لغز في أعماق بحر البلطيق يُحيِّر العلماء منذ سنوات

جسم غريب يُثير التكهَّنات بين فرضيات حضارات منسية وأسلحة نازية

أحد أكبر ألغاز أعماق البحار في العالم (يوتيوب)
أحد أكبر ألغاز أعماق البحار في العالم (يوتيوب)
TT

لغز في أعماق بحر البلطيق يُحيِّر العلماء منذ سنوات

أحد أكبر ألغاز أعماق البحار في العالم (يوتيوب)
أحد أكبر ألغاز أعماق البحار في العالم (يوتيوب)

يعتقد العلماء أنهم توصّلوا أخيراً إلى حقيقة أحد أكبر ألغاز أعماق البحار في العالم. ففي عام 2011، كان المستكشفان السويديان بيتر ليندبرغ ودينيس أسبرغ يبحثان عن الكنوز في بحر البلطيق، عندما اكتشفت رادارات السونار الخاصة بهما هيكلاً مذهلاً.

كان هذا الجسم يقع على عمق نحو 300 قدم (90 متراً) تحت سطح الماء، وكان دائرياً يبلغ قطره نحو 200 قدم (60 متراً)، وفقاً لتقرير قناة «ديسكفري».

وذكرت «الإندبندنت» أنّ الأكثر إثارة للدهشة هو أنّ شكله كان مزيّناً بخطوط زاويّة، ما دفع كثيرين إلى تشبيهه بمركبة الفضاء الشهيرة «ميلينيوم فالكون» من فيلم «حرب النجوم».

والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو احتمال احتوائه على «تشكيلات تُشبه الدَّرَج» تؤدّي إلى حفرة مُظلمة، وجسم آخر مجهول على بُعد نحو 660 قدماً (200 متر).

وفي حديثه عن الاكتشاف في ذلك الوقت، قال أسبرغ لقناة «تي في 4» السويدية: «لقد فوجئنا، وحيَّرنا الأمر. كنا نفكر: ما الذي وجدناه هنا؟ هذا ليس حطاماً. في ذلك الوقت كنا متأكدين من أن هناك تفسيراً طبيعياً. أردنا التحقيق في الأمر أكثر، وقرّرنا التكتّم عليه تماماً. اتصلنا بعلماء جيولوجيا وعلماء أحياء بحريّة، وعندما قالوا إنهم لم يروا شيئا مثل هذا، أثار ذلك مزيداً من التساؤلات. قد يكون ما وجدناه شيئا رائعاً حقاً».

أثارت الطبيعة الغامضة للاكتشاف موجة من التكهّنات، فاقترح بعض مستخدمي الإنترنت أنه قد يكون بقايا حضارة قديمة، في حين اقتنع آخرون بأنه قشرة جسم غامض، وذهب بعضٌ ثالث إلى حد افتراض أنه قد يكون سلاحاً نازياً مخفياً، أو مدخلاً إلى مخبأ سرّي من الحرب العالمية الثانية.

من جانبه، كان ليندبرغ حريصاً على تقديم أفكاره الخاصة حول ماهية هذا الجسم: «يحتوي على تشكيلات دَرَج غريبة، وإذا كان مصطنعاً، فلا بد من أنه بُني قبل عشرات الآلاف من السنوات قبل العصر الجليدي»، كما قال في مقابلة إذاعية عام 2012 -وفق شبكة «إن بي سي» الإخبارية- علماً بأنّ العصر الجليدي الأخير بلغ ذروته قبل نحو 20 ألف سنة.

وأضاف ليندبرغ، في إشارة إلى القارة الأسطورية: «إذا كانت هذه أتلانتس، فسيكون ذلك مذهلاً جداً».

ومع ذلك، أقرَّ -بشكل أكثر واقعية- أنه قد يكون أيضاً تشكيلاً طبيعياً، مثل نيزك اصطدم بالأرض، أو بركان تحت الماء.

يكفي القول إنّ بعض هذه النظريات حظيت بصدقية أكبر من غيرها. ومع ذلك، لسنوات، لم يتّفق الخبراء على ماهية هذا الهيكل الذي أصبح يُعرف باسم «شذوذ بحر البلطيق».

وإذ خلُص معظم الباحثين إلى أنّ الشذوذ كان مصنوعاً من الصخور، أصرَّ آخرون على أنه كان في الواقع مصنوعاً من المعدن.

