لماذا تسيطر «الفوضى الدفاعية» على الدوري الإنجليزي؟

الأندية الكبرى وعلى رأسها آرسنال وليفربول وتشيلسي تعاني من كارثة في خطوط دفاعها

TT

لماذا تسيطر «الفوضى الدفاعية» على الدوري الإنجليزي؟

شهدت المرحلة الأولى من الدوري الإنجليزي الممتاز تسجيل 31 هدفا، من بينها 13 هدفا في مباراتين فقط، كما تلقت شباك أول 3 فرق في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي 9 أهداف بواقع 3 أهداف لكل منها. ورغم ما يحدث في إسبانيا وحالة الجدل التي يثيرها النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، وفي إيطاليا والحديث عن صفقات ميلان ورغبته في إعادة أمجاد الماضي، وفي ألمانيا والدقة التي تسيطر على كل شيء، وفي فرنسا والحديث عن صفقة نيمار المدوية وما يفعله بيلسا وبالوتيللي... رغم كل ذلك، فإن الدوري الإنجليزي الممتاز يبقى هو الأكثر إثارة وقوة.
ربما لا يكون الدوري الإنجليزي الممتاز هو الأفضل من حيث مساعدته الأندية الإنجليزية على النجاح في دوري أبطال أوروبا أو مساهمته في تصعيد لاعبين شباب يمثلون المنتخب الإنجليزي في المستقبل، كما أنه ليس الأفضل من حيث الدور الاجتماعي الذي يجب أن تلعبه الأندية تجاه المجتمعات التي تمثلها على الأقل، لكنه الأفضل بكل تأكيد من حيث الإثارة والمتعة واحتمال حدوث أي شيء في أي لحظة.
يعود السبب في ذلك بصورة جزئية إلى أن الدوري الإنجليزي الممتاز يضم عددا كبيرا من أفضل المديرين الفنيين واللاعبين في العالم، علاوة على المنافسة الشديدة بين عدد كبير من الأندية، لكن هناك سببا واضحا وكبيرا أيضا وراء ذلك، يتمثل في أن عددا من أندية القمة لا تدافع بشكل جيد. ويعاني آرسنال وليفربول وتشيلسي من مشكلات دفاعية واضحة يجب عليهم التغلب عليها قبل المواجهات المقبلة سواء على ملعبها أو خارج أرضها.
والسبب وراء هذه «الفوضى الدفاعية» يعود إلى التغييرات التي طرأت على قوانين اللعبة، فأصبح الدفاع الآن أكثر صعوبة عما كان عليه قبل 20 أو 30 عاما. فلا يمكن للخطوط الخلفية أن تتقدم ببساطة لمجرد أنها تعرف أن لاعب الفريق المنافس الذي سيكون خلفها سيقع في مصيدة التسلل، وخير مثال على ذلك الهدف الذي سجله لاعب ليستر سيتي شينجي أوكازاكي في مرمى آرسنال، والذي لم يكن ليحتسب لولا آخر تعديل في قانون كرة القدم، لأن اللاعب الياباني كان في موقف تسلل عندما لعبت الكرة العرضية، لكنه لم يكن في موقف تسلل عندما جاءته الكرة من هاري ماغوير ليضعها برأسه في المرمى. وهذا يعني أن المدافعين في كرة القدم الحديثة يجب أن يكونوا أكثر قدرة على التعامل مع ظروف محددة، وأنه يجب عليهم أن يلعبوا بشكل أكثر عمقا، وأن يتركوا مساحة أكبر في خط الوسط لكي يستغلها اللاعبون الذي يملكون مهارات أفضل.
وفي الوقت نفسه، أصبحت العقوبات التي يتلقاها المدافعون في حال ارتكابهم الأخطاء أكثر قسوة من ذي قبل، وأصبح من المتوقع الآن أن يحصل المدافع على بطاقة صفراء أو حمراء مع أي خطأ يرتكبه. ولم يعد بإمكان المدافع أن يغطي على الخطأ الذي ارتكبه في الملعب عن طريق سحب لاعب الفريق المنافس من قميصه، أو على الأقل لا يمكنه القيام بذلك أكثر من مرة. وفي الحقيقة، يعد هذا تطورا إيجابيا إلى حد كبير. ورغم كل الأشياء السلبية التي حدثت فيما يتعلق بإدارة كرة القدم على مدى العقدين الماضيين، فإنه يجب أن نتفق على أن التغييرات التي طرأت على قانون كرة القدم كانت إيجابية على نطاق واسع.
