«نادي لكلّ الناس» يصون ذاكرة لبنان عبر السينما

نجا الأشقر يروي لـ«الشرق الأوسط» رحلة حفظ التراث البصري من الاندثار

«نادي لكلّ الناس» يُرمّم ملامح لبنان عبر الصوت والصورة (الشرق الأوسط)
«نادي لكلّ الناس» يُرمّم ملامح لبنان عبر الصوت والصورة (الشرق الأوسط)
TT

«نادي لكلّ الناس» يصون ذاكرة لبنان عبر السينما

«نادي لكلّ الناس» يُرمّم ملامح لبنان عبر الصوت والصورة (الشرق الأوسط)
«نادي لكلّ الناس» يُرمّم ملامح لبنان عبر الصوت والصورة (الشرق الأوسط)

«نادي لكلّ الناس» هو محاولة مستمرّة منذ عقود لإنقاذ الذاكرة السينمائية المهدَّدة بالضياع وبناء لغة مشتركة لفَهْم تاريخ لبنان والمنطقة عبر الصورة. يعمل على برمجة مجموعة من الأفلام السينمائية والموسيقى التراثية، المحلّية والعربية، ورقمنتها وترميمها ونشرها وتوزيعها، خصوصاً تلك التي تنتمي إلى الإنتاجات البديلة المُستقلّة أو المُهمَّشة أو المعرَّضة للاندثار.

نجا الأشقر يحرس ذاكرة السينما اللبنانية (حسابه الشخصي)

على مرّ السنوات، لم يكتفِ «نادي لكلّ الناس» بالعرض داخل قاعة مُغلقة، فنظَّم مئات الفعاليات لخَلْق تبادل ثقافي بين الأجيال وتأمين عبور هذا التراث من الماضي إلى الحاضر، ومن المحلّي إلى الخارج. فقد وزَّع أكثر من 70 فيلماً، من بينها أعمال لمخرجين شكَّلوا الوعي البصري والسياسي للبنان والمنطقة مثل مارون بغدادي، وبرهان علوية، وجان شمعون، وغيرهم. الفكرة كانت أنّ هذه الأفلام لا يجوز أن تبقى في متناول قلّة، فتراها الأجيال الجديدة، هنا وأبعد.

عام 2023، انتقل «نادي لكلّ الناس» إلى مبنى «السفير» في منطقة الحمرا، وأنشأ هناك مكتبة تضمّ أرشيفاً ورقياً وسمعياً وبصرياً، تحوَّلت إلى «مستودع ذاكرة» مُتاح للباحثين والطلّاب والصحافيين والراغبين. جُهّز المكان بمكتبة أفلام وغرفة صغيرة مُخصَّصة لحفظ الأشرطة السينمائية، أُنشئت داخل أحد مخازن المبنى، بهدف حماية الإنتاجات الثقافية المحلّية وضمان فضاء آمن لتخزين المواد، الأصلية منها وغير الأصلية. أي إنّ النادي لم يعد فقط يعرض الأفلام ويُناقشها، وإنما يحفظها مادياً ويحميها من التلف ويعيد ضخّها في الحياة الثقافية.

الأرشيف يُخبر حكاية بلد لم يتصالح بعد مع ماضيه (الشرق الأوسط)

من خلال جمع هذه الأفلام، تعمل المكتبة السمعية البصرية التابعة للنادي على خَلْق ذاكرة جماعية حريصة على إحياء تراث السينما اللبنانية والفلسطينية، خصوصاً تلك التي أُنتجت بين ستينات القرن الماضي وثمانيناته، أي المرحلة التي حملت أشرس الأسئلة السياسية والوجودية في المنطقة، ودفعت السينما إلى أن تكون شاهدة؛ وأحياناً شاهدة خطرة. ويمتدّ هذا الجهد إلى الموسيقى؛ إذ أسهم النادي في أرشفة أعمال فنانين ورقمنتها بوصف التراث الصوتي جزءاً من الذاكرة العامة لا يقلّ أهمية عن الصورة المتحرّكة.