ما أدَّى إلى تعزيز هذه الفرضية الأخيرة هو الادّعاء الذي قدَّمه الغواص ستيفان هوغربورن الذي كان جزءاً من بعثة «أوشن إكس» التي قادها ليندبرغ وأسبرغ، والتي اكتشفت هذا الشذوذ في الأصل.

وقال للصحافيين إنّ المعدات الكهربائية والأقمار الصناعية تتوقّف عن العمل كلما اقتربوا من هذا الجسم، وفق منشور على مدوّنة «تك ساي بلوغ».

ونقلت التقارير عن هوغربورن قوله: «توقّف أي جهاز كهربائي هناك، وكذلك هاتف الأقمار الاصطناعية، عن العمل، عندما كنا فوق الجسم الغريب». وتابع: «ثم عندما ابتعدنا نحو 200 متر، عاد الجهاز إلى العمل مرّة أخرى».

في الأثناء، أجرى الجيولوجي ستيف وينر، من جامعة تكساس، اختبارات على الشذوذ، مما دفعه إلى استنتاج أنه مصنوع من «معادن لا يمكن للطبيعة أن تنتجها».

على مرّ السنوات، واصل فريق «أوشن إكس» استكشاف هذا اللغز، وأخذ عيّنات من الموقع، وحتى أنه أنتج وثائقياً عن ذلك كلّه عام 2016.

بدوره، درس فولكر بروشيرت، الجيولوجي بجامعة استوكهولم، بعض هذه العيّنات، وقال: «ما تجاهله فريق (أوشن إكس) بشكل كبير هو أنّ معظم العيّنات التي أحضروها من قاع البحر هي من الغرانيت والغنييس والحجر الرملي».

دفعته تحليلاته الخاصة إلى الإصرار على أنه لا يوجد أي شيء غامض في هذا الجسم على الإطلاق. قال: «فوجئتُ عندما بحثتُ في المادة ووجدتُ حجراً أسود كبيراً يمكن أن يكون صخرة بركانية. فرضيتي هي أنّ هذا الجسم -هذه البنية- تشكَّلت خلال العصر الجليدي منذ آلاف السنوات».

واعترف غوران إكبرغ، عالم الآثار البحرية في متحف استوكهولم البحري، بأن مظهر هذا الشذوذ «غريب» لأنه «دائري تماماً». ولكنه أشار إلى أن «الطبيعة أنتجت أشياء أغرب من ذلك».

وأثبتت البحوث التي أجراها خبراء من بينهم جيولوجيون، وعلماء، وعلماء آثار بحرية، وحتى جيومورفولوجيون كوكبيون، أنّ ظاهرة بحر البلطيق الشاذة هي نتيجة لظاهرة طبيعية.

تختلف تفاصيل نظرياتهم، ولكنهم يتّفقون بشكل كبير على أنها بقايا عملية تحرّكات جليدية حدثت خلال العصر الجليدي.

وتشمل الفرضيات أنه قد يكون مصنوعاً من الحجر الرملي أو البازلت؛ وهو صخرة تشكَّلت من الحمم البركانية المتصلّبة نتيجة بركان تحت الماء، كما تشير قناة «ديسكفري».

وقد يكون أيضاً من المورين؛ وهو كتلة من الصخور والرواسب التي ترسبت بواسطة نهر جليدي، وتُشكل عادة تلالاً على حوافها.

ومع ذلك، ظلَّ ليندبرغ، المُشارك في اكتشاف الهيكل، متفائلاً بشأن هذا الاكتشاف. وقال: «كنتُ أكبر المتشكّكين، ومستعداً نوعاً ما للعثور على مجرّد حجر. بالنسبة إليّ، كانت تجربة مذهلة»، مضيفاً: «أعتقد أن شكله غريب جداً. من الصعب تقديم تفسير لما قد يكون بالضبط؛ لأن العلماء المختلفين لديهم عدد من النظريات المختلفة».

وختم: «مهما كان، فهو شيء لا نجده عادة في الطبيعة في أعماق بحر البلطيق المظلمة والباردة».


