«ألف ليلة وليلة» لفرقة كركلا إلى «مسرح البولشوي» في موسكو

وزير الثقافة سلامة: «الثقافة والفن ينبعان من المجتمع لا بمرسوم حكومي»

كركلا يبهر بمشهديات من قوس قزح (مسرح كركلا)
كركلا يبهر بمشهديات من قوس قزح (مسرح كركلا)
TT

«ألف ليلة وليلة» لفرقة كركلا إلى «مسرح البولشوي» في موسكو

كركلا يبهر بمشهديات من قوس قزح (مسرح كركلا)
كركلا يبهر بمشهديات من قوس قزح (مسرح كركلا)

عقد وزير الثقافة اللبناني غسان سلامة والمايسترو عبد الحليم كركلا والمخرج إيفان كركلا مؤتمراً صحافياً مشتركاً في مقر المكتبة الوطنية ببيروت، تحدثوا خلاله عن مشاركة فرقة كركلا في المسرحية الاستعراضية «ألف ليلة وليلة» على خشبة مسرح البولشوي في روسيا. وهي المرة الأولى التي تدعى فيها فرقة عربية إلى هذا الصرح العريق.

حضر المؤتمر فنانون مشاركون في العمل، والكوريغراف أليسار كركلا، والمطربة هدى حداد، والمطرب جوزيف عازار، والمطرب سيمون عبيد، كما المستشارة الإعلامية سارة بوضرغم وحشد من الإعلاميين والمثقفين ومريدين لمسرح كركلا.

عرض فيلم مصور تضمن مقتطفات من أبرز القنوات التلفزيونية وكبريات الصحف العالمية التي أجرت مقابلات وكتبت عن «مسرح كركلا» والتكريم الذي ناله المايسترو عبد الحليم والمخرج إيفان كركلا.

عبد الحليم كركلا ووزير الثقافة غسان سلامة وإيفان كركلا خلال المؤتمر الصحافي (الشرق الأوسط)

قال وزير الثقافة غسان سلامة إنه وبعد مشاهدة أبرز المحطات لتكريم مسرح كركلا، «نجتمع لكي نهنئ أولاً عبد الحليم كركلا وكل أعضاء فرقته على أمر يحصل للمرة الأولى بدعوة فرقة عربية لتقديم عروضها الإبداعية على خشبة مسرح البولشوي الذائع الصيت تاريخياً، وله من العراقة ما من الصعب أن يصل إليه أي مسرح آخر في العالم».

بعد أن هنأ وزير الثقافة كركلا على الدعوة إلى البولشوي، ذكّر بأن «فرقة كركلا دعيت إلى روسيا، قبل نصف قرن ثلاث مرات، وأن دعوتها هذه المرة لهي وسام آخر على صدر عبد الحليم كركلا وفرقته المبدعة. ومصدر فخر واعتزاز لنا جميعاً بصفتنا لبنانيين».

واستطرد قائلاً: «بلادنا مرت في الخمسين سنة الماضية بتقلبات وحروب ومشاكل وانهيارات مالية وكل أنواع المصاعب، لكن الفن بقي حياً، والثقافة بقيت مبدعة؛ لأن المجتمع استمر في إنتاج أفضل ما فيه من مواهب وقدرات. وهذا يدل على أن الثقافة لا تخلق بمرسوم حكومي، بل تنبع من مجتمع حي وطموح يتجاوز العقبات، ويبقى مبدعاً في كل ظرف ومكان». وذكّر سلامة بالدور المحوري الذي لعبه عبد الحليم كركلا في يقظة المجتمع ومقاومة الكسل واليأس واستمرار الإبداع والطموح. وأضاف: «نحن هنا لكي نشكر عبد الحليم كركلا وفرقته على هذا الإصرار والعناد الذي استمر عقوداً من الزمن، والذي يتوج اليوم بدعوة كريمة من أحد أهم المسارح العالمية».

بدوره شكر المايسترو عبد الحليم كركلا وزير الثقافة لاهتمامه بدعم مسرح كركلا، وقال إن «رسالة مسرح كركلا، منذ انطلاقِهِ، هي إرساءُ معالم إبداعيَّة جديدة، تُعلنُ بداية تحوّلٍ نوعي في الشَّرقِ العربي». وشرح: «حِرصَنَا على مُعاصرة حركة الزَّمانِ، هو بِقَدرِ حِرصِنا على التَّمسُّكِ بِتراثِنَا الأصيلِ، ليبقى الماضي حياً في ضميرِ الحاضرِ، كامناً في اللّاوعي بأناسهِ وأوطانهِ، بعاداتِهِ وتقاليدِهِ».

