برشلونة تحتفي بـ50 عاماً من عمر «مؤسسة خوان ميرو»

عام من الفعاليات لتكريم رائد الفن الحديث في القرن العشرين

امرأة تتأمل منحوتة «شخصية» لخوان ميرو من نافذة «المؤسسة» في برشلونة (أ.ف.ب)
امرأة تتأمل منحوتة «شخصية» لخوان ميرو من نافذة «المؤسسة» في برشلونة (أ.ف.ب)
TT

برشلونة تحتفي بـ50 عاماً من عمر «مؤسسة خوان ميرو»

امرأة تتأمل منحوتة «شخصية» لخوان ميرو من نافذة «المؤسسة» في برشلونة (أ.ف.ب)
امرأة تتأمل منحوتة «شخصية» لخوان ميرو من نافذة «المؤسسة» في برشلونة (أ.ف.ب)

تحتفل «مؤسسة خوان ميرو» الثقافية في برشلونة بمرور نصف قرن على تأسيسها، عبر برنامج فني يمتد لعام كامل، يتضمن معارض وفعاليات موسيقية وزيارات خاصة، وذلك تكريماً للفنان الكاتالوني الشهير الذي يُعدّ أحد أبرز رموز الفن الحديث في القرن العشرين.

وتنطلق الفعاليات، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس المقبل تحت شعار «من أجل أبناء الغد»، بافتتاح معرض بعنوان: «الشعر بدأ للتو»، يستعرض تاريخ «المؤسسة» منذ نشأتها عام 1975، حين أُوكلت إليها مهمة حفظ إرث ميرو التشكيلي والنحتي.

المدخل الرئيسي لمتحف «مؤسسة خوان ميرو للفنون» في برشلونة (أ.ف.ب)

وقال مدير «المؤسسة»، ماركو دانيال، خلال مؤتمر صحافي للإعلان عن البرنامج: «خلال 50 عاماً، انتقلنا من حلم فنان إلى مؤسسة ثقافية رائدة في برشلونة والعالم».

من حلم شخصي إلى مَعلَم عالمي

يستعرض المعرض الافتتاحي بدايات «المؤسسة» عبر صور أرشيفية، وخرائط، وقصاصات صحف، تُضيء على الأسباب التي دفعت ميرو، المقيم آنذاك في جزيرة مايوركا، إلى التصالح مع مدينته الأم برشلونة، وتأسيس مركز فني كان يُعرف في بداياته بـ«مركز برشلونة لدراسات الفن المعاصر».

وقد تولى تصميم المبنى المعماري الشهير جوزيب لويس سيرت، صديق ميرو، فجاء التصميم الطليعي بالخرسانة البيضاء على تلة مونجويك في أعالي برشلونة، ليُجسّد تفاعلاً بصرياً بين الفضاء المعماري وأعمال الفنان.

زائرة تلتقط صورة لعمل للفنان خوان ميرو خلال معرض «من ميرو إلى برشلونة»... (أ.ف.ب)

وسيُتاح للزوار، في 15 يونيو (حزيران) الحالي، الدخول إلى «المؤسسة» منذ السادسة صباحاً لمشاهدة تأثير ضوء الفجر على الأعمال الفنية، في تجربة حسية تستثمر جماليات البناء والإضاءة الطبيعية.

وأضاف ماركو دانيال، الذي يدير «المؤسسة» منذ عام 2018: «لم يترك لنا ميرو مبنى ومجموعة فنية فريدة فقط، بل ترك أيضاً طريقة جديدة لرؤية العالم».

معرض استثنائي في أميركا

من أبرز فعاليات البرنامج معرض دولي يُقام في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل بعنوان: «ميرو والولايات المتحدة»، يسلّط الضوء على علاقة الفنان الكاتالوني بأميركا، التي زارها 7 مرات بين عامي 1947 و1968، وكان لها أثر واضح في تجربته الفنية.

ويضم المعرض، الذي سيستضيفه متحف «فيليبس كولكشن» في العاصمة الأميركية واشنطن، أعمالاً لفنانين بارزين تأثروا بميرو، منهم: لويز بورجوا، وجاكسون بولوك، ومارك روثكو.

بدورها، أوضحت آنا آرا، مديرة الأنشطة الفنية في «المؤسسة»، أن المعرض سيكون «أهم عرض حتى الآن لأعمال خوان ميرو في أميركا».

تطوير العرض الفني وافتتاح مساحات جديدة

ضمن احتفالات الذكرى، ستُعاد في ربيع 2026 طريقة عرض «مجموعة ميرو الدائمة» داخل المتحف، لتُركِّز بشكل أكبر على تطوّره الإبداعي واهتمامه بالفضاء، مع تعزيز المواد التوضيحية للزوار.

تقول آرا: «نريد أن نعيد الزائر إلى اللحظة التي كان ميرو يعمل فيها على هذه الأعمال».

