اكتشاف تطوّر الطاقة المظلمة مع الوقت قد يغيّر طريقة فهم الكون

رسم توضيحي يقدم لمحة عن تاريخ الكون (ناسا)
رسم توضيحي يقدم لمحة عن تاريخ الكون (ناسا)
TT
20

اكتشاف تطوّر الطاقة المظلمة مع الوقت قد يغيّر طريقة فهم الكون

رسم توضيحي يقدم لمحة عن تاريخ الكون (ناسا)
رسم توضيحي يقدم لمحة عن تاريخ الكون (ناسا)

يبدو أن الطاقة المظلمة، المحرك النظري لتوسع الكون والتي كان يُعتقد في السابق أنها مرتبطة بثابت كوني، تتطور، في الواقع، بمرور الوقت، وهو السلوك الذي قد يؤدي إلى إعادة النظر في فهمنا للكون.

قالت أليكسي لوتو هارنيت، الناطقة باسم إطار التعاون الدولي «دي إي إس آي (DESI)» الذي يجمع 70 جهة؛ من بينها لجنة الطاقة الذرية الفرنسية، عن مختبر بيركلي الأميركي، في بيانٍ صدر الأربعاء: «ما نراه مثير جداً للاهتمام، وقد نكون على أعتاب اكتشاف كبير» حول الطبيعة الأساسية للكون الذي نعيش فيه.

وجرى تركيب أداة التحليل الطيفي للطاقة المظلمة «دي إي إس آي» على تلسكوب مخصص لهذا الغرض، على قمة مرصد كيت بيك الأميركي في أريزونا؛ بهدف المساعدة في توفير فهم لهذه القوة، وهي من الألغاز العظيمة في الفيزياء.

والألياف الضوئية الروبوتية الرفيعة لهذه الأداة تُراقب، في وقت واحد، خمسة آلاف مجرّة أو كوازارات؛ وهي أجسام شديدة السطوع يوجد في مركزها ثقب أسود. ويُستخدم ذلك لاحتساب أعمارها وبُعدها، ثم رسم خريطة ثلاثية الأبعاد للكون واكتشاف الأنماط التي تتيح تتبُّع تاريخه.

ومن المعروف منذ قرن أن الكون في طور التوسع منذ بدايته، إذ تُواصل مجموعات المجرات الابتعاد عن بعضها البعض. وقد اكتُشِف، خلال تسعينات القرن العشرين، أن هذا التوسع تَسارع، بشكل كبير، منذ نحو ستة مليارات سنة (عمر الكون هو 13.8 مليار سنة).

ولتفسير هذه الظاهرة التي تُوِّج اكتشافُها بجائزة نوبل، افترض الفيزيائيون وجود طاقة منفّرة هي الطاقة المظلمة التي تُعوَّض آثارها جزئياً بواسطة المادة العادية والمادة المظلمة الافتراضية.

وتتنبأ النظرية السائدة عن بنية الكون وتطوره بأن الكون المرئي يتكون من 70 في المائة من الطاقة المظلمة، و25 في المائة من المادة السوداء، و5 في المائة فقط من المادة العادية.

«لحظة محورية»

في هذا «النموذج الكوني القياسي» المسمى «لامدا-سي دي إم (Lambda-CDM)»، يشير لامدا إلى الثابت المتعلق بالطاقة المظلمة، وهي الفكرة التي اعتمدها أينشتاين، للمرة الأولى في نظريته عن النسبية العامة.

ومع أن هذا النموذج القياسي مُرضٍ، إلا أن «توترات بدأت تظهر» مع الرصد، وفقاً لأرنو دو ماتيا، وهو فيزيائي في لجنة الطاقة الذرية الفرنسية شارك في تحليل بيانات أداة التحليل الطيفي للطاقة المظلمة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وهي تشير، بشكل متزايد، إلى جانب القياسات الأخرى للضوء المبكر في الكون والمُستعرات العظمى ولكيفية تشويه الجاذبية ضوء المجرات، إلى أن الطاقة المظلمة ليست ثابتة.

وأكد إطار التعاون الدولي «دي إي إس آي»، في بيانٍ صدر مع العرض التقديمي، خلال مؤتمر الجمعية الفيزيائية الأميركية في أنهايم بولاية كاليفورنيا للدراسات الناتجة عن ثلاث سنوات من الرصد لـ15 مليون مجرة ونجم زائف، أن تأثير الطاقة المظلمة «قد يَضعف بمرور الوقت».