كركلا يبهر بمشهديات من قوس قزح (مسرح كركلا)

وهذا تماماً ما تجسده مسرحية «ألف ليلة وليلة»، من روائع عبد الحليم كركلا، حيث كانت قد قدمت في «مهرجانات بعلبك»، ثم أعيد إحياؤها على المسرح، وتعثرت انطلاقتها بسبب الحرب، لكن عودة الهدوء، أتاحت أمام الجمهور اللبناني في الأشهر الأخيرة، رؤية هذا العرض معدلاً ومطوراً بنسخة جديدة. والمايسترو كركلا الذي يحرص على تمارين صارمة لراقصيه ضبط إيقاعهم هذه المرة بمهارة أكبر ودقة أعلى.

وكما يوحي العنوان، فالحكاية مستوحاة من شهرزاد وشهريار وشقيقه الذي يرمي الفتنة بينه وبين زوجته. وقصة شهريار مع نساء مملكته نعرفها جميعاً، لكنها مع كركلا تكتسب نبضاً مختلفاً من خلال مرونة أجساد راقصيه، وكوريغرافيا اليسار كركلا، وبإخراج إيفان كركلا.

وإذا كانت موسيقى «شهرزاد» لريمسكي كورساكوف، هي التي تغلب في الفصل الأول، فإن هذا سمح لكركلا أن يطوع الأجساد التي تجمع في رقصها بين الشرقي والغربي، والباليه والعربي، والفولكلوري والحديث. كل هذا في عمل واحد، تلعب فيه الأزياء المبهرة دوراً يصل إلى مستوى الاندغام في الرقص حتى تصبح ألوان الفساتين وأشكال القبعات وقصات السراويل وغموض الأقنعة هي جزء لا ينفصل عن الحركة نفسها.

ألف ليلة وليلة إلى موسكو (كركلا)

وكما دائماً، براعة في استخراج الأدوات المكملة للمشاهد من السيوف إلى الدروع والأقنعة، وعربات الخضار، والبسط والسجاد والأرائك، إلى الخلفيات المشهدية التي توحي تارة بأننا في سوق، وتارة أخرى في قصر، وغيرها تأخذنا إلى مشاهد قتل واقتصاص، ومرات غيرها رقصات ثنائية تدخلنا في رومانسية غامرة مع عشيقين لهما من اللدانة الجسدية ما يجعل حبهما يترجم تناغماً وانسجاماً وانسيابية مبهرة على المسرح.

وإذا كان المشهد الأول بديعاً في تنويعات رقصاته، فإن القسم الثاني الذي يعتمد في جزء مهم منه على «بوليرو»، أجمل ما ابتكرت قريحة الموسيقى البديع موريس رافيل (1875 - 1937). هذه السيمفونية الشهيرة التي قدم على أنغامها مصمم الرقص بيجار، أروع أعماله، يمكن للمتفرج أن يرى في «ألف ليلة وليلة»، ما يوازيها أو ربما يتفوق عليها، إنما هذه المرة بكوريغرافيا كركلا ذات الروح الشرقية. ما يقارب نصف ساعة من الرقص المتواصل، المتناغم، الخلاّق، على إيقاعات بوليرو القوية التي تذّكر بالشطحات الصوفية، هي من بين أجمل ما يمكن أن تشاهد لعبد الحليم كركلا.

ولا يحرم المتفرج من رؤية الرقص اللبناني في نهاية المسرحية بذريعة العودة إلى لبنان، وإن كانت الدبكة التقليدية، غابت أو تكاد عن هذا العرس الفلكلوري الذي يشارك فيه غناء، فنانون كبار هم هدى حداد، وجوزيف عازار، وسيمون عبيد. وتحية خاصة للراحل الكبير أيلي شويري الذي «سيبقى صوته يرفرف في فضاء مسرح كركلا» كما جاء في الإهداء.

