مدير «كردستان 24»: كنا مصدراً حصرياً للأخبار في معارك ساخنة ضد «داعش»

نور الدين ويسي قال إن الفضائية تتبع منهجاً مختلفاً ولا تنافس أحداً

كادر  القناة الفضائية {كردستان 24} -  نور الدين ويسي
كادر القناة الفضائية {كردستان 24} - نور الدين ويسي
TT

مدير «كردستان 24»: كنا مصدراً حصرياً للأخبار في معارك ساخنة ضد «داعش»

كادر  القناة الفضائية {كردستان 24} -  نور الدين ويسي
كادر القناة الفضائية {كردستان 24} - نور الدين ويسي

نور الدين ويسي، المدير العام والمؤسس لفضائية «كردستان 24» التي تبث برامجها في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، كان في زيارة إلى واشنطن لتنظيم منتدى بعنوان «إقليم كردستان... حليف أميركي استراتيجي في منطقة صعبة»، نظمته «كردستان 24» بالاشتراك مع صحيفة «واشنطن تايمز» الأميركية في الكونغرس الأميركي. ويسي الحاصل على شهادة الماجستير في الإعلام من جامعة هارتفوردشير البريطانية في زيارة الآن إلى لندن، وقد قام بزيارة إلى مقر «الشرق الأوسط»، فارتأينا إجراء هذا الحوار معه للسؤال عن تفاصيل المنتدى في واشنطن وأسباب زيارته إلى لندن، وأسئلة أخرى عن الفضائية وموضوع الاستفتاء حول استقلال إقليم كردستان الذي من المقرر إجراؤه في 25 سبتمبر (أيلول) المقبل. فإلى تفاصيل الحوار:

