حقيبة فارغة وعنب تحت الطاولة... طقوس رأس السنة الغريبة لجلب الحظ

أضاءت الألعاب النارية سماء منتصف الليل فوق جسر ميناء سيدني احتفالاً بالعام الجديد (أ.ف.ب)
أضاءت الألعاب النارية سماء منتصف الليل فوق جسر ميناء سيدني احتفالاً بالعام الجديد (أ.ف.ب)
TT

حقيبة فارغة وعنب تحت الطاولة... طقوس رأس السنة الغريبة لجلب الحظ

أضاءت الألعاب النارية سماء منتصف الليل فوق جسر ميناء سيدني احتفالاً بالعام الجديد (أ.ف.ب)
أضاءت الألعاب النارية سماء منتصف الليل فوق جسر ميناء سيدني احتفالاً بالعام الجديد (أ.ف.ب)

من العنب تحت الطاولة إلى حقيبة السفر الفارغة ولون الملابس الداخلية، تتنوّع طقوس رأس السنة حول العالم بين الغريب والطريف، لكنها تشترك جميعها في هدف واحد: جلب الحظ والحب والنجاح مع بداية عام جديد.

ومع اقتراب استقبال 2026، يتمسّك كثيرون بعادات قديمة وخرافات متوارثة يعتقدون أنها تفتح أبواب الرزق والسفر وتحقّق الأمنيات... فماذا يفعل الناس حول العالم لضمان عام مليء بالفرص؟

تناول 12 حبّة عنب تحت الطاولة

عند حلول منتصف الليل، يتأكد البعض من وجودهم تحت طاولة الطعام وهم يلتهمون حبّات العنب بسرعة، في حين يحاولون الموازنة بين كأس عصير العنب الفوّار وتفادي الاختناق، على أمل جلب الحظ الجيد وضمان تحقيق قرارات العام الجديد.

لا يرى الجميع أن الجلوس تحت الطاولة أمر ضروري، لكن وفقاً لمجلة «باريد»، يعتقد بعضهم أن إضافة الطاولة إلى هذا الطقس قد تساعد الشخص في العثور على حب حياته.

وحسب مجلة «فوغ»، يعود تقليد تناول 12 حبّة عنب عند منتصف الليل إلى إسبانيا منذ مئات السنين، وهو منتشر أيضاً في منطقة الكاريبي وأميركا الجنوبية ودول أخرى ناطقة بالإسبانية أو من أصول لاتينية.

وترمز كل حبّة عنب إلى أمنية أو قرار من قرارات العام الجديد، سواء كان فقدان الوزن، أو العثور على الحب، أو الحصول على وظيفة جديدة. ويُعتقد أن تناول العنب عند منتصف الليل يساعد على تحقيق هذه الأهداف.

التجوّل بحقيبة سفر فارغة حول الحي

يُفترض أن يجلب تقليد أميركا اللاتينية، القائم على المشي بحقيبة سفر فارغة حول الحي ليلة رأس السنة، المغامرة ويفتح أبواب السفر إلى أماكن جديدة خلال العام المقبل، وفقاً لحساب «Instant_Witch» في «إنستغرام».

لكن بعض الأشخاص يعتقدون أن الحقيبة يجب أن تكون مليئة بأغراض ترمز إلى الرحلة المنشودة قبل الخروج بها، مثل واقي الشمس أو عوامات السباحة إذا كانت العطلة الحلم في ميامي أو بورتوريكو، حسب منظمة «أميغوس إنترناشيونال» التي تتيح للشباب فرص التطوع في الخارج.

الأعمال المنزلية تجلب سوء الحظ

يتجنّب كثيرون غسل الملابس أو تنظيف المنازل في الأول من يناير (كانون الثاني)، إذ يُعتقد، وفق خرافات صينية، أن ذلك قد «يغسل» الحظ الجيد المتوقع للعام الجديد.

