نافذة على مؤسسة تعليمية: جامعة بادوفا الإيطالية تعليم متميز بين البساتين المعلقة

حرم الجامعة
حرم الجامعة
TT

نافذة على مؤسسة تعليمية: جامعة بادوفا الإيطالية تعليم متميز بين البساتين المعلقة

حرم الجامعة
حرم الجامعة

بادوفا (أو: بادوا كما تسمى بالإنجليزية) المدينة الجميلة في شمال إيطاليا قرب فينيسيا (البندقية) ويزيد سكانها اليوم على مليون ونصف نسمة وفي متحفها لوحات رائعة للرسام جيوتو منذ أوائل عصر النهضة الأوروبية في القرن الرابع عشر، تحتضن منذ عام 1222 جامعة متميزة أنشئت في القرون الوسطى لتعليم الحقوق ثم الطب وكانت ولا تزال من أعرق وأشهر جامعات أوروبا بعد جامعة السوربون بباريس التي أنشئت عام 1160 وجامعة بولونيا بوسط إيطاليا التي بدأت نشاطها كأول جامعة في إيطاليا عام 1088 قبل إنشاء جامعة أكسفورد في بريطانيا بثمانية أعوام.
لجامعة بادوفا تاريخ حافل فقد أقامت أول مخبر للتشريح والجراحة كخطوة عملية في دراسة الطب البشري واستفاد العالم ويليام هارفي من ذلك المخبر في القرن السابع عشر لدراسة الدورة الدموية وقام العالم المعروف غاليليو بالتدريس في هذه الجامعة لمدة 16 سنة (1592 - 1610) وحصلت أول امرأة من طبقة النبلاء على الشهادة الجامعية في الفلسفة عام 1678 وهي إلينا لوكريزيا بيسكوبيا.
وما زال التقليد متبعا حتى الآن للمتخرجين الذي يحتفلون بالتخرج في الساحة العامة أمام الجامعة بينما يهتف أصدقاؤهم وأقرباؤهم «يا دكتور... يا دكتور». ومن أشهر خريجي الجامعة كوبرنيكوس عالم الرياضيات والفلك في القرن الخامس عشر والرحالة العاشق كازانوفا الذي تخرج فيها وعمره لا يتجاوز 17 عاما وكان صديقا للكاتب والفيلسوف فولتير والموسيقار موتزارت في القرن الثامن عشر.
تشتهر الجامعة أيضا بحدائقها النباتية المعلقة على طريقة حدائق بابل منذ منصف القرن السادس عشر، أما الآن فتصنف عالميا في المركز الرابع لأحسن جامعات إيطاليا.
في مقابلة خاصة مع «الشرق الأوسط» يقول المهندس أليسندرو زاغو خريج جامعة بادوفا عام 1994 أن مستوى التعليم في الجامعة ممتاز وأن أساتذتها مقتدرون من الطراز الأول مما أهله بعد تخرجه لدخول جامعة ستانفورد الأميركية العريقة في كاليفورنيا للحصول على شهادة الماجستير ثم الدكتوراه في الهندسة الميكانيكية فأتيحت له الفرصة للعمل مع شركة بي إم دبليو الألمانية لصناعة السيارات ثم الانتقال إلى شركة سيمنز العملاقة ويعمل حاليا مع شركة مختصة في اليابان. وأضاف قائلا: «لقد تتلمذت في الفيزياء على يد البروفسور سيلفيو بيرغاماسكي في جامعة بادوفا وهو الذي عمل على تطوير أحد مشاريع وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)»، وأردف «كانت جامعتي من أوائل الجامعات الإيطالية التي سمحت مبكرا قبل قرون كثيرة بدخول الطلاب من كل الأعراق والأديان»، وتابع: «الناحية السلبية في أغلب الجامعات الإيطالية أن مهمة الأبحاث العلمية ونشرها في الدوريات المتخصصة محصورة في طبقة محدودة من أصدقاء الأساتذة أو ما يسمونه (نظام البارونات المتنفذين) مما يدفع بعض الباحثين للانتقال إلى جامعات أوروبية أخرى أو إلى الولايات المتحدة لمتابعة أبحاثهم ونشرها». وردا على سؤال حول الفرق بين الجامعات الإيطالية والأميركية قال: «الجامعات الإيطالية تركز على الأمور النظرية بينما الجامعات الأميركية تعتني بالأمور العملية وهي أكثر تنظيما».



جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة
TT

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

تم تصنيف جامعة ياغيلونيا في مدينة كراكوف البولندية كأفضل مؤسسة تعليمية جامعية في البلاد، إلى جانب كونها واحدة من أعرق الجامعات في العالم. بدأت قصتها عام 1364 عندما نجح الملك كازيمير الأعظم بعد سنوات طويلة في إقناع البابا أوربان الخامس بمنح تصريح لإنشاء مؤسسة للتعليم الجامعي في مدينة كراكوف، قام الملك بتمويلها بعائدات مناجم فياليتشكا الملحية القريبة.
بعد ثلاث سنوات كان الجرس يدق في أرجاء المؤسسة معلناً عن بدء الدروس والتي كانت في الفلسفة والقانون والطب. وبدأت الجامعة، التي كان أول اسم يطلق عليها هو أكاديمية كراكوف، في الازدهار والنجاح خلال القرن التالي عندما بدأت في تدريس الرياضيات واللاهوت والفلك، حيث جذبت تلك المواد الباحثين والدارسين البارزين من مختلف أنحاء أوروبا. وتطلب توسعها بخطى سريعة إنشاء حرم جامعي أكبر. وقد التحق نيكولاس كوبرنيكوس، الذي أحدث بعد ذلك ثورة في فهم الكون، بالجامعة منذ عام 1491 حتى 1495.
مع ذلك، لم يستمر ما حققته الجامعة من نجاح وازدهار لمدة طويلة كما يحدث طوال تاريخ بولندا؛ ففي عام 1939 احتل النازيون مدينة كراكوف وألقوا القبض على الأساتذة بالجامعة وقاموا بنقلهم إلى معسكري التعذيب زاكزينهاوسين، وداخاو؛ ولم يعد الكثيرون، لكن من فعلوا ساعدوا في تأسيس جامعة مناهضة سرية ظلت تعمل حتى نهاية الحرب. كذلك اضطلعت جامعة ياغيلونيا بدور في الاحتجاجات المناهضة للنظام الشمولي في الستينات والثمانينات، واستعادت حالياً مكانتها المرموقة كمؤسسة لتدريب وتعليم النخبة المتعلمة المثقفة في بولندا.
ساعد انضمام بولندا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 في زيادة موارد الجامعة، وفتح أقسام جديدة، وإنشاء مرافق أفضل منها ما يسمى بـ«الحرم الجامعي الثالث» أو «الحرم الجامعي للذكرى الـ600» في منطقة بيخوفيسه. وبلغ عدد الملتحقين بالجامعة في 87 برنامجا دراسيا خلال العام الدراسي 2015-2016 47.494 طالباً.
وطوال قرون التحق خلالها عدد كبير من الطلبة بالجامعة، كان التحاق أول طالبة بالجامعة يمثل حدثاً بارزاً، حيث قامت فتاة تدعى نوفويكا، بالتسجيل في الجامعة قبل السماح للفتيات بالالتحاق بالجامعة بنحو 500 عام، وكان ذلك عام 1897، وتمكنت من فعل ذلك بالتنكر في زي شاب، وكانت الفترة التي قضتها في الدراسة بالجامعة تسبق الفترة التي قضاها زميل آخر لحق بها بعد نحو قرن، وكان من أشهر خريجي الجامعة، وهو نيكولاس كوبرنيكوس، الذي انضم إلى مجموعة عام 1492، وربما يشتهر كوبرنيكوس، الذي يعد مؤسس علم الفلك الحديث، بكونه أول من يؤكد أن الأرض تدور حول الشمس، وهو استنتاج توصل إليه أثناء دراسته في الجامعة، ولم ينشره إلا قبل وفاته ببضعة أشهر خوفاً من الإعدام حرقاً على العمود. من الطلبة الآخرين المميزين كارول فويتيالا، والذي يعرف باسم البابا يوحنا بولس الثاني، الذي درس في قسم فقه اللغة التاريخي والمقارن بالجامعة.