* نبدأ حوارنا معكم بالسؤال عن بدايات فضائية «كردستان 24»... متى بدأتم العمل لتأسيسها، وكيف جاءتكم هذه الفكرة؟
- بدأت «كردستان 24» بالبث في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2015 وتأسست بدعم من تلفزيون «فرانس 24»، حيث دربت العاملين. والفضائية جزء من مؤسسة «كردستان 24» للإعلام والأبحاث، حيث تتألف من منصات إعلامية متعددة كإذاعة تبث على موجات FM وموقع إلكتروني بخمس لغات (الكردية، العربية، الإنجليزية، التركية والفارسية). ولدينا مكاتب كثيرة في مختلف أنحاء العالم كالعراق، سوريا، تركيا، أوروبا، روسيا، أميركا. وهي إحدى أهم محطات الأخبار الرئيسية في كردستان. ورغم عدم وجود أي آلية لتصنيف القنوات التلفزيونية في كردستان، إلا أننا في صدارة القنوات الإخبارية الكردستانية رغم عمرنا القصير.
* هل هناك تنسيق مع مؤسسات إعلامية عالمية أو إقليمية بغرض الحصول على المواد الإعلامية وتقديمها للمتابع الكردي بنجاح ومهنية؟
- كما ذكرت، لدينا علاقة وطيدة مع «فرانس 24» والكثير من المؤسسات الإعلامية العالمية كوكالة الـ«اسوشييتد بريس» و«رويترز» ووكالة «دوغان DHA» التركية ومؤسسات أخرى. كما أننا كنا مصدرا حصريا للأخبار للمحطات العالمية مثل «سي إن إن» و«فوكس نيوز» و«بي بي سي» وبعض القنوات العربية والإقليمية، في بعض الأحداث وبخاصة المعارك الساخنة والحرب على «داعش». ونحن نغطي الأخبار الدولية باهتمام كبير؛ لأن «كردستان 24» فضائية ناطقة باللغة الكردية، لكنها ليست قناة كردية صرفة من حيث المحتوى والمضمون. لذا؛ فإننا أصبحنا في بعض الأحيان مصدرا للأخبار العالمية وليست الكردية.
* يقال إن فضائية «كردستان 24» تم تأسيسها لتنافس شقيقتها «رووداو» على الساحة الإعلامية الكردية، ماذا تقول لهذه الشائعة؟ ومن أين تتلقون الدعم المالي للاستمرار والإبداع في عملكم؟
- اتبعت «كردستان 24» منذ تأسيسها منهجا مختلفا ونحن لا ننافس أحدا، ولدينا سياستنا التحريرية الخاصة بنا، ونتطلع إلى أن نكون صرحا إعلاميا رائدا ومتميزا في المنطقة. ونحن قناة إخبارية خاصة، لكننا كسائر القنوات الإعلامية في المنطقة أو حتى في العالم لسنا مستقلين تماما. ومع ذلك، نحن في «كردستان 24» منبر لجميع الآراء والتوجهات السياسية المتباينة في كردستان.
* كنتم في واشنطن لتنظيم وحضور منتدى للترويج لفكرة الاستفتاء، هل بالإمكان إعطاؤنا بعض التفاصيل عن هذا المنتدى؟
- منتدى واشنطن انعقد تحت عنوان «إقليم كردستان... حليف أميركي استراتيجي في منطقة صعبة» في الكونغرس الأميركي، نظمته «كردستان 24» بالتنسيق مع صحيفة «واشنطن تايمز» وهو أول مؤتمر من هذا القبيل تنظمه مؤسسة كردية مع مؤسسة إعلامية أميركية بداخل مبنى الكونغرس الأميركي. وكان محور نقاشات المؤتمر حول الاستفتاء واستقلال إقليم كردستان، وحضره أعضاء بارزون في الكونغرس ومسؤولون سياسيون وعسكريون أميركيون ومن كردستان. كما حضر المؤتمر الكثير من الكتاب والإعلاميين والباحثين الأميركيين البارزين. كما أصدرت صحيفة «واشنطن تايمز» المقربة من الجمهوريين عددا خاصا باستقلال كردستان، تضمن مقالات لكتاب وسياسيين أميركيين بارزين، ومنهم عدد من أعضاء الكونغرس عبروا عن مساندتهم وتأييدهم لاستفتاء واستقلال كردستان.
* هل برأيك وصلتم للأهداف المرجوة من المنتدى؟
- حسب رأي المنتدى، كان تجمعا بارزا ومهما لإيصال صوت شعب كردستان العراق إلى مراكز القرار الأميركي والدولي لتلقي الدعم من أجل ممارسة حقه في تقرير مصيره.
* ماذا كانت وجهة نظر المسؤولين الأميركيين الذين التقيتم بهم، حول موضوع الاستفتاء والاستقلال؟
- هناك الكثير من أعضاء الكونغرس الذين يؤيدون كردستان وحتى استقلال كردستان ومن كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي. مع أن السياسة الرسمية الأميركية وبخاصة وزارة الخارجية ما زالت تؤكد على وحدة العراق، ولها تحفظات بشأن الاستفتاء واستقلال كردستان، ولا سيما توقيت الاستفتاء؛ إذ يؤكدون بأن الأولوية الآن يجب أن تكون لمحاربة «داعش».
* هل سبب زيارتكم إلى لندن لشيء مشابه، أي على غرار ما قمتم به في واشنطن، أم أن سبب الزيارة هو لأمر آخر؟
- أنا في زيارة خاصة وشخصية إلى لندن، لكن نتطلع أيضا إلى تنظيم مؤتمر مشابه في بريطانيا؛ فهي دولة مهمة ومؤثرة في العالم، ولديها علاقة وطيدة بالقضية الكردية.
* تعلمون أن هناك جبهة، إذا صحت تسميتها بالجبهة، للترويج للتصويت بـ«لا» في الاستفتاء من قبل بعض الأحزاب والمؤسسات الإعلامية الكردية. هل تتوقعون أن هذه الجهات بإمكانها الوصول إلى هدفها والتأثير بشكل سلبي وكبير على نتيجة الاستفتاء؟
- جبهة ما يسمى بـ«لا» محدودة التأثير وتحاول أن تجني مكاسب سياسية للتمهيد للانتخابات التشريعية المقبلة، وبعض الشخصيات المشاركة فيها معروفة لدى البعض بالتذبذب السياسي، وبعضهم متهمون بقضايا الفساد. لذلك؛ لا أعتقد أن يكون لها تأثير كبير على نسبة التصويت.
* لا شك أن الدول المجاورة لإقليم كردستان تحاول جاهدة لإثناء القيادة الكردية عن عزمها في إجراء الاستفتاء في وقته المحدد أو منعه بشكل نهائي. ما الذي قامت أو ستقوم به القيادة الكردية مع هذه الدول لتطمينها بأن الاستفتاء أو حتى الاستقلال لا يأتي بالضد مع مصالحها القومية أو الأمنية؟
- حكومة إقليم كردستان وخلال ربع قرن من عمرها أثبتت أنها لا تشكل خطرا أمنيا على الدول المجاورة. والقيادة السياسية الكردية دائما تؤكد على حرصها على إقامة أحسن العلاقات مع تلك الدول، وستقوم بزيارات لتوضيح الموقف وتبديد المخاوف.
* «الشرق الأوسط» لديها طبعة في العراق تصدر في أربيل عاصمة إقليم كردستان. كيف تقيّمون الإقبال على الجريدة على اعتبار أن قراء الإصدارات العربية في الإقليم بشكل عام قل عددهم في السنوات الأخيرة؟
- «الشرق الأوسط» صحيفة مرموقة وواسعة الانتشار، وهي من أهم الصحف العربية، ولديها إقبال جيد في العراق وكردستان، ولو أن قراء العربية في كردستان قل عددهم مثلما ذكرت، حيث إن الجيل الجديد من الشباب الكرد لا يتقن العربية بشكل جيد. أنا شخصيا أتابعها بشكل يومي، وكنت أحد كتابها؛ إذ نشرت مقالات عدة فيها قبل أكثر من عقد.



