هجوم برشلونة: مقتل 5 من المشتبه بهم ومنفذ «الدهس» قد يكون بين القتلى

شرعت إسبانيا في عملية واسعة النطاق لمكافحة الإرهاب أمس وقتلت 5 مهاجمين محتملين بعدما قاد من يشتبه بأنه متشدد سيارة «فان» ودهس بها حشودا في برشلونة فقتل ما لا يقل عن 14 شخصا وأصاب العشرات. وقال تنظيم «داعش» إن منفذي الهجوم كانوا يلبون دعوته لشن هجمات من خلال تنفيذ هجوم في أشهر شوارع برشلونة أمس بينما كان مكتظا بالسائحين في ذروة الموسم السياحي.
وأطلقت السلطات الإسبانية عملية بحث واسعة عن مشتبه به يدعى موسى أوكابير في هجوم برشلونة الذي أسفر عن مقتل 14 شخصا وإصابة نحو 130 آخرين من 34 دولة.
وقالت شرطة إسبانيا أمس إن المشتبه بهم في اعتداءي برشلونة وكمبريلس كانوا يعدون لاعتداء أكبر ولكن مخططهم أحبط فاضطروا للتحرك بسرعة. وقال المسؤول في شرطة كتالونيا جوزيب لويس ترابيرو: «كانوا يخططون لارتكاب اعتداء أو أكثر في برشلونة وتفجير في ألكانار، ولكنهم عدلوا عن ذلك عندما لم يعثروا على المواد التي يحتاجونها لتنفيذ اعتداءات على نطاق أوسع». وكان يشير إلى تفجير في منزل بمدينة ألكانار مساء الأربعاء قالت الشرطة إنه أوقع قتيلا ونجم عن محاولة صنع عبوة ناسفة.
وقال قائد شرطة الإقليم خلال مؤتمر صحافي إن 3 من الأشخاص الذين اعتقلوا حتى الآن فيما يتصل بالهجوم مغاربة بينما الرابع إسباني. وليس لأي منهم سجل في ممارسة أنشطة مرتبطة بالإرهاب، وتتراوح أعمارهم بين 21 و34.
وأفادت شرطة كتالونيا أمس أن سائق الشاحنة الصغيرة التي صدمت المشاة في برشلونة قد يكون بين المشتبه بهم الخمسة الذين قتلتهم قوات الأمن الليلة الماضية في المنتجع الساحلي القريب. وقال المسؤول في شرطة كتالونيا جوزيب لويس ترابيرو ردا على سؤال عما إذا كان السائق بين القتلى، إن «التحقيق يسير في هذا الاتجاه». وأضاف: «هناك مؤشرات» على أن هذا ما حصل، ولكن ليست هناك «أدلة مادية».
وشهدت إسبانيا أمس وقفة لمدة دقيقة حدادا على أرواح ضحايا الهجوم بالشاحنة على منطقة «لاس رامبلاس» السياحية الشهيرة في برشلونة، وأعلن رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي الحداد لمدة 3 أيام في جميع أنحاء البلاد. وأفادت خدمات الطوارئ في إقليم كتالونيا أن القتلى والمصابين في هجمات برشلونة ينتمون إلى 34 جنسية بناء على تقييم أولي، ونشرت خدمات الطوارئ جنسيات الأشخاص الذين تأثروا بالهجمات؛ ومن بينهم مغاربة وجزائريون وكويتيون ومصريون وأتراك.
وبينما تعقبت قوات الأمن سائق السيارة الـ«فان»، الذي شوهد وهو يفر على قدميه، قالت الشرطة إنها قتلت 5 مهاجمين أول من أمس في بلدة كامبريلس إلى الجنوب من برشلونة خلال عملية لإحباط «هجوم إرهابي» باستخدام أحزمة ناسفة. ولا تزال واقعة كامبريلس، التي ربطتها الشرطة بهجوم برشلونة، غامضة. لكن الشرطة قالت إن 6 مدنيين وشرطيا واحدا أصيبوا في كامبريلس عندما دهسهم المهاجمون بسيارة قبل أن تقتلهم الشرطة بالرصاص وتشرف على عملية تفجير للمواد الناسفة.
وقالت السلطات لاحقا إن الأحزمة الناسفة كانت زائفة.
وقبل أن تدهس السيارة الـ«فان» الحشود في شارع لاس رامبلاس قالت الشرطة إن شخصا واحدا قتل في انفجار بمنزل في بلدة أخرى جنوب غربي برشلونة.
وقالت الشرطة إنها ألقت القبض على رجلين أحدهما مغربي والآخر إسباني من جيب مليلية، لكن أيا منهما لم يكن السائق. وشوهد السائق وهو يلوذ بالفرار على قدميه ولا يزال هاربا. واعتقل رجل ثالث في بلدة ريبوي أمس.
وقال مصدر قضائي إن المحققين يعتقدون أن 8 أشخاص على الأقل، وقد يصل عددهم إلى 12 شخصا، ربما شكلوا خلية إرهابية نفذت هجوم برشلونة ومؤامرة كامبريلس وخططت لاستخدام أسطوانات غاز.
وفي لاس رامبلاس عاد السكان والسائحون إلى الموقع الشهير حيث دهست سيارة «فان» بيضاء حشود المشاة وراكبي الدراجات لتتناثر الجثث خلفها.
وسار السكان والسياح في الشارع مع أطقم وسائل الإعلام على الرغم من أن السائق لا يزال هاربا. ولا تزال الشرطة تغلق بعض المناطق. وقال سيباستيانو بالومبو (47 عاما) وهو مهندس معماري إيطالي يعمل في برشلونة: «أولئك الذين يعيشون هنا لا يمكنهم أن يصدقوا ذلك لأننا نعيش هنا ونسير هنا وهذا حيّنا... أعتقد أن أفضل شيء هو مواصلة القيام بما نفعل».