عشرات الراقصين يتحركون على المسرح بليونة مدهشة (كركلا)

يشار إلى أن المايسترو عبد الحليم والفرقة يغادرون لبنان في الـ20 من الشهر الجاري لتقديم 3 عروض على خشبة «مسرح البولشوي» أيام 23، و24، و25، ومن المقرر أن تستأنف العروض على خشبة «مسرح كركلا» في سن الفيل (بيروت) حتى نهاية شهر أغسطس (آب). وهي فرصة لمن لم ير العمل أن يغتنم الفرصة قبل انتهاء الحفلات الأخيرة.

وقبل موسكو كانت «ألف ليلة وليلة» قد جابت كبريات مسارح مدن العالم من لندن إلى باريس وواشنطن ونيويورك، وكذلك بكين وأوساكا، وفرانكفورت، وغيرها. وفي المؤتمر الصحافي تحدث كركلا عن الصعاب التي تخطاها بسبب الظروف التي مرت على لبنان ومع ذلك استمر بعنفوان: «حاولتْ تقديمَ أرقى ما يمكنني من إبداعٍ مسرحيٍّ، لأضعَ اسم لبنانَ على خريطة الفنِّ الرّاقي في المسرحِ العالميّ. كما حَرَصتُ على نشرِ رسالة عربيّة ثقافيّة على أرقى المسارح، في جولاتِنَا العالمية، كي نطوي الزَّمنَ الذي يُحاولُ أن يطوِينَا».


مقالات ذات صلة

القاهرة تستضيف 16 عرضاً بمهرجان «المسرح العربي»

يوميات الشرق ريم أحمد في لقطة من مسرحية «كارمن»  (البيت الفني للمسرح)

القاهرة تستضيف 16 عرضاً بمهرجان «المسرح العربي»

أعلنت الهيئة العربية للمسرح عن مشاركة 16 عرضاً مسرحياً من مختلف الدول العربية، في الدورة الـ16 من مهرجان «المسرح العربي» التي تنظمها الهيئة.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تضمن العرض بعضاً من أغاني أم كلثوم خصوصاً عن فلسطين (وزارة الثقافة المصرية)

«سيرة في حب أم كلثوم»... مسرحية للعرائس تستعيد رحلة «الست»

في إطار استعادة مصر لسيرة أم كلثوم بالتزامن مع مرور 50 عاماً على رحيلها، استضاف «مسرح نهاد صليحة» بأكاديمية الفنون المصرية عرضاً مسرحياً للعرائس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان التونسي لمين النهدي (الشرق الأوسط)

لمين النهدي لـ«الشرق الأوسط»: أنحاز للمسرح لأنه يمنحني الحرية

أكد الممثل التونسي لمين النهدي أنه انحاز للمسرح منذ بداية مسيرته الفنية لأنه يجد حريته في مواجهة الجمهور أكثر من السينما والدراما التلفزيونية.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق نحو 24 ممثلاً يشاركون في مسرحية «أبو الزوس»

«أبو الزوس»... ضربة معلّم في الإبهار والعمق والكوميديا

تمثّل مسرحية «أبو الزوس» للمخرجة لينا خوري عودة مفرحة للمسرح اللبناني الأصيل، إذ تلتقي في العمل جميع العناصر الفنية المطلوبة لتقديم مسرحية متكاملة.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق تكريم تاريخ يمتد من الأحساء إلى الرياض (هيئة المسرح)

«الرياض للمسرح» يحتفي برائدَيْن صاغا البدايات الأولى للحركة المسرحية السعودية

تُنظّم «هيئة المسرح والفنون الأدائية» مهرجان الرياض للمسرح من 15 حتى 22 ديسمبر (كانون الأول)، بمركز المؤتمرات بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن في الرياض...

عمر البدوي (الرياض)

«عيد الكاريكاتير المصري» يحتفي بـ«المتحف الكبير» وطوغان

لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)
لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)
TT

«عيد الكاريكاتير المصري» يحتفي بـ«المتحف الكبير» وطوغان

لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)
لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)

في «عيد الكاريكاتير المصري» الخامس، يحتفي فنانون من مصر والبلاد العربية وأوروبا بـ«المتحف المصري الكبير»، وبمرور مائة عام على ميلاد فنان الكاريكاتير أحمد طوغان، أحد رموز مدرسة الكاريكاتير المصرية.

