المخرج محمد صيام: «كولونيا» يطرح تساؤلات حول العلاقات الأسرية المتوترة

الفيلم يُعرض ضمن «الاختيارات العالمية» في «البحر الأحمر السينمائي»

كامل الباشا وأحمد مالك في أحد مشاهد فيلم «كولونيا» (الشركة المنتجة)
كامل الباشا وأحمد مالك في أحد مشاهد فيلم «كولونيا» (الشركة المنتجة)
TT

المخرج محمد صيام: «كولونيا» يطرح تساؤلات حول العلاقات الأسرية المتوترة

كامل الباشا وأحمد مالك في أحد مشاهد فيلم «كولونيا» (الشركة المنتجة)
كامل الباشا وأحمد مالك في أحد مشاهد فيلم «كولونيا» (الشركة المنتجة)

عبّر المخرج المصري محمد صيام عن سعادته بمشاركة فيلمه «كولونيا» بمهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الخامسة التي تمتد خلال الفترة من 4 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) الجاري تحت عنوان: «في حب السينما»، حيث يُعرض ضمن برنامج «اختيارات عالمية».

وأكد صيام أنه يتطلع للتعرف عن قرب على رأي الجمهور السعودي في الفيلم؛ إذ سيشهد، الجمعة، عرضه الأول بالمهرجان. وأضاف صيام في حوار لـ«الشرق الأوسط» أن «الفيلم يطرح فكرة جاءت من تراكمات عديدة ومشاهدات شخصية؛ إذ يكشف العلاقات المتوترة المليئة بالصراع داخل الأسرة الواحدة عبر لحظة مواجهة بدت حتمية بين أب وابنه»، لافتاً إلى أن المنتج محمد حفظي ساند الفيلم بقوة منذ قرأ معالجته الأولى، وحاز مشروع الفيلم دعم عدة مهرجانات عربية.

وتدور أحداث الفيلم خلال ليلة واحدة حيث تتكشف مشاعر مشحونة بالتوتر في مواجهة بين الأب والابن، حين يعود الأب المسنّ المريض بالسرطان إلى منزله بعد شهور قضاها بالمستشفى، لكنه لا ينعم بالراحة؛ إذ يقضي ليلته الأخيرة مع ابنه الشاب، وكلاهما يسعى لتصفية حسابات قديمة. ينحصر الصراع داخل الشقة، وسرعان ما يتصاعد كاشفاً عن مستويات علاقة متوترة ومُثقلة بحكايات ومواقف سلبية؛ فالابن يعتقد أن الأب بمعاملته السيئة كان سبباً في موت والدته، والأب يرى أن ابنه عاق له.

ويطرح الفيلم سؤالاً مؤثراً وعميقاً: ماذا لو أن هذه آخر ليلة تجمعهما؟ فهل سيختاران الانتقام أو المصالحة؟ وتتبدل العلاقة بينهما وتجمعهما مشاهد إنسانية؛ إذ يخرجان معاً للتنزه، ويتناولان طعاماً يحبه الأب. وجرى تصوير المشاهد الخارجية للفيلم بمدينة الإسكندرية ليلاً حيث البحر والشاطئ وشوارعها التي لا تنام.

واختار المخرج الذي كتب الفيلم مع أحمد عامر أن يبدأ الأحداث بموت الأب، ثم يسترجعها من خلال «الفلاش باك». وحول فكرة الفيلم وهل ترتبط بواقعة محددة، يقول محمد صيام: «الفكرة نبعت من تراكم أحداث عدة، بعضها من الواقع، وبعضها شخصي، فأنا مراقب جيد للحياة حولي، والفكرة أننا في المجتمعات العربية لدينا تحديات كثيرة، وقد لا نعرف أهلنا جيداً، ولا نعرف أشياء عنهم تعيد تعريفهم لنا. والسؤال المهم الذي نطرحه من خلال الفيلم: ماذا لو كنا سنقضي آخر ليلة مع شخص سيرحل ونعرف كل مساوئه وأسراره، وهو الشيء نفسه يعرفه عنا؟ هل سيكون هذا اللقاء الأخير فرصة لتصفية حسابات أو للمصالحة؟».

