«حَلَق» أمينة خليل يُجدد الجدل بشأن «التفاوت الطبقي» في مصر

لميس الحديدي تعجَّبت من تحول كلامها للفنانة المصرية إلى «تريند»

الفنانة المصرية أمينة خليل (قناة النهار)
الفنانة المصرية أمينة خليل (قناة النهار)
TT

«حَلَق» أمينة خليل يُجدد الجدل بشأن «التفاوت الطبقي» في مصر

الفنانة المصرية أمينة خليل (قناة النهار)
الفنانة المصرية أمينة خليل (قناة النهار)

«ناس عايشة... وناس كويس إنها عايشة»؛ واحدة من الجمل التي ترددت على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي بمصر، في ظل حالة الجدل المجتمعي التي أثارتها تصريحات الفنانة المصرية أمينة خليل للإعلامية لميس الحديدي في برنامجها «الصورة» على قناة «النهار»، وذلك على هامش فعاليات «مهرجان الجونة».

وفي حين أعربت الحديدي عن إعجابها بـ«حَلَق» أمينة، ردّت الأخيرة بأنّه من العلامة التجارية الشهيرة «زارا» (ZARA)، قائلة: «ده زارا عادي». وأبدت لميس الحديدي اندهاشها من أن فنانة كبيرة تختار إكسسواراتها من «زارا»، لتؤكد أمينة أنها لا تنشغل بالماركات، وأن الأهم بالنسبة لها هو أن تكون ملابسها متناسقة معاً.

انتقل السؤال وجوابه سريعاً إلى منصات التواصل الاجتماعي في مصر، ليثيرا جدلاً ونقاشاً واسعين بين المستخدمين حول التفاوت الطبقي في المجتمع المصري، معتبرين أن كلمة «عادي» تحمل نظرة «تقليل» لعلامة تجارية تُصنَّف، في نظر كثيرين، بأن أسعارها لا تتناسب مع المستهلك المصري.

وتعد «زارا» (ZARA)، سلسلة من المحلات التجارية التي تنتمي إلى المجموعة الإسبانية «إندتكس»، وتمتلك ماركات مثل «ماسيمو دوتي»، و«بول آند بر»، و«أويشو»، و«أوتيرك» (Uterqüe)، و«ستراديفاريوس»، و«بيرشكا».

وجاء الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي في أكثر من صورة؛ إذ رأى بعضهم أن كلمات الفنانة المصرية تعكس فجوة متسعة بين الطبقات في البلاد. كما انشغل آخرون في تحليل الموقف، معتبرين أنه يُعبّر عن خلل اجتماعي، وأن «كل طبقة لديها همومها».

واهتم آخرون بإظهار الفوارق الطبقية بين عالمين مختلفين، حيث تداول قطاع آخر من الرواد سعر القرط من ماركة «زارا»، لافتين إلى أن سعره لا يتجاوز 1500 جنيه مصري (نحو 31 دولاراً)، وهو ما عدّه بعضهم «غالياً جداً»، في حين رأى آخرون أنه «رخيص بالنسبة لفنانة مشهورة». وقد حلل آخرون هذا الموقف بأن الطبقة الاجتماعية تؤثر على نظرتنا للأشياء، حتى لو كانت مجرد إكسسوار بسيط.

الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن ردود الفعل التي تلت التصريح تكشف عن واقع اجتماعي مُنقسم. مبيناً أن مصر لم تعد مجتمعاً واحداً بل يمكن وصفها بـ«شعبين»، فهناك فجوات طبقية حادة تلخصها عبارة «نحن شعب وأنتم شعب»، مؤكداً أن هذا الانقسام والتفاوت الطبقي العالي جعل الطبقات العليا لا ترى الطبقات الدنيا، والعكس صحيح، وهو ما أدى إلى وجود مجتمعين مختلفين، يتمثلان في «مصر» و«إيجبت».