استنفار الإعلام المرئي اللبناني على مدى 24 ساعة يُحدث الفرق

إدمون ساسين (إنستغرام)
إدمون ساسين (إنستغرام)
TT

استنفار الإعلام المرئي اللبناني على مدى 24 ساعة يُحدث الفرق

إدمون ساسين (إنستغرام)
إدمون ساسين (إنستغرام)

تلعب وسائل الإعلام المرئية المحلية دورها في تغطية الحرب الدائرة اليوم على لبنان.

نوع من «التجنيد الإجباري» فرضته هذه الحالة على المحطات التلفزيونية وموظفيها ومراسليها، فغالبيتهم يمضون نحو 20 ساعة من يومهم في ممارسة مهامهم. وبعضهم يَصِلون ليلهم بنهارهم في نقل مباشر وموضوعي، وآخرون يضعون دمهم على كفّ يدهم وهم يتنقلون بين مناطق وطرقات تتعرّض للقصف. أما رؤساء التحرير ومقدِّمو البرامج الحوارية اليومية، فهم عندما يحوزون على ساعات راحة قليلة، أو يوم إجازة، فإنهم يشعرون كما السمك خارج المياه. ومن باب مواقعهم ومسؤولياتهم الإعلامية، تراهم يفضلون البقاء في قلب الحرب، وفي مراكز عملهم؛ كي يرووا عطشهم وشهيّتهم للقيام بمهامهم.

المشهدية الإعلامية برمّتها اختلفت هذه عن سابقاتها. فهي محفوفة بالمخاطر ومليئة بالصدمات والمفاجآت من أحداث سياسية وميدانية، وبالتالي، تحقن العاملين تلقائياً بما يشبه بهرمون «الأدرينالين». فكيف تماهت تلك المحطات مع الحدث الأبرز اليوم في الشرق الأوسط؟

الدكتورة سهير هاشم (إنستغرام)

لم نتفاجأ بالحرب

يصف وليد عبود، رئيس تحرير الأخبار في تلفزيون «إم تي في» المحلي، لـ«الشرق الأوسط»، حالة الإعلام اللبناني اليوم بـ«الاستثنائية». ويضيف: «إنها كذلك لأننا في لبنان وليس عندنا محطات إخبارية. وهي، بالتالي، غير مهيأة بالمطلق للانخراط ببث مباشر يستغرق ما بين 18 و20 ساعة في اليوم. بيد أن خبراتنا المتراكمة في المجال الإعلامي أسهمت في تكيّفنا مع الحدث. وما شهدناه في حراك 17 أكتوبر (تشرين الأول) الشعبي، وفي انفجار مرفأ بيروت، يندرج تحت (الاستنفار الإعلامي) ذاته الذي نعيشه اليوم».

