شارع «الألفي» يسترد عافيته ويعيد الرونق لـ«باريس الشرق»

القاهرة الخديوية تحتفل بـ150 عاماً على إنشائها بارتداء حلة جديدة

شارع «الألفي» بوسط القاهرة، الذي تم افتتاحه مؤخراً بعد انتهاء عملية تطويره ({الشرق الأوسط})
شارع «الألفي» بوسط القاهرة، الذي تم افتتاحه مؤخراً بعد انتهاء عملية تطويره ({الشرق الأوسط})
TT

شارع «الألفي» يسترد عافيته ويعيد الرونق لـ«باريس الشرق»

شارع «الألفي» بوسط القاهرة، الذي تم افتتاحه مؤخراً بعد انتهاء عملية تطويره ({الشرق الأوسط})
شارع «الألفي» بوسط القاهرة، الذي تم افتتاحه مؤخراً بعد انتهاء عملية تطويره ({الشرق الأوسط})

في هذا الشارع؛ اختارت أسرة مصرية الجلوس على مقاعد خشبية للتسامر بينما يلهو أطفالها في سعادة، وعلى بعد أمتار منهم تتعالى ضحكات مجموعة من الشباب جلسوا على مقهى لاحتساء المشروبات وتدخين «الشيشة»، ومن خلفهم بقليل وجدت مجموعة من الفتيات قصدن أحد محلات «الكشري» الكائنة في مبنى عتيق لتناول الوجبة الشعبية وسط أجواء حميمية.
مشاهد ثلاثة تظهر عند التجول في شارع «الألفي» بوسط القاهرة، الذي تم افتتاحه مؤخراً بعد انتهاء عملية تطويره، وإرجاعه لما كان عليه قديماً كممشى سياحي وتجاري، مع إضفاء لمسة جمالية عليه تنعكس من خلال واجهات المباني والأرضيات والإضاءة.
يقبع الشارع في منطقة وسط القاهرة ذات الطابع التراثي التي تشتهر بلقب القاهرة الخديوية أو «باريس الشرق»، ويصل بين ميدان عرابي (ميدان التوفيقية سابقا) وشارع الجمهورية (إبراهيم باشا سابقا)، محتلا مكانا وسطا بين أشهر ميدانين بالقاهرة هما التحرير ورمسيس. وقد تقرر في منتصف التسعينات تخصيصه للمشاة فقط للتنزه وليس لمرور السيارات، باعتباره أحد الأماكن التراثية.
وتعود أهمية الشارع - أو كما يطلق عليه «ممر» - إلى وجود بعض المطاعم ذات الأسماء الشهيرة التي تقدم الوجبات الشعبية المصرية والمشويات كذلك، وأيضا بعض المقاهي التي تحافظ على طابعها الشعبي، بالإضافة إلى ذلك يكتسب الشارع أهمية تجارية بوجود كثير من المحلات التجارية التي تتخصص في بيع الملابس.
أما اسمه (الألفي) فينسب إلى محمد بك الألفي، أحد أشهر أمراء دولة المماليك الذين عمّر منطقة وسط القاهرة بإنشاء قصر حمل اسمه، فيما تقول سيرته إنه قاتل الفرنسيين خلال حملتهم على مصر، وعند قدوم الإنجليز لمصر لإخراج الفرنسيين منها تحالف معهم، وتواصل معهم بعد خروجهم من مصر عام 1802، واستمر في مراسلتهم ليعودوا إلى مصر لكي يساعدوه في انتزاع عرشها الذي اعتلاه محمد علي باشا، إلا أنه توفي في 28 يناير (كانون الثاني) 1807.
تعود عملية تطوير شارع الألفي إلى شهور ماضية، ضمن مشروع تطوير وتجميل منطقة القاهرة الخديوية، الهادف إلى استعادة هذه المنطقة لرونقها الأصلي من خلال ترميم واجهات المباني ذات القيمة المتميزة في المنطقة، والذي تعمل عليه اللجنة القومية لتطوير وحماية القاهرة التراثية، المُشّكلة بقرار رئاسي، وتضم في عضويتها عدداً من المسؤولين المصريين والجهات المتخصصة.
أما عملية التطوير نفسها فتمثلت، بحسب مسؤولي محافظة القاهرة، في تخصيص منتصف الشارع كممر للمشاة فقط، وتغيير واجهات المحلات لتتناسب مع الشكل العام الحضاري، إلى جانب طلاء البلاط الإسمنتي والجرانيتي المستخدم في أرضية الشارع، حيث يعطي مظهرا جماليا، مع وضع مقاعد خشبية ذات مساند حديدية مخصصة لرواد الممر بعد إزالة المقاعد الرخامية التي كانت مثبتة بأرضيته.
