العالم يُودّع رائدة بحوث الشمبانزي وصوت الطبيعة جين غودال

العالِمة البريطانية غيَّرت نظرة العالم إلى الحيوان والإنسان وتركت إرثاً عميقاً

رحيل أيقونة البيئة والعلوم جين غودال (إ.ب.أ)
رحيل أيقونة البيئة والعلوم جين غودال (إ.ب.أ)
TT

العالم يُودّع رائدة بحوث الشمبانزي وصوت الطبيعة جين غودال

رحيل أيقونة البيئة والعلوم جين غودال (إ.ب.أ)
رحيل أيقونة البيئة والعلوم جين غودال (إ.ب.أ)

عن عمر 91 عاماً، رحلت العالمة والمفكرة البارزة، جين غودال، التي اشتهرت ببحوثها الميدانية الرائدة والمباشرة حول حيوان الشمبانزي، ووثّقت سلوكه الفردي المتميّز وقدرته على استخدام الأدوات.

ووفق «أسوشييتد برس»، أصبحت غودال، الناشطة البيئية، شخصية محبوبة وذات شهرة واسعة، إذ تجاوز تأثيرها حدود الأجيال بفضل ظهورها في الأفلام الوثائقية والبرامج التلفزيونية، إلى جانب جولاتها حول العالم لإلقاء محاضرات جذبت جمهوراً غفيراً في كلّ مكان.

أبرز المدافعات عن الطبيعة (أ.ف.ب)

ونعى «معهد جين غودال» العالِمة الراحلة عبر منشور على «إنستغرام»، موضحاً أنها توفيت لأسباب طبيعية خلال وجودها في كاليفورنيا ضمن جولة محاضرات في الولايات المتحدة.

وصرَّح المعهد، الذي يتخذ من واشنطن العاصمة مقراً له، بأنّ اكتشافاتها «أحدثت ثورة في العلوم، وكانت مُدافعة لا تعرف الكلل عن حماية عالمنا الطبيعي واستعادته».

وخلال سنوات معايشتها للشمبانزي في أفريقيا قبل عقود، وثَّقت غودال سلوكيات كانت تُعدُّ آنذاك حكراً على البشر. وقد أسهمت ملاحظاتها، إلى جانب ظهورها في المجلات والأفلام الوثائقية في ستينيات القرن الماضي، في تغيير النظرة العالمية ليس فقط تجاه أقرب الكائنات إلى الإنسان من الناحية البيولوجية، بل أيضاً تجاه التعقيد العاطفي والاجتماعي الذي تتمتّع به جميع الحيوانات، مما جعلها إحدى أبرز الشخصيات في الوعي العالمي.

إرث علمي وإنساني خالد تركته رائدة دراسة الشمبانزي (إ.ب.أ)

وعلّقت غودال في مقابلة مع «أسوشييتد برس» عام 2021: «حين تعيش في عزلة بأحضان الطبيعة، تغدو جزءاً منها، من دون أن تتعارض إنسانيتك مع ذلك. كأنما روحك تتجاوز جسدك حينئذٍ، فتبدأ فجأة بسماع أصوات مختلفة، وتشمّ روائح جديدة، ليغمرك إحساس بأنك جزء لا يتجزأ من هذه اللوحة الرائعة للحياة».

ولم تفقد غودال يوماً الأمل بالمستقبل. فقد كان من المقرّر أن تلتقي مجموعة من الطلاب والمعلمين لإطلاق مشروع غرس 5 آلاف شجرة في المناطق المتضرّرة من حرائق الغابات في منطقة لوس أنجليس. غير أنّ المنظمين تلقّوا نبأ وفاتها مع بدء الفعالية في «أكاديمية EF» بمدينة باسادينا، وفق ما أفادت المتحدّثة شونا مارينو.

وأُقيمت دقيقة صمت حداداً على روحها، ثم زُرعت أول شجرة تخليداً لذكراها. وقالت مارينو: «لا أعتقد أنّ هناك وسيلة أفضل لتكريم إرثها من اجتماع ألف طفل تحت شعارها».