هذا «المراس» - كما يسميه عبود - «زوّد الفريق الإخباري بالخبرة، فدخل المواكبة الإعلامية للحرب براحة أكبر، وصار يعرف الأدوات اللازمة لهذا النوع من المراحل». وتابع: «لم نتفاجأ باندلاع الحرب بعد 11 شهراً من المناوشات والقتال في جنوب لبنان، ضمن ما عرف بحرب المساندة. لقد توقعنا توسعها كما غيرنا من محللين سياسيين. ومن كان يتابع إعلام إسرائيل لا بد أن يستشفّ منه هذا الأمر».

جورج صليبي (إنستغرام)

المشهد سوريالي

«يختلف تماماً مشهد الحرب الدائرة في لبنان اليوم عن سابقاته». بهذه الكلمات استهل الإعلامي جورج صليبي، مقدّم البرامج السياسية ونشرات الأخبار في محطة «الجديد» كلامه لـ«الشرق الأوسط». وأردف من ثم: «ما نشهده اليوم يشبه ما يحصل في الأفلام العلمية. كنا عندما نشاهدها في الصالات السينمائية نقول إنها نوع من الخيال، ولا يمكنها أن تتحقق. الحقيقة أن المشهد سوريالي بامتياز حتى إننا لم نستوعب بسرعة ما يحصل على الأرض... انفجارات متتالية وعمليات اغتيال ودمار شامل... أحداث متسارعة تفوق التصور، وجميعها وضعتنا للحظات بحالة صدمة. ومن هناك انطلقنا بمشوار إعلامي مرهق وصعب».

وليد عبود (إنستغرام)

المحطات وضغوط تنظيم المهام

وبالفعل، منذ توسع الحرب الحالية، يتابع اللبنانيون أخبارها أولاً بأول عبر محطات التلفزيون... فيتسمّرون أمام الشاشة الصغيرة، يقلّبون بين القنوات للتزوّد بكل جديد.

وصحيحٌ أن غالبية اللبنانيين يفضّلون محطة على أخرى، لكن هذه القناعة عندهم تتبدّل في ظروف الحرب. وهذا الأمر ولّد تنافساً بين تلك المحطات؛ كي تحقق أكبر نسبة متابعة، فراحت تستضيف محللين سياسيين ورؤساء أحزاب وإعلاميين وغيرهم؛ كي تخرج بأفكار عن آرائهم حول هذه الحرب والنتيجة التي يتوقعونها منها. وفي الوقت نفسه، وضعت المحطات جميع إمكاناتها بمراسلين يتابعون المستجدات على مدار الساعات، فيُطلعون المشاهد على آخر الأخبار؛ من خرق الطيران الحربي المعادي جدار الصوت، إلى الانفجارات وجرائم الاغتيال لحظة بلحظة. وفي المقابل، يُمسك المتفرجون بالـ«ريموت كونترول»، وكأنه سلاحهم الوحيد في هذه المعركة التنافسية، ويتوقفون عند خبر عاجل أو صورة ومقطع فيديو تمرره محطة تلفزيونية قبل غيرها.

كثيرون تساءلوا: كيف استطاعت تلك المحطات تأمين هذا الكمّ من المراسلين على جميع الأراضي اللبنانية بين ليلة وضحاها؟

يقول وليد عبود: «هؤلاء المراسلون لطالما أطلوا عبر الشاشة في الأزمنة العادية. ولكن المشاهد عادة لا يعيرهم الاهتمام الكبير. ولكن في زمن الحرب تبدّلت هذه المعادلة وتكرار إطلالاتهم وضعهم أكثر أمام الضوء».

ولكن، ما المبدأ العام الذي تُلزم به المحطات مراسليها؟ هنا يوضح عبود في سياق حديثه أن «سلامة المراسل والمصور تبقى المبدأ الأساسي في هذه المعادلة. نحن نوصيهم بضرورة تقديم سلامتهم على أي أمر آخر، كما أن جميعهم خضعوا لتدريبات وتوجيهات وتعليمات في هذا الشأن... وينبغي عليهم الالتزام بها».

من ناحيته، يشير صليبي إلى أن المراسلين يبذلون الجهد الأكبر في هذه الحرب. ويوضح: «عملهم مرهق ومتعب ومحفوف بالمخاطر. لذلك نخاف على سلامتهم بشكل كبير».

