تحتفل «مؤسسة خوان ميرو» الثقافية في برشلونة بمرور نصف قرن على تأسيسها، عبر برنامج فني يمتد لعام كامل، يتضمن معارض وفعاليات موسيقية وزيارات خاصة، وذلك تكريماً للفنان الكاتالوني الشهير الذي يُعدّ أحد أبرز رموز الفن الحديث في القرن العشرين.
وتنطلق الفعاليات، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس المقبل تحت شعار «من أجل أبناء الغد»، بافتتاح معرض بعنوان: «الشعر بدأ للتو»، يستعرض تاريخ «المؤسسة» منذ نشأتها عام 1975، حين أُوكلت إليها مهمة حفظ إرث ميرو التشكيلي والنحتي.
وقال مدير «المؤسسة»، ماركو دانيال، خلال مؤتمر صحافي للإعلان عن البرنامج: «خلال 50 عاماً، انتقلنا من حلم فنان إلى مؤسسة ثقافية رائدة في برشلونة والعالم».
من حلم شخصي إلى مَعلَم عالمي
يستعرض المعرض الافتتاحي بدايات «المؤسسة» عبر صور أرشيفية، وخرائط، وقصاصات صحف، تُضيء على الأسباب التي دفعت ميرو، المقيم آنذاك في جزيرة مايوركا، إلى التصالح مع مدينته الأم برشلونة، وتأسيس مركز فني كان يُعرف في بداياته بـ«مركز برشلونة لدراسات الفن المعاصر».
وقد تولى تصميم المبنى المعماري الشهير جوزيب لويس سيرت، صديق ميرو، فجاء التصميم الطليعي بالخرسانة البيضاء على تلة مونجويك في أعالي برشلونة، ليُجسّد تفاعلاً بصرياً بين الفضاء المعماري وأعمال الفنان.
وسيُتاح للزوار، في 15 يونيو (حزيران) الحالي، الدخول إلى «المؤسسة» منذ السادسة صباحاً لمشاهدة تأثير ضوء الفجر على الأعمال الفنية، في تجربة حسية تستثمر جماليات البناء والإضاءة الطبيعية.
وأضاف ماركو دانيال، الذي يدير «المؤسسة» منذ عام 2018: «لم يترك لنا ميرو مبنى ومجموعة فنية فريدة فقط، بل ترك أيضاً طريقة جديدة لرؤية العالم».
معرض استثنائي في أميركا
من أبرز فعاليات البرنامج معرض دولي يُقام في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل بعنوان: «ميرو والولايات المتحدة»، يسلّط الضوء على علاقة الفنان الكاتالوني بأميركا، التي زارها 7 مرات بين عامي 1947 و1968، وكان لها أثر واضح في تجربته الفنية.
ويضم المعرض، الذي سيستضيفه متحف «فيليبس كولكشن» في العاصمة الأميركية واشنطن، أعمالاً لفنانين بارزين تأثروا بميرو، منهم: لويز بورجوا، وجاكسون بولوك، ومارك روثكو.
بدورها، أوضحت آنا آرا، مديرة الأنشطة الفنية في «المؤسسة»، أن المعرض سيكون «أهم عرض حتى الآن لأعمال خوان ميرو في أميركا».
تطوير العرض الفني وافتتاح مساحات جديدة
ضمن احتفالات الذكرى، ستُعاد في ربيع 2026 طريقة عرض «مجموعة ميرو الدائمة» داخل المتحف، لتُركِّز بشكل أكبر على تطوّره الإبداعي واهتمامه بالفضاء، مع تعزيز المواد التوضيحية للزوار.
تقول آرا: «نريد أن نعيد الزائر إلى اللحظة التي كان ميرو يعمل فيها على هذه الأعمال».
كما ستُفتتح «حديقة السرو»، وهي مساحة خضراء أُهديت إلى «المؤسسة» عام 1975 بيد أنها ظلت مغلقة أمام الزوار. وستُفتح الحديقة للجمهور من الربيع وحتى الخريف.
مؤسسة وُلدت في صمت وانطلقت إلى العالمية
افتُتحت «مؤسسة خوان ميرو» أول مرة في 10 يونيو 1975 بحفل غير معلن، إذ تجنّب ميرو حضور ممثلي نظام فرانثيسكو فرنكو الذي كان في أيامه الأخيرة.
أما الافتتاح الرسمي الثاني، فجاء بعد وفاة فرنكو في يونيو 1976، وسط أجواء احتفالية، ليؤسس لانطلاقة حرَّة لـ«مؤسسة» تُعدّ اليوم أحد أهم المراكز الثقافية في برشلونة والعالم.
لمسة ختامية: إرث يتجدد
احتفال «المؤسسة» بالذكرى الخمسين ليس مجرد وقفة مع الماضي، بل خطوة نحو المستقبل. عبر المعارض الجديدة، والمساحات المفتوحة، والعروض الفنية المُعاد تنظيمها، تؤكد «المؤسسة» أنها لا تكتفي بتكريم ماضي ميرو، بل تعمل على استلهام رؤيته لتلهم الأجيال المقبلة من الفنانين والزوار حول العالم.