وذكرت حكومة كتالونيا أن المصابين والقتلى قدموا من أكثر من 34 دولة مختلفة مثل فرنسا وألمانيا وباكستان والفلبين. وقالت وسائل إعلام إسبانية إن عددا من الأطفال ضمن القتلى. وأعلنت وكالة «أعماق» التابعة لـ«داعش» مسؤولية التنظيم عن الهجوم، وقالت إن منفذي «هجوم برشلونة هم من جنود (داعش) ونفذوا العملية استجابة لنداءات استهداف دول التحالف» في إشارة للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد التنظيم المتشدد. ولإسبانيا بضع مئات من الجنود في العراق يدربون القوات المحلية في الحرب على «داعش». ولا يوجد مؤشر على أن «داعش» وجه أو نظم الهجوم رغم أن بعض المسؤولين عن هجمات مماثلة في أوروبا استلهموا فكر التنظيم المتطرف. ونفذ متشددو «داعش» سلسلة هجمات في مناطق متفرقة من أوروبا على مدى 13 شهرا مضت، مما أسفر عن مقتل أكثر من مائة شخص في نيس وبرلين ولندن واستوكهولم. وأسقط الهجوم أكبر عدد من القتلى في إسبانيا منذ مارس (آذار) 2004 عندما وضع متشددون قنابل في قطارات ركاب في مدريد مما أسفر عن مقتل 191 شخصا وإصابة أكثر من 1800 آخرين. وأعلن رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي الحداد لثلاثة أيام جراء ما وصفه بأنه «هجوم متشدد».
وقال في مؤتمر صحافي في برشلونة: «الحرب ضد الإرهاب هي اليوم الأولوية الأولى للمجتمعات الحرة والمنفتحة مثل مجتمعاتنا. إنه تهديد عالمي، والرد يجب أن يكون عالميا».
وقالت العائلة المالكة في إسبانيا على «تويتر»: «هم قتلة... لا شيء أكثر من مجرمين. لن يرهبونا». وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب: «الولايات المتحدة تستنكر الهجوم الإرهابي في برشلونة بإسبانيا، وستفعل أي شيء ضروري للمساعدة». وأضاف: «كونوا أشداء وأقوياء... نحن نحبكم».
وقالت الشرطة إن الرجلين اللذين اعتقلا أول من أمس ألقي القبض عليهما في بلدتي ريبوي وألكانار في إقليم كتالونيا وعاصمته برشلونة.
كما وقع انفجار في ألكانار. وذكرت الشرطة أن شخصا واحدا قتل وأصيب آخر في ذلك الحادث. وفي واقعة أخرى، قتلت الشرطة بالرصاص رجلا صدم بسيارته نقطة تفتيش تابعة للشرطة في برشلونة، لكن ليس لديها دليل على أن هذه الواقعة أيضا مرتبطة بهجوم السيارة الـ«فان».
وأظهرت مشاهد التقطتها كاميرات الهواتف الجوالة كثيرا من الأشخاص متمددين على الأرض في شارع لاس رامبلاس وبعضهم فاقد الحركة. وانحنى عليهم المسعفون والمارة في محاولة لعلاجهم ومواساة من لا يزال في وعيه.
وكان الشارع حولهم مهجورا ومغطى بالقمامة والأشياء التي تركها أصحابها في غمرة الهجوم.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية أمس إنه يعتقد أن 13 ألمانياً ضمن المصابين في واقعة الدهس.
وأوضح كارليس بيجديمونت رئيس حكومة إقليم كتالونيا أن الناس يتدفقون على المستشفات في برشلونة للتبرع بالدم.
وقالت سوزانا إلفيرا كارولينا (33 عاما) التي تعمل في متجر في لاس رامبلاس إنها كانت دخلت لتوها المبنى الذي تعمل فيه عندما هاجمت السيارة الحشود.
وأضافت: «لدينا نافذة، ويمكنك مشاهدة الجثث متمددة على الأرض. يمكنك مشاهدة كيف كان يركض الأشخاص... أغلقنا الستائر، لكن الناس ظلت تأتي، واضطررنا لإبقائها مفتوحة كي يتمكنوا من دخول المتجر».
وقع الهجوم في ذروة الموسم السياحي في برشلونة، وهي من أكبر مقاصد السفر في أوروبا حيث يزورها ما لا يقل عن 11 مليون شخص كل عام.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي شهدت بلاده بعضا من أدمى هجمات المتشددين في أوروبا في السنوات القليلة الماضية، على تويتر: «فكري وتضامن فرنسا مع ضحايا الهجوم المأساوي في برشلونة». وقالت السلطات في بلدة (فيك) الصغيرة خارج برشلونة إنه جرى العثور على سيارة «فان» هناك، فيما له صلة بالهجوم. وكانت وسائل الإعلام الإسبانية ذكرت في وقت سابق أن سيارة «فان» ثانية استؤجرت للهروب. وبرشلونة عاصمة إقليم كتالونيا الغني في شمال شرقي إسبانيا، الذي يعتزم إجراء تصويت شعبي في 1 أكتوبر (تشرين الأول) بشأن ما إذا كان يجب أن ينفصل عن إسبانيا. وتقول الحكومة المركزية إن التصويت لا يمكن أن يمضي قدما لأنه غير دستوري.
وقبل هجوم أول من أمس أظهرت بيانات الحكومة أن الشرطة ألقت القبض على 11 مشتبها بأنهم متشددون في منطقة برشلونة منذ بداية العام، وهو ما يزيد على أي مكان آخر في إسبانيا.