غياب اتفاق حول إدلب يؤجل «آستانة 6»

TT

غياب اتفاق حول إدلب يؤجل «آستانة 6»

أعلن وزير الخارجية الكازاخي خيرات عبد الرحمنوف عن تأجيل الجولة السادسة، من مشاورات آستانة بين الدول الضامنة (روسيا وتركيا وإيران). وقال في تصريحات أمس إن «الدول الضامنة لنظام وقف إطلاق النار في سوريا، وتحديداً روسيا وتركيا وإيران، تنوي عقد لقاء تقني على مستوى الخبراء قبل نهاية أغسطس (آب) الحالي، وخلال ذلك اللقاء سيتم بدقة تحديد جدول أعمال وموعد اللقاء الجديد في إطار عملية آستانة للتسوية السورية»، وأضاف أن «الحديث مبدئياً قد يدور عن عقد اللقاء في منتصف سبتمبر (أيلول) المقبل».
ويبدو الوضع حول «آستانة - 6» شبيها بما جرى قبل لقاء «آستانة - 5» حين اضطرت الدول الضامنة إلى تأجيل موعد انعقاده أكثر من مرة، وكان السبب حينها عجز الخبراء من تلك الدول عن التوصل لاتفاق بخصوص تفاصيل تنفيذ مناطق خفض التصعيد. وفي نهاية المطاف تقررت الدعوة للقاء «آستانة - 5» مطلع يوليو (تموز). وانعكس فشل اللقاءات التشاورية للخبراء من روسيا وتركيا وإيران، بصورة مباشرة على لقاء «آستانة - 5»، حيث فشلت وفود الدول الضامنة في التوصل لاتفاق حول مناطق خفض التصعيد في سوريا.
وبعد «آستانة - 5» تمكنت روسيا من عقد اتفاقات حول ثلاث من مناطق خفض التصعيد، وكل هذا دون مشاركة الضامنين التركي والإيراني. وبهذا الشكل تبقى منطقة خفض التصعيد في إدلب، الموضوع الرئيسي الذي تجري حوله المشاورات خلال لقاءات اللجنة التقنية على مستوى الخبراء من الدول الضامنة، ويبقى موعد «آستانة - 6» رهنا بتحقيق تقدم في تلك المشاورات. وقال مصدر مطلع من موسكو لـ«الشرق الأوسط»، إنه «ليس سراً أن الوضع في منطقة إدلب معقد للغاية تتشابك فيه كثير من الملفات والمصالح الإقليمية والدولية»، لافتاً إلى نقاط رئيسية يجري التركيز عليها حاليا، وهي «الدول التي ستتحمل المسؤولية عن مراقبة وضمان وقف إطلاق النار في تلك المنطقة، وتنظيم العلاقات بين قوى المعارضة السورية داخل منطقة خفض التصعيد، ومساعدتها على حل خلافاتها، وتحديد آليات التعامل مع المجموعات المتطرفة»، التي قال إنها «تتمتع بقوة كبيرة في إدلب، الأمر الذي يتطلب آليات تعامل تختلف ربما عما هي عليه في الغوطة الشرقية وريف حمص».
في غضون ذلك، قال موقع «فونتانكا» الروسي، إنه حصل على وثائق تثبت صحة المعلومات حول عدد الجنود الروس الذين قتلوا في سوريا، ولفت إلى أن هؤلاء ليسوا مدرجين على قوائم وزارة الدفاع الروسية لأنهم يقاتلون ضمن مجموعات تابعة لمؤسسة «فاغنير» العسكرية الروسية الخاصة، التي تشارك في القتال في جنوب - شرق أوكرانيا وفي سوريا. وكانت وكالة «رويترز» نشرت مؤخراً تقريراً قالت فيه إن عدد القتلى الروسيين في سوريا خلال الأشهر الماضية من عام 2017 بلغ نحو 40 قتيلاً، إلا أن وزارة الدفاع الروسية نفت تلك المعلومات، وقالت إن 36 عسكريا روسيا سقطوا منذ بداية العملية العسكرية الروسية في سوريا.
ويقول موقع «فونتانكا» إن الوثائق التي حصلت عليها إدارة التحرير تؤكد الاعتقاد بأن كتيبة عسكرية خاصة تقاتل في سوريا منذ نهاية عام 2015 لصالح مؤسسات تابعة لرجل الأعمال يفغيني بريغوجين، وتؤكد أن «المقاتلين في الكتيبة يجتازون التدريبات في وحدة عسكرية تابعة لوزارة الدفاع الروسية في مقاطعة كراسنودار»، وتضيف أن أول دفعة من المقاتلين المرتزقة من مؤسسة «فاغنير» وصلوا إلى سوريا في سبتمبر عام 2015، لكن حتى عام 2016 لم يشاركوا بفاعلية في العمليات القتالية. ومن ثم شاركوا بفاعلية في عمليات قتال واسعة في حملتين، الأولى أثناء تحرير مدينة تدمر نهاية شتاء، مطلع ربيع 2016. وبعد ذلك «تم سحب تلك القوة إلى روسيا بعد أن سلمت أسلحتها الثقيلة». وحسب قوائم حصل عليها الموقع الإخباري الروسي «فونتانكا» بلغت خسائر «فاغنير» خلال تلك الحملة 36 قتيلا، و80 جريحاً. أما الحملة الثانية التي شارك فيها الجنود المرتزقة من تلك المؤسسة، فكانت في عام 2017. وبصورة رئيسية في «تدمر وحقول النفط بالقرب منها»، حينها تراوح عدد القتلى ما بين 40 إلى 60 جندياً، بينما كان عدد الجرحى أكثر بمرتين أو ثلاث مرات عن عددهم خلال الحملة الأولى. وفي الفترة بين الحملتين شارك جنود «فاغنير» في عمليات متفرقة في ريف اللاذقية وحقل الشعار وحلب.
وظهرت معلومات حول مشاركة مرتزقة روس في القتال في سوريا إلى جانب النظام السوري في وقت مبكر من الأزمة السورية،.



منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
TT

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة، الذي يديره بشكل مباشر «الحرس الثوري» الإيراني، بتنسيق مع ميليشيا «حزب الله» اللبناني.

وتضمن تقرير المنصة، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، معلومات عن خريطة التوسّع الخارجي للجماعة الحوثية بتكليف من إيران، وخريطة تهريب وتسليح الجماعة، ومفاتيح مشروع التوسّع الحوثي في القرن الأفريقي والمشرفين عليه والمنفّذين.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

ويتناول التقرير نشاط جماعة الحوثيين خارجياً في القرن الأفريقي، ابتداءً من تهريب الأسلحة وتجنيد الأفارقة ومعسكرات تدريبهم، واستخدامهم في الأنشطة الاستخبارية والإرهابية التوسّعية.

ووفق التقرير، أكدت محاضر سرية لاجتماعات ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» التابع للحوثيين أنه جرى إسناد مسؤولية مشروع التوسّع الخارجي في القرن الأفريقي إلى القيادي عبد الواحد أبو راس، ورئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني، ووكيل الجهاز لقطاع العمليات الخارجية حسن الكحلاني (أبو شهيد)، والقيادي الحسن المرّاني، والقيادي أبو حيدر القحوم، بهدف تحقيق مساعي إيران في التوسّع في القارة الأفريقية والسيطرة على ممرّات الملاحة الدولية.

وأشار التقرير إلى الدور الذي يلعبه نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين الانقلابية، حسين العزّي، من خلال المصادر الدبلوماسية والشخصيات التي تعمل معه في كل من إثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتي، والسودان، وكينيا، إذ تُجرى إقامة علاقات استخباراتية وأمنية وسياسية ولوجستية مع الشخصيات والعناصر الموجودة والمقرّبة من جماعة الحوثيين في تلك الدول، والعمل على استقطاب أكبر قدر ممكن من الدبلوماسيين في السفارات اليمنية في تلك الدول.

تجهيز وتدريب

وكشفت المنصة اليمنية في تقريرها عن سعي الحوثيين لإنشاء محطات استخباراتية حسّاسة ودقيقة في كل دول القرن الأفريقي والدول المحيطة باليمن، والعمل على تجهيز وتدريب وتأهيل كوادرها في أسرع وقت ممكن؛ بهدف تفعيلها بشكل مناسب، وفي وقت مناسب، لما يحقّق أهداف ما تُسمّى «المسيرة القرآنية والمصالح المشتركة مع دول المقاومة، خصوصاً إيران، وغزة، ولبنان».