يتحدَّث الرئيس التنفيذي، المدير الفنّي لـ«نادي لكلّ الناس»، نجا الأشقر، لـ«الشرق الأوسط»، عن شغف العُمر. يقول: «كنّا طلّاب جامعات، نرى تاريخنا يتشكَّل أمامنا من دون أن يُكتَب. شعرنا بأنّ فكرة إنشاء نادٍ سينمائي مساحة ضرورية للحوار، خصوصاً حول السينما اللبنانية التي لم تنل حقّها من الإنصاف. جاء (نادي لكلّ الناس) ليُعبّر عن جيل من الشباب يبحث عن مكانه وسط تاريخ مُبعثر يمتدّ من الحرب الأهلية نحو الاجتياح الإسرائيلي وسلسلة الأزمات التي عصفت بالبلاد».

في كلامه، يتراءى المشروع صرخة دفاع عن الذاكرة. في تلك المرحلة، كما يروي، كان لبنان يعيش تحوّلات داخلية عنيفة، ولم تكن ثمة نوادٍ سينمائية تُعبّر عمّا يحدُث وتفتح نقاشاً حوله. يستعيد الأشقر محاولات سابقة في السبعينات لتأسيس تجمُّع سينمائي برؤية أشخاص مهتمّين بالمسألة البصرية ودور الصورة في الوعي العام، من بينهم إبراهيم العريس ووليد شميط. هذه التجارب، كما يقول، تركت أثراً، و«نادي لكلّ الناس» استفاد منها ومن قراءتها، ليضع حجر الأساس لمساحة سينما بديلة مستقلّة في لبنان، مُذكّراً بأنّ المنطقة أيضاً كانت تملك نماذج مُلهمة في مصر وسوريا وتونس والعراق، فيما التجربة السينمائية اللبنانية نفسها كانت مُشتَّتة ومزيجاً من سينما نضالية ذات نَفَس سوفياتي، ثم محاولات فردية متواضعة بعد الحرب.

الأفلام المؤجّلة التي أنقذها النادي تتحوّل إلى ذاكرة الأجيال الجديدة (الشرق الأوسط)

من هذه الفجوة وُلد النادي. من حاجة البلد إلى حفظ إرثه السينمائي وإلى النقاش المفتوح. تأسَّس ليعرض أفلاماً ويُناقشها مع الجمهور، فيُدخل الناس في صلب الأسئلة التي تحملها هذه الأفلام، لا أن يتركها ترقد في الأدراج أو في ذاكرة قلّة.

بقوله إنّ «النادي اتّخذ من التواصل مع الناس قوّته»، يعلن أنه لم يكن مكاناً نخبوياً مُغلقاً في العاصمة. نسج مؤسِّسُه علاقات مع المُخرجين ليعرض أفلامهم، لكنه لم يحصرها في مكان واحد أو جمهور واحد. حمل الأفلام إلى الناس من دون خلفية مذهبية أو آيديولوجية، «فيما كان كلّ شيء خارجاً لتوّه من الاشتعال والانقسام».

بهذه الطريقة، تحوّل النادي إلى نقطة عبور ثقافي. قوته بدأت من الجامعات، ثم امتدَّت إلى المناطق، وعادت إلى بيروت، ثم خرجت منها لكَسْر مركزيّتها الثقافية.

إضاءة على ما نُسي من تاريخ بيروت الثقافي (الشرق الأوسط)

يختصر نجا الأشقر هذا المسار: «أردنا التطلُّع إلى الماضي بعين المستقبل». فدور «نادي لكلّ الناس» تجاوز عرض أفلام لم تُنصَف يوماً، وامتدَّ أيضاً إلى الاهتمام بالأرشيف السينمائي ورقمنته واستعادة أفلام مُبعثرة أو مفقودة لإعادتها إلى الحياة.

