طوفان بشري يشيع عملاق الفن الخليجي إلى مثواه الأخير

الكويت تبكي عبد الحسين عبد الرضا الذي رسم البسمة نصف قرن على وجهها

TT

طوفان بشري يشيع عملاق الفن الخليجي إلى مثواه الأخير

شيّع آلاف الكويتيين بعد ظهر أمس نجم الكوميديا الخليجية الفنان الراحل عبد الحسين عبد الرضا، الذي وافته المنية قبل أربعة أيام، ووصل جثمانه قبل ظهر أمس في طائرة أميرية خاصة.
وشاركت وفود سياسية وفنية وشخصيات كويتية وخليجية وآلاف المشيعين في الصلاة على الجنازة وتشييعها في مقبرة الصليبيخات، بينهم رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الإعلام بالوكالة الشيخ محمد عبد الله المبارك الصباح، والوزيران خالد الروضان وياسر أبل، ونواب حاليون وسابقون، بينهم مسلم البراك، وعدد كبير من الفنانين بينهم رفيق درب الفنان الراحل سعد الفرج، وعبد الله الرويشد، وطارق العلي، وداود حسين، والفنان الإماراتي حبيب غلوم، وغيرهم.
وتحت درجة حرارة تجاوزت الأربعين احتشد آلاف الكويتيين في المقبرة مبكراً، حيث وصل جثمان الفقيد الراحل من العاصمة البريطانية لندن، قبيل ظهر أمس على متن طائرة أميرية خاصة تنفيذا لتوجيهات أمير الكويت الشيخ صباح الصباح، الذي وجه بنقل الجثمان من العاصمة البريطانية لندن على متن طائرة وأميرية وإقامة مراسم عزاء رسمية للفقيد. ويتواصل عزاء الفنان الراحل في مسجد الوزان، غرب مشرف.
وكان على رأس مستقبلي الجثمان لدى وصوله مطار الكويت، وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء وزير الإعلام الكويتي بالوكالة الشيخ محمد عبد الله المبارك الصباح وعدد من الفنانين والإعلاميين وذوي الفنان الراحل.
وقال وزير الإعلام بالوكالة الشيخ محمد الصباح، من مطار الكويت بعد استقبال الجثمان، إنه «أمر صعب ومحزن أن نستقبل عملاق الفن الكويتي قادماً إلينا في تابوت، ولكنها إرادة الله التي لا راد لها».
وأضاف: «إن كان الفنان القدير عبد الحسين عبد الرضا قد رحل عنا بجسده فإن أعماله باقية، ورسالته الوطنية السامية ستستمر وتبقى في وجدان كل الكويتيين والخليجيين والعرب».
بدوره قال بشار نجل الفنان الراحل لجموع الإعلاميين الذين تدفقوا لاستقبال الجثمان في مطار الكويت: «لقد قضى والدي من عمره خمسين عاماً لإسعاد الناس، الذين قابلوا الوفاء بالوفاء، ولذلك فهم يستحقون الشكر للمشاعر التي أظهروها».
كما وجه بشار الشكر والتقدير لأمير الكويت على مبادرته نقل جثمان والده على متن طائرة أميرية واهتمامه المتواصل به وبوالده.ومضى يقول: تلقيت اتصالاً من والدي الفنان الراحل وأنا في مقر عملي، وكان ذلك قبل ربع ساعة من إصابته للجلطة القلبية، في مكان تواجده في العاصمة البريطانية لندن، وكان متفائلاً وفي حالة نفسية سعيدة.
وقال، بعد إصابته بالسكتة: كنتُ مرافقاً له... وقد أبلغني المستشفى بعد انتكاس حالته أن المدة المتبقية أمامه لا تزيد على ساعات، وقد قضيت تلك المدة معه حتى فاضت روحه. وأضاف: ما لقيته من السفارة الكويتية ومن كل الكويتيين المصطافين في لندن ومن رفاق دربه، والذين وقفوا معي في هذه الأزمة وعبروا عن مشاعرهم تجاه الراحل، خفف من هول الصدمة.
ومثّل الفنان الراحل مدرسة للكوميديا وخلّف إرثاً فنياً كبيراً، وظلّ طوال خمسين عاماً ملازماً للفنّ لا يبرحه، وقد صرح مراراً، بأنه رغم الإعياء ونوبات المرض التي تلاحقه، فإنه كان وفياً لعمله وللمسرح وللجمهور الذي أحبه. وقال في حوار تلفزيوني: كان الطبيب يداوي قلبي خلف الكواليس، وحين أعود لخشبة المسرح أشعر كأني شابٌ في العشرين.
من جانبه قال الفنان داود حسين إن الراحل الكبير ترك أعمالا فنية خالدة ستبقى في ذاكرة الجميع، وهذا سبب حالة الحزن التي عمت محبيه، سائلا المولى عز وجل أن يلهم ذويه الصبر والسلوان.
وذكر حسين أن الفنان الراحل كان في آخر نظرة معه في المستشفى «مبتسما»، وقد كان دائم الابتسامة حتى في آخر لحظات حياته.
