تصاعدت حالة من الغضب الواسع على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر والعالم العربي، خلال الساعات الماضية، عقب إعلان فرقة موسيقية إسرائيلية تُدعى «فرقة النور» (The Light Orchestra) تقديم حفلات موسيقية في الأراضي المحتلة تتضمن أداء أغنيات «كوكب الشرق» أم كلثوم، بمناسبة مرور خمسين عاماً على رحيلها، في خطوة وُصفت بأنها «استفزازية» و«سرقة سافرة» للتراث الفني المصري.
وانتشر وسم «#أم_كلثوم_خط_أحمر» على نطاق واسع عبر منصات التواصل، حيث عبّر آلاف المصريين عن استيائهم من استغلال صوت وصورة «سيدة الغناء العربي» في حفلات تُقام داخل إسرائيل، معتبرين ما حدث «تعدياً على الرموز الوطنية المصرية» و«تشويهاً للهوية الثقافية».
وبحسب ما نقلته صحيفة «معاريف» العبرية، فإن «فرقة النور» الإسرائيلية أعلنت تنظيم سلسلة حفلات موسيقية خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري في يافا، وحيفا، وبئر السبع، وعدد من المدن الأخرى، تخليداً لذكرى مرور نصف قرن على رحيل أم كلثوم.
وتتولى المطربة فيوليت سلامة تقديم الأغنيات بمشاركة نحو 30 عازفاً ضمن ما وصفته وسائل الإعلام الإسرائيلية بـ«الاحتفاء بتراث الغناء العربي الكلاسيكي». غير أن هذا الإعلان لم يلقَ استحساناً في مصر، بل أثار موجة رفض وغضب جماهيري ورسمي، وسط دعوات لضرورة التصدي قانونياً لما اعتبره كثيرون «سطواً على التراث الفني المصري».

وفي أول رد من أسرة أم كلثوم، عبّرت جيهان الدسوقي، حفيدة شقيقة «كوكب الشرق»، عن رفضها القاطع لما وصفته بـ«الاعتداء على رمزية أم كلثوم ومكانتها في وجدان العرب». وقالت في مداخلة هاتفية مع الإعلامي شريف عامر في برنامج «يحدث في مصر» عبر شاشة «MBC مصر»: «أم كلثوم ليست مجرد مطربة، بل رمز خالد في وجدان المصريين والعرب، ومكانتها تعادل مكانة الأهرامات في التاريخ المصري».
وأضافت الدسوقي أن «ما تقوم به الفرقة الإسرائيلية هو اغتصاب للتراث المصري»، منتقدة «استغلال صوت وصورة (كوكب الشرق) دون إذن مسبق أو تنسيق مع أسرتها أو الجهات المعنية في مصر».
وأكدت أن ما يحدث يُعد انتهاكاً صارخاً للحقوق الفنية والثقافية المصرية، مضيفة: «أم كلثوم هي مصر، وصوتها لا يمكن أن يكون في إسرائيل. لا وألف لا لحفلات إسرائيلية بصوتها، ومصر كلها ترفض ذلك».
من جانبه، قال فوزي إبراهيم، الأمين العام لجمعية المؤلفين والملحنين، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الجمعية لا تتعامل مع الإذاعة أو المؤسسات الإسرائيلية»، معتبراً أن «أي تعاون من هذا النوع يمثل شكلاً من أشكال التطبيع المرفوض».
وأضاف أن «ما حدث يمثل عملية سرقة فنية جديدة»، موضحاً أنه «قد سبق لإسرائيل سرقة أفلام مصرية وعرضوها على شاشاتهم دون وجه حق، وسنبحث هذا الأمر في الجمعية لاتخاذ موقف قانوني واضح».
في سياق متصل، أكد المحامي ياسر قنطوش، وكيل أسرة أم كلثوم، لـ«الشرق الأوسط»، بدء التحرك القانوني ضد الفرقة الإسرائيلية، موضحاً أن «الملكية الفكرية حق أبدي لصيق بالمبدع لا يسقط بمرور الزمن، كما أن هناك شركة مالكة لحقوق الاستغلال هي المنوط بها متابعة هذه القضايا، وسنتخذ إجراءات قانونية ضدها؛ لأنها تتحمل مسؤولية الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية للفنانة الراحلة».
وأشار إلى ثقته بأن «الفرقة لن تتمكن من إقامة حفلاتها دون تصريح قانوني واضح؛ لأن ذلك قد يعرّضها للمساءلة الدولية».

من جهته، قال المنتج محسن جابر صاحب حقوق استغلال تراث أم كلثوم لـ«الشرق الأوسط»: «أنا أدافع عن حقوقي في أي مكان في العالم، ولو تم الاعتداء على تراثنا داخل إسرائيل، فلن أترك الأمر يمرّ مرور الكرام».
وكانت جيهان الدسوقي، حفيدة شقيقة أم كلثوم، قد اتهمت في شهر يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، شركة «صوت الفن» لصاحبها المنتج محسن جابر بـ«بيع حقوق استغلال بعض أغنيات أم كلثوم لإسرائيل»، معتبرةً ذلك «تعدياً على إرث فني وقومي لا يقدَّر بثمن».