المعرض الاستثنائي، الذي افتتحه الفنان محمد عبلة، الخميس، ويستمر حتى 14 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يضمُّ 150 لوحة، وتستضيفه قاعتا «نهضة مصر» و«إيزيس» في «مركز محمود مختار الثقافي» بالقاهرة، ضمن مبادرة «فرحانين بالمتحف الكبير ولسه متاحف مصر كتير» التي أطلقتها مصر بهدف تعزيز ارتباط المواطنين بتراثهم الثقافي والفني.

لوحة الفنان الأردني محمود الرفاعي (الشرق الأوسط)

وقال الفنان فوزي مرسي، قوميسير المعرض، إن الأعمال التي شاركت في الاحتفاء بمئوية طوغان اقتصرت على الفنانين المصريين، وجاءت بأساليب متعددة؛ فمنهم من رسمه وهو يحمل ريشته كسلاح لمواجهة الفساد ومشكلات المجتمع وعيوبه، مثل الفنان مصطفى الشيخ، في حين صوّره الفنان حسني عباس في لوحة معبّرة وهو يحمل ريشته كشعلة يضيء بها الظلام من حوله، في إشارة إلى ما قدّمه طوغان عبر مسيرته في فن الكاريكاتير. أما في لوحة لخضر حسن، فجاء تصويره لطوغان وهو يحمل قلماً تنطلق منه رصاصات ضد الفساد وأمراض المجتمع.

ويضيف مرسي لـ«الشرق الأوسط»: «جاءت أبرز المشاركات العربية في (عيد الكاريكاتير) من الإمارات، من خلال عمل للفنانة آمنة الحمادي. ومن السعودية حيث شارك الفنان أمين الحبارة بلوحة رسم في قلبها هرماً كبيراً تتصدره راية مصر، وتظهر خلفه مجموعة من الأهرامات. ومن الأردن شارك الفنان محمود الرفاعي، وقد كرّمته جمعية الكاريكاتير وأهدته درعها تقديراً له. واحتفت لوحته بالمتحف المصري الكبير عبر رموز فرعونية وقبطية وإسلامية وفنية وثقافية، رآها عناصر أساسية في تشكيل الشخصية المصرية، وجعل الأهرامات وأبو الهول في قلبها بوصفهما العماد الذي تقوم عليه حضارة مصر».

طوغان يحمل شعلة مضيئة... لوحة الفنان حسني عباس (الشرق الأوسط)

لوحاتُ الفنانين الأجانب عبّرت عن سعادتهم بافتتاح المتحف، وقدّموا أعمالاً رسموها خصيصاً لـ«عيد الكاريكاتير». وجاءت بعض المشاركات من الصين وبولندا وإسبانيا، ومن أوروغواي التي شارك منها الفنان لويس هارو بلوحةٍ رسم في قلبها فارساً فرعونياً يرحّب بزيارة المتحف. كما ركّزت لوحات فناني أوكرانيا على إبراز عناصر مصرية خاصة، من بينها أبو الهول والأهرامات و«حورس» والكباش، فجاءت بمثابة رسالة سلام ترحِّب بافتتاح المتحف الكبير وتدعو إلى زيارته.

أمّا لوحات الفنانين المصريين التي شاركت في الاحتفال بالمتحف، فقد اتخذ بعضها منحًى اجتماعياً ساخراً، منها عملٌ للفنان سعيد أبو العينين صوَّر فيه زوجةً تهاتف والدتها مستنجدةً بها من زوجها وابنها، مشيرةً إلى أنهما بعد افتتاح المتحف «تفرعنا» عليها، في إشارة إلى استعراضهما القوة أمامها. وقد اتخذ الفنانان عمرو سليم ودعاء العدل المنحى الساخر نفسه في أعمالهما.

لوحة الفنان الأوكراني كازانيفسكي (الشرق الأوسط)

«تركّزت لوحات الرسامين الأجانب المشاركة على الصورة، بخلاف المصريين الذين كان لتعبيرهم بالكلمات دورٌ أساسي في تشكيل أعمالهم وتكويناتها»، وفق الفنان سمير عبد الغني، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «(عيد الكاريكاتير) في دورته الخامسة يتشكّل من موضوعين: الأول الاحتفال بافتتاح المتحف الكبير، والثاني مئوية ميلاد طوغان».