كرّست حياتها لحماية الطبيعة (أ.ف.ب)

وكرَّست غودال عقوداً من سنواتها الأخيرة للتعليم والدعوة إلى القضايا الإنسانية وحماية الطبيعة. وبلهجتها البريطانية المميّزة، اشتهرت بقدرتها على الموازنة بين عرض الحقائق القاسية المرتبطة بأزمة المناخ، وتقديم رسالة صادقة ومُفعمة بالأمل تجاه مستقبل الكوكب.

ومن مقرّها في بلدة بورنموث الساحلية البريطانية، واصلت السفر لنحو 300 يوم في السنة، حتى بعد بلوغها سنّ التسعين، لإلقاء المحاضرات العامة. وكانت خطاباتها، إلى جانب رسائلها الجادة، لا تخلو أحياناً من الدعابة، سواء من خلال تقليد صرخات الشمبانزي، أو ممازحتها الشهيرة بأن «طرزان اختار جين الخطأ».

وبعد وفاتها، انهالت رسائل النعي والتكريم من منظمات حقوق الحيوان، وزعماء سياسيين، ومحبّين من مختلف أنحاء العالم، احتفاءً بإرثها الإنساني والعلمي العميق.


مقالات ذات صلة

ذهب تحت الحديقة... فرنسي يعثر على ثروة تُقارب المليون دولار

يوميات الشرق لحظة مُفاجئة غيَّرت حياة صاحبها (غيتي)

ذهب تحت الحديقة... فرنسي يعثر على ثروة تُقارب المليون دولار

في واقعة استثنائية أثارت فضول الفرنسيين، عثر رجل في مدينة نوفيل سور سون بشرق فرنسا على كنز ذهبي...

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق نظرة ثابتة اعتادتها عدسات الكاميرات (ويكيبيديا)

سرّ جاذبية «لاري» في وثائقي جديد

لم تخلُ مسيرة «لاري» من معارك، أبرزها مع القط «بالمرستون» الذي كان يقيم في وزارة الخارجية قبل تقاعده عام 2020.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق راما دوجي وزوجها زهران ممداني عمدة مدينة نيويورك (رويترز)

راما زوجة زهران ممداني أقامت في بيروت لتعانق جذورها

رغم محاولتها البقاء في الظل، فإن السورية راما دوجي زوجة عمدة نيويورك الجديد زهران ممداني تثير الفضول، لظهورها الخاطف وصمتها المطبق، خاصة بعد فوزه في الانتخابات.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق اعتذار علني يفتح نقاشاً حول الولاء والرمزية الرياضية (رويترز)

الأمير هاري يعتذر لكندا بسبب قبعة

اعتذر دوق ساسكس لكندا عن ارتداء قبعة «لوس أنجليس دودجرز» خلال حضوره مباراة بطولة العالم ضد «تورونتو بلو جايز».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق كهف أشبه بـ«عاصمة العناكب» (جامعة ترانسلفانيا)

«مدينة العناكب العملاقة»... كهف يضم أكثر من 100 ألف عنكبوت

قد تكون «المدينة العنكبوتية الضخمة» أكبر شبكة عنكبوتية اكتُشفت على الإطلاق، ولكن ما بداخلها يبدو أكثر إثارة للدهشة...

«الشرق الأوسط» (لندن)

قصر عابدين التاريخي بمصر لاحتضان أشهر الاحتفالات الدولية

إحدى قاعات قصر عابدين (موقع رئاسة الجمهورية)
إحدى قاعات قصر عابدين (موقع رئاسة الجمهورية)
TT

قصر عابدين التاريخي بمصر لاحتضان أشهر الاحتفالات الدولية

إحدى قاعات قصر عابدين (موقع رئاسة الجمهورية)
إحدى قاعات قصر عابدين (موقع رئاسة الجمهورية)

يشهد قصر عابدين التاريخي بوسط القاهرة استضافة حفل «ذا جراند بول» (The Grand Ball)، بحضور أمراء وأميرات من الأسر النبيلة والحاكمة حول العالم، وفق بيان للمركز الإعلامي بمجلس الوزراء المصري، السبت.

ويستعد قصر عابدين الذي يتمتع بطابعه التراثي المميز، لاستضافة حفل «ذا جراند بول» للمرة الأولى في مصر، ويقام الحدث بتنظيم Noble Monte-Carlo ليجمع بين الأناقة والفخامة والتاريخ العريق في قلب القاهرة.