الإعلامية لميس الحديدي (حسابها الشخصي على فيسبوك)

ويشير صادق إلى أن الفجوة الطبقية العميقة تتجسّد في كل تفاصيل الحياة اليومية، بداية من نوعية الطعام والملابس، وصولاً إلى السكن والمصايف والتعليم. ويضيف أن هذا التناقض الاقتصادي خلق ثقافة مختلفة: ثقافة للأغنياء تترسخ في نوعية الملابس والسيارات، وثقافة أخرى للفقراء الذين لا يجدون ثمن الطعام أو المواصلات الأساسية.

ويرى أستاذ علم الاجتماع أن التعليقات الكثيرة والسخرية اللاذعة التي طالت الفنانة لم تكن مجرد نقد عابر، بل تعكس إحباطاً اجتماعياً متراكماً وغِيرة طبقية عميقة، مبيناً أن ردود الفعل تأتي كونها محاولة من الطبقة الدنيا لإحداث توازن اجتماعي بشكل رمزي عبر النقد أو السباب أو السخرية، لتعويض إحساسها بالنقص المادي.

ومع اعتلاء اسم المذيعة وضيفتها «التريند»، نال النقد الإعلامية لميس الحديدي، حيث عبّر بعضهم عن أن سؤالها ورد فعلها ينمّان عن انفصال متزايد بين الإعلام وواقع الناس.

هذا ما دفع الإعلامية للخروج مجدداً لتبدي تعجبها من تحول كلامها والفنانة المصرية إلى «تريند»، قائلة: «أنا وأمينة خليل و(زارا) عاملين تريند»، مشيرة إلى أن الأمر خرج عن سياقه الطبيعي، معدَّة أن الجدل الذي أُثير حوله يعكس مبالغة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

هنا، يشير الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي في جامعة القاهرة، إلى أن ردود الفعل العنيفة المصاحبة لواقعة المذيعة والفنانة تكشف عن مشكلة عميقة في الوعي الاجتماعي، هي «وهم المساواة»، موضحاً أن «جمهور وسائل التواصل الاجتماعي يتخيل أنه سواسية في القدرات والإمكانيات، متناسياً أننا خُلقنا درجات، وهناك فروق مادية واجتماعية ومهارية واسعة بين الأفراد، ويجب التسليم بهذا بدلاً من الشعور بالإحباط أو الحقد على الآخرين».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «كثيرين على منصات التواصل يُنصبّون أنفسهم أطباء نفسيين، حيث يأخذون الكلمات العفوية أو العادية (مثل «زارا عادي») ويحللونها تحليلاً مفرطاً، مما يؤدي إلى لوم الذات وإحباطهم لأنفسهم أكثر مما هم محبطون، ما جعل إجابة الفنانة تتحول إلى أزمة».

جانب من لقاء الإعلامية لميس الحديدي مع الفنانة أمينة خليل (قناة النهار)

ويرى «فرويز» أن جانباً من الأزمة يتمثل أيضاً في غياب الوعي لدى الجمهور في التعامل مع انفتاح وسائل الإعلام و«السوشيال ميديا»، «فالناس لم تتعوّد على الانفتاح الإعلامي، ولم يكتسبوا بعد الوعي والثقافة الكافيين لتمييز ما يجب تصديقه أو ما هو مجرد رأي عابر، أو مبالغة يستخدمها كثيرون للتباهي. وغياب هذا الوعي هو ما يخلق كل هذه المشكلات الاجتماعية».

وفي إطار النقد «السوشيالي»، لم تغب السخرية أيضاً في كثير من التعليقات، التي تناولت الفوارق الطبقية في مصر والتفاخر بـ«الماركات» عبر توظيف الفكاهة والتعليقات الطريفة.