وأضاف عبد الغني: «في كل الدورات السابقة كانت المشاركة تقتصر على فناني مصر، لكن هذه السنة كانت متميّزة، خصوصاً بمناسبة افتتاح المتحف الكبير؛ لذا وجّهنا دعوات إلى فنانين من بلدان كثيرة للمشاركة. وتميّزت لوحاتهم بوعي بصري كبير اشتغلوا من خلاله على الصورة التي سيطرت على التكوين، بخلاف لوحات المصريين التي ينقسم تشكيلها بين الرسم والتعبير اللغوي. والفرق بيننا وبينهم، كما أرى، نابعٌ من أنهم يشتغلون على فكرة سبعة آلاف سنة حضارة، والمومياوات، والضوء الذي يخرج من قلب عالمنا الخاص الساحر الزاخر بالعظمة منذ آلاف السنين، ومن هنا جاءت رسوماتهم مختلفة، بخلاف أعمال المصريين التي اتسمت بالوضوح والمباشرة».

لوحة الفنان جورج رودريغيز من فنزويلا (الشرق الأوسط)

تعود الفروق بين مساهمات فناني مصر والمشاركات الأجنبية، حسب عبد الغني، إلى ما يمكن تسميته بـ«الوعي البصري» المرتبط بثقافة الفنانين الأجانب، التي تتغذّى على زيارة المتاحف وما تضمه من آثار وتحف مصرية قديمة، إضافة إلى الاهتمام المبكر بالصورة عبر التعليم في مراحله المختلفة. أمّا الفنانون المصريون، فيأتي تعبيرهم في رسوم الكاريكاتير متأثّراً بسيطرة التعبير اللغوي في كثير من فنوننا، منها الأغنية والنكتة. ولعل أعمال مصطفى حسين، وأحمد رجب، وصلاح جاهين، وحجازي، وبهجت عثمان، وغيرهم كثيرون، خير تمثيل لذلك.

ورحّبت وزارة الثقافة المصرية بالمعرض، مشيرةً في بيان إلى أن «عيد الكاريكاتير» يهدف إلى ترسيخ الشعور بالهوية المصرية، وإعادة تسليط الضوء على ما تمتلكه مصر من متاحف وقيمة حضارية فريدة، إضافةً إلى تشجيع المشاركة المجتمعية في الفعاليات الثقافية والفنية التي تنظمها المتاحف المصرية، وتعميق الوعي بدورها بوصفها جسوراً تربط المصريين بتاريخهم العريق، وتغرس الانتماء من خلال الاحتفاء بموروثهم الإنساني والحضاري.

وتعكس الأعمال المشاركة تنوّعاً بصرياً وفنياً لافتاً؛ إذ تجمع بين النقد المرح، والفلسفة الساخرة، والطرح الإنساني، بما يمنح الجمهور تجربةً غنية تُبرز قدرة الكاريكاتير على تناول القضايا الكبرى بلغة فنية جذابة وقريبة من الناس.


من دون قهوة... كيف تتغلب على النعاس بعد تناول الغداء؟

الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
TT

من دون قهوة... كيف تتغلب على النعاس بعد تناول الغداء؟

الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)

هل تجد صعوبة في إبقاء عينيك مفتوحتين بعد الغداء؟ كثيراً ما يبدأ الناس يومهم بنشاط ثم تنهار طاقتهم بعد الغداء. هناك العديد من الأسباب التي تجعل الأشخاص يشعرون بانخفاض نشاطهم في فترة ما بعد الظهر، وخاصةً بين الساعة الواحدة ظهراً والرابعة عصراً.

كشف الدكتور أنتوني ريفي، اختصاصي النوم السلوكي في مركز هنري فورد الصحي: «الإيقاع اليومي الطبيعي لجسمنا، وهو الساعة الداخلية التي تعمل على مدار 24 ساعة وتساعد على تنظيم عملياتنا البيولوجية، يرسل إشارات إلى الدماغ خلال النهار ليبقينا متيقظين ونشيطين. مع حلول وقت الغداء، تنخفض هذه الإشارات مما قد يجعلنا نشعر بالنعاس».

إليك طرق تساعدك في التغلب على نعاس ما بعد الظهر دون احتساء رشفة من القهوة:

استمع إلى الموسيقى

أثبتت الدراسات أن الاستماع إلى موسيقى مُبهجة يُحسّن المزاج ومستوى الطاقة. للحفاظ على نشاطك خلال النهار بعد الغداء، أنشئ قائمة تشغيل لأغانٍ مُبهجة لتسلية نفسك. ولأن الموسيقى نشاط ممتع في كثير من الأحيان، فإنها تُحفز إفراز هرمون السعادة الذي يُبقيك نشيطاً.