مقالات ذات صلة

نُصب فنّي يُحيي ذاكرة الشجرة التي أبكت بريطانيا

يوميات الشرق بقايا الشجرة التي هزّت بريطانيا... الآن يمكن احتضانها (غيتي ومتنزه نورثمبرلاند الوطني)

نُصب فنّي يُحيي ذاكرة الشجرة التي أبكت بريطانيا

تقرَّر عرض جزء من شجرة «سيكامور غاب» ذات الشهرة العالمية، التي قُطعت بطريقة غير قانونية قبل نحو عامين، في مقاطعة نورثمبرلاند البريطانية، وذلك بشكل دائم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق ستلمع كأنها لم تسقط يوماً (غيتي)

«مولان روج» يدور من جديد: المراوح تعود إلى سماء باريس

بعد 14 شهراً من سقوطها العرضي، تعاود مراوح ملهى «مولان روج» الدوران لتحيي بذلك تقليداً عمره أكثر من 135 عاماً جعل من هذا الملهى الشهير نقطة جذب سياحية في باريس.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق قدّمت ماجدة الرومي مجموعة من أغانيها الشهيرة (الشرق الأوسط)

ماجدة الرومي توقظ العاصمة من كبوتها وتشعل الأجواء طرباً

لأني من الحلو والمُرّ، ومن الدمعة والبسمة، تعلّمت كيف أكون إنسانة.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق «سجادة بايو» التاريخية (رويترز)

هدايا ماكرون: نوتة وبوق وسجادة... على ذوق الملك

كما تقتضي التقاليد، حمل الرئيس الفرنسي مجموعة من الهدايا إلى مضيفه ملك بريطانيا خلال زيارته الرسمية إلى المملكة المتحدة التي بدأت، الثلاثاء، وتستمرّ 3 أيام.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق ختام المهرجان المسرحي (وزارة الثقافة المصرية)

مصر تسعى لتقديم «500 ليلة مسرحية» خلال موسم الصيف

تسعى مصر لتقديم 500 ليلة عرض مسرحي في موسم الصيف، من خلال عروض أُنتجت بالفعل من فرق المحافظات المختلفة على مستوى الجمهورية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

وفاة المخرج سامح عبد العزيز تفجع الوسط الفني المصري

المخرج المصري الراحل سامح عبد العزيز (حسابه على فيسبوك)
المخرج المصري الراحل سامح عبد العزيز (حسابه على فيسبوك)
TT

وفاة المخرج سامح عبد العزيز تفجع الوسط الفني المصري

المخرج المصري الراحل سامح عبد العزيز (حسابه على فيسبوك)
المخرج المصري الراحل سامح عبد العزيز (حسابه على فيسبوك)

فُجع الوسط الفني في مصر، صباح الخميس، بخبر وفاة المخرج سامح عبد العزيز (49 عاماً)، إثر تعرضه لأزمة صحية، ونقله لغرفة العناية المركَّزة بأحد المستشفيات، حيث أُصيب بعدوى فيروسية في الدم تسببت في تدهور حالته الصحية، ليلفظ أنفاسه الأخيرة بالمستشفى.

وشُيع جثمانه، عصر الخميس، ليطوي مشواراً قصيراً زمنياً، لكنه طويل بمنجزه الفني الذي أخرج فيه 20 فيلماً، أبرزها: «كباريه» و«الفرح» و«تيتة رهيبة» و«الدشاش»، كما أخرج عدداً من المسلسلات التي لقيت تفاعلاً مع الجمهور، من بينها: «رمضان كريم» بجزأيه الأول والثاني، و«خيانة عهد»، و«حرب أهلية»، و«أرض النفاق».

ونعت نقابة المهن السينمائية المخرج الراحل، وعبّر نقيبها، مسعد فودة، عن حزنه لفقدان مخرج ومبدع قدم أعمالاً ذات قيمة في السينما والدراما التلفزيونية، كما نعاه عدد كبير من الفنانين الذين قدّمهم في أفلام ومسلسلات مثلت مرحلة مهمة في مشوارهم، فكتبت يسرا عبر حسابها على «إنستغرام»: «خبر مفجع وحزين... فقدنا اليوم المخرج والصديق سامح عبد العزيز. ربنا يصبر كل حبايبك على فراقك، ويرزقك الجنة ونعيمها»، مشيرة إلى وجودها خارج مصر، وعدم تمكُّنها من وداعه.