المخرج محمد صيام (الشركة المنتجة)

ويشارك صيام بالفيلم كمؤلف ومخرج ومنتج أيضاً، لكن الكتابة تمت بمشاركة أحمد عامر. ويقول صيام: «لو أنني كتبت الفيلم بمفردي كنت قد أشعر بالملل من صوتي الداخلي، لكن مع كاتب آخر تكون لديّ وجهة نظر مغايرة ومحايدة أيضاً؛ لأنني قد لا أكون محايداً وأنحاز إلى الفكرة. وقد استغرقنا عاماً ونصف العام في مرحلة الكتابة، و6 أشهر في تحضير وتصوير الفيلم، ومثلها في أعمال (البوست برودكشن)؛ أي إن الفيلم استغرق عامين حتى اكتمل».

ويُعد فيلم «كولونيا» إنتاجاً مشتركاً بين مصر والنرويج وفرنسا والسعودية والسويد وقطر. ويقول المخرج إن «رحلة تمويل أي فيلم تُعد شاقة، وبالنسبة لي كانت رحلة متوسطة؛ فهناك صنّاع أفلام يعانون أكثر مني»، مضيفاً: «من حسن حظي كان معي المنتج محمد حفظي منذ كتبت المعالجة، وكان طوال الوقت متحمساً للفيلم، وقد تعاون معي في أحد أفلامي القصيرة، وهو منتج مهم في السينما المصرية كلها».

وعن مرحلة اختيارات الممثلين يقول: «بدأت أفكر في الممثلين منذ منتصف الكتابة، واخترت أحمد مالك والفنان كامل الباشا ومايان السيد، وقد حققوا لي ما كنت أتطلع إليه في شخصيات جديدة عليهم في كل تفاصيلها».

وكان أحمد مالك قد فاز عن دوره بالفيلم بجائزة أفضل ممثل بالمسابقة الدولية لمهرجان الجونة السينمائي في دورته الثامنة، وشارك الفيلم أيضاً بمهرجان «وارسو» السينمائي خلال دورته الماضية. ويؤكد صيام أنه لم يكن يتخيل أن جمهور شرق أوروبا سوف يتفاعل مع الفيلم، لكنه تفاعل بشكل كبير، كما حضره عرب ومصريون، وقالوا إن هذا أول فيلم مصري يشاهدونه منذ سنوات طويلة، وأكد تطلعه لمعرفة رأي الجمهور السعودي في الفيلم.

ودرس محمد صيام السينما في فرنسا، كما قام بتدريسها بالجامعة الأميركية في باريس، وأخرج فيلمين قصيرين؛ الأول «الباقي من الزمن» الذي صوره في مصر، والثاني «تسرب» وقد صوره في كينيا، كما أخرج فيلمين تسجيليين هما: «بلد مين؟» و«أمل»، وقد فاز الثاني بجائزة «التانيت الذهبي» في مهرجان قرطاج 2019.


مقالات ذات صلة

«بين ثقافتين» يَعبر الحدود ويبرز تنوع الثقافتين السعودية والصينية تحت سقف واحد

يوميات الشرق ثقافتان تتشاركان التعبير عن الموروث وصور الإبداع في مكانٍ واحد (وزارة الثقافة)

«بين ثقافتين» يَعبر الحدود ويبرز تنوع الثقافتين السعودية والصينية تحت سقف واحد

يعود مهرجان «بين ثقافتين» ليعبر حدود الثقافة، ويحتفي بتجارب استثنائية تجمع بين الفنون والموسيقى، جامعاً في نسخته الثالثة بين الثقافتين السعودية والصينية.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق خلال تسلم الجائزة في «مهرجان البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)

كريم الألفي: «مهرجان البحر الأحمر» يتيح مساحة مميزة للأصوات الجديدة

يقدّم المخرج وكاتب السيناريو المصري كريم الدين الألفي عملاً سينمائياً ينتمي إلى عالم متخيَّل.