استمر بالحركة

إذا شعرت بالنعاس بعد تناول الطعام بعد الظهر، يمكنك الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك. يعتقد الخبراء أن ممارسة الرياضة تُنشط عقلك وجسمك. كما أنها تُعرّضك للهواء النقي والإضاءة الطبيعية، مما يُحقق لك نتائج جيدة.

اخرج إلى الشمس

اخرج إلى الشمس لضبط ساعتك البيولوجية وتوفير فيتامين «دي» الضروري. يمكن لأشعة الشمس الطبيعية أن تمنع إنتاج هرمون النوم (الميلاتونين) في جسمك. إذا كنت في المكتب، ولا يسمح لك ذلك بالتعرض لأشعة الشمس، يمكنك تشغيل أضواء السقف الساطعة وتجنب الظلام، خاصةً بعد استراحة الغداء.

حافظ على رطوبة جسمك

يُعد الحفاظ على رطوبة الجسم أمراً بالغ الأهمية لأداء وظائفك اليومية. ويؤكد الباحثون أن الجفاف، حتى لو كان خفيفاً، قد يؤدي إلى التعب، مما قد يؤثر على قدرتك على التركيز. يقول الدكتور ريفي: «للأسف، يُصاب الكثير من الناس بالجفاف المزمن لمجرد أنهم لا يشربون كمية كافية من الماء لأداء أنشطتهم اليومية».

تناول غداءً متوازناً

احرص على تناول نظام غذائي متوازن غني بالبروتين والألياف والدهون الصحية خلال النهار. اتباع هذه النصيحة الواعية سيساعدك على التغلب على مشكلة النوم بعد الظهر، التي تأتي فجأةً بعد الغداء، خاصةً بين الساعة الأولى ظهراً والرابعة عصراً.

اتبع نمط نوم جيداً

النوم الجيد ليلاً أمرٌ لا غنى عنه، خاصةً إذا كنت تحاول إدارة انخفاض الطاقة بعد الغداء. يوصي الخبراء بأن ينام الشخص البالغ من 7 إلى 9 ساعات على الأقل ليلاً ليشعر بالنشاط خلال النهار. يوضح الدكتور ريفي: «كمية النوم التي يحتاج إليها كل شخص تختلف من فرد لآخر، وتتغير على مدار حياته».


«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
TT

«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)

لم يتخيّل المخرج البلجيكي جان فرانسوا رافانيان أن مقطعاً مصوَّراً عابراً على مواقع التواصل الاجتماعي سيقوده، بعد سنوات من البحث، إلى قلب أفريقيا، وتحديداً إلى قرية نائية في غامبيا، ليغوص عميقاً في مأساة إنسان يُدعى «باتيه سابالي».

الشاب الذي هزّ غرقُه في القناة الكبرى بالبندقية عام 2017 الرأيَ العام العالمي، حين اكتفى العشرات من المتفرجين بالصراخ وإطلاق الإهانات العنصرية بدلاً من مدّ يد العون له، كان مقطعُ الفيديو المصوَّرُ له الشرارةَ الأولى لفيلمه الوثائقي «الشاطئ الأخير»، الذي يحاول أن يعيد لهذا الشاب اسمه وصوته وحكايته.

قال رافانيان لـ«الشرق الأوسط»، إنه يتذكّر اللحظة الأولى جيداً؛ «كان الأمر صفعةً. رأيتُ الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، كما شاهده آلاف غيري في ذلك الوقت. صدمتني اللامبالاة، والكلمات العنصرية، والجمود الكامل أمام غرق شاب لا يحاول أحد مساعدته. في البداية لم أفكّر في فيلم؛ فكّرتُ بصفتي صحافياً: مَن هذا الشاب؟ ماذا حدث؟ ولماذا لم يتحرّك أحد؟».

وأضاف المخرج، الذي عُرض فيلمه للمرة الأولى عربياً في مهرجان «الدوحة السينمائي»، أن الأمر تحوّل إلى هاجس، بيد أنه اصطدم منذ اللحظة الأولى بحقيقة أن التحقيقات في إيطاليا كانت مغلقة بالكامل، مما جعل الوصول إلى أي معلومة أمراً معقّداً وصعباً.