وتشير معتقدات أكثر تشاؤماً إلى أن القيام بالغسيل والتنظيف قد «يغسل شخصاً عزيزاً»، أي أن أحد الأحباء قد يُتوفى خلال العام الجديد، حسب ما نقلته شبكة «سي بي إس نيوز».

ووفق هذه الخرافات، فإن الكنس والتنظيف يعنيان أيضاً كنس الحظ الجيد مع الغبار والأوساخ، لذا يُنصح بتأجيل أعمال التنظيف إلى الثاني من يناير.

قد يرى البعض أن الامتناع عن التنظيف أو حتى تأجيل ترتيب زينة عيد الميلاد أمر مبالغ فيه، لكن لا ضرر من أخذ يوم عطلة، فهو في النهاية يوم احتفال، وقد يكون وسيلة لاستقبال الحظ الجيد في العام الجديد.

تناول الفاصولياء ذات العين السوداء والعدس

أضف المزيد من الأطعمة الدائرية إلى مائدتك في رأس السنة. فهذه الأطعمة الصغيرة لها دلالات خاصة.

تشبه الأطعمة الدائرية العملات المعدنية والمال، حسب ما قالته ليندا بيلاكسيو، مقدّمة البرنامج الإذاعي المتخصص في الطهي «طعم من الماضي»، لصحيفة «يو إس إيه توداي».

ويُعتقد أن تناول هذه الأطعمة الرمزية يجلب عاماً مالياً مزدهراً. وعلى العكس، يرى البعض أن عدم تناولها قد يجلب سوء الحظ.

وإذا تم تناول الفاصولياء مع الخضراوات وخبز الذرة، يصبح الأمر أكثر تفاؤلاً، إذ يرمز اللون الأخضر إلى المال، فيما يوحي خبز الذرة بالذهب.

في جنوب الولايات المتحدة، تُقدَّم الفاصولياء ذات العين السوداء مع الأرز في طبق تقليدي يُعرف باسم «هوبين جون» في ليلة رأس السنة، كما يمكن إضافتها إلى الحساء. وفي إيطاليا، يُمزج العدس مع لحم الخنزير في طبق يُعد رمزاً للحظ الجيد.

أطعمة يُفضّل تجنبها في رأس السنة

يُنصح بعدم تناول الكركند (اللوبستر) في رأس السنة، فحظك ومحفظتك قد يشكرانك على ذلك.

وقالت بيلاكسيو: «ليس من الجيد تناول الكركند، لأنه يتحرك إلى الخلف».

ويُعتقد أن هذه الحركة قد تجلب سوء الحظ وتؤخرك عن تحقيق أهدافك وقراراتك للعام الجديد.

لون الملابس الداخلية لتحقيق الأمنيات

يُقال إن لون الملابس الداخلية التي ترتديها في رأس السنة يمكن أن يجلب لك ما تتمناه في العام الجديد، حسب مجلة «إن ستايل».

إذا كنت تطمح إلى ترقية أو وظيفة ذات راتب أفضل، فقد يكون اللون الأصفر خيارك. أما اللون الأحمر فيُعتقد أنه يجلب الحب والشغف، في حين يرمز اللون الوردي إلى الحب الأفلاطوني. ويُقال إن الأزرق يجلب الصحة الجيدة، في حين يرمز الأخضر إلى الحرية والحياة والطبيعة.

وربما تكون زيارة سريعة إلى متجر للملابس الداخلية هي الخطوة الأولى نحو تحقيق قراراتك للعام الجديد.

ووفقاً لصحيفة «روكلاند/ويستشستر جورنال نيوز»، التابعة لشبكة «يو إس إيه توداي»، فإن ارتداء ملابس داخلية بألوان مختلفة لتحقيق أمنيات رأس السنة شائع في العديد من الدول، من بينها إسبانيا ودول أميركا اللاتينية وإيطاليا، حيث يُعتقد أن هذا التقليد نشأ هناك.