وأضاف دو ماتيا: «عندما نجمع كل البيانات الكونية، فإنها تشير إلى تسارعٍ أكبر قليلاً في توسع الكون منذ نحو سبعة مليارات سنة في الماضي». وقد «اتجه هذا التسارع إلى الانخفاض» على مدى الـ2.5 مليار سنة المنصرمة.

لكن في الوقت الراهن لا يوجد «يقين مطلق»، وفقاً للباحث.

ويستلزم تحقيق هذه الغاية بيانات جديدة من تلسكوب «دي إي إس آي» وغيره من الأدوات، مثل تلسكوب إقليدس الأوروبي، أو تلسكوب نانسي غريس رومان الفضائي، ومرصد فيرا روبين في تشيلي. وأمل إتيان بيرتين، وهو فيزيائي أيضاً في هيئة الطاقة الذرية، في «الحصول على صورة أكثر وضوحاً، خلال خمس سنوات».

أما جوشوا فريمان، المؤسس المشارك لبرنامج «دارك إنرجي سورفي» والمتعاون السابق مع «دي إي إس آي»، فقال، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «سيحسم هذا الجيل الجديد من المُسوحات المسألة، إما أن يُحوّل هذه الأدلة إلى اكتشاف، وإما أن يُظهر لنا أننا كنا على المسار الخطأ وأن الطاقة المظلمة ثابتة بالفعل»، واصفاً إياها بأنها «لحظة محورية».

وأضاف بيرتين أن تأكيد وجود الطاقة المظلمة «الديناميكية» سيكون «ثورة على مستوى ما حدث مع اكتشاف التوسع المتسارع».

وفي هذه الحالة «سيتعيّن على النموذج الكوني القياسي أن يكون مختلفاً»، على ما قال.

وسيكون من الضروري، بعد ذلك، معرفة ما إذا كانت النظريات البديلة الموجودة قادرة على إعادة إنتاج الملاحظات بشكل أفضل، أو تطوير أخرى جديدة؛ للتقدم خطوة أخرى نحو فهم الكون.



الجامعة الأميركية تحتفل بالقاهرة بوصفها «مدينة عالمية»

تلوين وأنشطة فنية في الهواء الطلق (الشرق الأوسط)
تلوين وأنشطة فنية في الهواء الطلق (الشرق الأوسط)
TT
20

الجامعة الأميركية تحتفل بالقاهرة بوصفها «مدينة عالمية»

تلوين وأنشطة فنية في الهواء الطلق (الشرق الأوسط)
تلوين وأنشطة فنية في الهواء الطلق (الشرق الأوسط)

على مدار ثلاثة أيام، فتحت الجامعة الأميركية بالقاهرة أبوابها للجمهور لاستضافة النسخة الثانية من مهرجانها الثقافي السنوي في مقرها التاريخي بميدان التحرير، وسط القاهرة، الذي كرّس فعالياته، التي تختتم (السبت) للاحتفاء بالقاهرة مدينةً عالميةً، باعتبارها «مركزاً لالتقاء الثقافات يربط بين أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط والعالم العربي».

وحسب الدكتور أحمد دلال، رئيس الجامعة الأميركية، في كلمته الافتتاحية، فإن المهرجان «يستكشف القاهرة كمدينة عالمية، نقطة التقاء بين أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط والعالم العربي، وبصفتها مركزاً ثقافياً للجنوب العالمي، فإن القاهرة هي المكان الذي يلتقي فيه التراث والناس والتاريخ في مشهد ديناميكي ومتطور».

افتتاح الحجرة الأرمينية (الجامعة الأميركية بالقاهرة)
افتتاح الحجرة الأرمينية (الجامعة الأميركية بالقاهرة)

انعكست ثيمة المهرجان الرئيسية على أعماله التي شملت عروضاً فنيةً وراقصةً، ومعرضاً فنياً، و«بازاراً» مفتوحاً يضم منتجات يدوية، ولقاءات ثقافية حول تاريخ الأطعمة الغنية متعددة الثقافات، يقول عادل راغب، أردني يعمل في مجال تطوير المطاعم بالقاهرة، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «يحضر خلال المهرجان ندوة مخصصة لمناقشة تطوّر المطبخ الشرق أوسطي، لأنه مهتم بفكرة الترابط الثقافي بين المطابخ، وكذلك التأثيرات المتبادلة بينهم، خصوصاً المطبخ الشامي والمصري».