ووفق بيان مجلس الوزراء، من المتوقع أن يضع هذا الحدث مصر على خريطة أشهر الاحتفالات الأرستقراطية الدولية، مؤكداً مكانتها بوصفها وجهة عالمية للثقافة والفن والتراث، ولتصبح ثاني دولة عربية تستضيف هذا المحفل الفريد. وفق البيان.

ويشارك في الحدث التاريخي الذي يقام احتفاء بحملة مانحي الأمل، وفق تقارير متلفزة، عدد من أصحاب السمو الملكي والنبلاء من أشهر البيوت الملكية في أوروبا، ومن بينهم الأميرة بياتريس دي بوربون، والأمير جواتشيم موراه. ويحضر الحدث ممثلون للأمير ألبير الثاني أمير موناكو، بالإضافة إلى شخصيات حكومية رفيعة المستوى من فرنسا وعدد من الدول الأوروبية.

ووفق الهيئة العامة المصرية للاستعلامات، تعد مراسم «الجراند بول» أحد أفخم وأهم الاحتفالات الخيرية الملكية بالعالم، وتقام فى القاهرة للمرة الأولى بالتاريخ ضمن فعاليات ختام حملة مانحي الأمل العالمية، ومدتها ثلاثة أيام متتالية تحت رعاية وتنسيق رسمي من وزارات الخارجية والشباب والرياضة والسياحة والآثار بمصر بالإضافة إلى مؤسسات محلية ودولية ومنظمات أممية.

ومن المقرر أن يقام الحفل تحت رعاية الأمير ألبرت الثاني أمير موناكو، وبحضور كبار العائلات الملكية في أوروبا، ونجوم هوليوود، وشخصيات بارزة في الفنون والسياسة والعمل الإنساني من مختلف دول العالم.​

مشهد لحديقة بقصر عابدين (موقع رئاسة الجمهورية)

ويعد قصر عابدين من القصور الرئاسية ذات الطابع التاريخي، وتصفه التقارير الرسمية بأنه «جوهرة القرن التاسع عشر»، وقد شهد الكثير من الأحداث التي أسهمت في قيام مصر بوصفها دولةً مستقلة. وكان القصر منذ إنشائه عام 1863 حتى ثورة 1952 شاهداً على العديد من الأحداث الاجتماعية والسياسية التي مرت بمصر، وفق الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية.

وتم إنشاء القصر ضمن مخطط الخديوي إسماعيل لإعادة تخطيط القاهرة، التي تعرف الآن بالقاهرة الخديوية، وأقيم على أطلال منزل قديم كان يملكه «عابدين» بك أحد أمراء الأتراك، وعند البدء في بناء قصر عابدين تم ردم عدة برك كانت موجودة، ودأب الخديوي إسماعيل لعدة سنوات على شراء الأملاك المجاورة حتى وصلت مساحة الأرض إلى نحو 25 فداناً.

وتقام احتفالية «ذا جراند بول» الملكية في قصر عابدين، السبت، وسط أجواء ملكية تجمع بين الفخامة الأوروبية وعراقة التاريخ المصري، مع عروض موسيقية كلاسيكية، فيما تم تنظيم بعض مراسم حملة مانحي الأمل العالمية يوم الجمعة في متحف الحضارة المصرية في الفسطاط، ويقام اليوم الأخير في مدينة الفنون بالعاصمة الإدارية الجديدة، يشارك في الحدث نحو 100 شخصية مرموقة، بينهم أكثر من 80 من أكبر أثرياء العالم، إضافة إلى ممثلين رسميين عن قصور العائلات الحاكمة الأوروبية، وفق هيئة الاستعلامات المصرية.