أفلام مصرية وسعودية للعرض بموسم «رأس السنة» بعد جولتها بالمهرجانات

أحمد مالك وكامل الباشا في فيلم «كولونيا» (الشركة المنتجة)
أحمد مالك وكامل الباشا في فيلم «كولونيا» (الشركة المنتجة)
TT

أفلام مصرية وسعودية للعرض بموسم «رأس السنة» بعد جولتها بالمهرجانات

أحمد مالك وكامل الباشا في فيلم «كولونيا» (الشركة المنتجة)
أحمد مالك وكامل الباشا في فيلم «كولونيا» (الشركة المنتجة)

يشهد موسم رأس السنة انتعاشة في دور العرض السينمائية، من خلال طرح أفلام مصرية وسعودية للجمهور بعد مشاركات متعددة لهذه الأفلام في مهرجانات دولية، وحصول بعضها على جوائز مهمة، ومن بينها الفيلمان المصريان «كولونيا» و«جوازة ولا جنازة» اللذان ينطلق عرضهما التجاري 7 يناير (كانون الثاني) 2026، ويعرضان عربياً في 14 يناير، والفيلم السعودي «هجرة» الذي يبدأ عرضه في السينمات السعودية 8 يناير، والفيلم البريطاني «العملاق» من بطولة أمير المصري، ويبدأ عرضه عربياً في 14 من الشهر نفسه.

فيلم «كولونيا» أو «My Father’s Scent» من بطولة أحمد مالك والفنان الفلسطيني كامل الباشا ومايان السيد، ومن إخراج محمد صيام. وتدور أحداثه خلال ليلة واحدة تشهد مواجهات حادة بين أب وابنه، يستعيدان فيها خلافاتهما وذكرياتهما السيئة وحالة الكراهية التي تظلل علاقتهما. ويتواصل الحوار بينهما في حدة تكشف عن سوء فهم لمواقف بينهما، فتتراجع حالة الجفاء إلى صداقة في مشاهد إنسانية تستعيد العلاقة بين الأب وابنه.

وحاز الفيلم عدة جوائز، من بينها الجائزة الكبرى لمهرجان «سينيماميد» ببروكسل، وجائزة «سينيوروبا» من المهرجان نفسه، وجائزة الجمهور من مهرجان «البحر الأحمر السينمائي»، وأفضل تصميم إنتاج من مهرجان «قرطاج»، وجائزة أفضل ممثل لأحمد مالك بـ«الجونة السينمائي»، وكان قد حاز مشروع الفيلم 5 جوائز من ورشة «فاينال كت» في مهرجان «فينيسيا» خلال دورته قبل الماضية، و4 جوائز من مهرجان «القاهرة السينمائي» 2024 لمرحلة ما بعد الإنتاج.

الفنان نواف الظفيري في فيلم «هجرة» (الشركة المنتجة)

أما الفيلم السعودي «هجرة» للمخرجة شهد أمين، فقد شهد عرضه العالمي الأول بمهرجان «فينيسيا السينمائي» خلال دورته الماضية، وفاز بجائزة «NETPAC» بوصفه أفضل فيلم آسيوي.

كما حاز جائزتين في الدورة الخامسة لمهرجان «البحر الأحمر»، وهما جائزة «اليسر الذهبية» من لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة وجائزة «فيلم العُلا» لأفضل فيلم سعودي بتصويت الجمهور، كما توّج بجائزتي أفضل صورة لمدير التصوير «Miguel LOANN Littin»، وأفضل ممثل لنواف الظفيري في ختام الدورة الـ36 لمهرجان قرطاج.

تدور أحداث فيلم هجرة من خلال جدة وحفيدتيها، تسافرن من الطائف إلى مكة، وعندما تختفي الحفيدة الكبرى تسافر الجدة وحفيدتها الصغرى شمالاً للبحث عنها، وتسلط رحلتهما الضوء على الروابط الثقافية والعمرية العميقة بين النساء السعوديات على خلفية موسم الحج، حيث تعكس رحلتهن ثقل تراث بأكمله، وتقدم نظرة عاطفية قوية وثاقبة حول الهوية عبر الغوص العميق في التراث الثقافي للأمة، وصُوِّر الفيلم في 8 مدن سعودية. وهو من بطولة خيرية نظمي، ولمار قادن، ونواف الظفيري، ورغد بخاري، وعبد السلام الحويطي. ومن إخراج وكتابة شهد أمين، وإنتاج كل من السعودية والعراق ومصر وبريطانيا.

