«نافتا» تبحث عن اتفاق يناغم القرن الـ21

اختتمت الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، الأحد، الجولة الأولى من محادثات تطوير اتفاق التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا)، ملتزمة بإجراء مفاوضات «بوتيرة سريعة» للتوصل إلى «نتيجة طموحة».
وأعلنت الدول التي تربطها هذه المعاهدة منذ عام 1994، في بيان مشترك، أن «نطاق وحجم الاقتراحات خلال الجولة الأولى من المحادثات تعكس مدى التزام الدول الثلاث بالتوصل إلى نتيجة طموحة، وهي تدل من جديد على أهمية تحديث القواعد التي تحكم أكبر اتفاق تجارة حرة في العالم».
وأشار المفاوضون، ممثلو الدول الثلاث الذين اجتمعوا في واشنطن منذ الأربعاء، إلى أنهم أعادوا النظر في «عشرات المواضيع المختلفة» من دون تسجيل أي تقدم، مما يدل على صعوبة المهمة.
واعتبر كبير المفاوضين المكسيكيين إلديفونسو غواجاردو، الأربعاء، أن الصعوبة الأولى تكمن في إيجاد أرضية مشتركة، وهذه «عملية صعبة».
وكذلك بالنسبة لكبير المفاوضين الأميركيين روبرت لايتيزر، الذي أشار إلى المواضيع الكثيرة التي تمت مناقشتها (الموازين التجارية، والأحكام المتعلقة بالتوظيف، والخلافات التجارية...)، معتبراً أن المهمة ستكون «صعبة».
وأصبح تطوير اتفاق «نافتا» أمراً لا مفرّ منه بعد أن فرضه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي جعل السياسة الاقتصادية من أولوياته. ولم يتوقف ترمب عن التنديد باتفاق «نافتا» الذي يعتبره «كارثة»، محملاً إياه مسؤولية اختفاء كثير من الوظائف في الولايات المتحدة.
وتنوي واشنطن التصدي خصوصاً لمشكلة الاختلال بالميزان التجاري بينها وبين المكسيك، الذي انتقل منذ توقيع المعاهدة من فائض قدره 1.6 مليار دولار إلى عجز يقارب 64 مليار دولار.
وعبر الأطراف الثلاثة، الأحد، عن رغبتهم في جعل وتيرة العمل أسرع، رغم ضغط المفاوضات، وقالوا إن «المفاوضين عن الدول الثلاث سيستكملون مشاوراتهم في بلدانهم، وسيعملون لتحقيق تقدم في صياغة نص المفاوضات خلال الفترة الأخيرة من شهر أغسطس (آب)، وسيجتمعون مجدداً في المكسيك، في جولة ثانية من المفاوضات من 1 إلى 5 سبتمبر (أيلول)».
وتستكمل المفاوضات بهذه الوتيرة السريعة في اجتماع ثالث يعقد في كندا أواخر سبتمبر، ورابع في الولايات المتحدة في أكتوبر (تشرين الأول).
ومن المتوقع أن تعقد اجتماعات أخرى من الآن حتى نهاية العام، وهذه وتيرة سريعاً «نسبيا» و«غير اعتيادية» لهذا النوع من المعاهدات، يبررها اقتراب استحقاقات سياسية كثيرة في المكسيك والولايات المتحدة.
وتشهد المكسيك العام المقبل إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، فيما تجري الولايات المتحدة انتخاباتها التشريعية. وتُعتبر نتائج هذه الاستحقاقات حاسمة لأنه من المفترض أن يصادق المجلسان المنتخبان على الاتفاق.
وتنتهي صلاحية الإجراء التشريعي، الذي يقال إنه معجّل أو «فاست تراك»، والذي يعطي الإدارة الأميركية صلاحيات واسعة في مجال المفاوضات التجارية، منتصف عام 2018. ولا يمكن معرفة ما إذا كان النواب المنتخبون سيمددونه بسهولة.
أما بالنسبة لجدول أوتاوا الزمني، فهو أخفّ ضغطاً، إلا أن التحدي في هذه الحالة يتمحور حول حجم كندا التي هي في الوقت نفسه أكبر مستهلك وأكبر مصدر للطاقة إلى الولايات المتحدة.
ووصفت وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند المفاوضات بأنها «تاريخية»، مشددة على أهمية هذا النص الذي اعتبرته «الاتفاق التجاري الأكبر في العالم»، وأشارت إلى أن «كندا والولايات المتحدة والمكسيك تشكل مجتمعة ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مع نسبة 7 في المائة من سكان العالم».
وتعهدت المكسيك بـ«التوصل إلى اتفاق يجعل الدول الثلاث رابحة»، وأشارت الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، الأحد الماضي، إلى أنها ستلتزم بآلية عمل من المفترض أن توصلها إلى صياغة نص «نافتا 2.0» مطابق «لمواصفات القرن الحادي والعشرين، يفيد جميع مواطنينا».