تلعب التمارين الرياضية دوراً فعالاً في إعادة تأهيل المرضى المصابين بالعديد من الأمراض، وتعجل في العديد من تلك الحالات من وتيرة العلاج وتزيد من كفائته. ويُمكن أن تُلقي الأمراض المزمنة بظلالها الثقيلة على حياة المرضى. أما الآن، فتُحدث إعادة التأهيل القائمة على التمارين الرياضية نقلة نوعية بوصفها عامل تغيير جذري.
نستعرض في النقاط التالية كيف تسهم التمارين الرياضية في التقليل من خطورة 5 أمراض.
1 - الرجفان الأذيني
أظهر تحليل بيانات مُجمّعة لعدد من الأبحاث، أجراه فريق من الباحثين بقيادة جامعة ليفربول الإنجليزية، ونشر في «المجلة البريطانية للطب الرياضي»، أن إعادة التأهيل القلبي بالتمارين الرياضية يخفف من شدة وتكرار حدوث أكثر أشكال اضطراب نظم القلب شيوعاً، وهو الرجفان الأذيني (AF). كما تُحسّن القدرة العامة على ممارسة التمارين الرياضية والصحة النفسية، دون التسبب في أي آثار جانبية خطيرة.
ووفق بيان صحافي نشر، الثلاثاء، يحدث الرجفان الأذيني عندما لا تنقبض حجرات القلب العلوية (الأذينين) بشكل صحيح، بل تنتفض، مما يُعطل الإشارات الكهربائية إلى الحجرتين السفليتين (البطينين). ويمكن أن تشمل الأعراض خفقان القلب، وألم الصدر، والتعب، والدوار، وضيق التنفس. ويرتبط الرجفان الأذيني بزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية وقصور القلب.
وأظهر تحليل البيانات المجمعة للنتائج أن هذا النوع من إعادة التأهيل قلل من شدة الأعراض بنسبة 39 في المائة، وتكرار ومدة نوبات الرجفان الأذيني بنسبة 43 في المائة، وخطر تكرارها بنسبة 32 في المائة.
كما حسّن بشكل ملحوظ القدرة على ممارسة الرياضة، وكانت التأثيرات متسقة، بغض النظر عن نوع الرجفان الأذيني، أو «جرعة» إعادة التأهيل، أو خصائص المريض، أو طريقة تقديم العلاج.
ويقول الباحثون: «يُعزّز التدريب على التمارين الرياضية إعادة تشكيل الأذين بشكل إيجابي، بما في ذلك تقليل تصلب الأذين وتليفه، مما قد يُساعد في الحدّ من الظروف المُؤاتية للرجفان الأذيني، على الرغم من الحاجة إلى مزيد من البحث».
ويضيفون: «من المعروف أن التدريب على التمارين الرياضية له فوائد نفسية، بما في ذلك تقليل القلق والاكتئاب، وهما أمران شائعان لدى الأفراد المُصابين بالرجفان الأذيني، ويمكن أن يُفاقما من إدراك الأعراض».
2 – مرض الكلى المزمن
من ناحية أخرى، أظهرت دراسة نشرت، سبتمبر (أيلول) 2023، في دورية «كارنت أوبنين إن نيفرولوجي أند هيبرتينشين». أن إعادة التأهيل القائمة على التمارين الرياضية يمكن أن تُبطئ مرض الكلى المزمن، وتُعزز الاستعداد للزراعة والتعافي، وتُحسّن جودة الحياة.
قام باحثون في جامعة برونيل بلندن ومؤسسة مستشفى كينجز كوليدج التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية بتحليل أدلة حديثة محورية حول تأثير التمارين الرياضية على صحة الأشخاص المصابين بأمراض الكلى.
وقالت الدكتورة شارلين غرينوود، استشارية العلاج الطبيعي في مستشفى كينجز كوليدج: «تتوفر الآن مجموعة من الأدلة والمبادئ التوجيهية الخاصة بالكلى تدعم بقوة إطلاق تدخلات عملية وقابلة للتطوير قائمة على التمارين الرياضية للأشخاص الذين يُعانون من أمراض الكلى المزمنة».
وتكتسب تدخلات الإدارة الذاتية التي تُركز على النشاط البدني زخماً متزايداً في رعاية مرضى الكلى المزمن، مما يتطلب تطبيقاً مبكراً.
ووفق نتائج الدراسة، يُعد التحضير لجراحة زراعة الكلى والتعافي بعدها مرحلتين أساسيتين يمكن أن تُحدث فيهما إعادة التأهيل القائمة على التمارين الرياضية، مثل المشي والسباحة وركوب الدراجات، فرقاً حيوياً لمرضى الكلى المزمن.