وشارك فيلم «جوازة ولا جنازة» في مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» خلال دورته الخامسة ضمن قسم «روائع عربية»، وهو من بطولة نيللي كريم، وشريف سلامة، ولبلبة، والفنان اللبناني عادل كرم، وهو أول أفلام المخرجة الفلسطينية أميرة دياب التي كتبت الفيلم مع دينا ماهر، ويعرض لفكرة التفاوت الطبقي. وتدور أحداثه في إطار اجتماعي كوميدي من خلال عائلتين لا يجمع بينهما سوى صلة نسب، تُجبران على قضاء 7 أيام معاً استعداداً لحفل زواج فخم يجمع نجليهما.

نيللي كريم وشريف سلامة بالملصق الترويجي للفيلم (الشركة المنتجة)

ويرى محمد صيام، مخرج فيلم «كولونيا» أن العرض بالمهرجانات قد جعله يشعر أن الفيلم لامس الناس بالفعل، ليس أعضاء لجان التحكيم والنقاد فقط، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «كنت أرى في لحظة واحدة صمتاً في القاعة، ثم التنفس الجماعي أو البكاء بعد نهاية الفيلم، وهناك من يضحك في مشاهد، ويصمت فجأة في مشاهد أخرى».

ويلفت صيام إلى أن جائزة الجمهور التي حازها الفيلم في مهرجان «البحر الأحمر» كانت تأكيداً على أن الحكاية قريبة من الناس، وأن المشاعر التي عكسها الفيلم مفهومة ولا تحتاج لشرح أو خلفية ثقافية معينة، رافضاً مصطلح «أفلام مهرجانات» لأنه يضع الفيلم في خانة ضيقة، كما لو كان موجّهاً لفئة معينة، وليس للناس كلها، مشيراً إلى أن «الجوائز والمهرجانات قد تكون بوابة، لكنها ليست بديلاً عن الجمهور»، واصفاً فيلمه «كولونيا» بأنه «عمل قريب من الناس وقصة تحدث في كل بيت، وكل منا مرّ بها في لحظة ما».

وكان فيلم العملاق «Giant» قد افتتح الدورة الفائتة لمهرجان «البحر الأحمر السينمائي»، وهو من إنتاج بريطانيا، وإخراج روان أثالي، ومن بطولة بيرس بروسنان، وأمير المصري، وكاثرين داو، وعلي وغيث صالح، ويروي الفيلم القصة الملهمة لسيرة الملاكم الأسطوري اليمني البريطاني نسيم نازحميد وعلاقته بمدربه الآيرلندي بريندان إنغل، وكيف صعد نسيم من الفقر المدقع إلى الثراء الفاحش وصولاً إلى تتويجه بطلاً للعالم.

وحاز الفيلم اهتماماً لافتاً في «البحر الأحمر»، وتُوّج الفنان أمير المصري خلال فعاليات المهرجان بجائزة «فارايتي» الدولية للممثل الرائد لعام 2025، وذكر في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه يتطلع للعرض الجماهيري بعدما قوبل الفيلم بحفاوة كبيرة في عرضه الشرق أوسطي الأول بالمملكة.

ويرى الناقد السعودي أحمد العياد أن «المهرجانات لا تمنح ضماناً جماهيرياً ولا تكتب شهادة نجاح مسبقة لأي فيلم، لكنها تمنح فرصة للمشاهدة، للاختبار الأول والاحتكاك النقدي ولخلق سمعة أولية»، قائلاً في تعليق لـ«الشرق الأوسط»: «يظل دائماً لشباك التذاكر منطقه الخاص، فالجمهور لا يشتري تذكرة لأنه قرأ أن الفيلم شارك في مهرجان، بل لأنه شعر أن الفيلم يعنيه، فقد تمهّد المهرجانات طريق الفيلم وقد لا تفعل ذلك».