أحمد عدلي (جدة)
يوميات الشرق المخرج العراقي زرادشت أحمد (الشركة المنتجة للفيلم)

«الأسود على نهر دجلة»... صراع إنساني تكشفه بوابة نجت من الدمار

يقدّم فيلم «الأسود على نهر دجلة» تجربة تتقاطع فيها الذاكرة الشخصية بالذاكرة الجماعية، ويعود فيها المخرج زرادشت أحمد إلى المُوصل.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان محمد بكري في لقطة مع أسرته من فيلم «اللي باقي منك» (الشركة المنتجة)

كيف تمكنت 4 أفلام عربية من الوصول لقائمة الأوسكار المختصرة؟

لعلها المرة الأولى التي تنجح فيها 4 أفلام عربية في الوصول لـ«القائمة المختصرة» بترشيحات الأوسكار لأفضل فيلم دولي، وهو ما اعتبره سينمائيون عرب إنجازاً كبيراً.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق فيونوالا هاليغان (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)

فيونوالا هاليغان: نجوم عالميون معجبون بدعم «البحر الأحمر» لصناع الأفلام

بعد ختام الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي، والتي مثّلت المحطة الأولى لفيونوالا هاليغان في موقعها مديرة للبرنامج الدولي، بدت أصداء التجربة واضحة.

أحمد عدلي (جدة)

«لون لا يموت»... معرض يستحضر الأساطير الشعبية في الريف المصري

إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«لون لا يموت»... معرض يستحضر الأساطير الشعبية في الريف المصري

إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

عبر أكثر من 100 لوحة في فن الجرافيك والرسم بالأبيض والأسود، وكذلك الأعمال الملونة التي ترصد تفاصيل الحياة الشعبية بالشارع المصري، استضاف متحف محمود مختار بالجزيرة (وسط القاهرة)، معرضاً استعاديّاً للفنان الراحل وحيد البلقاسي، الملقب بـ«شيخ الحفارين»، تضمن رصداً لأعماله وجانباً كبيراً من مسيرته الفنية.

المعرض الذي انطلق 18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي ويستمر حتى 28 من الشهر نفسه في قاعتي «نهضة مصر» و«إيزيس» رصد مراحل فنية متنوعة للفنان الراحل، وبرزت خلاله فكرة الأسطورة الشعبية من خلال رموز بعينها رسمها ضمن اللوحات، مثل: العين الحارسة، والأجواء الأسطورية، للحكايات التي تتضمنها القرية المصرية.

وبينما تضمنت إحدى القاعات الأعمال الملونة والغرافيك المميز الذي قدمه الفنان وحيد البلقاسي، والتي تعبر عن الأسرة المصرية بكل ما تمثله من دفء وحميمية، كذلك ما يبدو فيها من ملامح غرائبية مثل القصص والحكايات الأسطورية التي يتغذى عليها الخيال الشعبي.

البورتريه الملون من أعمال الفنان وحيد البلقاسي (الشرق الأوسط)

ولد وحيد البلقاسي في محافظة كفر الشيخ (دلتا مصر) عام 1962، وتخرج في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، قسم الغرافيك عام 1986، واشتهر بأعماله في فن الغرافيك، وله عشرات المعارض الفردية والجماعية، كما أسس جماعة فنية باسم «بصمات»، وكان لها دور فاعل في الحياة الفنية عبر معارض وفعاليات متنوعة.

يقول عمار وحيد البلقاسي، منسق المعرض، نجل الفنان الراحل، إن المعرض يمثل تجربة مهمة لشيخ الحفارين وحيد البلقاسي، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «اختيار اسم المعرض للتأكيد على أن أعمال الفنان لا تموت وتظل خالدة للأبد، تحمل اسمه وتحيي أعماله الفنية»، وتابع: «قبل وفاة الفنان عام 2022 كان يتمنى أن يعرض هذه المجموعة المتنوعة من أعماله الفنية، بما فيها الحفر على الخشب في دار الأوبرا المصرية، واستطعنا أن نعرض من مجموعته 100 عمل فني تصوير، من بينها 30 عملاً فنياً بطول مترين وعرض 170 سنتمتراً، بالإضافة إلى مجموعة من الأعمال الصغيرة».