بالنسبة إلى الأشقر، الأرشيف عمل إنقاذي. يقول: «هذه الأفلام ينبغي أن تُعرَض من دون رقابة عليها». يذكُر أنّ انتقادات وُجِّهت إلى النادي بحجّة «أنكم تُذكّرون الناس بالحرب الأهلية»، وحرَّكت بعض المَشاهد حساسية أو انزعاجاً لدى جمهور ما بعد الحرب. ردُّه في كلّ مرة كان أنّ الهدف ليس تعميق الجرح؛ «الهدف هو الجَمْع على رواية تاريخية مُشتركة».

في هذا السياق، يستعيد مقولة للأديب الراحل إلياس خوري بأنّ التاريخ «عبارة عن مجموعة قصص»، ليؤكد أنّ ما يقوم به «نادي لكلّ الناس» هو بالضبط محاولة حماية هذه القصص من المحو. فالدفاع عن الأرشيف السينمائي اللبناني، وعرضه، وتوثيقه، ووضعه بين الأيدي، بالنسبة إليه، مسؤولية أخلاقية.

هذا الجهد خرج منذ زمن من نطاقه المحلّي الضيق. فالمكتبة السينمائية والموسيقية التي أسَّسها النادي بدأت تُغذّي نقاشاً عربياً حول الذاكرة البصرية والسياسية. بعض الأفلام التي أُعيد ترميمها أو استخراجها من العتمة وصلت إلى مهرجانات عربية. الأشقر يُسمّيها «السينما المؤجَّلة»؛ أي الأفلام التي لم تُشاهدها سوى قلّة، تلك التي أنجزها مخرجوها ثم تفرّقوا في الأصقاع، فيما بقيت أعمالهم يتيمة بين أشرطة قديمة وأدراج مُغلقة.

جهدٌ فردي تحوَّل إلى مؤسَّسة تعيد وصل الأجيال بتراثها السينمائي (الشرق الأوسط)

وسط هذا كلّه، يستمرّ نجا الأشقر. منذ أواخر التسعينات إلى اليوم، بقي إيمانه ثابتاً: «لا بدّ أن يلتقي اللبنانيون ويقرأوا تاريخهم ويعترفوا بأخطائهم». يرى في السينما أحد الأماكن القليلة المُتبقّية التي يمكن للبنانيين أن يقفوا فيها معاً أمام شاشة واحدة ويسمعوا روايات بعضهم بعضاً من دون أن يُطلقوا النار.

ولا يتعامل مع هذا العمل بمنطق الإنجاز السريع أو الضجيج الإعلامي. لا يستعجل. يعمل على مهل. يدرك حجم المسؤولية الملقاة عليه. يبدو أحياناً أنه الرجل الذي اختار، عمداً، أن يحمل ذاكرة غيره كي لا تسقط، حتى لو كان الثمن أن يُهمل هو نفسه بكونه مخرجاً مُحتَملاً أو مؤلِّف صورة.


مقالات ذات صلة

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

تحت شعار «في حب السينما»، انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة، وسط حضور كبير لنجوم وصنّاع السينما، يتقدمهم الأمير

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان) play-circle 01:19

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

تحت شعار «في حب السينما»، انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة.

إيمان الخطاف (جدة)
سينما «البحر الأحمر» يكشف عن أفلام سعودية جديدة

«البحر الأحمر» يكشف عن أفلام سعودية جديدة

افتتح مهرجان «البحر الأحمر» دورته الخامسة، يوم الخميس، بفيلم بريطاني الإنتاج عنوانه «عملاق» (Giant)، ويستمر حتى 13 من الشهر الحالي.

