نشر صور الاعتداءات الإرهابية في الإعلام يثير امتعاض الإسبانيين

تباين في إسبانيا حول تداول الصحافة لمشاهد مرعبة من حادث برشلونة

نشر صور الاعتداءات الإرهابية في الإعلام يثير امتعاض الإسبانيين
TT

نشر صور الاعتداءات الإرهابية في الإعلام يثير امتعاض الإسبانيين

نشر صور الاعتداءات الإرهابية في الإعلام يثير امتعاض الإسبانيين

أثارت اعتداءات برشلونة الأخيرة، يوم الخميس الماضي، موجة من سخط بين قطاع واسع من المواطنين بسبب نشر بعض وسائل الإعلام صورا وأفلاما مرعبة مليئة بالدماء لضحايا الاعتداءات، دون قطع أو تمويه، على الرغم من طلب الشرطة الوطنية الإسبانية من كافة وسائل الإعلام عدم نشر صور الضحايا وهي غارقة في دمائها. وفي الوقت نفسه يذهب البعض إلى ضرورة حرية النشر والتعبير دون تدخل، مهما كانت الأسباب.
ومنذ اليوم الأول لاعتداءات برشلونة، أصدرت الشرطة الوطنية الإسبانية بيانا جاء فيه: «احتراما للضحايا وعوائلهم نرجو عدم نشر صور الجرحى»، وقد استجاب مصورو تلفزيون القناة الأولى والقناة الثالثة، لنداء الشرطة، وقالت مذيعة القناة الأولى بأن لدى القناة صورا وأفلاما تمتنع عن نشرها وذلك: «من أجل عدم جرح شعور المشاهد».
لكن وسائل إعلامية أخرى، نشرت أفلاما وصورا مرعبة ومفزعة حول الضحايا، مما جعلها هدفا لنقد الكثيرين، وقد امتلأت وسائل الاتصال الاجتماعي بنقد ظاهرة نشر الصور دون مراعاة للضحايا وعوائلهم، ومما جاء في التعليقات: «الشرطة تطلب عدم نشر صور الجرحى، ووسائل الإعلام تنشر تلك الصور». وكتب آخر: «لا تكونوا مثل بعض وسائل الإعلام. لا تنشروا صور ضحايا الاعتداء، احتراما للضحايا»، وعلق آخر: «من المخجل أن تقوم وسائل الإعلام بالعودة إلى الخطأ مرة أخرى بنشرها للصور. أين هي الإنسانية؟» وجاء في تعليق آخر: «ماذا يجري لوسائل الإعلام، تطلب عدم نشر صور الضحايا وهي نفسها تقوم بنشرها».
ويختلف المختصون في مجال الإعلام حول هذه الظاهرة، ظاهرة نشر الصور المؤلمة للضحايا، فالدكتور ميغيل أنخيل كينتانا الأستاذ في الجامعة الأوروبية في بايادوليد (بلد الوليد)، وسط إسبانيا، من المتحمسين لنشر الصور دون تقطيع، يقول إنه: «لابد من نشر الصور والأفلام كما هي من أجل إظهار هول الإرهاب»، ويضيف: «لي الحق بأن أعرف حقيقة الإرهاب، وفي معرفة دمويته»، وممن يؤيد هذا الرأي المصور الصحافي هنريكي مينيسيس الذي يذهب إلى أنه لا بد من عرض الصور والأفلام كما هي دون تشويش أو قطع، حتى لو شاهدها الأطفال، ويقول: «لابد من أن يطلعوا على الحقائق كما هي».
ومن جانب آخر يعارض آخرون هذا الرأي، ومنهم الدكتورة سونيا بلانكا، الأستاذة في كلية وسائل الإعلام في جامعة مالقة، جنوب إسبانيا، فهي ترى أنه: «لا يجوز بأي شكل من الأشكال نشر مثل هذه الصور والأفلام. لا بد لنا أن نتساءل أولا: أي معنى أو قيمة في نشرها؟ إن نشر صور الضحايا ليس له أية قيمة، فهذه الصور تسئ إلى الضحايا وكرامتهم».
وتوضح بلانكا قائلة: «نحتاج إلى تربية حقيقية بكل معنى الكلمة، على مستوى الخبراء وعلى مستوى المواطنين. علينا أن نفهم بأن الإعلام في الوقت الحاضر ينتشر في اللحظة، وليس كالسابق، ففي الماضي كان من الممكن أن يقوم أحد السائحين بالتقاط بعض الصور وإرسالها إلى إحدى وسائل الإعلام، وتمر عدة أيام قبل نشرها، ولهذا يتوفر الوقت الكافي لوسيلة الإعلام للنقاش حول السماح أو عدم السماح بنشرها، أما الآن فإن الأخبار تصل في اللحظة، بلا قطع». وتتابع بلانكا: «إن ما يريده الإرهابيون هو نشر صور الضحايا، فهدفهم هو نشر الرعب بين الناس».