كما ستُفتتح «حديقة السرو»، وهي مساحة خضراء أُهديت إلى «المؤسسة» عام 1975 بيد أنها ظلت مغلقة أمام الزوار. وستُفتح الحديقة للجمهور من الربيع وحتى الخريف.

متحف «مؤسسة خوان ميرو للفنون» في برشلونة (أ.ف.ب)

مؤسسة وُلدت في صمت وانطلقت إلى العالمية

افتُتحت «مؤسسة خوان ميرو» أول مرة في 10 يونيو 1975 بحفل غير معلن، إذ تجنّب ميرو حضور ممثلي نظام فرانثيسكو فرنكو الذي كان في أيامه الأخيرة.

أما الافتتاح الرسمي الثاني، فجاء بعد وفاة فرنكو في يونيو 1976، وسط أجواء احتفالية، ليؤسس لانطلاقة حرَّة لـ«مؤسسة» تُعدّ اليوم أحد أهم المراكز الثقافية في برشلونة والعالم.

لمسة ختامية: إرث يتجدد

احتفال «المؤسسة» بالذكرى الخمسين ليس مجرد وقفة مع الماضي، بل خطوة نحو المستقبل. عبر المعارض الجديدة، والمساحات المفتوحة، والعروض الفنية المُعاد تنظيمها، تؤكد «المؤسسة» أنها لا تكتفي بتكريم ماضي ميرو، بل تعمل على استلهام رؤيته لتلهم الأجيال المقبلة من الفنانين والزوار حول العالم.


مقالات ذات صلة

رواية «لا أحد ينام في الإسكندرية» تُلهم تشكيليين مصريين

يوميات الشرق الفنان محمد عبلة ضيف شرف المعرض (قوميسير المعرض)

رواية «لا أحد ينام في الإسكندرية» تُلهم تشكيليين مصريين

عبر لوحات تفوح برائحة اليود، تجلت مدينة الإسكندرية (شمال مصر) ببحرها وناسها وتاريخها وتفاصيلها المختلفة في معرض فني نظمته مؤسسة «محو الأمية البصرية».

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق من معرض «السفارة الافتراضية» من تقييم سارة المطلق (واس)

فن الحكاية البصرية: ثلاث قيمات سعوديات يروين تجربتهن

في زخم الحركة الفنية السعودية، تبرز أسماء لفنانين وأعمال ومعارض، كما يتردد اسم «القيم الفني» الذي يتولى إخراج المعرض للجمهور عبر رؤية فنية خاصة.

عبير بامفلح (الرياض)
يوميات الشرق صناعة العطور تعتمد على خامات طبيعية (متحف الفن الإسلامي)

«مسك وزعفران»... المتحف الإسلامي بالقاهرة يستعيد تاريخ العطور

المسك والزعفران والعود والعنبر والكافور هي العناصر الخمسة الشرقية الرئيسية في تركيب العطور في العصر الإسلامي.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق البشر... حبَّات أُرز (فيسبوك)

أكوام من الأرز تُجسّد البشر... والناس يضحكون ويبكون

يواصل معرض يتخيَّل إحصاءات السكان البشريين في أكوام من الأرز بأحجام مختلفة، رحلته العالمية بتوقّفه في مقاطعة سوري بجنوب شرقي إنجلترا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق بقايا الشجرة التي هزّت بريطانيا... الآن يمكن احتضانها (غيتي ومتنزه نورثمبرلاند الوطني)

نُصب فنّي يُحيي ذاكرة الشجرة التي أبكت بريطانيا

تقرَّر عرض جزء من شجرة «سيكامور غاب» ذات الشهرة العالمية، التي قُطعت بطريقة غير قانونية قبل نحو عامين، في مقاطعة نورثمبرلاند البريطانية، وذلك بشكل دائم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تصريحات مدحت العدل عن «حفيدة» أم كلثوم تثير جدلاً

جانب من مؤتمر صحافي حول مسرحية أم كلثوم (حساب العدل على فيسبوك)
جانب من مؤتمر صحافي حول مسرحية أم كلثوم (حساب العدل على فيسبوك)
TT

تصريحات مدحت العدل عن «حفيدة» أم كلثوم تثير جدلاً

جانب من مؤتمر صحافي حول مسرحية أم كلثوم (حساب العدل على فيسبوك)
جانب من مؤتمر صحافي حول مسرحية أم كلثوم (حساب العدل على فيسبوك)

تسببت التصريحات التي أدلى بها المؤلف المصري مدحت العدل حول اعتزال حفيدة شقيقة سيدة الغناء العربي أم كلثوم في إثارة جدل كبير، وتعرّض لهجوم عبر مواقع «السوشيال ميديا».

