فيفيان مراد: غنية بجمهوري وبلدي وباحترامي لنفسي

تستعد لطرح عملها الجديد «غلّ بقلبي غلّ»

فيفيان مراد
فيفيان مراد
TT

فيفيان مراد: غنية بجمهوري وبلدي وباحترامي لنفسي

فيفيان مراد
فيفيان مراد

قالت الفنانة فيفيان مراد إنها لم تلهث يوما وراء الشهرة أو الثروة، وإنها منذ بدايتها حتى اليوم حافظت على طبيعة شخصيتها، وهذا ما يهمها فعليا. وأضافت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «عندما بدأت الغناء في لبنان كنت قد جمعت ثروة لا يستهان بها من عملي في الخارج لمدة 11 عاما؛ فالمال بالنسبة لي وسيلة وليس هدفا، واليوم أمشي بخطوات ثابتة وبهدوء، دون الحاجة إلى الاستعانة بأحد وأنا فخورة بذلك».
حتى أنك لم تستعيني بمدير أعمال لماذا؟ «أحب أن أتواصل شخصيا مع الناس؛ كوني أعرف تماما من هم الأشخاص الذين أستطيع التحدث معهم وأرد على اتصالاتهم. فأنا بطبعي لا أحب أن أمثل دور الفنانة الجالسة على عرش ولا تأبه للآخرين لتتسم بالهيبة أو (بريستيج) كما يسمونها في عالمنا، بل أفضل أن أكون قريبة منهم وعلى اتصال مباشر معهم؛ ولذلك ترينني على علاقة جيدة مع الجميع وحتى مع أهل الإعلام». وتضيف: «هذه الصفة تعلمتها من السوبر ستار راغب علامة الذي تربطني به علاقة صداقة وطيدة، وعادة ما ينصحني وآخذ بكلامه لأنه فنان صريح وطبيعي».
ومتى تستشيرنه عادة؟ ترد: «ومن الأشخاص الذين أفتخر بإحيائي معهم حفلة غنائية، كما أنني أحب استشارته مرات كثيرة حول رأيه بأغنية جديدة بصدد إنزالها إلى السوق مثلا». وتوضح: «في الماضي تعاونت مع إحداهن كمديرة لأعمالي، لكنني اكتشفت أنها لا تصلح لهذه المسؤولية. وحاليا أترك أنطوان الشعك (قائد فرقتها الموسيقية) يهتم بالأمور المادية، كما لدي أشخاص يهتمون بأخباري الفنية وبنشرها».
وكانت فيفيان مراد قد أحيت مؤخرا حفلات غنائية عدة ضمن برامج حفلات صيف لبنان، ومن بينها واحدة في بلدة اهدن تشاركت فيها مع الفنان راغب علامة، وتعلق: «أحب التعامل كثيرا معه، وعادة ما يطلبني لمشاركته حفلاته. ودعيني أسر لك بشيء، فأنا لست من الفنانات اللاتي يسعين لـ(فلش) أخبارهن هنا وهناك، ويشاركن بالمهرجانات لتلميع اسمهن، بل أحب أن أدرس خطواتي بحيث تكون النوعية هي الغالبة عليها وليست الكمية. فبعض الفنانين يدفعون المال لقاء ظهورهم في مهرجان ما، أما أنا وإذا كان العرض لا يتلاءم مع الطلب وبالكاد يغطي كلفة الثوب الذي سأطل فيه على المسرح، إضافة إلى إطلالتي بشكل عام فأنا أرفضه، واستبدله بحفلة زفاف لأنني لست مضطرة إلى أن أحلق على بساط من الغيوم والخيال». وتختم هذا الموضوع: «لست بصدد انتقاد أحد معين، بل أحب أن أوضح دائما بأنني تعبت وجهدت للوصول إلى ما أنا عليه اليوم، وأنا غنية بجمهوري وببلدي وباحترامي لشخصيتي، وهذا يكفيني ويرضيني».
تمشي فيفيان مراد بخطوات هادئة بحيث تصعد السلم درجة درجة دون أن تلتفت إلى الوراء... «لست نادمة على أي شيء قمت به ولا على أي عرض رفضته؛ فأنا أستمتع بخياراتي التي أدرسها بدقة؛ ولذلك تجديني فنانة لا تحب المواربة، بل الوضوح والصدق فأتصرف على هذا الأساس كأي شخص عادي».
وعن أغنيتها الجديدة «غلّ بقلبي غلّ» التي تنوي طرحها قريبا في الأسواق، تقول: «هي أغنية جميلة من ألحان جوزف جحا، الذي أجده بمثابة بئر لا تنضب. أما كلماتها فهي من تأليف ميشال جحا الذي أكنّ له كل الاحترام، وأتوقع لهذه الأغنية النجاح». وعن كيفية قيامها بخياراتها الفنية، تقول: «أتكل على أذني وإحساسي ولا أستشير أشخاصا كثرا، بل بالكاد يعدون على أصابع اليد الواحدة، ومن بينهم قائد فرقتي الموسيقية أنطوان الشعك، والمنتج الفني غسان الشرتوني».
تلاحظ فيفيان مراد بأن الساحة تعاني من قلة ملحنين، وتقول: «لا شك أن هناك عددا منهم يندرجون على لائحة المبدعين، أمثال سليم سلامة وهشام بولس وسليم عساف، إضافة إلى جوزف جحا، ولكن بعيدا عن هؤلاء نفتقد مرات كثيرة إلى الجملة الموسيقية الجديدة غير المكررة». وهل تعتقدين أن الساحة لن تولد عمالقة فن كما في الماضي؟ «لا بالطبع، هناك نجوم جديرون بمواقعهم اليوم وقد استطاعوا أن يخاطبوا الجيل الجديد بأعمالهم. فلكل عصر رجاله ونجومه دون شك».
وبعيد إنزال أغنيتها الجديدة تستعد الفنانة اللبنانية إلى تصويرها فيديو كليب: «مبدئيا قد أتعاون مع المخرج فادي حداد، وأتمسك دائما بالأغنية المصورة؛ لأننا في عصر يسود فيه الصوت والصورة بشكل ملحوظ، فالكليب هو إضافة للأغنية، ويساهم في انتشارها وحفظها بسرعة».
وعن نشاطها على وسائل التواصل الاجتماعي، تقول: «لا أشتري الـ«لايكات» ولا أبالغ في تعاطي هذا الموضوع. صحيح أن هذه الوسائل قربتني أكثر فأكثر من جمهوري، إلا أنني أتعامل معها من هذا الباب فقط وبطبيعية بحيث لدي 71000 متابع لي، ولا أبغي تبوء المركز الأول فيها وما شابه ذلك».
تأخذ فيفيان مراد استراحة من الغناء من الفن بين وقت وآخر لتتفرغ لعلاقتها مع رب العالمين، كما تقول: «أحب الحفاظ على هذه العلاقة بصدق فأشارك في نشاطات من نوع الرياضات الروحية، وأهتم بالمتقدمين بالسن فأشعر بأنني في آمان».
ومن المتوقع أن تشارك فيفيان مراد برحلة «ستارز إن بورد» مع باقة من نجوم الفن اللبنانيين والعرب، لتتفرغ بعدها لتصوير أغنيتها «غلّ بقلبي غلّ» الجديدة.
ومن الفنانين الذين تتابعهم باستمرار ملحم زين، في حين تعد المغنية بلقيس واحدة من الفنانات بنات جيلها اللاتي تستمع لجديدهن، كما تكن إعجابا كبيرا للفنانتين إليسا ونانسي عجرم.



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».