في مدينة رين غرب فرنسا، وفي دير الرهبان اليعاقبة، يقام، حالياً وحتى منتصف الشهر المقبل، معرض بعنوان «العين في العين». وتأتي اللوحات المعروضة من مجموعة رجل الأعمال فرنسوا بينو، ثاني أغنى رجل في فرنسا، وهي عبارة عن رسوم «بورتريه» لوجوه مشاهير أو لأناس غير معروفين، تتميز كلها بنظرات تأسر أعين الزوار.
ومِثل كبار الأثرياء، مال بينو (89 عاماً) إلى اقتناء اللوحات والمنحوتات الممهورة بإمضاء كبار الفنانين. وخلال أكثر من خمسة عقود، تجمعت لديه ثروة موازية منها، بحيث اقتنى المبنى التاريخي القديم للبورصة، وسط باريس، وقام بتهيئته ليكون متحفاً لمجموعته الفنية التي تُعدّ، اليوم، من أهم المجموعات في العالم. ونظراً لكثرة المقتنيات التي تراكمت لدى صاحبها فإنه يخصص لها معارض في أماكن مختلفة من فرنسا.
معرض دير الرهبان هو واحد من تلك المعارض التي تختص بموضوع محدد، وهو يجمع نحواً من 90 لوحة تعكس تطور فن تصوير الوجوه، خلال عدة قرون. ولا تقتصر المعروضات على الرسم، بل هناك منحوتات وصور فوتوغرافية ولقطات من أفلام سينمائية. فالوجه هو عنوان صاحبه. ومن خلاله يمكن التمييز بين ما تعبير حقيقي، وما هو مفتعل، كما تعكس الأعمال كيفية تعامل الفنان مع ذلك التباين، حين يتواجه مع موضوع اللوحة أو الصورة مواجهة العين للعين.
ولمنح المعروضات الحيز الجدير بها، خصص الدير 6 مراحل مختلفة للزيارة، وهي دعوة للتفكير والتأمل بموضوع العلاقة مع صورة الفرد عن نفسه وصورة الآخر. وقد يبدو هذا الكلام فلسفياً، لكن هذا ما يؤكده المنظمون وما يُفردون له شروحاً في دليل المعرض. هل يمكن للملامح أن تقول عكس ما يُضمره صاحبها؟ وما الفرق، إذن، بين الوجه الطبيعي وصورة المهرج الذي يطلي وجهه بالأصباغ، أو الممثلة المسرحية التي يتطلب عملها أن تبالغ في الزينة؟
في العصور السابقة، كان الرسامون يصورون الأطفال بملامح بريئة كالملائكة، كما يتعمدون تجميل اللوحات الشخصية للملوك والأمراء، أو حتى القديسين المُتخيلين. ثم جاء التصوير الفوتوغرافي، الذي سحب البساط من تحت أقدام الأشكال المزوَّرة، أو المُعدَّلة، ليضع المرء أمام شكله الحقيقي. لكن أصابع التعديل أو«الرتوش» تسللت إلى ذلك الفن أيضاً.
ومِن بين الأعمال المعروضة تلفت النظرَ، بشكل خاص، أعمال المصورة الأميركية آني ليبوفيتز (75 عاماً) التي تخصصت في تصوير المشاهير من النجوم، وقدمت عنهم زاوية للنظر تختلف عن تلك الصور البراقة التي تُكرس الجمال وتبرزه في أحسن حالاته. ومنها لقطة للممثلة ميريل ستريب جرى أخذها في نيويورك عام 1981، وتبدو فيها كأنها تحاول نزع قناع مطاطي عن وجهها. وهناك لقطة للمصورة نفسها يبدو فيها الممثل براد بت ممدَّداً على سرير في نيفادا، 1994.