كيف يؤثر «غوغل ديسكوفر» في زيادة تصفح مواقع الأخبار؟

شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
TT

كيف يؤثر «غوغل ديسكوفر» في زيادة تصفح مواقع الأخبار؟

شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)

أوردت تقارير، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أن ناشري الأخبار كثّفوا ظهورهم على «غوغل ديسكوفر» بهدف زيادة حركات المرور على مواقعهم، وهذا بعدما تراجعت وسائل التواصل الاجتماعي عن دعم ظهور الأخبار منذ مطلع العام. إذ اتجهت «غوغل» إلى نموذج الملخّصات المعزّز بالذكاء الاصطناعي بديلاً عن ترشيح روابط الأخبار من مصادرها، ما أدى إلى تراجع الزيارات تدريجياً. غير أن خبراء ناقشوا الأمر مع «الشرق الأوسط» عدُّوا هذا الاتجاه «رهاناً محفوفاً بالمخاطر، وقد لا يحقق نموذج عمل مستداماً». أبحاث أجرتها «نيوز داش»، وهي أداة متخصصة في تحسين محركات البحث (SEO) موجهة للناشرين والمواقع الإخبارية، أظهرت أن «غوغل ديسكوفر» بات يمثل في المتوسط 55 في المائة من إجمالي حركة المرور الآتية من «غوغل» للناشرين، مقارنة بـ41 في المائة، في دراسة سابقة، ما يعني أن «ديسكوفر» أضحى القناة الكبرى التي تجلب الزيارات إلى مواقع الأخبار.

جدير بالذكر أن «غوغل ديسكوفر» هو موجز للمقالات يظهر على نظامي «أندرويد» و«آبل» عند فتح «غوغل» للتصفّح. ووفق محرّك البحث، فإن المقالات المُوصى بها تُحدَّد وفقاً لاهتمامات المستخدم وعمليات البحث السابقة، ومن ثم، فإن ما يظهر لدى المستخدم من ترشيحات هو موجز شخصي جداً، لذا يحقق مزيداً من الجذب.

محمد الكبيسي، الباحث ومدرب الإعلام الرقمي العراقي المقيم في فنلندا، أرجع تكثيف بعض المواقع الإخبارية وجودها على «غوغل ديسكوفر» إلى احتدام المنافسة الرقمية بين المنصّات للوصول إلى الجمهور. وأوضح: «منطقياً، تسعى مواقع الأخبار إلى الظهور على منصات متعدّدة، مما يعزز فرص الوصول والتفاعل مع الأخبار دون الحاجة للبحث المباشر».

وحدَّد الكبيسي معايير ظهور المقالات على «غوغل ديسكوفر» بـ«جودة المحتوى، والتحديث المستمر، وتوافق SEO، والملاءمة مع اهتمامات المستخدمين وسلوكهم السابق في استخدام وسائل الإنترنت، إضافة إلى الالتزام بمعايير الإعلام والصحافة المهنية».

ومن ثم، بعدما رأى الباحث العراقي تكثيف الاهتمام بأداة «غوغل ديسكوفر» حلاًّ مؤقتاً للمرحلة الحالية، شرح أنه «يمكن القول عموماً إن (غوغل ديسكوفر) قد يُسهم في زيادة معدلات الزيارات للعديد من المواقع الإخبارية، لكن ذلك يعتمد على أهمية المحتوى وملاءمته اهتمامات الجمهور». أما عن الحلول المستدامة فاقترح الكبيسي على صُناع الأخبار تحقيق المواءمة مع تطوّرات المنصات ومواكبة التحديثات؛ لتجنب التبِعات التي قد تؤدي إلى تقليل الظهور أو انخفاض معدلات الوصول».

من جهته، يقول الحسيني موسى، الصحافي المتخصص في الإعلام الرقمي بقناة الـ«سي إن إن» العربية، إن «غوغل ديسكوفر» لا يقبل أي مقالات؛ لأن لديه معايير صارمة تتعلق بجودة المحتوى ومصداقيته. وتابع أن «الظهور على (غوغل ديسكوفر) يشترط تقديم معلومات دقيقة تلبّي اهتمامات المستخدمين وتُثري معرفتهم، مع استخدام صور عالية الجودة لا تقل عن 1200 بيكسل عرضاً، وعناوين جذابة تعكس مضمون المقال بشكل شفاف بعيداً عن التضليل». ثم أضاف: «يجب أن تكون المواقع متوافقة مع أجهزة الهواتف الذكية؛ لضمان تجربة مستخدم سلسة وسريعة، مع الالتزام الكامل بسياسات (غوغل) للمحتوى».

وعلى الرغم من أن معايير «غوغل ديسكوفر» تبدو مهنية، عَدَّ موسى أن هذا «الاتجاه لن يحقق مستقبلاً الاستقرار للناشرين... وصحيح أن (غوغل ديسكوفر) يمكن أن يحقق زيارات ضخمة، لكن الاعتماد عليه فقط قد لا يكون واقعاً مستداماً».

ورأى، من ثم، أن الحل المستدام «لن يتحقق إلا بالتنوع والتكيف»، لافتاً إلى أنه «يُنصح بالتركيز على تقديم محتوى ذي قيمة عالية وتحويله إلى فيديوهات طولية (فيرتيكال) مدعومة على منصات التواصل الاجتماعي لجذب المزيد من المتابعين وبناء قاعدة جماهيرية وفية».