ويرى العياد أن مصطلح «أفلام المهرجانات» ليس مصطلحاً سلبياً، لأن هناك أفلاماً تهتم بالتجريب واللغة السينمائية والمخاطرة الجمالية، وهذه الأفلام تجد في المهرجانات بيئتها الطبيعية الأولى، ليس لأنها «نخبوية»، بل «لأنها تحتاج سياق مشاهدة ومناقشة مختلفاً عن سياق العرض الجماهيري».


«المجهولة»… فيلم سعودي يطرق عوالم خفية ويواصل حضوره العالمي في دور السينما

أبطال الفيلم السعودي «المجهولة» في ليلة العرض الخاص بالرياض (روتانا)
أبطال الفيلم السعودي «المجهولة» في ليلة العرض الخاص بالرياض (روتانا)
TT

«المجهولة»… فيلم سعودي يطرق عوالم خفية ويواصل حضوره العالمي في دور السينما

أبطال الفيلم السعودي «المجهولة» في ليلة العرض الخاص بالرياض (روتانا)
أبطال الفيلم السعودي «المجهولة» في ليلة العرض الخاص بالرياض (روتانا)

تنطلق عروض الفيلم السعودي «المجهولة» تجارياً في دور السينما السعودية ودول الخليج، ابتداءً من أول أيام يناير (كانون الثاني) 2026، وذلك بعد العرض الخاص الذي أقامته «روتانا ستوديوز» في «فوكس سينما» بواجهة روشن بالرياض، الاثنين، بحضور صناع العمل وعدد من الإعلاميين والنقاد.

ويأتي عرض الفيلم بعد مشاركته العالمية الأولى في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي، إلى جانب مشاركاته في مهرجان زيورخ السينمائي ومهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، في حضور يؤكد تطور السينما السعودية وقدرتها على المنافسة في المحافل الدولية.

ووصفت الممثلة السعودية ميلا الزهراني، بطلة الفيلم، مشاركتها في «المجهولة» بأنها من أهم التجارب في مسيرتها الفنية، مؤكدة في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن العمل مختلف عما قدّمته سابقاً، وقالت: «هذا الفيلم يكشف جانباً جديداً من شخصيتي كممثلة، ومنذ قراءتي الأولى للنص شعرت أنني أمام تجربة استثنائية وسعيدة باختيارهم لي، خاصة أن هذا هو التعاون الثاني مع المخرجة هيفاء منصور، التي أشعر بأن العمل بجوارها مختلف، فهي تثق بي كممثلة، وأتمنى أن يلمس الجمهور هذا الاختلاف».

أبطال الفيلم السعودي «المجهولة» في ليلة العرض الخاص بالرياض (روتانا)

من جهته، علّق الممثل السعودي عزيز الغرباوي، الذي يلعب دور ملازم، أن الشخصية علمته الكثير عن الانضباط والدقة، بدءاً من ارتداء البدلة العسكرية، ووصولاً إلى لغة الجسد وطريقة الوقوف واختيار الكلمات. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «في البداية، كنت متوتراً، لكنني وافقت على العمل فور علمي أن المخرجة هي هيفاء المنصور، وأرى أن التعاون مع ميلا وبقية فريق العمل كان رائعاً، وأتمنى أن يستمتع المشاهدون بالفيلم، ويتفاعلوا مع رسالته».

ويمنح الفيلم نموذجاً متقدماً لتوظيف الابتكار في الإنتاج السينمائي، وذلك من خلال استخدام أحدث تقنيات التصوير وأساليب السرد البصري، وقد تم تصويره بالكامل في السعودية، وهو من تأليف وإخراج هيفاء المنصور، وبطولة ميلا الزهراني، انتصار، شافي الحارثي، مشعل المطيري، فاطمة الشريف. وتدور أحداث «المجهولة» في إطار من التشويق والإثارة والبعد الإنساني، حول شخصية نوال السفّان، المهتمة بعالم الجرائم الحقيقية، التي تسعى لكشف هوية جثة فتاة مراهقة عُثر عليها في الصحراء، لتجد نفسها أمام لغز معقد داخل مجتمع تقليدي.