3- سرطان الثدي
يمكن دمج التمارين الرياضية وإعادة التأهيل في رعاية سرطان الثدي، وفقاً لتجربة سريرية نُشرت نتائجها في دورية «كانسر»، بدءاً من التشخيص وطوال فترة الرعاية. وقد أبدى المشاركون آراءً إيجابية حول البرنامج، داعمين بذلك الجهود المبذولة لدمج خدمات التمارين الرياضية وإعادة التأهيل كجزء من الرعاية الروتينية لمرضى السرطان.
وأفادت النتائج بأن خدمات إعادة التأهيل تُعالج الاختلالات العصبية والعضلية الهيكلية، مثل ضعف نطاق حركة الكتف وإصابة الأعصاب الطرفية. وحسب مرحلة المريض في برنامج رعاية السرطان، قد يحتاج إلى كلتا الخدمتين في وقت واحد أو بالتزامن
ساعد الارتباط بخدمات التمارين الرياضية وإعادة التأهيل بشكل كبير في علاج أعراضهم بعد علاج السرطان. كما أفادوا بأن خدمات التمارين الرياضية وإعادة التأهيل طوال فترة رعايتهم كان لها تأثير إيجابي على مشاركتهم في النشاط البدني ووظائفهم البدنية.
4 - التصلب المتعدد
يوصي فريق من الخبراء في أبحاث التصلب المتعدد باتباع نهج منظم لدراسة آليات التدريب الرياضي لتحسين نتائج مرضى التصلب المتعدد.
في مقالة مراجعة نُشرت في مجلة التصلب المتعدد والاضطرابات ذات الصلة، في 16 أبريل (نيسان) 2024، أكد الباحثون أهمية اعتماد إطار عمل طبي تجريبي لتحسين تطوير وتقييم وتطبيق تدخلات التمارين الرياضية في إعادة تأهيل مرضى التصلب المتعدد.
التصلب المتعدد مرض مزمن، وغالباً ما يُسبب الإعاقة، يصيب الجهاز العصبي المركزي، ويُضعف الوظائف الحركية والإدراكية، ويُصيب ملايين الأفراد حول العالم. على الرغم من فعالية العلاجات الدوائية في الوقاية من انتكاسات التصلب المتعدد، فإنها ليست مصممة لتحسين الوظائف التي تتأثر سلباً بالمرض.
وكما صرح الباحث الرئيسي، الدكتور برايان ساندروف، المدير المساعد لمركز أبحاث علم النفس العصبي وعلم الأعصاب في مؤسسة كيسلر، ومدير مختبر أبحاث إعادة التأهيل العصبي بالتمارين الرياضية التابع للمركز: «من خلال فهم كيفية تأثير التمارين الرياضية على وظائف الجهاز العصبي المركزي في مرض التصلب العصبي المتعدد، يُمكننا تصميم وتحسين التدخلات التي تُحسّن الحركة والإدراك ونوعية الحياة».
5 - المصابون بالتهاب مفاصل الركبة
عادةً ما يُكلف العلاج الطبيعي لالتهاب مفاصل الركبة المرضى أكثر من غيرهم، وينطوي على عناء أكبر بكثير من حقنة الستيرويد السريعة لتسكين ألم المفصل.
ولكن على المدى الطويل، يُعد العلاج الطبيعي فعالاً من حيث التكلفة على الأقل مثل حقن الستيرويد، ومن المرجح أن يوفر راحة أطول أمداً، وفقاً لدراسة جديدة. وأوضح الباحث الرئيسي دانيال رون، مدير مركز أبحاث الجهاز العضلي الهيكلي للرعاية الأولية ومركز العلوم السريرية لـ «إنتريبيد» في مركز بروك الطبي العسكري في سان أنطونيو: «على الرغم من أن التكاليف الأولية للعلاج الطبيعي قد تكون أعلى قليلاً على مدار العام، فعند النظر إلى جميع التكاليف المتعلقة بالركبة على مدار العام، فإن مقدار الفائدة التي حصلت عليها من العلاج الطبيعي جعله أكثر فعالية من حيث التكلفة».
وأضاف رون أن المصابين بالتهاب مفاصل الركبة لديهم عادةً خياران رئيسيان للعلاج خارج الجراحة، إما الحصول على حقنة ستيرويد لتخفيف التورم والألم، أو الخضوع لجولة من العلاج الطبيعي والتأهيل الرياضي. وقال رون: «عندما تخضع لتدخل فعّال مثل التمارين الرياضية، فإن آثاره تدوم لفترة أطول لأنه يقوي ركبتك، مما يزيد من قدرتها على أداء وظائفها». وأضاف: «الحقنة لا تُغير قوة ركبتك، وبمجرد زوال الألم، لن تعمل ركبتك بالضرورة بشكل أفضل إذا لم تُقوِّها».



