البحرية الأميركية تعلق عملياتها بعد حادث تصادم بين مدمرة وناقلة نفط

أدى إلى فقدان 10 بحارة وإصابة 5 آخرين

المدمرة الأميركية «يو. إس. إس. جون إس. ماكين» بعد اصطدامها بناقلة نفط في مياه سنغافورة أمس (رويترز)
المدمرة الأميركية «يو. إس. إس. جون إس. ماكين» بعد اصطدامها بناقلة نفط في مياه سنغافورة أمس (رويترز)
TT

البحرية الأميركية تعلق عملياتها بعد حادث تصادم بين مدمرة وناقلة نفط

المدمرة الأميركية «يو. إس. إس. جون إس. ماكين» بعد اصطدامها بناقلة نفط في مياه سنغافورة أمس (رويترز)
المدمرة الأميركية «يو. إس. إس. جون إس. ماكين» بعد اصطدامها بناقلة نفط في مياه سنغافورة أمس (رويترز)

أصدرت البحرية الأميركية، أمس، أمراً بـ«تعليق العمليات» على مستوى العالم، لإعادة تقييم أسطولها بعد تصادم مدمرة بناقلة نفط قرب سنغافورة، أدى إلى فقدان 10 بحارة وإصابة 5 آخرين.
وأمر الأميرال جون ريتشاردسون، قائد العمليات البحرية، بـ«تعليق العمليات» للسماح بإجراء «مراجعة شاملة» للممارسات، بعد تصادم المدمرة القاذفة للصواريخ «جون إس ماكين» بناقلة تجارية قبالة سنغافورة، وفق ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية. وقال ريتشاردسون: «كما تعلمون، فإن هذا هو ثاني تصادم خلال 3 أشهر، والأخير في سلسلة من الحوادث على مسرح المحيط الهادي»، وأضاف في بيان أن ما حدث «يتطلب عملاً أكثر حزماً. ولذلك، فقد أمرت بتوقف عمل جميع أساطيلنا في جميع أنحاء العالم».
بدوره، قال وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، أثناء زيارته إلى الأردن، إن «التحقيق الأوسع الذي يجريه ريتشاردسون سيبحث في كل الحوادث المماثلة والحوادث في البحار... وسيبحث في كل العوامل». ولم تحدد مدة تعليق عمليات أقوى سلاح بحرية في العالم، الذي يعمل في محيطات العالم جميعاً، إلا أن بعض وسائل الإعلام الأميركية أشارت إلى أن التعليق قد يستمر يوماً واحداً.
ولا يزال البحارة العشرة مفقودين، إثر اصطدام المدمرة بناقلة النفط «ألنيك إم سي» شرق سنغافورة، في ساعة مبكرة أمس، مما أدى إلى إحداث فجوة كبيرة في المدمرة. وقال سلاح البحرية الأميركي، في بيان، إن المدمرة القاذفة للصواريخ «جون إس ماكين» وصلت إلى ميناء في سنغافورة بعد ظهر الاثنين، عقب الحادث الذي وقع قبيل الفجر، وأدى إلى تدفق المياه إلى داخلها.
وأطلقت عملية بحث كبيرة، بمشاركة سفن وطائرات من 3 دول، بعد اصطدام المدمرة بالسفينة «ألنيك إم سي»، بالقرب من مضيق «ملقة»، كما أورد تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية. وقال محللون إن الحادث الذي يأتي بعد حادث مشابه تعرضت له سفينة حربية أميركية في يونيو (حزيران) الماضي، قبالة سواحل اليابان، يثير تساؤلات حول ما إذا كان سلاح البحرية الأميركي يعمل فوق طاقته في آسيا، حيث يسعى لصد النزعات التوسعية للصين في بحر الصين الجنوبي والطموحات النووية لكوريا الشمالية.
وقالت البحرية، في بيان، بعد وصول المدمرة إلى قاعدة «شانغي» البحرية في سنغافورة، إن «أضراراً كبيرة لحقت بالهيكل، أدت إلى تدفق المياه إلى مقصورات مجاورة، منها حجرات النوم ومقصورة الآليات وغرف الاتصالات»، وأضاف البيان أن «جهود الطاقم نجحت في وقف تدفق مزيد من المياه».
وتم إجلاء 4 من البحارة الجرحى بمروحية من المدمرة إلى مستشفى في سنغافورة، وجروحهم غير خطيرة، فيما لم تتطلّب إصابة الخامس مزيداً من العلاج، بحسب البيان.
كانت المدمرة، البالغ طولها 154 متراً، لا تزال قادرة على الإبحار بعد اصطدامها عند الساعة 05:24 صباحاً، بالتوقيت المحلي بالناقلة التي ترفع علم ليبيريا، وحجمها أكبر بقليل (182 متراً)، ورافقتها سفينتان حتى دخولها الميناء.