«جلباب المتحف الكبير» يفجر سجالاً بشأن الزي الشعبي المصري

المصريون من فئات مختلفة زاروا المتحف الكبير وعبروا عن فخرهم به (إ.ب.أ)
المصريون من فئات مختلفة زاروا المتحف الكبير وعبروا عن فخرهم به (إ.ب.أ)
TT

«جلباب المتحف الكبير» يفجر سجالاً بشأن الزي الشعبي المصري

المصريون من فئات مختلفة زاروا المتحف الكبير وعبروا عن فخرهم به (إ.ب.أ)
المصريون من فئات مختلفة زاروا المتحف الكبير وعبروا عن فخرهم به (إ.ب.أ)

تفجّر سجال حول «الزي الشعبي المصري» المتمثل في «الجلباب البلدي»، عقب تعليق من الإعلامية سمر فرج فودة (ابنة الكاتب الراحل فرج فودة) على صورة انتشرت بوسائل «السوشيال ميديا» خلال الأيام الماضية، لرجل وزوجته في زيارة للمتحف المصري الكبير وهما يرتديان الزي الشعبي الشهير في مصر.

وتصدر اسم سمر فودة «الترند» على «غوغل» و«إكس» في مصر، السبت، عقب تدوينة كتبتها معلقة على الصورة التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر فيها زوجان بالجلباب البلدي البسيط يمسكان يد بعضهما، ويسيران في مدخل المتحف المصري، ويتأمل الزوج الآثار والمبنى المحيط بنظرة إعجاب وفخر، وهي الصورة التي حظيت بانتشار واسع واحتفاء من مستخدمي وسائل التواصل عدوها تعبر عن «الأزياء المصرية الأصيلة».

وكتبت سمر مؤكدة أن هذا الزي لا يمثل مصر، وأن مصر معروفة باعتدادها بالأزياء الأنيقة على أحدث الصيحات، وتمثلها أزياء السيدات في الأربعينات والخمسينات التي كانت تنافس أزياء الباريسيات والإنجليزيات في ذلك الوقت. منتقدة الملابس التي تعطي انطباعاً دينياً للسيدة الموجودة في الصورة.

لتعود بعد ساعات وتعتذر عن التعليق مدونة: «أعتذر عن أي شيء قد مس قلوب المصريين بالسلب، أعتذر للزوجين، فهما بالتأكيد فخر لنا جميعاً»، وأكدت أنها حذفت المنشور لأن المتابعين لم يفهموا وجهة نظرها، مؤكدة أن أهلها من الفلاحين، وأنها لم تتطرق لـ«الجلابية الفلاحي» للرجال.

وتوالت التعليقات على منشور سمر فودة، بل وظهر ما يمكن اعتباره «ترند» يدعو الجميع لارتداء الجلباب الصعيدي والفلاحي كدليل على الأصالة والزي الشعبي للمصريين، وتفاعلت سمر فودة نفسها مع هذا «الترند»، ونشرت تعليقاً على صفحتها بـ«فيسبوك» على سبيل المزاح والفخر لشخص كتب: «وسيشهد التاريخ أن سمر فودة لبّست مصر كلها جلاليب في 6 ساعات».

المتحف المصري شهد حضوراً متنوعاً منذ افتتاحه (إ.ب.أ)

وتوالت التعليقات التي استنكرت ما اعتبروه تهكماً من سمر فودة على الجلباب، وتعرضت لانتقادات حادة، في حين أوضحت هي في اعتذارها أنها تعتز بالجلباب البلدي ولم تقصد التطرق إليه، وإنما كانت تنتقد أزياء لها دلالات دينية، تراها دخيلة على المجتمع المصري.

وعدت المتخصصة في التراث الشعبي، الدكتورة فاتن صلاح سليمان: «الجلباب البلدي المصري مميز منذ المصريين القدماء»، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «الصورة التي انتشرت والتعليق عليها بأنها لا تمثل المصريين أخذا منحى غريباً، وهناك أمثلة كثيرة تؤكد ارتباط هذا الزي بالمصريين منذ القدم، فهو قريب جداً من أزياء الكهنة المصريين المعروضة في بعض متاحف العالم»، وأكدت فاتن أن «الجلباب المصري لا مثيل له في العالم، ويختلف عن الجلباب السوداني أو العربي أو المغربي، وهذا الزي انتشر في الفترة القبطية، وكان يصنع من القماش القباطي المصري، وهو خليط من القطن والكتان، وله شكل مميز للغاية».