عبد العزيز مع يسرا (حساب يسرا على إنستغرام)

وكتب الفنان محمد سعد، عبر حسابه بـ«فيسبوك»: «أخويا وصاحب عمري». وكان فيلم «الدشاش» آخر أفلام سامح عبد العزيز، وقد أعاد محمد سعد لساحة المنافسة بقوة على شباك التذاكر. وكتب الفنان شيكو الذي قام ببطولة فيلم «حملة فريزر»، للمخرج الراحل: «كنت واحشني وهتوحشني أكثر الآن». وكتبت الفنانة روبي، وهي الزوجة السابقة لسامح عبد العزيز، عبر حسابها بـ«إنستغرام»: «تُوفي إلى رحمة الله المخرج سامح عبد العزيز، داعية له بالرحمة والمغفرة. كما حرصت على حضور الجنازة التي حضرها أيضاً عدد من الفنانين، من بينهم محمد هنيدي، صبري فواز، إيهاب فهمي، سلوى عثمان، المنتج عصام إمام وأشرف زكي نقيب المهن التمثيلية».

بطولات جماعية

وتخرج سامح عبد العزيز في معهد السينما بالقاهرة، عام 1996، متخصصاً في مجال المونتاج، واتجه في البداية لإخراج البرامج التليفزيونية، وكان أول فيلم أخرجه «درس خصوصي» (2005)، من بطولة محمد عطية نجم «ستار أكاديمي»، ثم توالت أفلامه، ومنها: «أسد وأربع قطط»، و«أحلام الفتى الطايش»، و«كباريه» الذي أعاد من خلاله البطولة الجماعية للسينما، مع المؤلف أحمد عبد الله، وكان من بطولة صلاح عبد الله، وفتحي عبد الوهاب، وماجد الكدواني وخالد الصاوي ودنيا سمير غانم، حيث طرح من خلاله حالة التناقض والازدواجية التي يعيشها البعض في المجتمع، لتتكرر في مسيرته أفلام البطولة الجماعية، وهي: «الفرح»، و«الليلة الكبيرة»، و«سوق الجمعة»، و«ليلة العيد».

سامح عبد العزيز خلال تصوير فيلم «سوق الجمعة» (حسابه على فيسبوك)

وعدَّت الناقدة ماجدة خير الله «كباريه» و«الفرح» من أهم أفلامه، و«حملة فريزر» نموذجاً مثالياً للفيلم الكوميدي الذي يقدم فكرة بين السطور، ببطليه هشام ماجد وشيكو، بعد انفصالهما عن أحمد فهمي، ليكون الفيلم بمنزلة قُبلة حياة لهما، مثلما تقول، مشيرة إلى أن «فكرة البطولة الجماعية التي كرَّسها في أفلامه وجمع فيها بين نجوم كُثر تُعد مرهقة جداً، وتتطلب ذكاء في الإدارة».

وتضيف خير الله أن «المخرج الراحل استطاع إقناع نجوم اعتادوا أدوار البطولة المطلقة بأداء أدوار محدودة، والنجم يرحّب؛ لقيمة المخرج وقيمة الدور حتى لو كان صغيراً، ثم يعيد المخرج اكتشافهم بهذه المشاهد المحدودة، كالأداء الناضج الذي ظهر به الفنان أحمد بدير في فيلم (كباريه)، وكذلك ماجد الكدواني ودنيا سمير غانم في (كباريه) و(الفرح)، حيث قدَّما أداءً مميزاً فيهما».

سامح عبد العزيز مع محمد سعد في أحد أدواره (حسابه على فيسبوك)

ولم يبرع سامح عبد العزيز في طرح القضايا الاجتماعية فقط، بل نجح أيضاً في أعماله الكوميدية مع هنيدي ومحمد سعد وشيكو، وتلفت خير الله إلى أن مسيرته، رغم قصرها، شهدت تنوعاً كبيراً ونجاحات لا ادعاءات فيها.

مشوار ثري

وأخرج عبد العزيز للفنانة يسرا أكثر من عمل، من بينها مسلسلا «خيانة عهد» و «حرب أهلية»، وفيلم «ليلة العيد»، ولمحمد هنيدي مسلسلي «مسيو رمضان مبروك أبو العلمين»، و«أرض النفاق»، وفيلم «تيتة رهيبة».

وترى خير الله أن مسيرة المخرج سامح عبد العزيز كانت ثرية ومميزة، وحازت أعماله نجاحاً فنياً وجماهيرياً، تاركةً بصمة مهمة في أعماله السينمائية والتلفزيونية، مؤكدة أن هذا أمر لا يتوفر لمخرجين كثيرين.

وكان المخرج الراحل قد تزوج مرتين: الأولى من المذيعة داليا فرج، وأنجب منها ثلاث بنات، وانفصلا ثم تزوج من الفنانة روبي، وأنجب منها طفلة، ووقع الانفصال بينهما في فبراير 2017.