وكانت المدمرة في طريقها إلى ميناء سنغافورة للقيام بتوقف روتيني، بعد مشاركتها في «عملية حرية الإبحار» ببحر الصين الجنوبي المتنازع عليه في وقت سابق من الشهر، قرب جزيرة اصطناعية في أرخبيل سبراتليز، مما أثار رداً غاضباً من بكين.
وتحمل المدمرة اسمي والد وجد السيناتور الأميركي جون ماكين، وكلاهما كان في سلاح البحرية برتبة أدميرال. وقال السيناتور ماكين، في تغريدة، إنه يصلي مع زوجته «من أجل البحارة الأميركيين على متن (يو إس إس جون إس ماكين)، ويثمنان عمل فرق البحث والإنقاذ».
وفي أول تعليق له، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، رداً على أسئلة الصحافيين حول الحادث لدى وصوله للبيت الأبيض بعد عطلته، إنه «أمر مؤسف». وأعقب ذلك بتغريدة، كتب فيها: «أفكارنا وصلواتنا مع البحارة الأميركيين على متن (يو إس إس جون إس ماكين)، حيث تجري جهود البحث والإنقاذ».
وقال الخبير البحري لدى «جينز أي إتش إس ماركيت»، رضوان رحمت، إن المؤشرات الأولية تدل على أن المدمرة الأميركية ربما لم تمتثل للقواعد التي تفصل الملاحة التجارية في مضيق سنغافورة.
ويثير هذا الحادث الذي يأتي بعد «عملية حرية الإبحار» التساؤلات «حول ما إذا كانت الطواقم تعاني من الإرهاق، وما إذا كانت وتيرة عمليات البحرية الأميركية في هذه المنطقة تجري بسرعة كبيرة»، بحسب رحمت الذي أضاف: «هل يعلمون الشيء الكثير عن هذه المنطقة مع كوريا الشمالية واليابان، والآن في بحر الصين الجنوبي؟».
وتشارك سفن وطائرات من سنغافورة وماليزيا والولايات المتحدة في عمليات البحث عن البحارة المفقودين. والسفينة التجارية التي اصطدمت بالمدمرة ناقلة نفط ومواد كيميائية، يتجاوز وزنها 30 ألف طن، بحسب موقع «مارين ترافيك» المختص بالنقل البحري.
وتعرضت الناقلة لبعض الأضرار، لكن لم يصب أحد من أفراد طاقمها بأذى، بحسب سلطة المرافئ والملاحة في سنغافورة. ولم ترد تقارير عن تلوث نفطي، ولم تتأثر حركة الملاحة في مياه سنغافورة، بحسب الموقع.
ويعد هذا الاصطدام هو الرابع من نوعه في سلسلة من الحوادث التي شهدتها البحرية الأميركية. فمنذ شهرين، وبالتحديد في السابع عشر من يونيو، اصطدمت المدمرة البحرية الأميركية «يو إس إس فيزجيرالد» بسفينة حاويات في ميناء يوكوسوكا الياباني، وأدى الحادث إلى مصرع 7 بحارة أميركيين. وفي 9 مايو (أيار) الماضي، اصطدمت سفينة الصواريخ الموجهة «أو إس إس تشامبلين» بسفينة صيد تابعة لكوريا الجنوبية، شرق شبه الجزيرة الكورية. وفي 31 يناير (كانون الثاني) الماضي، اصطدمت حاملة صواريخ في خليج طوكيو بالقرب من الميناء الرئيسي في يوكوسوكا. وأشار خبراء عسكريون إلى أن الحادث الأخير يشكك في تدريبات البحرية، ومن المحتمل أن يؤدي إلى تغييرات في قيادات البحرية. وقال ريك فرانكونا، المحلل العسكري، لشبكة «سي إن إن» الأميركية إن «البحرية الأميركية لا تبدو في مستوى جيد، ومن المحتمل أنه سيكون هناك تغييرات صاخبة في القيادات العليا للأسطول السابع، وربما البحرية الأميركية بشكل عام».
بدوره، قال كارل شوستر، المدير السابق للعمليات في مركز الاستخبارات المشتركة لقيادة المحيط الهادي، إنه «عندما تسير ناقلة نفط تجارية ضخمة في قناة مزدحمة، فمن المفترض أن تكون السفن الحربية الأميركية في حالة تأهب عالية. وكان يتعين على السفينتين إبلاغ السلطات الماليزية بخطة فصل حركة المرور البحرية»، فيما لفت مسؤول بالبحرية الأميركية إلى أن المدمرة ماكين عانت من فقدان الاتصال بالقيادة قبل وقوع الاصطدام.
من جهتها، استغلت صحيفة صينية حكومية الفرصة للتنديد بأنشطة البحرية الأميركية في بحر الصين الجنوبي، في وقت تطالب فيه بكين بالسيطرة الكاملة على البحر، وتوسيع نفوذها فيه. وقالت الصحيفة في افتتاحيتها إن البحرية الأميركية أصبحت عقبة خطيرة في المياه الآسيوية، منتقدة ما سمته عسكرة أميركية للمياه، بما يشكل تهديداً للملاحة.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.