عشرات الآلاف من الأفارقة المهاجرين يصلون سنوياً إلى اليمن (الأمم المتحدة)

وأظهرت الوثائق التي أشار إليها التقرير إلى هدف الحوثيين المتمثّل في التحضير والتجهيز مع العناصر والشخصيات التي جرى إنشاء علاقة معها في أفريقيا لـ«إنجاز أعمال وتحرّكات ونشاط في البحر الأحمر ودول القرن الأفريقي لمساندة الحوثيين في حال ما تعرّضوا لأي ضغوط سياسية أو دبلوماسية دولية خارجية».

واحتوى التقرير على أسماء القيادات المسؤولة عن هذا الملف، ابتداءً من المشرف في «الحرس الثوري» الإيراني المدعو أبو مهدي، وانتهاءً بمالك أصغر قارب تهريب للأسلحة في البحر الأحمر، إضافة إلى علاقة تنظيم «الشباب المجاهدين» الصومالي بجماعة الحوثيين والأفارقة ومافيا تجنيد الأفارقة وتهريبهم من وإلى اليمن، في واحدة من أخطر جرائم الاتجار بالبشر والجريمة المنظّمة.

ويؤكد تقرير منصّة تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) أن جماعة الحوثيين قامت باستقطاب وتجنيد كثير من العناصر الأفريقية من جنسيات مختلفة، خصوصاً عقب اجتياح صنعاء ومحافظات عدّة في سبتمبر (أيلول) 2014، إذ جرى إخضاعهم لدورات ثقافية وعسكرية، وتوزيعهم على جبهات القتال (تعز - الساحل الغربي - مأرب - الحدود)، وأرجع البعض إلى دولهم لغرض التوسّع في أفريقيا.

تعنت الحوثيين أدى إلى تعطيل مسار السلام في اليمن (أ.ب)

كما استقطبت الجماعة - وفق المنصة - كثيراً من الشخصيات والرموز الأفارقة المؤثّرين (قبيلة العفر - الأورومو - أوجادين) بين أوساط الجاليات الأفريقية في صنعاء (الصومالية - الإثيوبية - الإريترية) والاعتماد عليهم في الحشد والاستقطاب من اللاجئين الأفارقة الموجودين في صنعاء، وكذلك من يجري استقطابهم من مناطقهم بالقرن الأفريقي، والتنسيق لهم للوصول إلى صنعاء.

أبو راس والكحلاني

وذكرت المنصة اليمنية في تقريرها أن مسؤول ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي في الجماعة الحوثية هو عبد الواحد ناجي محمد أبو راس، واسمه الحركي «أبو حسين»، وهو من مواليد محافظة الجوف اليمنية، إذ تولّى هذا الملف بتوصية مباشرة من قبل قيادات إيرانية سياسية عليا وقيادات في «الحرس الثوري» الإيراني.

ومن أبرز الملفات التي يعمل عليها أبو راس، وفق التقرير، التنسيق مع عناصر «الحرس الثوري» الإيراني، وقيادة الحركة الحوثية للعمل الميداني، كما أنه المسؤول المباشر عن تأمين وإدخال وتهريب عناصر «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» من وإلى اليمن.

وتوارى أبو راس - وفق التقرير - عن الأنظار منذ عدة أعوام، ولكنه كان المكلّف السري بأخطر الملفات السياسية والاستخباراتية لدى جماعة الحوثي، إذ كُلّف بمهام وكيل الشؤون الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، حتى تعيين المدعو حسن الكحلاني بالمنصب نفسه، وترقية أبو راس لتولي ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي، بتوصية واتفاق مباشر بين عبد الملك الحوثي وقيادة «الحرس الثوري» الإيراني.

الحوثيون يطمحون إلى التحول إلى لاعب دولي ضمن المحور الذي تقوده إيران في المنطقة (أ.ب)

وإلى جانب أبو راس يأتي القيادي حسن أحمد الكحلاني، المُعين في منصب وكيل قطاع العمليات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين، والمعروف بكنيته «أبو شهيد»، وهو من مواليد 1984 في محافظة حجة، ويُعد من القيادات الحوثية الأمنية البارزة؛ إذ نشأ في بيئة حوثية بين صعدة وصنعاء، والتحق بالجماعة في سن مبكّرة.