المخرج البلجيكي (الشركة المنتجة)

ولأن الطريق إلى الحقيقة كان مسدوداً، اختار المخرج البلجيكي طريقاً آخر، وهو البحث عن عائلة باتيه. يقول: «استغرق الأمر عامين كاملين لأجد أثرهم في غامبيا، وعندما وصلت أخيراً إلى القرية، أدركت أن الغضب الذي اجتاحني أمام شاشة الكمبيوتر في أوروبا كان صورة مختلفة. فالعائلة دعتني إلى رؤية الأمور من زاوية أخرى: زاوية الفقد، والغياب، والبحث عن المعنى. عند تلك اللحظة تغيّر الفيلم تماماً».

يشير رافانيان إلى أن «أصعب ما واجهته في البداية لم يكن الطبيعة أو الظروف، بل بناء الثقة مع العائلة»، مضيفاً: «عندما تصل إلى قرية بعيدة، وتكون غريباً، عليك أن تدرك أن لكل عائلة سرديّتها الخاصة. كان عليّ أن أجد الطريقة المناسبة للوقوف بالكاميرا، وأن أتجنّب أي منظور قد يُشعِرهم بأننا نمسك بموقع قوة أو وصاية. الثقة كانت المفتاح، لا الأدوات ولا الموقع ولا التقنية».

وعن ظروف التصوير في القرية، يشرح رافانيان أن «الفريق كان صغيراً للغاية؛ كنت أنا، ومدير التصوير، ومساعدة تنتمي إلى مجتمع الفولا، تتحدث لغتهم وتفهم ثقافتهم. ولم تكن المسألة لغةً فقط، بل سلوكاً ومعتقدات ونظرة إلى الحياة. كنا نقيم في القرية أياماً طويلة بلا كهرباء، نصحو مع الفجر وننام مع المغيب؛ لا فنادق ولا راحة، فقط الحياة اليومية كما هي. وكل 8 أيام نعود إلى المدينة لشحن البطاريات وإحضار حاجات العائلة، ثم نعود من جديد. كان الوجود الدائم ضرورياً، لأن أقرب مدينة تبعد أربعين دقيقة بالسيارة، ولأن الحياة في القرية تبدأ وتنتهي مبكراً».

المخرج حاول تسليط الضوء على هوية العائلة في فيلمه (الشركة المنتجة)

اختار المخرج ألّا يُظهر باتيه، رغم امتلاكه صوراً عدّة له سواء من العائلة أو من الإنترنت، لكنه لم يرغب في استخدامها، وهو ما يفسّره قائلاً: «أردتُ أن يراه الجمهور من خلال غيابه، كما تعيشه عائلته. أردتُه غائباً، حاضراً بالصوت وبالأثر. فالصوَر قد تعيد تجسيده، لكنها قد تُسطّح ما تعرّض له، بينما الصوت، صوت العائلة وذاكرتها، يعيد إنسانيته كاملة».

وعن كيفية حماية العائلة في هذا النوع من الأفلام الحسّاسة، يقول رافانيان إن ما فعله يشبه عمل الصحافة أكثر منه عملاً سينمائياً؛ فالعائلة لم تكن تعرف تفاصيل ما حدث في القناة، ولم يرغب في أن يضع الفيديو أمامهم أو أن يعرّضهم لصدمة جديدة. وحين سألته الأم عمّا وقع لابنها، قال لها الحقيقة بالكلمات. ويضيف: «لم تشأ أن ترى الفيديو، واكتفت بأن تعرف. كان هناك أيضاً تقريرٌ من 200 صفحة صادر عن السلطات الإيطالية، لم يكن من حقّهم الحصول عليه، فساعدناهم على الوصول إليه. كان الفيلم أيضاً وسيلة لكشف الحقيقة لهم، ولإنصافهم أسرياً».

لم يُنكر المخرج البلجيكي وجود صعوبات عدّة أثناء التصوير في غامبيا، من الإجراءات الأمنية والبيروقراطية المعقّدة، إلى عدم اعتياد السكان على الكاميرا، فضلاً عن عزلة القرية نفسها وافتقارها إلى الكهرباء والمياه العامة، واعتماد حياتها اليومية على الزراعة وتربية النحل. لكنه، رغم ذلك، لا يُخفي سعادته بهذه التجربة التي وثّقت اسم «باتيه سابالي».