وقالت إن «هذا الزي يمثل الهوية المصرية ومشرّف لأي شخص يرتديه، ويعبر عن الأصالة والثقافة المصرية الخالصة، والمفروض أن نعتز بهؤلاء الناس لأنهم يعبرون عن جزء مهم من موروثنا الثقافي الشعبي المصري».

ووصفت الدكتورة نهلة إمام، مستشارة وزير الثقافة المصري لشؤون التراث غير المادي، التعليق الذي نشرته سمر فودة، بشأن عدم تمثيل هذا الزي لهوية المصريين، بأنه «مؤلم بالنسبة لها»، وقالت في تصريحات متلفزة إن «الجلابية هي زي الفلاح المصري التقليدي، وتُعد جزءاً من هوية الشعب المصري وتاريخه، وعلينا أن نقدر هذا التراث ونفخر به».

وأشار الباحث في التراث الشعبي بأكاديمية الفنون المصرية، الدكتور عبد الكريم الحجراوي، إلى أن «الحديث عن الجلباب بأنه لا يعبر عن المصريين ولا يعبر عن وضعهم الحضاري، ويجب عدم الالتفات إليه لأنه يحمل قصوراً في الفكر»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «لا يصح بشكل من الأشكال أن نهين رمزاً يمثل الغالبية من سكان مصر، وأن نعتبر زياً لا يعبر عنا ولا يناسب المصريين حضارياً»، وأوضح أن «هذا الكلام حظي بتفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي؛ لأنه يمس كل المصريين تقريباً، ففي كل منطقة بمصر هناك نمط معين من الجلباب، ومن ثم يجب الاعتداد به واحترامه كزي شعبي ممتد منذ سنوات طويلة، ويجب عدم التعرض له بالإهانة أو التقليل من شأنه».

وقال الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، مؤسسة حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، إن «معظم شعوب العالم لها زي قومي مميز تفتخر به وترتديه على المستويين: القومي والشعبي، ويعد جزءاً لا يتجزأ من هويتها»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «يوجد زي له احترامه مرتبط بثقافة مناطق معينة وهوية مصر بشكل عام، مثل الجلباب والعمامة في الصعيد، والجلباب والطاقية بوجه بحري»، لافتاً إلى التنوع الثقافي في مصر والذي يعكسه الزي والفنون المرتبطة، مطالباً بـ«السعي لتسجيل هذه المفردات تراثاً عالمياً ثقافياً ضمن التراث اللامادي بـ(اليونيسكو)».


«النقد السينمائي الدولي» يناقش صناعة الأفلام في المهجر

جانب من مؤتمر النقد السينمائي بالرياض (الشرق الأوسط)
جانب من مؤتمر النقد السينمائي بالرياض (الشرق الأوسط)
TT

«النقد السينمائي الدولي» يناقش صناعة الأفلام في المهجر

جانب من مؤتمر النقد السينمائي بالرياض (الشرق الأوسط)
جانب من مؤتمر النقد السينمائي بالرياض (الشرق الأوسط)

خلصت النقاشات التي جرت ضمن فعاليات النسخة الثالثة من «مؤتمر النقد السينمائي الدولي» في الرياض حول «السينما خارج الحدود» إلى تأكيد أن السينما العربية خارج الحدود أصبحت مساحة للتعبير المتعدد، تجمع بين الذاكرة الأصلية والتجربة الجديدة، وتؤكد أن المخرج، أينما كان، يظل ابن بيئته الأولى، يحملها في رؤيته ولغته وأفكاره، حتى وهو يصنع أفلامه في المنفى.

الجلسة التي أدارها الناقد حسين الضو، وشارك فيها المخرج العراقي محمد الدراجي، ومؤسس مهرجان «مالمو» للسينما العربية، محمد قبلاوي، والمخرجة التونسية لمياء قيقة، تضمنت أحاديث موسعة حول علاقة السينما بالهوية، وتأثير الاغتراب واللغة والثقافة على التجارب الإبداعية للمخرجين العرب الذين يعملون خارج أوطانهم.

واستهل حسين الضو الجلسة بالإشارة إلى سعي المخرج إلى «استكشاف التحولات التي تصيبه عندما ينتج فيلمه خارج وطنه، وكيف تنعكس تلك التجربة على اللغة البصرية والموضوعات المطروحة في أفلامه»، موضحاً أن «الهجرة والانفتاح الثقافي أفرزا ما يمكن تسميته السينما الهجينة التي تحمل سمات متعددة وتتحرك بين أكثر من هوية».