ويشير التقرير إلى أن الكحلاني كان من خلية صنعاء الإرهابية التي نفّذت عدّة تفجيرات واغتيالات عقب مقتل مؤسّس الجماعة حسين الحوثي في 2004، كما كان من القيادات التي تولت دخول صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، وتولّى قيادة المجموعة التي أصدرت توجيهاً بمنع طائرة أمريكية من الإقلاع من مطار صنعاء، بحجة تفتيشها قبل المغادرة. وعقب هذا الحادث، جرى اغتيال والده في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 على أيدي مسلّحين مجهولين يستقلون دراجة نارية في صنعاء.

ويعمل حسن الكحلاني حالياً - وفق المنصة - تحت إشراف عبد الواحد أبو راس، ويعرف ارتباطه الوثيق بـ«الحرس الثوري» الإيراني، ويحاول عبر هذه العلاقة فرض نفسه باعتباره الرجل الأول في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، الأمر الذي يعكس حالة من الصراع بينه وبين عبد الحكيم الخيواني رئيس الجهاز.

قيادات في ملف التوسع

يشير تقرير المنصة اليمنية إلى القيادي الحوثي أدهم حميد عبد الله العفاري (أبو خليل) ويذكر أنه المختص في ملف الجاليات الأفريقية الموجودة في اليمن، خصوصاً في صنعاء، إذ كُلّف بمهام التواصل المستمر والتنسيق برؤساء الجاليات (إثيوبية- صومالية - إريترية - سودانية - جيبوتية).

عناصر حوثيون في صنعاء خلال تجمع حاشد دعا له زعيمهم (أ.ف.ب)

كما يعمل العفاري على حشد العناصر الأفريقية وإلحاقهم بالدورات العسكرية والثقافية، وبعدها يجري توزيعهم على جبهات (الساحل الغربي - مأرب - الحدود - تعز)، وفي مهام استخباراتية داخل بلدانهم.

وإلى ذلك يعد العفاري، المسؤول عن التنسيق مع النقاط الأمنية التابعة للحوثيين لإدخال العناصر الأفريقية إلى مناطق الحوثيين، ويتولى أيضاً مهام أخرى، أبرزها صرف المخصّصات المالية للعناصر الأفريقية.

أما الشخص الرابع المسؤول عن ملف التوسّع الخارجي الحوثي إلى القرن الأفريقي فهو أسامة حسن أحمد المأخذي، واسمه الحركي (أبو شهيد)، وهو - وفق التقرير - أحد العناصر الحوثية العاملة في جهاز الأمن والمخابرات، وملف المسار الأفريقي، وتتلخّص مهمته في التنسيق مع الشخصيات الأفريقية المؤثّرة في كل من (الصومال - إثيوبيا - إريتريا - جيبوتي - السودان) من أجل حشدهم لتدريبهم وتأهيلهم، وإلحاقهم بصفوف ميليشيا الحوثي، بصفتهم مقاتلين وعاملين في الدول القادمين منها، وبصفتهم عناصر استخباراتية، تقوم بمهام مختلفة، منها نشر الفكر الحوثي، والقيام بالعمليات الاستخباراتية، وتهريب الأسلحة، والاتجار بالبشر، ونقل المخدرات عبر البحر من وإلى القرن الأفريقي واليمن.

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد اللاجئين الأفارقة بالترغيب والترهيب (الأمم المتحدة)

إلى ذلك أورد التقرير أسماء 16 شخصية أفريقية، هم أبرز المتعاونين مع الجماعة الحوثية للتوسع في القرن الأفريقي، يتصدرهم، تاجو شريف، وهو مسؤول عن الجالية الإثيوبية في صنعاء، والتحق بدورات ثقافية حوثية، ويعمل على استقطاب وتجنيد عناصر أفريقية لصالح العمل العسكري والاستخباراتي الحوثي.

ويرى التقرير في توصياته أن التوسع الحوثي في القرن الأفريقي يمثل تهديداً كبيراً يستدعي تحركاً دولياً وإقليمياً عاجلاً، من خلال خطة رادعة متكاملة توقف التوسع والنشاط الخارجي بشكل كامل، وبما يعزز الاستقرار والأمن في المنطقة.