فرنسا تسعى لإعادة تشكيل منظومتها الأمنية لمحاربة الإرهاب

وزير الداخلية: 17400 متطرف مسجلون على لوائح الدولة ثلثهم يعاني مشكلات نفسية

TT

فرنسا تسعى لإعادة تشكيل منظومتها الأمنية لمحاربة الإرهاب

في 30 أغسطس (آب) الحالي، سيعقد مجلس الدفاع الأعلى الفرنسي برئاسة رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون اجتماعا في قصر الإليزيه سيخصص لدراسة مستقبل القوة العسكرية المشكلة أساسا من 10 آلاف جندي (7 آلاف فاعلون و3 آلاف احتياط) والمخصصة لمؤازرة قوى الأمن الداخلي (شرطة ودرك ومخابرات)، في إطار ما تسمى عملية «سانتينيل»؛ أي «العسس» أو «الحرس». وكانت هذه القوة قد شكلت غداة العمليات الإرهابية التي ضربت باريس («شارلي إيبدو» والمتجر اليهودي) أوائل عام 2015. ومع العمليات الإرهابية واسعة النطاق التي حصلت في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) من العام المذكور، ثم المقتلة التي أصابت مدينة نيس (86 قتيلا ومئات الجرحى) ليلة 14 يوليو (تموز)، ارتأت السلطات السياسية والأمنية المحافظة عليها مع إدخال بعض التعديلات على طريقة عملها والمهام المسندة إليها. وبسبب هذه التعديلات، أخذ زوار باريس يشاهدون عناصرها في جادة الشانزلزيه أو محيط كاتدرائية نوتردام أو في محطات القطارات والمترو يتجولون بثيابهم المرقطة وبنادقهم من طراز «فماس». لكن تكرار العمليات الإرهابية جعل كثيرا من الأصوات ترتفع لتؤكد «عدم جدوى» عملية «سانتينيل»، ودليلها على ذلك أن الإرهاب لم يتوقف على الأراضي الفرنسية. وجاءت عملية الدهس التي ضربت في 9 أغسطس مجموعة من جنود سانتينيل (6) في مدنية لوفالوا بيريه الواقعة على مدخل باريس الغربي، لتبين أن العناصر العسكريين بدل أن تكون مهمتهم حماية المدنيين والمواقع الحساسة من الإرهاب، أصبحوا هم المستهدفين. وكشف وزير الداخلية «الجديد» جيرار كولومب أن عناصر «سانتينيل» استهدفوا خلال 6 عمليات منذ إنشاء القوة المذكورة. واختلطت أصوات السياسيين والخبراء والعسكريين لتطالب بتغيير صيغة «سانتينيل»؛ لا بل وضع حد لها. الأرجح أنه سيكون من الصعب استجابة الحكومة للمطلب الأخير. فقد كشف وزير الداخلية جيرار كولومب أمس في مقابلة تلفزيونية مع القناة الإخبارية «بي أف أم أن» أن الأجهزة الأمنية عطلت منذ بداية العام الحالي 9 محاولات إرهابية، مضيفا أن التهديد الإرهابي الذي تتعرض له فرنسا ما زال «مرتفعا للغاية». وعليه، فسيكون من الصعب في الوقت عينه تبرير التخلي عن عملية «سانتينيل» من جهة وتأكيد أن التهديد الإرهابي الذي أوقع في فرنسا 239 قتيلا و1246 جريحا منذ بداية عام 2015 ما زال على حاله؛ لا بل إنه يزداد. وتتخوف السلطات الأمنية من أن يفضي إخراج «داعش» والتنظيمات الإرهابية الأخرى من معاقلها في سوريا والعراق إلى زيادة المخاطر الإرهابية بسبب عودة بعض «الجهاديين» من ميادين القتال. وبما أن «سانتينيل» ستبقى، فمن الأفضل تعديل صورتها وانتشارها، وهو ما سعى كولومب إلى الكشف عن بعض تفاصيله.
يذكر أن الرئيس ماكرون أعلن خلال الحملة الانتخابية عن عزمه على الإقدام على هذه الخطوة.
وأشار وزير الداخلية أمس إلى أن أهم تغير سيلحق بالقوة هو إعادة تنظيمها بشكل مختلف بحيث تكون «أكثر حركية». ووفق هذا المبدأ، فإن ماكرون يقترح أن يستمر نصف القوة في القيام بالمهام التي يقوم بها في الوقت الحاضر، فيما النصف الثاني سيعهد إليه بمهام حماية الأحداث المهمة التي تجري في البلاد. وبكلام آخر، فإن وزير الداخلية يريد «ليونة أكبر» في استخدام هذه القوة؛ الأمر الذي سيزيد من فعاليتها. وليس مصير «سانتينيل» هو الشاغل الوحيد للدولة التي عليها أن تتعامل في الوقت عينه مع مشروع قانون تعزيز صلاحيات الأجهزة والقوى الأمنية الذي ستتم مناقشته في مجلس النواب بعد أن أقره مجلس الشيوخ قبل ارفضاض جلساته. وما يريده رئيس الجمهورية ومعه الحكومة هو توفير الأدوات التشريعية التي من شأنها تمكين القوى الأمنية من الاستمرار في محاربة الإرهاب من غير البقاء إلى ما لا نهاية في ظل قانون الطوارئ الذي فرض في خريف عام 2015 وتم تمديده 6 مرات منذ ذاك التاريخ.
بموازاة ذلك، استمرت عملية الدهس التي حصلت في مدينة مرسيليا المتوسطية صباح أول من أمس في التفاعل. والمؤكد بحسب وزارة الداخلية ومدعي عام المدينة أنها ليست عملية إرهابية على غرار ما عرفته فرنسا وغيرها من المدن الأوروبية (برلين ولندن ومانشستر وبرشلونة) في الأشهر والأسابيع الأخيرة. وفي هذا السياق، كشف كولومب أن ثلث المسجلين على لوائح الأشخاص ذوي الميول الراديكالية هم من الذين يعانون مشكلات نفسية على غرار من ارتكب عملية مرسيليا الذي سبق له أن مر في مصحات نفسية. وقد تم إيجاد هذه اللوائح في عام 2015، ويبلغ عدد المسجلين عليها 17400 شخص. وإذا صدقت إحصاءات وزير الداخلية، فإن 5800 شخص من أصحاب الميول الراديكالية يعانون مشكلات نفسية؛ الأمر الذي يثير كثيرا من القلق. ولذا، فإن كولومب يريد الاستعانة بالأطباء النفسيين وبوزارة الصحة وبكل من له علاقة بهذا الموضوع، لتلافي تكرار أعمال عنف يرتكبها من وصفهم بـ«ضعاف النفوس» الذين يتحركون لتقليد آخرين من الإرهابيين مثلا. الواضح أن الحلول لتدارك تطورات درامية كما حصل في مرسيليا وقبله في مناطق أخرى في فرنسا، ما زالت غير متوافرة وأن أجهزة الدولة تعمل وفق ما يتيسر لها من أدوات وعناصر إنسانية لا يبدو أنها كافية في الوقت الحاضر لتدارك استفحال هذه المسائل.



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.