مقالات ذات صلة

«مناوبة متأخرة»... فيلم ألماني يرد الاعتبار للممرضات في مهرجان «البحر الأحمر»

يوميات الشرق الفيلم يركزعلى الصعوبات التي تواجه الممرضات في عملهن (الشركة المنتجة)

«مناوبة متأخرة»... فيلم ألماني يرد الاعتبار للممرضات في مهرجان «البحر الأحمر»

ترى المخرجة أن مهنة التمريض رغم اعتمادها على النساء فإنها لا تمنحهن التقدير المستحق، ولذلك تسعى إلى إبراز هذا التناقض والاعتراف بقيمة جهودهن الحقيقية.

أحمد عدلي (جدة)
يوميات الشرق بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)

من «المنطقة المميتة» إلى شاشات جدة... حين تتحوَّل القمم إلى مرآة للإنسان

قدَّم وثائقي «سبع قمم» سيرة رجل فَقَد ملامح المدير التنفيذي عند «المنطقة المميتة» في "إيفرست"، ليبقى أمام عدسة الكاميرا إنساناً يسأل نفسه: لماذا أواصل؟

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ‎لحظة تاريخية لتكريم النجم البريطاني مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

«البحر الأحمر» يُعيد للسينما سحرها... افتتاح مدهش يُكرّم مايكل كين ويحتفي بالبدايات الجديدة

مثل عادة المهرجانات، اتّجهت الأنظار نحو السجادة الحمراء، فامتلأت «الريد كاربت» الواقعة في منطقة البلد التاريخية بطيف نادر من نجوم السينما العالمية...

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان) play-circle 01:19

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

تحت شعار «في حب السينما»، انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة.

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق خلال حضورها حفل افتتاح مهرجان البحر الأحمر السينمائي (إدارة المهرجان)

نينا دوبريف تستعيد مسيرتها الفنية في «البحر الأحمر السينمائي»

بدت الممثلة البلغارية الكندية، نينا دوبريف، خلال ندوة خصصت لها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» وكأنها تعيد قراءة الطريق الذي قادها إلى التمثيل.

أحمد عدلي (جدة)

من دون قهوة... كيف تتغلب على النعاس بعد تناول الغداء؟

الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
TT

من دون قهوة... كيف تتغلب على النعاس بعد تناول الغداء؟

الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)

هل تجد صعوبة في إبقاء عينيك مفتوحتين بعد الغداء؟ كثيراً ما يبدأ الناس يومهم بنشاط ثم تنهار طاقتهم بعد الغداء. هناك العديد من الأسباب التي تجعل الأشخاص يشعرون بانخفاض نشاطهم في فترة ما بعد الظهر، وخاصةً بين الساعة الواحدة ظهراً والرابعة عصراً.

كشف الدكتور أنتوني ريفي، اختصاصي النوم السلوكي في مركز هنري فورد الصحي: «الإيقاع اليومي الطبيعي لجسمنا، وهو الساعة الداخلية التي تعمل على مدار 24 ساعة وتساعد على تنظيم عملياتنا البيولوجية، يرسل إشارات إلى الدماغ خلال النهار ليبقينا متيقظين ونشيطين. مع حلول وقت الغداء، تنخفض هذه الإشارات مما قد يجعلنا نشعر بالنعاس».

إليك طرق تساعدك في التغلب على نعاس ما بعد الظهر دون احتساء رشفة من القهوة:

استمع إلى الموسيقى

أثبتت الدراسات أن الاستماع إلى موسيقى مُبهجة يُحسّن المزاج ومستوى الطاقة. للحفاظ على نشاطك خلال النهار بعد الغداء، أنشئ قائمة تشغيل لأغانٍ مُبهجة لتسلية نفسك. ولأن الموسيقى نشاط ممتع في كثير من الأحيان، فإنها تُحفز إفراز هرمون السعادة الذي يُبقيك نشيطاً.

استمر بالحركة

إذا شعرت بالنعاس بعد تناول الطعام بعد الظهر، يمكنك الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك. يعتقد الخبراء أن ممارسة الرياضة تُنشط عقلك وجسمك. كما أنها تُعرّضك للهواء النقي والإضاءة الطبيعية، مما يُحقق لك نتائج جيدة.