وقالت المخرجة التونسية لمياء قيقة إن العلاقة بين السينما والنقد تُشبه «خطيْن متوازييْن يسيران في الاتجاه نفسه دون أن يلتقيا تماماً»، مؤكدة أن الحديث عن الإنتاج خارج الوطن يفتح أسئلة الهوية والانتماء، خصوصاً عندما يعيش المخرج في بيئة مغايرة ثقافياً.

مؤتمر النقد السينمائي ناقش صناعة الأفلام خارج الحدود (الشرق الأوسط)

وأضافت أن «كل مخرج يحمل لغته الأم وثقافته معه أينما ذهب»، وأن هناك اليوم موجة من السينما التي يمكن وصفها بـ«الهجينة»، تجمع بين الهوية الأصلية وتأثيرات المكان الجديد الذي يعيش فيه المبدع، موضحة أن «المخرجين والمخرجات التونسيين الذين يعيشون في الخارج يواصلون صناعة أفلامهم عن واقعهم الأصلي، رغم بعدهم الجغرافي».

وتطرقت لمياء قيقة إلى إشكالية التكرار في بعض التجارب العربية، قائلة: «لا يمكن إنكار أن هناك أفلاماً قُدمت بطريقة تستنسخ ما هو مطلوب جماهيرياً أو في المهرجانات، لكن في المقابل هناك درجة من الوعي لدى المخرجين الشباب الذين يحاولون مقاومة الصورة النمطية التي يفضّلها الغرب عن المجتمعات العربية». مؤكدة أن «تمكن المخرج من لغته السينمائية وجمالياته الخاصة هو ما يمنحه القدرة على التعبير بصدق، بعيداً عن محاولات الإرضاء أو التقليد».

من جانبه، قال المخرج محمد قبلاوي إن «المخرجين من أصول عربية في أوروبا ينتمون إلى أجيال مختلفة»، موضحاً أن «الجيل الأول حمل معه ذاكرة الوطن الأولى وتاريخه، في حين يتعامل الجيل الثاني مع الواقع من موقع المراقب»، مشيراً إلى أن الفارق بين «أن تُروى قصتك من الخارج أو أن ترويها بنفسك هو ما يُحدد عمق التجربة السينمائية».

وأضاف أن هناك اليوم ما بين 32 و35 مليون ناطق بالعربية في أوروبا، وأن هذا الوجود السكاني انعكس على حضور السينما العربية في المشهد الأوروبي، مشيراً إلى أن الهوية لم تعد ثابتة، بل أصبحت «تعددية»، وفق وصفه، مضيفاً: «فكل مخرج يرى طريقه الخاص في التعامل مع قضاياه، وأن المنظور الذي يقدمه المخرج المقيم في الغرب عن القضايا العربية يختلف بطبيعة الحال عن المخرج المقيم في وطنه».

أما المخرج محمد الدراجي فتحدث عن تجربته قائلاً إنه بصفته مخرجاً عراقياً عاش سنوات طويلة خارج بلاده، لكنه «ما زال يُفكر في العراق في كل فيلم يقدمه»، موضحاً أن «موضوعات أفلامه غالباً ما تبدأ من فكرة الحنين إلى الوطن، وأن مشاهد الافتتاح في معظم أعماله تتناول السفر، والمرأة، والطفل، والجندي» بوصفها رموزاً للبحث عن الذات والانتماء وجزءاً من تجربته الذاتية.

وأضاف الدراجي: «أحياناً أفكّر في تقديم فيلم بريطاني، لكنني أتراجع لأنني لست بريطانياً. أنا عراقي، وهذه هويتي التي لا تنفصل عن عملي»، مؤكداً أن المخرج عندما يكتب أو يخرج فيلمه «لا ينطلق من اتجاه محدد، بل من إحساسه الشخصي ورؤيته الخاصة»، وأنه يحاول أن يقدّم ما يؤمن به بعيداً عن التأثيرات الغربية أو ضغوط السوق.