القوات العراقية تبدأ اقتحام مركز مدينة تلعفر

مقتل عشرات من مسلحي «داعش» في ثلاثة أيام من المعارك... والأمم المتحدة قلقة من استخدام المدنيين «دروعاً بشرية»

جانب من تقدم القوات العراقية مدعومة بفصائل من «الحشد الشعبي» نحو مركز مدينة تلعفر أمس (أ.ف.ب)
جانب من تقدم القوات العراقية مدعومة بفصائل من «الحشد الشعبي» نحو مركز مدينة تلعفر أمس (أ.ف.ب)
TT

القوات العراقية تبدأ اقتحام مركز مدينة تلعفر

جانب من تقدم القوات العراقية مدعومة بفصائل من «الحشد الشعبي» نحو مركز مدينة تلعفر أمس (أ.ف.ب)
جانب من تقدم القوات العراقية مدعومة بفصائل من «الحشد الشعبي» نحو مركز مدينة تلعفر أمس (أ.ف.ب)

بدأت القوات العراقية، أمس، اقتحام مركز مدينة تلعفر (محافظة نينوى) من جهتي الشرق والغرب، ودخلت أول حيين في المدينة وهما حيا الكفاح الجنوبي والسراي، بينما قُتل عشرات من مسلحي تنظيم داعش في الأيام الثلاثة الأولى لانطلاق معركة تحرير تلعفر التي حاول التنظيم إبطاءها بسيل من العربات المفخخة والانتحاريين. وقال ضابط برتبة عقيد في قوات الجيش العراقي لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم ذكر اسمه: «اقتحمت القطعات العسكرية (أمس) مدينة تلعفر من جهتين. دخلت قطعات الفرقة الذهبية التابعة لجهاز مكافحة الإرهاب إلى حي الكفاح الجنوبي، أول أحياء تلعفر من الجهة الغربية، بينما دخلت قطعات الفرقة المدرعة التاسعة من الجيش العراقي والحشد الشعبي إلى داخل حي السراي، أول أحياء المدينة من الجانب الشرقي». وأوضح أن «طائرات التحالف الدولي وطائرات سلاح الجو العراقي تقدم الإسناد للقطعات العسكرية المتقدمة براً، واستهدفت إحدى الغارات تجمعا لمسلحي التنظيم داخل مدينة تلعفر، ما أدى إلى مقتل نحو 46 منهم، غالبيتهم من المسلحين الأجانب»، لافتا إلى أن الطائرات دمرت عربات مفخخة أرسلها التنظيم لضرب القطعات العسكرية التي تتقدم نحو مركز تلعفر، مشيرا إلى أن القوات الأمنية تخوض «معارك ضارية» ضد مسلحي التنظيم داخل المدينة.
في غضون ذلك، أعلن قائد عمليات «قادمون يا تلعفر» الفريق الركن في القوات الخاصة عبد الأمير يارالله، أن قطعات فرقة المشاة الخامسة عشرة في الجيش العراقي حررت أمس قرية الخان وقرية الطينية جنوب ناحية المحلبية التابعة لتلعفر، فيما استعادت قطعات فرقة المشاة السادسة عشرة في الجيش العراقي السيطرة على قرى طشتية وتل السمن وتقاطع الكسك ومصفى نفط الكسك شمال شرقي تلعفر.
وتواصل القوات العراقية المشاركة في معركة تلعفر التي يبلغ قوامها نحو 40 ألف عنصر، التقدم من جميع الاتجاهات نحو مدينة تلعفر. ويشير قادة عسكريون عراقيون إلى أن أعداد مسلحي «داعش» الموجودين وسط تلعفر، آخر معاقل التنظيم في محافظة الموصل، تبلغ نحو ألف مسلح غالبيتهم من المسلحين الأجانب والعرب والعراقيين، لكن تقديرات أخرى تضع هذا الرقم أعلى بكثير من ألف. ويؤكد القادة العراقيون أن معركة استعادة المدينة ليست بالصعبة.
من جانبها، أعلنت قيادة الشرطة الاتحادية، أمس، أن قواتها تتقدم باتجاه الأحياء الأولى من تلعفر من المحور الغربي، مشيرة إلى أن هذه القوات دمّرت موقعا لمسلحي «داعش» وحقلا للألغام زرعه التنظيم لإعاقة تقدم القوات الأمنية.
بدوره، قال مسؤول إعلام الفرع الرابع عشر للحزب الديمقراطي الكردستاني في الموصل، سعيد مموزيني، لـ«الشرق الأوسط»: «قُتل خلال اليومين الماضيين أكثر من 60 مسلحا من (داعش) في أطراف مدينة تلعفر. المعارك ما زالت مستمرة، ويحاول مسلحو (داعش) المحاصرون في المدينة الهروب إلى خارجها مع المدنيين النازحين منها، لكن القوات الأمنية تلقي القبض عليهم»، مشيرا إلى أن مسلحي «داعش» أضرموا النيران في آبار النفط الواقعة في أطراف تلعفر لإعاقة عمليات تحرير المدينة.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن بيان لـ«الحشد الشعبي» الذي يشارك في معارك تحرير تلعفر، أن «اللواءين الحادي عشر والثاني في (الحشد الشعبي) حررا حي النور جنوب شرقي تلعفر بالكامل»، وكذلك «الحي العسكري شمال شرقي تلعفر». وأضاف البيان أن «اللواء الحادي عشر وفرقة التدخل السريع (التابعة لوزارة الداخلية) وقطاعات الجيش العراقي تمكنت من تحرير حي الكفاح بالكامل من سيطرة (داعش) الإجرامي».
وقال المتحدث باسم «الحشد الشعبي»، النائب أحمد الأسدي، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الاشتباكات عنيفة (...) لكن هناك انهيارا لدفاعات (داعش) على الخطوط الأمامية».
ومع استكمال عمليات «قادمون يا تلعفر» التي تهدف إلى تحرير قضاء تلعفر وناحيتي المحلبية والعياضية والقرى التابعة لهما في غرب الموصل، تكون القوات العراقية قد استعادت السيطرة الكاملة على محافظة نينوى، ولا يتبقى في العراق سوى ثلاثة معاقل للتنظيم هي قضاء القائم التابع لمحافظة الأنبار، والجانب الأيسر من قضاء الشرقاط التابع لمدينة تكريت، وقضاء الحويجة والنواحي والقرى التابعة لهذا القضاء جنوب غربي محافظة كركوك.