ويعدّ الفيلم من إنتاج «روتانا ستوديوز»، التابعة لمجموعة «روتانا ميديا»، بالشراكة مع مؤسسة المنصور، وبالتعاون مع مبادرة ضوء، وهيئة الأفلام السعودية، والصندوق الثقافي، فيما تتولى توزيعه شركة قنوات، الموزع لمجموعة من أنجح الأفلام في شباك التذاكر السعودي والخليجي.


الفيلم الكندي «ذروة كلّ شيء»... تجربة سينمائية من رحم العزلة

عرض الفيلم للمرة الأولى عربياً في القاهرة السينمائي (الشركة المنتجة)
عرض الفيلم للمرة الأولى عربياً في القاهرة السينمائي (الشركة المنتجة)
TT

الفيلم الكندي «ذروة كلّ شيء»... تجربة سينمائية من رحم العزلة

عرض الفيلم للمرة الأولى عربياً في القاهرة السينمائي (الشركة المنتجة)
عرض الفيلم للمرة الأولى عربياً في القاهرة السينمائي (الشركة المنتجة)

لم تكن المحرجة الكندية آن إموند تتوقّع أن تقودها عزلتها خلال جائحة «كورونا» في 2020 إلى كتابة ما تصفه بأنه «أكثر أفلامها حميمية وقلقاً» في آنٍ واحد، وهو «ذروة كلّ شيء»، الذي عرض للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط، ضمن فعاليات الدورة الـ46 من مهرجان «القاهرة السينمائي الدولي».

تصف المخرجة الكندية آن إموند لـ«الشرق الأوسط» هذه الفترة من حياتها قائلة: «كانت الأيام تمتدّ طويلة وثقيلة في شتاء مونتريال القارس؛ حيث وصلت الحرارة إلى 35 درجة تحت الصفر، في حين كنتُ محاصرة بالوحدة، أستمع إلى أصوات العلماء عبر (البودكاست)، وأقرأ بشراهة عن تغيّر المناخ، وكأن العالم الذي كان ينهار ببطءٍ خارج النافذة قد انتقل ليستقر داخل روحي».

وتؤكد أنها للمرة الأولى شعرت بالخوف الشخصي، لا المعلوماتي، من المستقبل، بعدما اكتشفت فجأة أن قلق الكوكب هو قلقها، وأن هشاشة الأرض انعكاسٌ لهشاشة داخلية كانت تتشكّل دون أن تنتبه لها، مشيرة إلى أنها «في إحدى تلك الأيام الثقيلة صادفت صديقاً في الشارع، ولم يستغرق حديثهما سوى دقائق، لكنها خرجت منه باكية من تراكم ذلك الإحساس».

يناقش الفيلم تداعيات التغيرات المناخية (الشركة المنتجة)

وأضافت أنها حين بدأت تحويل هذه المشاعر إلى فيلم أرادت منذ اللحظة الأولى أن تكتب بحرية كاملة، فجاء الفيلم «فوضوياً وغريباً» كما تصفه لكونه ينحرف عن السرد المعتاد، ويمشي خلف بطله في مغامرة غير متوقّعة، تماماً كما كان عقلها وقت الكتابة، ممتلئاً بالأسئلة، ثقيلاً بالقلق، مفتوحاً على احتمالات لا تنتهي، لكنها لم تتوقّع مطلقاً أن يُثير الفيلم ردود فعل متباينة إلى هذا الحد.

يروي فيلم «ذروة كلّ شيء» يوماً في حياة «آدم»، وهو رجل يعاني توتراً نفسياً متصاعداً ينعكس على علاقاته وسلوكه اليومي، في حين تتداخل حوله مؤشرات تغيّر المناخ والكوارث البيئية التي تزيد شعوره بالاختناق. يتنقّل «آدم» بين محاولات فهم مشاعره والتعامل مع ضغوط العمل والمدينة، قبل أن يدخل علاقة عاطفية تمنحه شيئاً من الاستقرار المؤقت، ومع تصاعد الأحداث يتعامل الفيلم مع حساسيته المفرطة وتردده وخوفه من المستقبل بوصفه جزءاً من واقعه.