وكان مدحت العدل قد ذكر في تصريحات صحافية (الاثنين) عقب افتتاح المقر الجديد لجمعية المؤلفين والملحنين والناشرين المصرية التي يترأسها، وتطرق فيها إلى مسرحية أم كلثوم التي كتبها وينتجها في ذكرى مرور نصف قرن على وفاة «كوكب الشرق» أنه «ليس من المعقول أم كلثوم تموت وهي أم كلثوم، وأسأل عن حفيدتها التي رأيتها قبل سنوات في برنامج (ذا فويس كيدز) لكي تمثل في المسرحية فقالوا لي إنها تحجبت واعتزلت».

وأبدى العدل دهشته قائلاً: «تخيلوا أم كلثوم كده وحفيدتها كده شوفوا إلى أين وصلنا نحن»، وأوضح العدل لاحقاً عقب ردود الأفعال التي هاجمته مؤكداً أنه لا يعترض على الحجاب، وإنما يعترض على اعتزال حفيدة أم كلثوم لأنها ترى أن الغناء حرام، بينما جدتها كانت قارئة قرآن ومستنيرة فكرياً»، على حد تعبيره.

وتسببت هذه التصريحات في إثارة الجدل وتعرض العدل لهجوم شديد على منصة «إكس».

لكن الكاتب طارق الشناوي يرى أن «المشكلة تكمن في أن عائلة الفتاة ربطت بين الحجاب وتحريم الغناء»، موضحاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «مدحت العدل كان يريد من حفيدة أم كلثوم أن تغني في المسرحية التي تتناول سيرة جدتها فكان رد والدها أنها تحجبت واعتزلت، والمشكلة جاءت في الربط بين الحجاب وبين التوقف عن الغناء لأنه يعني بذلك تحريم الغناء، وهذا هو الجزء العميق في الموضوع، لأن والد الفتاة أدخلها معهد الموسيقى العربية وكانت تغني في الأوبرا، وقد كان موافقاً على غنائها ثم انقلب 180 درجة»، وفق تعبيره.

«سيدة الغناء العربي» أم كلثوم (أرشيفية)

ولفت الشناوي إلى وجود حلول متعددة بالنسبة لأي مخرج إذا كان من الضروري أن ترتدي أي مطربة الحجاب، فهناك مطربات منذ زمن يغنين بالحجاب مثل نجاح سلام وهدى سلطان.

وُيبدي الشناوي دهشته من «تحريم الفن وتجريمه في بلد مثل مصر، متسائلاً كيف نصل لهذه المرحلة، إنه أمر مخيف جداً»، مشيراً إلى أنه «قبل ذلك طلب المطرب أحمد عامر منع أغانيه قبل أن يموت، وتبعه آخرون، وكأن الفن ذنب أو معصية».

سناء نبيل، التي أثيرت الضجة حولها حفيدة شقيقة أم كلثوم وعمرها الآن 22 عاماً، عرفت طريقها إلى الغناء منذ طفولتها، حيث انضمت لكورال أطفال الأوبرا مع المايسترو سليم سحاب منذ كان عمرها 9 سنوات، وشاركت في برنامج «ذا فويس كيدز»، وبرنامج المواهب Arabs Good Talant ولم تتحدث عن قرابتها لأم كلثوم خلال مشاركتها بالبرنامج إلا بعدما سألها الفنان أحمد حلمي عن وجود أقارب لها بالغناء، فقالت إنها حفيدة أم كلثوم، مؤكدة أن حياتها أصبحت غناء في غناء منذ طفولتها.

وذكرت جيهان والدة سناء في تصريحات صحافية أن «هناك من اتصل بوالد سناء من طرف مدحت العدل للمشاركة في مسرحية، وأخبره أنها تحجبت واعتزلت»، نافية أنه قال إن «الغناء حرام»، وقالت: «إننا لن نحرم ونحلل على هوانا». مشيرة إلى أن «اعتزال ابنتها تم قبل عامين، فيما قال والدها نبيل المرسي إن ابنته «تلقت عروضاً لأعمال فنية، لكنها قررت الاعتزال وارتدت الحجاب».

المؤلف مدحت العدل (حساب العدل على فيسبوك)

ورأى الناقد الموسيقي أمجد مصطفى أن هناك أزمة نعيشها منذ سنوات تتمثل في اجتزاء الكلام ليفسره كل شخص على هواه، فقد اعتاد الناس تناول جزء من كلام الفنان أو المسؤول ليذهبوا به لاتجاه آخر، ومع انتشار «السوشيال ميديا» بات الأمر في منتهى الخطورة.

ويضيف مصطفى لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الأمر تكرر مع العدل ليبدو كلامه ضد الدين أو الحجاب رغم أن عائلته تضم محجبات، وقد يكون لديه أثناء حديثه مائة فكرة فتطغى إحداها على الأخرى، لذلك من المهم ألا نجري وراء (التريند) وأن نعيد التواصل معه للتأكد منه، لأن الأمر يتعلق بالدين وما يمثله ذلك من خطورة وحساسية».