الحوثيون يعلنون حالة الطوارئ... لمواجهة «تصعيد» صالح

تجميد الأنشطة الحزبية واستنفار عسكري قبيل «خميس ساخن» لأنصار الرئيس السابق

يمنيون خلال مشاركتهم في عرض عسكري للمتمردين الحوثيين في صنعاء (أ.ف.ب)
يمنيون خلال مشاركتهم في عرض عسكري للمتمردين الحوثيين في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعلنون حالة الطوارئ... لمواجهة «تصعيد» صالح

يمنيون خلال مشاركتهم في عرض عسكري للمتمردين الحوثيين في صنعاء (أ.ف.ب)
يمنيون خلال مشاركتهم في عرض عسكري للمتمردين الحوثيين في صنعاء (أ.ف.ب)

أعلن لقاء موسع للتنظيمات والأحزاب الموالية لجماعة أنصار الله الحوثية، أمس، حالة الطوارئ في اليمن لحماية ما سموه «الجبهة الداخلية والتفرغ لمواجهة الخونة»، في إشارة لتصاعد الخلاف مع معسكر الرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذي دعا لحشد أنصاره غدا الخميس في ميدان السبعين بصنعاء في ذكرى تأسيس المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه.
ودعا بيان حوثي صادر عن اللقاء الذي انعقد أمس في العاصمة صنعاء، إلى تجميد الأنشطة الحزبية وتوفيرها لما يصب في مواجهة ما وصفها بـ«العدوان» ورفع الحصانة عن البرلمانيين المنخرطين مع الرئيس السابق صالح، حسب ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية أمس. ودعا البيان إلى «التفرغ لمواجهة العدوان والخونة، داعيا في الوقت نفسه اليمنيين إلى الاحتشاد لمواجهة مرحلة التصعيد بالتصعيد ورفد الجبهات».
وبحسب البيان، فقد باركت التنظيمات السياسية دعوة زعيم جماعة أنصار الله الحوثية، عبد الملك الحوثي، «مواجهة تصعيد العدوان بالتصعيد ورفد الجبهات»، (في إشارة إلى حشد حزب المؤتمر الشعبي العام المرتقب غدا الخميس). وقال البيان إن «المؤامرة التي تحاك على الوطن كبيرة، ولا يجوز أن تكون الفعاليات للطعن في الظهر». وجاء هذا اللقاء عشية تنظيم المؤتمر الشعبي العام لحشد جماهيري في ميدان السبعين بصنعاء، الخميس، بشكل منفرد، وهو ما تعتبره جماعة الحوثي أنه يبدو وكأنه «خيانة للتحالف بينهما ودعم للتحالف الخارجي». وفي اليوم نفسه، قررت جماعة الحوثي أن تحشد أنصارها في عدة مداخل بالعاصمة صنعاء، من أجل التحشيد للقتال في الجبهات، تحت عنوان «نواجه التصعيد بالتصعيد»، في إشارة إلى ما يصفونه بتصعيد حلفائهم في حزب صالح. وتشهد العاصمة صنعاء توترا غير مسبوق بين أنصار حزب صالح، وجماعة الحوثيين، في حين نشر عناصر الحوثي مسلحيهم على عدة نقاط في شوارع ومداخل العاصمة صنعاء.
كما أعلنت ميليشيات الحوثي حالة الطوارئ في جميع مستشفيات العاصمة صنعاء ورفع حالة التأهب ابتداء من أمس الثلاثاء وحتى الجمعة المقبل، وذلك مع اقتراب موعد «تجمع السبعين» غدا الخميس. وشددت وثيقة صادرة من وكيل وزارة الصحة الدكتور ناصر يحيى العرجلي، على ضرورة رفع الجاهزية الكاملة في جميع المستشفيات والمراكز الصحية بما في ذلك أقسام الطوارئ ابتداء من الثلاثاء 22 أغسطس (آب) من الشهر الحالي حتى الجمعة المقبلة.
جاء ذلك بالتزامن مع شن ميلشيات الحوثي وصالح الانقلابية هجومها العنيف على مواقع الجيش الوطني في القيزان بجبهة السابقة بمحافظة الجوف، في حين تمكنت قوات الجيش الوطني من تفريق صفوف الانقلابيين بقصفها العنيف عليهم من مواقعها في السلان، ترافقا مع تجديد الاشتباكات غرب منطقة صبرين بمديرية خب والشعف، والقصف العنيف للانقلابيين على الأحياء الشرقية والغربية في تعز واندلاع المواجهات في مأرب.
كما سقط عدد من القتلى والجرحى في محافظة صعدة، معقل الحوثيين الأول في اليمن، خلال محاولاتهم التسلل إلى مواقع الجيش الوطني باللواء 63 في جبهة علب، شمال صعدة. وبحسب مصدر عسكري، نقل عنه موقع الجيش الوطني «سبتمبر نت» أن «أربعة من الانقلابيين، على الأقل، لقوا مصرعهم، فيما أصيب آخرون خلال محاولتهم التسلل إلى جبل سبحطل والمواقع المحيطة به، الذي حررته قوات الجيش الوطني الأيام الماضية»، مضيفا أن «الجيش الوطني في اللواء 63 تمكنوا من إفشال محاولة التسلل، وتكبيد الميليشيات الانقلابية خسائر في الأرواح والعتاد إضافة إلى اغتنام أسلحة متوسطة وخفيفة».
وتعد هذه هي المحاولة الثانية لميليشيات الحوثي، في أقل من أسبوع، في التسلل إلى مواقع الجيش الوطني في جبل سبحطل المحرر حديثا، وذلك لأهميته الاستراتيجية لكونه يطل على مناطق واسعة في علب إلى جانب كثير من التباب المحيطة بمنطقة مندبة. كما تجددت المواجهات في صرواح بمحافظة مأرب، إثر تكرار محاولات الانقلابيين التسلل إلى مواقع الجيش الوطني في تبة المطار بصرواح، ما تسبب في اندلاع مواجهات وسقوط قتلى وجرحى من الميليشيات الانقلابية، إضافة إلى إعطاب قوات الجيش الوطني لآلية عسكرية تتبع الميليشيات فيما لاذ البقية بالفرار.
من جهتها، أعلنت قوات الجيش الوطني، مقتل ما لا يقل عن 20 عنصرا من الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق، علي عبد الله صالح، وإصابة آخرين، في محافظة تعز. ونقل الموقع الإلكتروني للجيش «سبتمبر نت»، عن مصادر ميدانية قولها، إن قوات الجيش الوطني مدعومة بمقاومة شعبية من أهالي مديرية الصلو خاضت معارك ضارية مع الميليشيا الانقلابية في أطراف منطقة الصيرتين بمديرية الصلو، جنوب شرقي تعز، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 20 من العناصر الانقلابية.
وأفادت المصادر بأن المعارك اندلعت عقب هجوم شنته الميليشيا على مواقع الجيش، مؤكدة تمكن الأخيرين من خلال المعارك من «التصدي للهجوم وإجبار الميليشيا على التراجع بعد أن تكبدت خسائر كبيرة في صفوف مقاتليها». وبحسب المصادر، فإن «عددا من جثث قتلى الميليشيا ما زالت ملقاة في الشعاب والجبال، وأن من بين القتلى أطفالا لا تتجاوز أعمارهم الـ15عاما زجت بهم الميليشيا في معاركها». وأفادت المصادر بأن عناصر الميليشيا نفذت عقب المعارك حملة اختطاف واسعة طالت عددا من المواطنين في قرية أعماق بالصلو.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.