اخرج إلى الشمس

اخرج إلى الشمس لضبط ساعتك البيولوجية وتوفير فيتامين «دي» الضروري. يمكن لأشعة الشمس الطبيعية أن تمنع إنتاج هرمون النوم (الميلاتونين) في جسمك. إذا كنت في المكتب، ولا يسمح لك ذلك بالتعرض لأشعة الشمس، يمكنك تشغيل أضواء السقف الساطعة وتجنب الظلام، خاصةً بعد استراحة الغداء.

حافظ على رطوبة جسمك

يُعد الحفاظ على رطوبة الجسم أمراً بالغ الأهمية لأداء وظائفك اليومية. ويؤكد الباحثون أن الجفاف، حتى لو كان خفيفاً، قد يؤدي إلى التعب، مما قد يؤثر على قدرتك على التركيز. يقول الدكتور ريفي: «للأسف، يُصاب الكثير من الناس بالجفاف المزمن لمجرد أنهم لا يشربون كمية كافية من الماء لأداء أنشطتهم اليومية».

تناول غداءً متوازناً

احرص على تناول نظام غذائي متوازن غني بالبروتين والألياف والدهون الصحية خلال النهار. اتباع هذه النصيحة الواعية سيساعدك على التغلب على مشكلة النوم بعد الظهر، التي تأتي فجأةً بعد الغداء، خاصةً بين الساعة الأولى ظهراً والرابعة عصراً.

اتبع نمط نوم جيداً

النوم الجيد ليلاً أمرٌ لا غنى عنه، خاصةً إذا كنت تحاول إدارة انخفاض الطاقة بعد الغداء. يوصي الخبراء بأن ينام الشخص البالغ من 7 إلى 9 ساعات على الأقل ليلاً ليشعر بالنشاط خلال النهار. يوضح الدكتور ريفي: «كمية النوم التي يحتاج إليها كل شخص تختلف من فرد لآخر، وتتغير على مدار حياته».


«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
TT

«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)

لم يتخيّل المخرج البلجيكي جان فرانسوا رافانيان أن مقطعاً مصوَّراً عابراً على مواقع التواصل الاجتماعي سيقوده، بعد سنوات من البحث، إلى قلب أفريقيا، وتحديداً إلى قرية نائية في غامبيا، ليغوص عميقاً في مأساة إنسان يُدعى «باتيه سابالي».

الشاب الذي هزّ غرقُه في القناة الكبرى بالبندقية عام 2017 الرأيَ العام العالمي، حين اكتفى العشرات من المتفرجين بالصراخ وإطلاق الإهانات العنصرية بدلاً من مدّ يد العون له، كان مقطعُ الفيديو المصوَّرُ له الشرارةَ الأولى لفيلمه الوثائقي «الشاطئ الأخير»، الذي يحاول أن يعيد لهذا الشاب اسمه وصوته وحكايته.

قال رافانيان لـ«الشرق الأوسط»، إنه يتذكّر اللحظة الأولى جيداً؛ «كان الأمر صفعةً. رأيتُ الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، كما شاهده آلاف غيري في ذلك الوقت. صدمتني اللامبالاة، والكلمات العنصرية، والجمود الكامل أمام غرق شاب لا يحاول أحد مساعدته. في البداية لم أفكّر في فيلم؛ فكّرتُ بصفتي صحافياً: مَن هذا الشاب؟ ماذا حدث؟ ولماذا لم يتحرّك أحد؟».

وأضاف المخرج، الذي عُرض فيلمه للمرة الأولى عربياً في مهرجان «الدوحة السينمائي»، أن الأمر تحوّل إلى هاجس، بيد أنه اصطدم منذ اللحظة الأولى بحقيقة أن التحقيقات في إيطاليا كانت مغلقة بالكامل، مما جعل الوصول إلى أي معلومة أمراً معقّداً وصعباً.