كما شملت عمليات التطوير تحديد مساحات مخصصة للمقاهي والكافيهات، حيث تم وضع أسوار حديدية حول كل مقهى، للحد من عشوائية الجلوس وجعلها أكثر تنظيما، وإحكام السيطرة عليها لتجنب التعدي على حرم الشارع، مع توحيد كراسي المقاهي، وتركيب حوامل حديدية لوضع آنية الزرع أمام المقاهي والمحلات التجارية، مما يعطي منظراً جمالياً للممر.
من ناحية أخرى، تم في شارع الألفي تجربة تكوين اتحاد شاغلين، يتولى متابعة تطوير الشارع، وتحمل مسؤولية استمرار صيانته، ليشارك الأجهزة التنفيذية في الارتقاء به ورفع كفاءته والمحافظة على ما يتم من أعمال لمنع إهدار المال العام. وكخطوة أولى له قام بتركيب كاميرات مراقبة للشارع ووضع أكشاك لإحكام المراقبة الأمنية.
الشارع المطور أصبح جاذبا لكثير من الأفراد من مختلف الأعمار؛ فيقول الشاب عمرو الصاوي، أحد رواد الألفي لـ«الشرق الأوسط»: «تطوير شارع الألفي تجربة رائدة، فلم يكن الوضع من قبل يسمح بإحكام السيطرة على المقاهي، ولم يكن المرور به سهلا بسبب العشوائية وانتشار الباعة الجائلين»، متمنيا أن يكون الشارع بحلته الجديدة نموذجا يحتذى به في التطوير الحضاري، وأن يتم تعميم التجربة في كافة شوارع منطقة وسط البلد بإعادتها إلى حالتها الجمالية، بجانب العمل على تحسين البنية التحتية لها، مما يجعلها متنفسا جاذبا لسكان العاصمة.
أُمنية الشاب عمرو يؤكد عليها محافظ القاهرة «عاطف عبد الحميد»، قائلا إن إعادة صيانة وتطوير شارع الألفي سيتم تعميمها تباعا على عدد من المناطق بالقاهرة الخديوية، مشيرا إلى أنه بالتنسيق مع اللجنة العليا للحفاظ على التراث تم وضع أولويات لاستكمال تطوير منطقة القاهرة الخديوية والامتداد إلى مناطق تراثية أخرى.
وأوضح المحافظ، في احتفالية أقيمت قبل أيام في ذكرى مرور 150 عاما على إنشاء القاهرة الخديوية، أنه تم غلق عدد من الشوارع بوسط القاهرة أمام حركة السيارات، وقصرها على المشاة فقط باعتبارها أماكن سياحية، لافتا إلى أن المحافظة كامتداد لعملية تطوير القاهرة الخديوية تقوم الآن على نشر الثقافة من خلال بناء مكتبات في الشوارع سواء للاستعارة أو الاطلاع، كاشفا عن أن شارع الألفي سيشهد أول مكتبة شارع خلال الفترة القادمة.
وأكد عبد الحميد أن المحافظة تعمل جاهدة بالتنسيق مع كل الجهات المعنية لإعادة منطقة القاهرة الخديوية لجمالها ورونقها الأصلي من خلال تطوير الشوارع والميادين ومسارات المشاة وترميم واجهات المباني ذات القيمة المتميزة في المنطقة التي يبلغ عددها 500 عقار، حيث تم الانتهاء من 200 عقار من القاهرة الخديوية حتى الآن.
وقال المحافظ إن صدور القرار الرئاسي بتشكيل اللجنة العليا للحفاظ على القاهرة الخديوية كان دفعة قوية لأعمال إعادة تطوير شارعي الألفي وتخصيص المنطقة للمشاة، وجاري تطبيق التجربة نفسها في منطقة البورصة، وعدد من الحدائق التراثية وباكورتها حديقة الأزبكية الشهيرة بإعادتها إلى حالتها، مما يصب في النهاية في إبراز جمال القاهرة الخديوية.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.