محمد رُضا (جدة)
سينما «نيموندايو» (أنايا برودكشنز)

شاشة الناقد: عن الزمن والطبيعة في فيلمين أحدهما أنيميشن

تُحيك المخرجة البرازيلية تانيا أنايا فيلمها الأنيميشن بعيداً عن معظم التجارب في هذا النوع من الأفلام. هو ليس عن حيوانات ناطقة ولا بطولات بشرية خارقة.

محمد رُضا (جدّة)
يوميات الشرق الفيلم تناول قصة حب امتدت لـ3 مراحل (مهرجان فينيسيا)

المخرج اللبناني سيريل عريس: «نجوم الأمل والألم» يرصد آثار الحرب الأهلية

قال المخرج والمؤلف اللبناني، سيريل عريس، إن فيلمه «نجوم الأمل والألم» لم يكن ليخرج إلى النور لولا الدعم الذي حصل عليه من «مؤسسة البحر الأحمر».

أحمد عدلي (القاهرة)

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
TT

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)

تحت شعار «في حب السينما»، انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة، وسط حضور كبير لنجوم وصنّاع السينما، يتقدمهم الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة، وجمانا الراشد، رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي، إلى جانب أسماء سعودية بارزة في مجالات الإخراج والتمثيل والإنتاج.

ويواصل المهرجان، الذي يمتد من 4 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، ترسيخ موقعه مركزاً لالتقاء المواهب وصناعة الشراكات في المنطقة. وشهدت سجادة المهرجان الحمراء حضوراً مكثفاً لشخصيات سينمائية من مختلف دول العالم. وجذبت الجلسات الحوارية الأولى جمهوراً واسعاً من المهتمين، بينها الجلسة التي استضافت النجمة الأميركية كوين لطيفة، وجلسة للممثلة الأميركية كريستن دانست، وجلسة لنجمة بوليوود إيشواريا راي. وافتُتح المهرجان بفيلم «العملاق»، للمخرج البريطاني - الهندي روان أثالي، في عرضه الأول بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو فيلم يستعرض سيرة الملاكم البريطاني اليمني الأصل نسيم حميد بلقبه «ناز».

ويسعى المهرجان هذا العام إلى تقديم برنامج سينمائي متنوع يضم عروضاً عالمية مختارة، وأعمالاً من المنطقة تُعرض للمرة الأولى، إضافة إلى مسابقة رسمية تستقطب أفلاماً من القارات الخمس. كما يُقدّم سلسلة من الجلسات، والحوارات المفتوحة، وبرامج المواهب، التي تهدف إلى دعم الأصوات الجديدة وتعزيز الحضور العربي في المشهد السينمائي الدولي.


السعودية تحصد 6 جوائز في «التميز الحكومي العربي 2025»

جانب من حفل جائزة التميز الحكومي العربي 2025 (الشرق الأوسط)
جانب من حفل جائزة التميز الحكومي العربي 2025 (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تحصد 6 جوائز في «التميز الحكومي العربي 2025»

جانب من حفل جائزة التميز الحكومي العربي 2025 (الشرق الأوسط)
جانب من حفل جائزة التميز الحكومي العربي 2025 (الشرق الأوسط)

حقّقت السعودية إنجازاً جديداً في مسيرة التطوير والابتكار الحكومي، بحصدها 6 جوائز، ضمن جائزة التميز الحكومي العربي 2025، في حفل أقيم بمقر جامعة الدول العربية في القاهرة، بما يعكس التقدم المتسارع في كفاءة العمل الحكومي السعودي وتبنيه أعلى المعايير العالمية في الإدارة والخدمات.

وفازت السعودية في الدورة الحالية عن فئات «أفضل هيئة أو مؤسسة حكومية عربية»، و«أفضل مبادرة عربية لتطوير التعليم»، و«أفضل مبادرة عربية لتطوير القطاع الصحي»، و«أفضل تطبيق حكومي عربي ذكي»، إلى جانب فئتي «أفضل مدير عام لهيئة أو مؤسسة عربية».