المخرجة الكندية آن إموند (الشركة المنتجة)

وتشير آن إموند إلى أنها فوجئت بأناس أحبّوه بعمق، وآخرين غضبوا منه، وكأن هشاشة بطله استفزّت عالماً يزداد قسوة وعنفاً يوماً بعد يوم، فكانت تندهش حين تسمع أن البعض وجد الشخصية «حسّاسة أكثر مما يجب»، لكنها ترى أن الحساسية في زمن كهذا ليست ضعفاً، بل مرآة للحقيقة.

وعن اختيارها الممثل باتريك هيفون، تقول إن الجمهور في مونتريال يعرفه دائماً في أدوار الرجل الواثق، الجذّاب، القوي. لكنها أرادت شيئاً آخر، فهي تعرفه شخصياً، وتؤكد أنه أقرب في الحقيقة إلى شخصية «آدم» التي قدّمها في الفيلم فهو حسّاس، قلق، متشابك التفكير، ورأت أن كشف هذا الجانب الخفي منه سيكون فرصة لعرض صورة جديدة عن الرجل الذي لا يخشى الاعتراف بضعفه.

وتشرح أنها حين بدأت التصوير كانت تعرف أنها تتعامل مع موضوعات شديدة القتامة، على غرار تغيّر المناخ، والضغط النفسي، وكيف تحوّل الرأسمالية كل شيء إلى سلعة، بالإضافة إلى الحزن نفسه الموجود في الفيلم، لافتة إلى أنها حاولت في الفيلم أن تفتح نافذة صغيرة للضوء، شيئاً من الحب والدفء، كي لا يخرج المشاهد محمّلاً بظلمة العالم وحدها.

أما على مستوى الإنتاج، فتضحك حين تتذكر حجم التحديات؛ فرغم أنهم لم يمتلكوا ميزانية كافية، فإن وجود الكلاب والكوارث الطبيعية في الفيلم رفع التكلفة على نحو لم يكن من السهل التعامل معه. ومع ذلك، كان التصوير بالنسبة لها تجربة مليئة بالمحبة، لأن كل فرد في الفريق كان يؤمن بالفيلم، ويقاتل من أجله، وخرج بالصورة التي شاهدها الجمهور وتفاعل معها خصوصاً مع عرضه العالمي الأول في النسخة الماضية من مهرجان «كان» السينمائي.

نال الفيلم ردود فعل متباينة (الشركة المنتجة)

وتقول المخرجة الكندية إنها لم تتوقع مشاركة فيلمها في «كان»، فكانت تظن أنه، بصفته كوميديا رومانسية متخفّفة، لن يجد مكاناً في مهرجان يميل عادةً إلى الأعمال السياسية الثقيلة، لكنها تؤمن بأن الفيلم سياسي بطريقته، وأن أسئلته عن المناخ والرأسمالية والصحة النفسية ليست على هامش العصر بل في مركزه، ومع ذلك، لم يكن في بالها أن يجد الفيلم هذا الصدى العالمي، وأن يبدأ جولته مع المهرجانات العالمية من فرنسا وصولاً إلى «القاهرة السينمائي».

وعن مشروعها المقبل، تقول إنها بدأت فعلاً كتابة فيلم جديد، لا علاقة له بتغيّر المناخ ولا بالاكتئاب، بل هو أقرب إلى قصة حب ثلاثية. لكنها تؤمن الآن بأنها لا تستطيع أن تصنع فيلماً «منفصلاً عن العالم»، وأن أي قصة حتى لو كانت عاطفية بحتة لا بد أن تعترف بما يحدث على كوكب الأرض من تغيّرات مناخية لا يمكن تجاهلها، كما تقول.