أمضى عامل تنظيف النوافذ، ستيفن وادلو، أكثر من عقد في محاولة إثبات امتلاكه لوحة أصلية لا تُقدّر بثمن للكاتب المسرحي الشهير ويليام شكسبير. وقد تحوّلت رحلته هذه إلى فيلم وثائقي على منصة «نتفليكس».
وفي التفاصيل، نقلت «بي بي سي» عن وادلو المُقيم في بلدة أيلزبري بمقاطعة باكينغهامشير الإنجليزية، قوله إنّ والده بيتر اشترى اللوحة في ستينات القرن الماضي مقابل 900 جنيه إسترليني. وظلَّت مُعلَّقة فوق التلفزيون لمدة 40 عاماً، لكن ستيفن لم يكن دائماً معجباً بها.
وأوضح: «كانت تُخيفني. أينما كنتُ في المنزل، أشعر كأنها تحدّق بي. لطالما ذكرتني بتلك اللوحات الغامضة في مسلسل (سكوبي دو)».
لم يفكّر في الأمر كثيراً إلى أن زارت والده إحدى المُحاضِرات في الأدب الإنجليزي والفنون، لتشتبه في أنّ اللوحة قد تكون أكثر من مجرّد صورة عادية.
يقول بيتر: «في البداية، اعتقدت الزائرة أنها مجرّد نسخة مطبوعة، وقالت: (هذه نسخة جميلة). فأجبتُها: (ليست نسخة، إنها أصلية)».
في تلك اللحظة، أخرجت المرأة عدسةً مُكبِّرةً من حقيبتها ونظرت من كثب، ثم علَّقت: «إنه يشبه شكسبير أكثر من شكسبير نفسه».
ويعتقد ستيفن الآن أنّ هذه اللوحة قد تكون الحلقة المفقودة في البحث عن صورة حقيقية لشكسبير. فهي تصوّره في سنّ الـ31 بشعره الطويل ومن دون لحية. وهذه الهيئة لم تُشاهَد من قبل في الرسوم التاريخية المعروفة للشاعر الكبير.
دفعه الشكّ في أصلها للجوء إلى تقنية التعرُّف إلى الوجوه لمقارنتها بصور أخرى مشهورة لشكسبير، وكشفت النتائج أنها تُشبه النقش الشهير للكاتب أكثر من أي صورة أخرى معروفة له.
خضعت اللوحة لتحليل دقيق من متخصّصين في التصوير الطيفي فائق الحساسية والتحليل الطيفي البصري.
ورأى الدكتور جون غيلكريست مع باحثين من كلية لندن أنّ اللوحة عُدِّلت على مرّ السنوات، إذ أضيفت تفاصيل مُبالَغ فيها إلى الدانتيل لاحقاً. وأوضح: «كل ما يمكنني فعله هو الإبلاغ عما نُلاحظه من خلال الأشعة تحت الحمراء وقياساتنا»، مضيفاً: «لا يمكنني تأكيد سواء كان هذا شكسبير أم لا. كل ما يمكنني قوله هو أنه يُشبهه بشدّة».
بدوره، قال ستيفن وادلو: «يتّفق الخبراء، سواء من الناحية التقنية أو مؤرّخي الفنّ، بنسبة 100 في المائة، على أنها عود إلى زمن شكسبير».
أخبره أحدهم أنه إذا ثبُت أنها تعود إلى الكاتب الشهير، فقد تصل قيمتها إلى ما بين 100 و200 مليون جنيه إسترليني. ورغم أنّ الأوساط الفنّية رفضت الفكرة لعدم تطابُق الصورة مع التصوّرات التقليدية لشكسبير، أصرَّ وادلو على مواصلة البحث لإثبات صحة نظريته. وقال: «أصبحت هذه القضية هاجساً بالنسبة إليّ لإثبات خطأ بعض الناس».
تمثَّلت نقطة التحوّل بإجراء معهد «لوميير تكنولوجي» في باريس، المعروف بتحليله لأعمال فنّية أيقونية مثل الموناليزا، دراسة متعدّدة الأطياف على اللوحة. ويعتقد مديره التنفيذي، جان بينيكو، أنّ اللوحة تعود إلى شكسبير الممثل هو يؤدّي دور إحدى شخصياته.
وأضاف: «شكل الفم متطابق تماماً. يمكن ملاحظة ذلك بالنظر، لذلك أؤيد تماماً الفرضية القائلة إنها صورة لشكسبير».
بينما يُكمل ستيفن رحلته الطويلة التي يعرُض تفاصيلها فيلم «The Stuff of Dreams» عبر «نتفليكس»، اعترف بأنّ المال كان الدافع الأول، لكن البحث عن الحقيقة أصبح شغفه الأكبر. وقال: «بالطبع، في يوم من الأيام، سيرغب شخص ما في شرائها».
وختم: «إذا حدث ذلك، وعُرضت في المكان المناسب للجمهور، فسأكون سعيداً جداً. أتطلّع إلى اليوم الذي أتمكن فيه من التقاعد وفي جيبي بضع جنيهات».