محمد فرحات (إنستغرام)

«إنها مرحلة التحديات»

وبمناسبة الكلام عن المراسلين، يُعد إدمون ساسين، مراسل قناة «إل بي سي آي»، من الأقدم والأشهر في هذه المحطة. وهو لا يتوانى عن التنقل خلال يوم واحد بين جنوب لبنان وشماله. ويصف مهمّته خلال المرحلة الراهنة بـ«الأكثر خطراً». ويشرح من ثم قائلاً: «لم تعُد هناك خطوط حمراء أو نقاط قتال محددة في هذه الحرب. لذا تحمل مهمتنا التحدّي بشكل عام. وهي محفوفة بخطر كبير، لا سيما أن العدو الإسرائيلي لا يفرّق بين طريق ومبنى ومركز حزب وغيره، ويمكنه بين لحظة وأخرى أن يختار أهدافه ويفاجئ الجميع... وهذا ما وضع الفرق الصحافية في خطر دائم، ونحن علينا بالتالي تأمين المعلومة من قلب الحدث بدقة».

وفق ساسين، فإن أصعب المعلومات هي تلك المتعلقة بالتوغّل البرّي للجيش الإسرائيلي، «فحينها لا يمكن للمراسل معرفة ما يجري بشكل سليم وصحيح على الأرض... ولذا نتّكل أحياناً على مصادر لبنانية من جهة (حزب الله)، و(اليونيفيل) (القوات الدولية العاملة بجنوب لبنان) والجيش اللبناني والدفاع المدني، أو أشخاص عاشوا اللحظة. ومع هذا، يبقى نقل الخبر الدقيق مهمة صعبة جداً. ويشمل ما أقوله أخبار الكمائن والأسر، بينما نحن في المقابل نفتقر إلى القدرة على معرفة هذه الأخبار، ولذا نتوخى الحذر بنقلها».

«لبنان يستأهل التضحية»

في هذه الأثناء، يتكلم مراسل تلفزيون «الجديد» محمد فرحات «بصلابة»، عندما يُسأل عن مهمّته الخطرة اليوم.

محمد كان من بين الفريق الإعلامي الذي تعرّض لقصف مباشر في مركز إقامته في بلدة حاصبيا، وخسر يومذاك زملاء له ولامس الموت عن قرب لولا العناية الإلهية، كما يقول. ويتابع: «لقد أُصبت بحالة إنكار للمخاطر التي أتعرّض لها. في تلك اللحظة عشت كابوساً لم أستوعبه في البداية. وعندما فتحت عيني سألت نفسي لبرهة: أين أنا؟»، ويضيف فرحات: «تجربتي الإعلامية ككل في هذه الحرب كانت مفيدة جداً لي على الصعيدين: الشخصي والمهني. من الصعب أن أُشفى من جروح هذه الحرب، ولكني لم أستسلم أو أفكر يوماً بمغادرة الساحة. فلبنان يستأهل منا التضحية».

العلاج النفسي الجماعي ضرورة

أخيراً، في هذه الحرب لا إجازات ولا أيام عطل وراحة. كل الإعلاميين في مراكز عملهم بحالة استنفار. ولكن ماذا بعد انتهاء الحرب؟ وهل سيحملون منها جراحاً لا تُشفى؟

تردّ الاختصاصية النفسية الدكتورة سهير هاشم بالقول: «الإعلاميون يتعرضون لضغوط جمّة، وفي الطليعة منهم المراسلون. هؤلاء قد لا يستطيعون اليوم كشف تأثيرها السلبي على صحتهم النفسية، ولكن عند انتهاء الحرب قد يكون الأمر فادحاً. وهو ما يستوجب الدعم والمساندة بصورة مستمرة من مالكي المحطات التي يعملون بها». وأضافت الدكتورة هاشم: «ثمة ضرورة لإخضاعهم لجلسات علاج نفسية، والأفضل أن تكون جماعية؛ لأن العلاج الموسمي غير كافٍ في حالات مماثلة، خلالها يستطيعون أن يساندوا ويتفهموا بعضهم البعض بشكل أفضل».