وتربط بين قاعات المهرجان المختلفة ساحةٌ مفتوحةٌ تُقدم بها رقصات حيّة في الهواء الطلق أمام الجمهور، أبرزها لفريق رقص هندي يحاكي رقصات «بوليوود» الصاخبة، التي جرى تقديمها بدعم من مركز «مولانا آزاد» للثقافة الهندية في مصر.

جانب من العروض الغنائية بالمهرجان (الجامعة الأميركية)
جانب من العروض الغنائية بالمهرجان (الجامعة الأميركية)

وجذبت «الحجرة الأرمينية» زوار المهرجان بعد انتهاء ترميمها، وحرص الكثيرون على التقاط الصور أمام الجدار الرئيسي للغرفة الذي ضمّ حروف الأبجدية الأرمينية القديمة بتصميم جمالي وفني يجمع رموزاً ثقافية وفلكلورية من الثقافتين المصرية والأرمينية، وتحمل تلك الحروف اسم «أبجدية ماشتوتس» التي عُرض عنها فيلم تسجيلي في المهرجان حول سيرة الراهب «ميسروب ماشتوتس» الذي اشتهر باختراعه للأبجدية الأرمنية نحو عام 405 الميلادي، وكذلك استعراض لأشهر معالم أرمينيا التي تظهر بها الكتابات الأرمينية مثل الكنائس ودار المخطوطات القديمة.

حفل غنائي ضمن فعاليات المهرجان (الجامعة الأميركية)
حفل غنائي ضمن فعاليات المهرجان (الجامعة الأميركية)

وخلال المهرجان، عقد مؤتمر متخصص حول «تاريخ الترفيه في الثقافة» الذي نظم عدداً من المحاضرات واللقاءات، وكذلك معرضاً للكتاب يتماشى مع الثيمة الرئيسية للمؤتمر، وتقول الكاتبة والناشرة المصرية دينا قابيل، مديرة النشر بدار «المرايا»، إن «التاريخ مدخل مهم في الدراسات المعاصرة والإنسانية، واختيار ثيمة مثل الترفيه هذا العام لافت، وتستكشف كثير من العناوين والدراسات الجادة حول موضوع حيوي مثل الترفيه وصناعته وتأثيره في عالمنا العربي».

وتضيف: «نشارك في معرض الكتاب بعدد من العناوين التي تتماشى مع تلك الثيمة من تاريخ السينما والموسيقى والرقص والسيرة والفكاهة وغيرها، منها السيرة الروائية عن الملحن الراحل بليغ حمدي بعنوان (المزيكاتي) للكاتبة وسام سليمان، وكتاب (قهقهة فوق النيل) و(مهندس البهجة - فؤاد المهندس ولا وعي السينما) للدكتور وليد الخشاب، و(مسرح نجيب الريحاني) للدكتور سيد علي إسماعيل، وكتاب الدكتورة زينب أبو المجد كتاب (السياسة الأمينة بتاريخ من سكن المدينة)»، كما تقول لـ«الشرق الأوسط».

زوار للحجرة الأرمينية التي افتتحت أخيراً بالجامعة (الشرق الأوسط)
زوار للحجرة الأرمينية التي افتتحت أخيراً بالجامعة (الشرق الأوسط)

كما نظّم المهرجان الثقافي للجامعة الأميركية معرضاً للفنون البصرية لطلاب الفنون بالسنة النهائية بالجامعة بعنوان «قلب المقلوب» الذي جمع بين التصوير، والفيديو آرت، والفنون التفاعلية، ويطرح بشكل نقدي تفاعل الفنانين مع أسئلة وصراعات شخصية ووجودية والبحث عن مرتكزات تاريخية وروحية لتأملها، منها مشروع «من التراب إلى التراب» الذي اعتمد على فن «التجهيز في الفراغ» واستخدام مواد خام أولية مثل الخيش والجلود والحبال ليطرح رؤية فنية حول صراع الإنسان الداخلي الذي يستلهم سرديات توراتية وإنجيلية، وكذلك مشروع يُبرز عدم المساواة في توزيع الطاقة الكهربائية الذي يتجلى في الإضاءات الساطعة للوحات الإعلانات التجارية بالقاهرة في مقابل حرمان مناطق أخرى من الإضاءة.