من جهته، أكد الفنان باسم عبد الأمير أن دعاء الناس من كل الدول للفنان الراحل عبد الحسين عبد الرضا بأن يتغمده الله تعالى برحمته ويسكنه فسيح جناته دليل المحبة الصادقة من الناس.
وبين عبد الأمير أن الفنان الراحل كان كثيرا ما يوصي بالوفاء والمحبة للوطن وضرورة العمل على نهضته والمحافظة عليه، فهو لم يكن فقط فنانا تمثيليا بل إنسان محب لوطنه أيضا.
بدوره قال الفنان طارق العلي إن الفاجعة هي أن تفقد فنانا كبيرا مثل عبد الحسين عبد الرضا بكل ما يعنيه اسمه وإرثه الفني الكبير. وأشار إلى أنه برحيل فنان بهذه القامة والمكانة فقد الفن الكويتي والخليجي والعربي عمودا من أعمدته، لكن هناك أجيالا من الشباب الفنانين نهلوا من نبع الجيل الفني الكبير، وسوف يسيرون على خطاهم للحفاظ على الفن الكويتي الأصيل.
ولد الفنان عبد الحسين عبد الرضا محمد خورشيد عوض سنة 1939 في دروازة عبد الرزاق بفريج العوازم في منطقة شرق لأب يعمل بحاراً، وهو السابع من بين إخوته الأربعة عشر، وتلقى تعليمه في الكويت حتى مرحلة الثانوية العامة في مدرستي المباركية والأحمدية. ثم عمل في وزارة الإرشاد والأنباء في قسم الطبع. سافر بعدها في بعثة إلى مصر على نفقة الوزارة عام 1956 لتعلم فنون الطباعة. وفي عام 1961 سافر في بعثة إلى ألمانيا لاستكمال الدراسة في فنون الطباعة.
بدأ مسيرته الفنية، في عام 1961، من خلال مسرحية «صقر قريش»، التي حلّ فيها بديلاً للممثل عدنان حسين، وأثبت نجاحه مما لفت أنظار المخرج الراحل زكي طليمات، الذي أعجب بأداء عبد الحسين، وضمه إلى الفريق الفني الذي كان يرعاه آنذاك. وتوالت بعدها أعمال الفنان الراحل من مسلسلات تلفزيونية ومسرحيات.
ويعتبر عبد الحسين عبد الرضا من مؤسسين ورواد الحركة الفنية بالكويت مع مجموعة من الفنانين، وكانت أشهر أعماله الفنية مسلسل «درب الزلق» مع رفيق دربه الفنان سعد الفرج، والفنانين الراحلين خالد النفيسي وعبد العزيز النمش وعلي المفيدي، والذي لا يزال المسلسل الأول بالخليج. كذلك مسلسل «الأقدار» الذي كتبه بنفسه. في جانب المسرح كانت له مسرحيات كثيرة أشهرها: «على هامان يا فرعون»، و«بني صامت»، و«باي باي لندن»، و«عزوبي السالمية»، و«سيف العرب»، وبسبب هذه المسرحية التي كان فيها يجسد شخصية الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين وتستحضر مأساة الغزو العراقي للكويت، تعرض الفنان الراحل لمحاولة اغتيال عام 1992، نجا منها بأعجوبة.كما قام الفنان الراحل بكتابة العديد من الأعمال المسرحية والتلفزيونية بنفسه، منها «سيف العرب» و«فرسان المناخ» و«عزوبي السالمية» و«30 يوم حب» و«قاصد خير» وغيرها، كما أنه خاض مجال التلحين والغناء والتأليف المسرحي والتلفزيوني وأصبح منتجا.
وعبد الحسين عبد الرضا هو أحد مؤسسي «فرقة المسرح العربي» عام 1961 و«فرقة المسرح الوطني» عام 1976، كما قام عام 1979 بتأسيس «مسرح الفنون» كفرقة خاصة، وفي عام 1989 أسس «شركة مركز الفنون للإنتاج الفني والتوزيع»، وكان قد قام في عام 1971 بتأسيس «شركة مطابع الأهرام».
تعرض الفنان الراحل لعدة أزمات صحية، حيث أصيب بأزمة قلبية عام 2003 أثناء تصويره مسلسل «الحيالة»، نقل على إثرها إلى المستشفى، وتبين إصابته بانسداد في الشرايين، وسافر بعدها إلى لندن لإجراء جراحة عاجلة وعاد بعد شفائه لإكمال تصوير المسلسل. كما تعرض لأزمة حادة عام 2005 إثر إصابته بجلطة في المخ أدخل على أثرها العناية المركزة بمستشفى مبارك الكبير ونقل بعدها للعلاج في ألمانيا. وبعد الانتهاء من مسلسل «العافور»، أجرى عمليتي قسطرة للقلب في لندن عام 2015، وفي 9 أغسطس (آب) الجاري أصيب مرة أخرى بجلطة في القلب لم تمهله سوى أيام قليلة، رحل بعدها في أحد مستشفيات العاصمة البريطانية لندن.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».