المخرج البلجيكي (الشركة المنتجة)

ولأن الطريق إلى الحقيقة كان مسدوداً، اختار المخرج البلجيكي طريقاً آخر، وهو البحث عن عائلة باتيه. يقول: «استغرق الأمر عامين كاملين لأجد أثرهم في غامبيا، وعندما وصلت أخيراً إلى القرية، أدركت أن الغضب الذي اجتاحني أمام شاشة الكمبيوتر في أوروبا كان صورة مختلفة. فالعائلة دعتني إلى رؤية الأمور من زاوية أخرى: زاوية الفقد، والغياب، والبحث عن المعنى. عند تلك اللحظة تغيّر الفيلم تماماً».

يشير رافانيان إلى أن «أصعب ما واجهته في البداية لم يكن الطبيعة أو الظروف، بل بناء الثقة مع العائلة»، مضيفاً: «عندما تصل إلى قرية بعيدة، وتكون غريباً، عليك أن تدرك أن لكل عائلة سرديّتها الخاصة. كان عليّ أن أجد الطريقة المناسبة للوقوف بالكاميرا، وأن أتجنّب أي منظور قد يُشعِرهم بأننا نمسك بموقع قوة أو وصاية. الثقة كانت المفتاح، لا الأدوات ولا الموقع ولا التقنية».

وعن ظروف التصوير في القرية، يشرح رافانيان أن «الفريق كان صغيراً للغاية؛ كنت أنا، ومدير التصوير، ومساعدة تنتمي إلى مجتمع الفولا، تتحدث لغتهم وتفهم ثقافتهم. ولم تكن المسألة لغةً فقط، بل سلوكاً ومعتقدات ونظرة إلى الحياة. كنا نقيم في القرية أياماً طويلة بلا كهرباء، نصحو مع الفجر وننام مع المغيب؛ لا فنادق ولا راحة، فقط الحياة اليومية كما هي. وكل 8 أيام نعود إلى المدينة لشحن البطاريات وإحضار حاجات العائلة، ثم نعود من جديد. كان الوجود الدائم ضرورياً، لأن أقرب مدينة تبعد أربعين دقيقة بالسيارة، ولأن الحياة في القرية تبدأ وتنتهي مبكراً».

المخرج حاول تسليط الضوء على هوية العائلة في فيلمه (الشركة المنتجة)

اختار المخرج ألّا يُظهر باتيه، رغم امتلاكه صوراً عدّة له سواء من العائلة أو من الإنترنت، لكنه لم يرغب في استخدامها، وهو ما يفسّره قائلاً: «أردتُ أن يراه الجمهور من خلال غيابه، كما تعيشه عائلته. أردتُه غائباً، حاضراً بالصوت وبالأثر. فالصوَر قد تعيد تجسيده، لكنها قد تُسطّح ما تعرّض له، بينما الصوت، صوت العائلة وذاكرتها، يعيد إنسانيته كاملة».

وعن كيفية حماية العائلة في هذا النوع من الأفلام الحسّاسة، يقول رافانيان إن ما فعله يشبه عمل الصحافة أكثر منه عملاً سينمائياً؛ فالعائلة لم تكن تعرف تفاصيل ما حدث في القناة، ولم يرغب في أن يضع الفيديو أمامهم أو أن يعرّضهم لصدمة جديدة. وحين سألته الأم عمّا وقع لابنها، قال لها الحقيقة بالكلمات. ويضيف: «لم تشأ أن ترى الفيديو، واكتفت بأن تعرف. كان هناك أيضاً تقريرٌ من 200 صفحة صادر عن السلطات الإيطالية، لم يكن من حقّهم الحصول عليه، فساعدناهم على الوصول إليه. كان الفيلم أيضاً وسيلة لكشف الحقيقة لهم، ولإنصافهم أسرياً».

لم يُنكر المخرج البلجيكي وجود صعوبات عدّة أثناء التصوير في غامبيا، من الإجراءات الأمنية والبيروقراطية المعقّدة، إلى عدم اعتياد السكان على الكاميرا، فضلاً عن عزلة القرية نفسها وافتقارها إلى الكهرباء والمياه العامة، واعتماد حياتها اليومية على الزراعة وتربية النحل. لكنه، رغم ذلك، لا يُخفي سعادته بهذه التجربة التي وثّقت اسم «باتيه سابالي».