وهناك تغيرات خططية وتكتيكية أيضا، ولا ننسى مطالبة المدير الفني الأوكراني الشهير فاليري لوبانوفسكي بـ«اللاعب الشامل»، وتصريحات المدير الفني الحالي لمانشستر سيتي جوسيب غوارديولا ذات مرة بأنه يحلم بأن يكون لديه فريق مكون من 11 لاعب خط وسط، وهو الفكر الذي تسلل إلى اللعبة بشكل كبير. وبات يتوقع من المدافعين الآن أن يمتلكوا مهارة كبيرة في التمرير والتقدم للخطوط الأمامية. ليس هذا فحسب، ولكن قدرة المدافع على التمرير بشكل جيد قد تجل البعض يتغاضى عن عيوبه في المهارات الأساسية التي يجب أن يتحلى بها في المقام الأول بصفته مدافعا، مثل قدرته على اللعب برأسه بشكل جيد، وأن يكون جيدا في فرض الرقابة على لاعبي الفرق المنافسة، وقدرته على استخلاص الكرات.
وتعد الصفات الهجومية للمدافع وقدرته على اللعب صانعَ ألعاب من الخلف، إحدى الركائز الأساسية لطريقة تفكير أسطورة برشلونة الراحل يوهان كرويف فيما يتعلق بمدافعين يمتلكون المهارة، مثل رونالد كومان وفرنك ريكارد وصولا إلى خافيير ماسكيرانو وديفيد ألابا. وهذا هو السبب وراء التغاضي عن هفوات مدافعين مثل جون ستونز وديفيد لويز، والسبب الذي دفع آرسنال لكي يلعب يوم الجمعة الماضي بثلاثة مدافعين.
وأصبح جميع الظهراء الآن يلعبون أجنحةً، وخلال الأسبوع قبل الماضي نجد أن اللاعبين الذين لعبوا في مركز الظهير أو الجناح في الدوري الإنجليزي الممتاز استخلصوا الكرات 83 مرة ومرروا الكرة 123 مرة، وأصبحت مهمتهم تتمثل في القيام بواجبات هجومية على الأطراف وليس مجرد الدفاع. وحصل نادي هوفنهايم الألماني على ركلة جزاء أمام ليفربول في مباراة الذهاب للدور التمهيدي المؤهل لدور المجموعات بدوري أبطال أوروبا، لأن الظهير الأيسر لليفربول ألبرتو مورينو ترك فجوة كبيرة على جهة اليسار ولعبت الكرة من خلفه.
وجاء اعتماد بعض الأندية في الآونة الأخيرة على 3 مدافعين في الخط الخلفي ردَّ فعل على الطبيعة الهجومية لظهراء الجنب في كرة القدم الحديثة، ويبدو أن عقلية المديرين الفنيين في كثير من الأحيان تفكر في أن زيادة عدد المدافعين يمكن أن تعمل على إخفاء العيوب الدفاعية، لكن تلك العيوب تظهر أمام الفرق التي تمتلك خط هجوم قوياً.
لكن ليس من قبيل المصادفة أن معظم أندية الدوري الإنجليزي الممتاز باتت تعاني من مشكلات دفاعية كبيرة. وفي الحقيقة، يبدو هذا نتيجة طبيعية لما يحدث الآن في سوق انتقالات اللاعبين ورغبة الأندية اللامتناهية في إبرام تعاقدات جديدة. ويتوقف قدر كبير من النواحي الدفاعية على تدريب نفس اللاعبين - وليس المدافعين فقط - على القيام بنفس المهام مرارا وتكرارا حتى يتعلموا كيفية الانخراط في نظام دفاعي يصعب اختراقه. وإذا كان الفريق يضم لاعبين جددا باستمرار، فمن شبه المستحيل أن تبني فريقا يتمتع بقدر كبير من الانسجام.
دعونا نتفق على أن فيرجيل فان ديك مدافع ممتاز، لكنه لو انضم لليفربول اليوم، فإن دفاع الفريق لن يتحول بين عشية وضحاها إلى جدار لا يمكن اختراقه، لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت لكي يتعود اللاعب على طريقة الضغط العالي التي يعتمد عليها المدير الفني للفريق يورغن كلوب، والطريقة التي يندفع بها الظهيران للأمام، وطريقة لعب قلبي الدفاع، وكيفية تعامل لاعبي خط الوسط مع المواقف الدفاعية المختلفة. وسبق لليفربول أن ضم ديجان لوفرين، الذي كان يلعب في ساوثهامبتون بشكل رائع، لكن الفريق ظل يعاني من المشكلات الدفاعية أيضا.
لكن هذه المشكلة لا تقتصر على ليفربول فقط، بل تمتد إلى كرة القدم الإنجليزية بأكملها بسبب رحيل ومجيء عدد كبير من اللاعبين بالشكل الذي يؤثر على انسجام الفرق. وأصبح يتعين على المدير الفني الذي قام بذلك الموسم الماضي، وهو أنطونيو كونتي، أن يتعامل مع فرقة تبدو غريبة ومحبطة، وهي الحالة التي تفاقمت بسبب عدم ارتياحه الواضح لعدم إبرام ناديه تعاقدات جديدة بالقدر الكافي خلال الموسم الحالي.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».