كما تضمنت الجوائز، التي حققتها السعودية، جائزة «أفضل موظفة حكومية عربية»، حيث فازت بدور خوجة، مدير وحدة الإثبات والتطبيق في إدارة الذكاء الاصطناعي بوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، تقديراً لدورها في توظيف التقنيات الحديثة في تحسين كفاءة الخدمات الحكومية.

نماذج حكومية

وشمل الحفل تكريم 26 فائزاً من النماذج الحكومية المتميزة، قدّموا مشاريع ومبادرات وُصفت بالملهمة في تطوير الخدمات وتحسين جودة حياة المواطن العربي. واستحدثت الجائزة في هذه الدورة فئة جديدة بعنوان «أفضل مبادرة عربية لتصفير البيروقراطية» ضمن الفئات المؤسسية، في ترجمة للتوجه المتزايد نحو تبسيط الإجراءات الحكومية واعتماد حلول رقمية مرنة وسريعة.

أكّد محمد القرقاوي، رئيس مجلس أمناء الجائزة، أن «جائزة التميز الحكومي العربي» تهدف إلى تطوير الخدمات، وتكريم الشخصيات، وإلهام الحكومات، وإبراز التجارب الناجحة في العالم العربي، مشدداً على أن «الغاية الأولى والأخيرة هي خدمة الناس وتحسين حياتهم».

وأوضح أن الحكومات القادرة على قيادة العقد المقبل هي تلك التي تتبنى عقلية القطاع الخاص في المرونة وسرعة الاستجابة للمتغيرات والتركيز على المتعاملين، والنظر إلى التحديات بوصفها فرصاً للنمو والتطور، معتبراً أن المرونة والاستباقية «مسيرة دائمة في التميز الحكومي، وليستا إصلاحات جزئية».

وأشار القرقاوي إلى أن استحداث فئة «أفضل مبادرة عربية لتصفير البيروقراطية»، ما ينسجم مع هدف خلق خدمات حكومية بسيطة ومرنة وخالية من التعقيدات، كاشفاً عن قفزة كبيرة في حجم المشاركة بهذه الدورة، حيث ارتفع عدد المشاركات إلى نحو 14.9 ألف مشاركة عربية، مقابل نحو 5 آلاف في الدورة الأولى، وقفزت طلبات الترشح من 1500 طلب إلى أكثر من 6.6 ألف طلب في الدورة الحالية، في مؤشر على تنامي الوعي العربي بأهمية التميز الحكومي، وتعزيز الإصرار على مواصلة «رحلة التميز» على مستوى المنطقة.

الفائزون في صورة تذكارية جماعية (الشرق الأوسط)

منبر للاحتفاء

من جانبه، أكّد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن الجائزة أصبحت «منبراً للاحتفاء بالعطاء والإبداع والابتكار في العمل الحكومي»، موضحاً أنها لا تقتصر على لحظة تكريم، بل تمثل «رسالة ونداءً» لكل المستويات الحكومية بأن المبادرة إلى تغيير الواقع وتطويره أمر ممكن وواجب في آن واحد. وشدّد على أن روح المبادرة وجرأة تغيير الواقع إلى الأفضل «هي الروح المطلوبة في العمل الحكومي»، وأن الالتزام الأول لأي مسؤول عربي هو البحث عن سبل تحسين أداء المؤسسة التي يقودها، بما ينعكس على رفاه المواطن وجودة حياته.

26 فائزاً

وعلى مستوى النتائج الإجمالية، توزعت قائمة الفائزين بين عدد من الدول العربية؛ إذ بلغ عدد المكرمين 26 فائزاً، بينهم 6 من السعودية، فيما حصدت الأردن 4 جوائز، من بينها وزارة الصناعة والتجارة والتموين، ودائرة الجمارك الأردنية، ومشروع «شباب قادر على التكيف مع التغيرات ومُمكَّن اجتماعياً واقتصادياً»، إلى جانب تتويج الدكتور يوسف الشواربة، أمين عمّان، بجائزة «أفضل مدير بلدية في المدن العربية».