وأشار إلى أن الأعمال في مجملها ترصد القرية والحياة الريفية بمصر، وتتضمن موتيفات ورموزاً شعبية كثيرة تدل على الأصالة وعشقه للقرية والحياة الشعبية بكل ما تتضمنه من سحر وجمال.

ويصف الإعلامي المصري والفنان طارق عبد الفتاح معرض «لون لا يموت» بأنه «يعبر عن مسيرة الفنان وحيد البلقاسي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «أعدُّ الفنان الراحل فناناً عالمياً؛ لأنه جمع بين الإغراق في المحلية ومفردات التراث في لوحاته، واللوحات التي تنطق بالتعبيرية وتمثل الروح المصرية الأصيلة، واستخدم الأبيض والأسود في أغلب أعماله، لكن له مجموعة أعمال بالألوان مبهرة، ويظهر في أعماله مدى اهتمامه بالجمال والاحتفاء بالمرأة وبالمفردات الشعبية وتفاصيل القرية المصرية».

الفنان الراحل وحيد البلقاسي (الشرق الأوسط)

وتابع عبد الفتاح: «لوحات المعرض سواء الكبيرة، التي يصل ارتفاعها إلى مترين، أو الصغيرة، فيها طاقة تعبيرية تبهر المتلقي الذي ينجذب فوراً للتفاصيل الموجودة بها».

وإلى جانب أعماله الفنية المتميزة، فقد شارك وحيد البلقاسي في الحركة التشكيلية عبر أنشطة عدّة، وأُنتج فيلم تسجيلي عن مسيرته الفنية بعنوان «شيخ الحفارين»، من تأليف علي عفيفي، وإخراج علاء منصور، سجل رحلته الفنية وعلاقته بالقرية والمفردات التي استقى منها فنه.


«روح ومحبة»... احتفالات مصرية بأعياد الميلاد في «متحف الحضارة»

أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)
أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)
TT

«روح ومحبة»... احتفالات مصرية بأعياد الميلاد في «متحف الحضارة»

أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)
أيقونات قبطية ضمن المعرض الأثري بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)

تحت عنوان «روح ومحبة» أطلق المتحف القومي للحضارة المصرية احتفالية بمناسبة رأس السنة الميلادية وأعياد الميلاد المجيد، تضمّنت معرضاً أثرياً مؤقتاً يستمر لمدة شهرَين بالتعاون مع المتحف القبطي في القاهرة.

ورأى الرئيس التنفيذي للمتحف القومي للحضارة المصرية، الدكتور الطيب عباس، أن تنظيم هذا المعرض يأتي في إطار الدور الثقافي والمجتمعي الذي يضطلع به المتحف، مشيراً في بيان للمتحف، الجمعة، إلى أن رسالة المتحف لا تقتصر على عرض القطع الأثرية فحسب، بل تمتد إلى إبراز القيم الإنسانية والروحية التي أسهمت في تشكيل الهوية الحضارية لمصر عبر العصور. وأكد أن المعرض يعكس رسالة مصر التاريخية بوصفها حاضنة للتنوع الديني والثقافي، ومركزاً للتسامح والتعايش.

وافتُتح المتحف القومي للحضارة المصرية عام 2021 بالتزامن مع احتفالية «موكب المومياوات»، حيث نُقلت «المومياوات الملكية» من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف القومي للحضارة بالفسطاط، ويضم المتحف 1600 قطعة أثرية تحكي تاريخ مصر عبر العصور.

ويضم المعرض الأثري المؤقت مجموعة متميزة ونادرة من روائع الفن القبطي تُعرض لأول مرة، تشمل أيقونات ومخطوطات قبطية ومشغولات فنية كانت تُستخدم في الأديرة والكنائس، من أبرزها أيقونة لميلاد السيدة العذراء، ومنظر حجري يُجسّدها وهي تُرضع السيد المسيح، بما يعكس ثراء هذا التراث وقيمته الفنية والرمزية، وفق تصريحات للدكتورة نشوى جابر، نائبة الرئيس التنفيذي للمتحف القومي للحضارة المصرية.