رابح صقر وناصر نايف يفتتحان «صدى الوادي» بليلة طربية في وادي صفار

وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
TT

رابح صقر وناصر نايف يفتتحان «صدى الوادي» بليلة طربية في وادي صفار

وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)

ساعات من الطرب والحماسة شهدتها أولى حفلات برنامج «صدى الوادي» في وادي صفار، مع صقر الأغنية الخليجية رابح صقر، والفنان ناصر نايف، ضمن فعاليات موسم الدرعية.

وانطلقت، الخميس، أولى حفلات برنامج «صدى الوادي»، في مشهد جمع بين القيمة التاريخية للمكان والإيقاع الفنّي الذي يُقدّمه موسم الدرعية 25-26، ضمن برامجه التي تمزج بين التاريخ والتراث والسياحة والترفيه.

وبدأت الأمسية على المسرح المفتوح بتصميمه الذي ينسجم مع الطبيعة الآسرة لوادي صفار شمال غربي مدينة الرياض، مع الفنان السعودي الشاب ناصر نايف الذي تفاعل معه الجمهور وهو يؤدّي أغنياته المُحبَّبة.

وتصاعدت حماسة الحضور مع ظهور صقر الأغنية الخليجية رابح صقر الذي لفت الأنظار بأدائه في عدد من أغنياته، أبرزها: «يوم ما أنا ضحّيت ما أقصد جحود»، و«حبيبي اللي همّه رضاي»، إلى جانب أداء ناصر الاستثنائي في «نسايم نجد»، و«خلي الليالي سعادة»، ومجموعة أخرى من الأغنيات التي أشعلت شتاء وادي صفار في أولى حفلات موسم الدرعية هذا العام.

الفنان ناصر نايف خلال الحفل (موسم الدرعية)

الفنان رابح صقر خلال الحفل (موسم الدرعية)

ويأتي اختيار وادي صفار لتنظيم الأمسية لما يمثّله من قيمة تاريخية وموقع حيوي كان على مدى العصور مَعْبراً للمسافرين وقوافل التجارة، وملتقى اجتماعياً لأهالي الدرعية، قبل أن يتحوَّل اليوم إلى مسرح مفتوح يحتضن فعاليات ثقافية وفنية تعكس حضور الموسم وتنوّع عروضه. ويندرج هذا الحفل ضمن برنامج موسيقي واسع يشارك فيه فنانون من أبرز الأسماء العربية؛ من بينهم: فنان العرب محمد عبده، وقيثارة العرب نوال، وراشد الفارس، وأميمة طالب، وفنانو حفل اليوم، الجمعة، عايض يوسف، وزينة عماد، بالإضافة إلى مجموعة من المواهب السعودية الممّيزة.

أجواء تراثية وطربية في ليالي «صدى الوادي» (موسم الدرعية)

ويُقدّم برنامج «صدى الوادي» سلسلة من الحفلات التي تستضيف أبرز الفنانين في العالم العربي، عبر إثراء التجربة الفنية لزوار موسم الدرعية من خلال عروض موسيقية متنوّعة تشمل السامري وفنون الأداء الجماعي، وتُبرز جماليات المكان بتكوينه الطبيعي وشواهده التاريخية.

وتشمل تفاصيل «صدى الوادي» تجربة متكاملة تبدأ باستقبال الزوار بطابع الضيافة السعودية، مروراً بعروض شعرية وغنائية، وصولاً إلى مرافق فنّية ومعارض تفاعلية، من بينها معرض السامري الذي يُقدّم سرداً بصرياً وثقافياً لتراث فنون الأداء النجدية عبر تقنيات رقمية وآلات موسيقية معروضة، بما يعزّز دور البرنامج في الحفاظ على الفنون التقليدية وإبرازها بأسلوب معاصر.