دروع بشرية
وفي نيويورك، أعربت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين عن قلقها إزاء حماية المدنيين مع بدء العمليات لاستعادة تلعفر من «داعش» يوم الأحد. وقال المتحدث باسم المفوضية أندريه ماهيسيتش، إن المفوضية تخشى من احتمال احتجاز المدنيين دروعا بشرية مرة أخرى، ومن أن تؤدي محاولات الفرار إلى عمليات إعدام وإطلاق نار عليهم، مضيفا أن «الوكالات الإنسانية لم تتمكن من الوصول إلى تلعفر منذ عام 2014، ولكن يقدر أن الآلاف من الناس لا يزالون داخل المدينة. قيل إن الظروف صعبة للغاية، حيث ينفد الغذاء والماء، مع نقص الكهرباء وتدهور المرافق الصحية».
وتحدث عن تقارير تشير إلى أن الأسر التي تمكنت من الفرار من المنطقة شاهدت «جثثا على طول الطريق... هناك تقارير تفيد بأن بعضهم يُقتل من قبل الجماعات المتطرفة». ودعا، باسم المفوضية، جميع أطراف الصراع إلى السماح للمدنيين بمغادرة منطقة النزاع والوصول إلى الأمان.
إلى ذلك، قالت المتحدثة باسم المنظمة الدولية للهجرة، أوليفيا هيدون، إن هناك تقارير تتحدث عن فرار آلاف الأشخاص من النزاع على أطراف تلعفر. وأضافت في تصريحات صحافية: «منذ 18 أغسطس (آب)، استقبل نحو ألف و500 شخص في موقع الحاج علي للطوارئ التابع للمنظمة، فيما تم استقبال أكثر من ألف و700 شخص في موقع الطوارئ في القيارة الذي شيدته المنظمة».
وفي جنيف، ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية، أن الأمم المتحدة حثت العراق أمس الثلاثاء على بذل مزيد من الجهود لضمان الرعاية والحماية والعدالة لآلاف النساء والفتيات اللواتي وقعن ضحايا أعمال عنف جنسية ارتكبها تنظيم داعش. وفي تقرير صدر أخيراً، حذرت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) ومكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة من أن الأطفال الذين ولدوا نتيجة أعمال عنف جنسي يواجهون خطر قضاء حياتهم وهم يعانون من التمييز وسوء المعاملة.
وقال المفوض السامي لحقوق الإنسان، زيد رعد الحسين، في بيان، إن «الإصابات البدنية والعقلية والنفسية التي يتسبب بها تنظيم داعش تكاد تتجاوز القدرة على استيعابها». وأضاف: «إن كان الضحايا سيعيدون بناء حياتهم وحياة أطفالهم، فإنهم يحتاجون إلى العدالة والتعويض».
وأشار تقرير يوم الثلاثاء إلى التعديات المروعة التي تعرضت لها النساء والفتيات، خصوصا من الأقلية الإيزيدية، في مناطق سيطرة «داعش» بما في ذلك الاغتصاب والخطف والعبودية والمعاملة القاسية وغير الإنسانية والمهينة.
وفي عام 2014، ارتكب «داعش» مذابح بحق الإيزيديين في سنجار، وأرغم عشرات الآلاف منهم على الفرار وخطف آلاف الفتيات والنساء كغنائم حرب.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.