يعتقد خبراء الفنّ أنهم حلّوا لغز بورتريه يُصوّر جندياً أسود مجهولة هويته سابقاً، وهو معلّق في المتحف الوطني للجيش.
يعود تاريخ البورتريه إلى أعقاب انتصار دوق ويلينغتون على نابليون في معركة واترلو عام 1815، وهو يصوّر أحد الجنود السود القلائل في الجيش البريطاني الذين حصلوا على وسام واترلو.
ونقلت «بي بي سي» عن الباحثين قولهم إنّ العمل الفني يُرجَّح أنه يعود إلى توماس جيمس، الذي جاء من مونتسيرات في منطقة الكاريبي، وخدم في فرقة «الفرسان الثامنة عشرة الخفيفة».
ووصف مدير المتحف، جاستن ماسيجيفسكي، العمل بأنه «رائع»، مشيراً إلى أنه تذكرة بأنّ الجيش البريطاني اعتمد دائماً على أفراد من خلفيات عدّة ومختلفة يتحدّون من أجل «قضية مشتركة».
ويقول المتحف إنّ البورتريه يُعدُّ مميزاً لأنه كان «نادراً جداً» أن يظهر جندي قديم غير أبيض من قدامى محاربي واترلو في لوحة فنّية تعود إلى القرن التاسع عشر.

وبعد حصول أمناء المتحف الواقع في تشيلسي على العمل الفنّي في وقت سابق من هذا العام، أرادوا الكشف عن القصة وراءه.
وقالت أمينة قسم الفنون في المتحف، آنا لافيل، إنّ الشخص المرسوم يجب أن يكون واحداً من 9 جنود سود فقط معروفين بحصولهم على وسام واترلو، كما يظهر في البورتريه.
وقلَّص الباحثون قائمة المرشحين بشكل أكبر بناءً على عناصر أخرى ظهرت في البورتريه. علَّقت لافيل: «تلك العناصر وُضعت هناك لسبب؛ فهي تروي قصة».
وأوضحت أنّ الجندي يرتدي معطفاً من الفراء ويحمل صنجاً، ممّا يعني أنه من المرجّح جداً أنّه كان ينتمي إلى فوج من سلاح الفرسان.
ووفق السجلات، خدم توماس جيمس، القادم من منطقة الكاريبي، في فرقة «الفرسان الثامنة عشرة الخفيفة»؛ وهو فوج الفرسان الوحيد الذي كان له دور مهم في معركة واترلو.
وكشفت بحوث أخرى عن أنّ جيمس أُصيب بجروح بالغة خلال قيامه بمهمَّة حراسة أمتعة الضباط خلال المعركة؛ وهو عمل قد يكون أكسبه لوحة مرسومة بتكليف من أحد الضباط، وفق لافيل.
وبناءً على هذه التفاصيل، خلُص الباحثون إلى أنّ جيمس هو المرشح «الأكثر ترجيحاً».
ووفق المتحف، بصفته موسيقياً، كان جيمس يلعب دوراً حيوياً داخل وخارج ساحة المعركة، إذ كانت الآلات تُستخدم لنقل الأوامر في القتال ولأغراض الترفيه. واستمرّ في الخدمة مع الفوج لسنوات قبل أن يتركها ويطالب بمعاشه العسكري.
وبمساعدة خبراء الحفاظ على الآثار في جامعة لينكولن، أُجري تحليل متعمّق للعمل الفنّي باستخدام تقنيات متخصّصة. وساعد هذا في الكشف عن المواد التي قد يكون الفنان استخدمها وعن تاريخ إنشاء اللوحة.
ومن خلال هذا العمل، يعتقد الباحثون أيضاً أنهم حدّدوا هوية الفنان، وهو توماس فيليبس (1770-1845)، رسّام البورتريهات البارز الذي رسم عدداً من الشخصيات المجتمعية المهمّة.
ويُعتقد أنّ ضابطاً رفيعاً ربما يكون قد كلَّف برسم بورتريه جيمس عرفاناً بجهوده.
وإضافةً إلى تحليل اللوحة، شرع فريق جامعة لينكولن في ترميمها وإعادتها إلى بهائها الأول. وقالت المديرة المُشاركة لمؤسّسة لينكولن للترميم ريانون كلاريكوتس: «عمل فريقنا بشكل دقيق وشاق لإزالة طبقات من الورنيش متغيّر اللون والطلاء الزائد غير الأصلي، ممّا كشف عن تفاصيل دقيقة وإضاءات لم تكن مرئية سابقاً، مما يسمح للجمهور بتجربة العمل الفنّي كما كان مقصوداً في الأصل».
ثم أضافت: «كان شرفاً لنا أن نُسهم في هذا المشروع، الذي لم يقتصر على الحفاظ على السلامة المادية للوحة فحسب، وإنما على أهميتها الثقافية والتاريخية للأجيال القادمة أيضاً».
وقال ماسيجيفسكي: «نحن فخورون بالكشف عن قصة هذه الصداقة الحميمة والشجاعة». وأضاف: «هذه اللوحة الرائعة لتوماس جيمس تذكّرنا بأنّ جيشنا اعتمد دائماً على الجنود والأفراد العسكريين من خلفيات مختلفة عدّة، الذين اجتمعوا من أجل قضية مشتركة، سواء لمواجهة نابليون، أو هتلر، أو التهديدات الأحدث للسلام والأمن».







