تسعى مصر للترويج السياحي للمعالم التاريخية بمحافظة قنا (614 كيلو متراً جنوب القاهرة)، من خلال التركيز على المقومات والمعالم السياحية الموجودة بالمحافظة وإبرازها داخلياً وخارجياً بما يساهم في تعزيز الحركة السياحية الوافدة إليها.
يأتي ذلك في إطار خطة وزارة السياحة والآثار المصرية لإبراز التنوع في الأنماط والمنتجات السياحية التي يزخر بها المقصد السياحي المصري، حتى تكون مصر المقصد السياحي الأول في العالم بما تملكه من مقومات لا مثيل لها في العالم، تحت شعار «مصر... تنوع لا يضاهى».
وتعمل حالياً على تطوير وتنمية المنتجات السياحية المختلفة الموجودة في كل أنحاء مصر، وفق تصريحات وزير السياحة والآثار، شريف فتحي، خلال لقائه الدكتور خالد عبد الحليم محافظ قنا، بمقر المتحف المصري الكبير، لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك بين الوزارة والمحافظة، بحسب بيان لوزارة السياحة والآثار، الثلاثاء.
وجاءت المواقع الأثرية لمنتج السياحة الثقافية، والسياحة النيلية، والسياحة البيئية والريفية، وغيرها من الأنماط التي تلبي اهتمامات شرائح متنوعة من السائحين وتقديم تجربة سياحية متميزة للزائرين في مقدمة الخطة المتكاملة للترويج السياحي التي ناقشها وزير السياحة ومحافظ قنا.
وتناولا سبل التعاون لتطوير الخدمات السياحية المقدمة بالمنطقة المحيطة لمعبد دندرة، وكذلك تطوير الشوارع المؤدية له، بما يعمل على تحسين التجربة السياحية للزائرين، ويساهم في تعزيز مكانة المعبد بوصفه أحد أبرز المعالم الأثرية والثقافية في صعيد مصر. كما تم بحث سبل تطوير البنية التحتية والخدمية المرتبطة بالسياحة، وتشجيع الاستثمارات السياحية بالمحافظة.
وتضم محافظة قنا العديد من المناطق الأثرية الجاذبة للسياحة الثقافية والدينية، من بينها معبد دندرة الذي أنشئ في العصر البطلمي واستمرت الإنشاءات اللاحقة له حتى العصر الروماني، ويضم معبد حتحور الرئيسي، ويتميز المعبد بالمناظر الفلكية المصورة على الأسقف، وفق وزارة السياحة والآثار.
«لا تشغل محافظة قنا مساحة كبيرة على الخريطة السياحية مثل الأقصر وأسوان مثلاً، رغم تاريخها العريق الممتد إلى مصر القديمة»، وفق الباحث في المصريات، الدكتور محمد عبد الوهاب، الذي أوضح أن «اسم قنا قديماً كان (شابت)، وأطلق عليها الإغريق (كاينوبوليس)، بينما سماها الرومان (ماكسيميانوبوليس)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «كانت قوص من أقدم مدن المحافظة وضمت العديد من المعالم الأثرية، وعُرفت باسم (جبتو) أو (قفط)، وكانت عاصمة الإقليم الخامس من أقاليم مصر العليا، ومركزاً لعبادة الإله (مين)، وكانت نقطة مرور مهمة للقوافل المتجهة إلى البحر الأحمر، مما منحها أهمية تجارية واستراتيجية».

ومن المعالم الأثرية المميزة التي تضمها قنا، معبد قوص وهو معبد بطلمى أقيم على أطلال معبد مصري قديم، ومعبد سيتي الأول المعروف بمعبد أبيدوس، وأيضاً دير الصليب بنقادة ويعود إنشاؤه إلى القرن الرابع الميلادي، كما تضم قنا أيضاً المسجد العمري الذي يعدّ من أقدم المساجد في تاريخ مصر، ويضم أحد أقدم المنابر ويعود تاريخه إلى عام 550 هجرياً. وكذلك مسجد عبد الرحيم القناوي الذي بني عام 1195 ميلادياً، بعد وفاة الإمام الشهير الذي بنى مركزاً صوفياً في قنا فور عودته من مكة، ويتميز المسجد بتصميمه المعماري الفريد.
ويلفت الباحث في المصريات إلى أهمية المواقع الأثرية في قنا لتنمية السياحة بالمحافظة، وقال: «هناك العديد من الأماكن القادرة على جذب السائحين المهتمين بالسياحة الثقافية، ففي غرب قنا يقع معبد دندرة، أحد أبرز المعابد البطلمية المكرسة للإلهة حتحور، ويتميز بالنقوش الفلكية الدقيقة. كما يوجد في قوص معبد شنهور المدفون، الذي يعود للعصر الروماني وأُقيم فوق بقايا معبد بطلمي، الذي أيضاً بني علي أنقاض معبد مصري قديم».
وتعوّل مصر على قطاع السياحة بوصفه أحد مصادر الدخل القومي، وحقق في الموسم السياحي الماضي دخلاً يقدر بنحو 14 مليار دولار، وفق مصدر بالاتحاد المصري للغرف السياحية، بعد تحقيق رقم قياسي في السياحة الوافدة وصل إلى 15.7 مليون سائح، وتطمح مصر لمضاعفة هذا العدد بحلول عام 2031 ليصل إلى 30 مليون سائح، ورهنت هذا الهدف بعدم حدوث «متغيرات جيوسياسية جديدة في المنطقة».


