اللجان الثورية، كما تسمى، التي يديرها ويرأسها محمد علي الحوثي، قريب عبد الحوثي، والأخير شنَّ هجوماً لاذعاً على صالح في آخر خطاب له، قبل أيام، ما يعني أن الوضع بات يشهد توتراً كبيراً بين الطرفين، بعد أن انتقل من المناكفات السياسية والإعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي إلى الخطابات الرسمية.
وبحسب مراقبين ومحللين سياسيين يمنيين لـ«الشرق الأوسط»، فإن تطور وتصاعد الخلاف بين شريكي الانقلاب برز بقوة بعد سقوط معسكر خالد بن الوليد في المخا بمحافظة تعز، وبعد الخسائر الكبيرة التي تعرض لها تحالف الانقلاب في الساحل الغربي على يد قوات الجيش الوطني وقوات التحالف، بقيادة المملكة العربية السعودية.
ويقول المحلل السياسي اليمني، غمدان اليوسفي، إن الأزمة وصلت إلى التصعيد و«انفجرت ووصلت إلى مرحله التهديدات وشعارات كـ(التصعيد بالتصعيد)، والآخر يرد: (مستعدون للمواجهة)»، ويكشف عن «معلومات تتحدث عن استعدادات عسكرية في عدد من المواقع الاستراتيجية داخل العاصمة صنعاء».
ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أنه «قد تتأخر فكرة المواجهة، لكن في النهاية يجب أن ينتصر طرف على الآخر في هذه المعادلة، يمكن أن يكون علي عبد الله صالح حالياً في صنعاء لديه مساندة أكثر من المساندة التي يلقاها الحوثي، وهذا بسبب الظلم والقهر الذي قامت به ميليشيات الحوثي في أثناء توليهم مقاليد الأمور بالقوة في العاصمة صنعاء، هذا الظلم والقهر والسجون والاعتقالات وتفجير المنازل وسرقة الرواتب كلها جعلت الناس بحاجة لمن يخلصهم من شرور هذه الجماعة ولو حتى علي عبد الله صالح»، وأردف اليوسفي: «ربما الخلاف حسب بعض المصادر حول مسألة حلحلة وضع مطار صنعاء وميناء الحديدة، وهذا الأمر اعتبر الحوثي التنازلات فيه خيانة، وهذا يكشف مدى صعوبة التعامل مع ميليشيا لا يمكن أن تتراخى عن فك حصار تعز ولا تفكر بآلام الناس تحت إدارتها، وهو الأمر الذي يضيف إلى قائمة معاديهم ملايين من البشر المنكوبين»، ويجزم اليوسفي بأن «المواجهة باتت حتمية، فالفرق في تفكير الطرفين كبير مع كل ما يظهر على السطح من توافق في إدارة الأزمة، لكن كل ما يظهر كان نارا تحت الرماد».
وينظر المراقبون إلى أن العلاقة بين طرفي الانقلاب قد تتطور من مرحلة الخلافات السياسية إلى مرحلة المواجهة المسلحة، خصوصاً أن صالح وأنصاره تعرضوا لممارسات عنيفة وإهانات على يد الحوثيين.


مقالات ذات صلة

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.