وقالت، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «المعرض الأثري جاء بالتعاون مع المتحف القبطي، وهي المرة الثانية التي يتعاون فيها المتحف مع آخر، حيث تم التعاون من قبل مع المتحف الإسلامي خلال احتفالات المولد النبوي الشريف».

جانب من معرض أثري مؤقت بمناسبة أعياد الميلاد (متحف الحضارة المصرية)

وأكدت أن «القطع المعروضة فريدة من نوعها فلم تُعرض من قبل، ومن بينها 15 قطعة من المتحف القبطي، و8 قطع من متحف الحضارة، تعود إلى القرون الميلادية الأولى»، وأهم القطع التي تضمنها المعرض وفق نائب الرئيس التنفيذي للمتحف «أيقونة ميلاد السيدة العذراء نفسها، فالشائع والمنتشر هي أيقونات ميلاد السيد المسيح عليه السلام، ولكن من النادر وجود لوحة أيقونية تصور ميلاد السيدة العذراء. كما توجد قطعة حجرية منقوش عليها رسم للسيدة العذراء والسيد المسيح، وتُعدّ امتداداً للفن المصري القديم الذي كان يجسّد في لوحات مشابهة لإيزيس وهي تُرضع الطفل حورس».

من جانبه، أكد رئيس قطاع المتاحف في وزارة الآثار المصرية، الدكتور أحمد حميدة، أن «المعرض يُجسّد نموذجاً للتعاون المثمر بين المؤسسات الثقافية»، مشيراً إلى أن «اختيار السيدة العذراء مريم محوراً للمعرض يحمل دلالات إنسانية وروحية عميقة».

بينما أشارت مديرة المتحف القبطي، جيهان عاطف، إلى أن المعرض يُبرز تكامل الجهود بين المؤسسات الثقافية، لإظهار ثراء الموروث الحضاري المصري وتعدد روافده عبر مختلف الحقب التاريخية.

وحسب بيان للمتحف القومي للحضارة، تضمّنت الفعاليات الاحتفالية الكثير من الأنشطة، من بينها معرض للتصوير الفوتوغرافي، تضمن 22 صورة فوتوغرافية لاحتفالات عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية في مصر، وهو ما عدّته نائبة رئيس المتحف «ضمن خطة للربط بين الاحتفالات والأعياد الكبرى من جهة عرض القطع الأثرية التي تعبّر عنها، وكذلك توثيق مظاهرها الحديثة والمعاصرة وحضور هذه الأعياد ومظاهرها في الشارع المصري المعاصر للربط بين التاريخ والحاضر».

وشهدت الاحتفالية فعاليات فنية، مثل عروض لفرقة كورال «أغابي» التي قدمت مجموعة من الأغاني القبطية احتفاء بقيم المحبة والسلام، إلى جانب عروض لكورال الأناشيد بالتعاون مع كنيسة القديس بولس الرسول بمدينة العبور.

وتضمنت الاحتفالية أيضاً أنشطة تفاعلية متنوعة لتنفيذ أعمال فنية ورسم حي لأيقونات المعرض، وممارسة ألعاب تفاعلية، وتوزيع هدايا الميلاد.


شارع فيكتوري تحت بريستول… أسرار التاريخ تحت أقدامنا

يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)
يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)
TT

شارع فيكتوري تحت بريستول… أسرار التاريخ تحت أقدامنا

يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)
يضم الشارع المدفون محالاً تجارية وطريقاً قديماً (إنستغرام)

كشفت مغامرة تاريخية جريئة عن وجود شارع فيكتوري كامل مدفون تحت إحدى المدن البريطانية، يضم محالاً تجارية وطريقاً قديماً، بعد أن قرر المؤرخ ديفيد ستيفنسون النزول إلى الأعماق لتوثيق ما عثر عليه بعدسته ومصباحه اليدوي.