ونالت البحرين 3 جوائز عبر مشروع «الخدمات الإسكانية الإلكترونية التكاملية» بوزارة الإسكان والتخطيط العمراني، والبرنامج الوطني لتدريب وتأهيل المعلمين الجدد، إضافة إلى مبادرة «التدريب الزراعي» ضمن فئة التكريم الخاص.

وحصدت عُمان 3 جوائز، تمثلت في فوز سلطان الحبسي، وزير المالية، بجائزة «أفضل وزير عربي»، وتكريم عبد الرحمن البوسعيدي، مدير مشروع الإدارة الذكية في وزارة العمل، بجائزة «أفضل موظف حكومي عربي»، إلى جانب مبادرة «قدرات» بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية في شناص كإحدى أبرز مبادرات تمكين الشباب.

فيما ذهبت جائزتان لدولة الكويت عبر الهيئة العامة لمكافحة الفساد «نزاهة» عن مبادرتها لتطوير العمل الحكومي، وتطبيق «سهل» الحكومي.

وسجّلت مصر حضوراً لافتاً بـ5 جوائز ومبادرات، من أبرزها منظومة البنية المعلوماتية للتطعيمات بوزارة الصحة والسكان، ومشروع تنمية جنوب الوادي بتوشكى، ومبادرة تطوير «حي الأسمرات»، إلى جانب تكريم لمياء مصطفى من شركة مياه الشرب بالإسكندرية عن فئة «أفضل موظفة حكومية عربية».

كما شملت قائمة الفائزين منظومة «الحياة المدرسية» في تونس، ومبادرة «الخدمات الصحية الحكومية» من وزارة الصحة في فلسطين، ومبادرة «العودة إلى التعليم» من وزارة التربية في العراق، بما يعكس طيفاً واسعاً من المشاريع التنموية في التعليم والصحة والبنية التحتية وتمكين الشباب على امتداد العالم العربي.


بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

TT

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)

تحت شعار «في حب السينما»، انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة، وسط حضور كبير لنجوم وصنّاع السينما من مختلف أنحاء العالم، تقدمهم الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي، وجمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي، إلى جانب أسماء سعودية بارزة في مجالات الإخراج والتمثيل والإنتاج.

ويواصل المهرجان، الذي يمتد من 4 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، ترسيخ موقعه كمركز لالتقاء المواهب وصناعة الشراكات في المنطقة.

وشهدت سجادة المهرجان الحمراء حضوراً مكثفاً لشخصيات سينمائية من مختلف دول العالم، كما شاركت وجوه لامعة في عروض وجلسات حوارية خلال النهار، وجذبت الجلسات الأولى جمهوراً واسعاً من المهتمين، من بينها الجلسة التي استضافت النجمة الأميركية كوين لطيفة، وجلسة للممثلة الأميركية كريستن دانست، وجلسة لنجمة بوليوود إيشواريا راي.

وافتتح المهرجان دورته الخامسة بفيلم «العملاق»، للمخرج البريطاني - الهندي روان أثالي، في عرضه الأول بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو فيلم يستعرض سيرة الملاكم البريطاني اليمني الأصل نسيم حامد بلقبه «ناز».

ويسعى المهرجان هذا العام إلى تقديم برنامج سينمائي متنوع يضم عروضاً عالمية مختارة، وأعمالاً من المنطقة تُعرض للمرة الأولى، إضافة إلى مسابقة رسمية تستقطب أفلاماً من القارات الخمس.

كما يقدّم المهرجان سلسلة من الجلسات، والحوارات المفتوحة، وبرامج المواهب، التي تهدف إلى دعم الأصوات الجديدة وتعزيز الحضور العربي في المشهد السينمائي الدولي.