أمن «عين الحلوة» يهتز على وقع معارك الجرود الشرقية

فتح تتصدى لهجوم جديد لمتطرفين

TT

أمن «عين الحلوة» يهتز على وقع معارك الجرود الشرقية

اهتز الوضع الأمني في مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا جنوب لبنان مجددا، أمس، بعد إقدام مجموعات متشددة على مهاجمة مواقع للقوة الأمنية المشتركة، ما أدى لاشتباكات عنيفة بين هذه المجموعات من جهة، وعناصر القوة الأمنية ومقاتلي حركة «فتح» من جهة أخرى، ما لبثت أن تراجعت بعد اجتماع طارئ للقيادات السياسية الفلسطينية.
وقال مصدر في «فتح» موجود داخل المخيم لـ«الشرق الأوسط»، إن «القوة الأمنية تعرضت أمس لهجوم شنه نحو 40 مسلحا على مراكزها في الشارع الفوقاني كما في شارع الطيري، ما استدعى التصدي له وملاحقة المهاجمين من قبل عناصر القوة بمساندة الأمن الوطني الفلسطيني التابع لحركة فتح»، نافيا شن معركة جديدة داخل حي الطيري من دون التنسيق مع باقي الفصائل. وأضاف المصدر: «الوضع في المخيم غير مستقر حتى الساعة، خاصة بعد إقدام عناصر متطرفة على الاستيلاء على منازل لمدنيين ولكوادر في حركة فتح».
ورجّح المصدر أن تكون تحركات المجموعات المتطرفة نتيجة «أوامر خارجية لتسخين الوضع في المخيم للتخفيف من الضغط على (داعش) في الجرود الشرقية»، لافتا إلى «احتمال أن هؤلاء يسعون كذلك لشملهم في أي صفقة محتملة تقضي إلى فتح ممر آمن لعناصر (داعش) إلى الداخل السوري».
وكانت «الوكالة الوطنية للإعلام» أفادت بأن قوات الأمن الوطني الفلسطيني نفذت «هجوما مباغتا» على حي الطيري داخل مخيم عين الحلوة، حيث معقل المتشددين بلال بدر وبلال العرقوب، بهدف إحكام سيطرتها عليه، مما أدى إلى سقوط جريح لحركة فتح، فيما شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد بفعل نيران القذائف الصاروخية. وتحدثت الوكالة عن «توتر شديد» يسود المخيم، بحيث يُسمع بين الحين والآخر إطلاق نار متقطع وإلقاء قنابل في الشارع الفوقاني بين القوة المشتركة ومجموعة بلال العرقوب.
وقد طالت الاشتباكات في «عين الحلوة» صيدا الجنوبية، حيث أفيد بانفجار قذائف آر بي جي فوق منطقة سيروب ومشروعات مسعد عوض، وطريق المية ومية، فيما تواصلت حركة النزوح من المخيم إلى المناطق المجاورة.
وعلّق المتحدث باسم حركة «حماس» في لبنان رأفت مرة، على التطورات في «عين الحلوة» وعلى ما تردد عن شن حركة «فتح» معركة في حي الطيري، فشدد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «حركة حماس غير مشاركة في أي معركة ولم توضع أصلا في جو الاستعداد لمعركة مثل هذه»، لافتا إلى أنها أصلا ترفض الدخول بقتال داخل المخيمات. وإذ نفى المعلومات التي تحدثت عن انسحاب الحركة من القوة المشتركة الفلسطينية في المخيم بسبب عدم التنسيق معها في قرار فتح معركة جديدة، أكد أن «حماس» هي أساس القوة الأمنية التي واجبها ضبط الأمن والاستقرار ووضع حد للعنف وليس خوض معارك داخل المخيم.
وكانت مجموعة «بلال العرقوب»، التابعة لمجموعة «بلال بدر» المتطرفة التي شنت عليها حركة «فتح» في أبريل (نيسان) الماضي معركة انتهت بتشتت عناصرها في أرجاء المخيم، هاجمت مقر القوة الأمنية المشتركة في الشارع الفوقاني مساء الخميس ما أدّى لاندلاع اشتباكات بين أفراد المجموعة المهاجمة وعناصر القوة الأمنية ما أدّى لمقتل شخصين وإصابة آخرين.
ويثير تحرك المجموعات المتشددة داخل المخيم المكتظ سكانيا، مخاوف فلسطينية ولبنانية على حد سواء من سعي «داعش» لتحريك خلاياه النائمة الموجودة داخل «عين الحلوة» كما في مناطق لبنانية أخرى، لتخفيف الضغط على عناصره الذين يقاتلون في الجرود الشرقية على الحدود اللبنانية - السورية.
يُذكر أن 127 شخصا سجلوا أسماءهم مؤخرا لدى قيادات فلسطينية داخل «عين الحلوة» معظمهم مقرب من «جبهة النصرة»، طلبا لتأمين ممر آمن لهم للخروج باتجاه الأراضي السورية مع عناصر «النصرة» الذين كانوا قد تركوا جرود عرسال واتجهوا إلى الشمال السوري. إلا أن السلطات اللبنانية رفضت دمج الملفين، خاصة أن «النصرة» طالبت وقتها بخروج مطلوبين لبنانيين متورطين بقتال الجيش اللبناني تصر الدولة اللبنانية على محاكمتهم، أبرزهم شادي المولوي المتواري داخل «عين الحلوة».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.