على مدى سنوات، أثار الشارع الواقع أسفل منطقة «لورانس هيل» في مدينة بريستول قصصاً وشائعات عدّة، من بينها رواية عن رجل يُقال إنه سقط في حفرة بعد خروجه من إحدى الحانات ليجد نفسه فجأة في شارع «متجمد في الزمن». كما تحدثت الروايات عن بقايا واجهات محال قديمة ومصابيح غاز تعود للقرن الـ19، دون أن تتأكد صحتها.

ساعات طويلة من البحث كشفت عن زقاق يمتد تحت الأرض (إنستغرام)

لكن ستيفنسون تمكن من وضع حد للتكهنات، وعاد بمجموعة مذهلة من الصور التي أعادت إحياء ماضٍ ظل طي النسيان لعقود. ساعات طويلة من البحث كشفت عن زقاق يمتد تحت الأرض، يضم أقبية سرية وغرفاً مخفية، بينها ملهى ليلي تحت حانة «ذا باكهورس»، ومخزن استخدمه متعهدو دفن الموتى، وإسطبل قديم تابع لشركة «كو - أوب»، وموقع استُخدم ملجأً خلال الغارات الجوية في الحرب العالمية الثانية، بحسب صحيفة «ذا ميرور».

كما اكتشف ستيفنسون نفقاً تحت أحد المصارف أُغلق بعد محاولة اقتحام، وتعود أجزاء من هذه الممرات لأكثر من قرنين، إلى فترة إدارة عائلة هيراباث لمصنع الجعة المرتبط بحانة «ذا باكهورس إن»، الذي امتد من شارع «لينكولن» حتى شارع «داك ستريت».

في عام 1832، مر خط سكة حديد تجره الخيول عبر لورانس هيل، ومع توسع السكك الحديدية البخارية لاحقاً، طُمرت الحانة والمحلات المجاورة تحت الأرض بعد تشييد أقواس جديدة لدعم الطريق. باع ويليام هيراباث معظم ممتلكاته لشركة سكة الحديد مقابل 3 آلاف جنيه إسترليني، وبحلول عام 1879، رُفع مستوى الطريق واستُبدل الجسر الخشبي، ما أدى إلى اختفاء الحانة القديمة والمحلات تحت الطريق الجديد، في حين بُنيت الحانة الحالية مباشرة فوقها مع الاحتفاظ بالسلالم المؤدية إلى الموقع الأصلي.

بعد أكثر من عقدين، تذكَّر ستيفنسون مغامرته حين رفع شبكة حديدية وأنزل سلماً داخل بئر ليصل إلى الشارع المدفون. واكتشف 4 أنفاق، كان أحدها فقط ممتداً عبر الشارع بالكامل، وأُغلقت الأخرى بالطوب لمنع السرقة.

في أحد المتاجر المدفونة، عثر ستيفنسون على إطار نافذة فيكتورية قديمة، وأنقاض بناء، وأغراض متفرقة مثل حوض للخيول وكرسي متحرك مهجور. ولم تُشاهد أعمدة الإنارة خلال رحلته، إذ أُزيلت في خمسينات القرن الماضي حسب أحد تجار الخردة.

إحياءُ ماضٍ ظل طي النسيان لعقود (إنستغرام)

اليوم، أُغلقت هذه الأنفاق نهائياً نظراً لخطورتها، لكن ستيفنسون سبق أن انضم إلى بعثة منظمة لاستكشاف الغرف الواقعة أسفل الحانة، برفقة فريق متسلقين ذوي خبرة. ويستعيد ذكرياته قائلاً: «كانت خيوط العنكبوت كثيفة، والمدفأة لا تزال مغطاة بالغبار، وعارض فولاذي ضخم محفور عليه حروف (GWR) لتدعيم المبنى».

ويضيف: «الطريق أعلاه بُني أساساً للخيول والعربات. ورغم حركة المرور الكثيفة اليوم، بما في ذلك مئات الحافلات والشاحنات الثقيلة، لا يزال الطريق صامداً، ولا يدري كثيرون ما الذي يرقد تحت أقدامهم».