الخط العربي وعالم الدراويش في معرض فني بالقاهرة

يضمّ 30 عملاً تتمتَّع بأجواء روحانية

أعمال تسمح بتواصل الخط العربي مع كل الثقافات (إدارة الغاليري)
أعمال تسمح بتواصل الخط العربي مع كل الثقافات (إدارة الغاليري)
TT

الخط العربي وعالم الدراويش في معرض فني بالقاهرة

أعمال تسمح بتواصل الخط العربي مع كل الثقافات (إدارة الغاليري)
أعمال تسمح بتواصل الخط العربي مع كل الثقافات (إدارة الغاليري)

حوار تتناغم فيه لوحات الخط العربي وعالم الدراويش، في معرض جماعيٍّ يُنظَّم تحت عنوان «ذكر» في غاليري «سفرخان» بالقاهرة.

تُجسِّد أعمال المعرض أبعاداً روحانية، تتداخل مع التقنيات التشكيلية لتخلق أشكالاً بصرية غيبية، ترنو إلى السَّلام والصفاء، عبر اقتحامها عوالم مغايرة للمألوف، تستمد سماتها الدَّلالية ومعانيها الرمزية، من زخم التُّراث الفني الإسلامي.

وتتكون غالبية المجموعة الفنية في المعرض، الذي يستمر حتى 30 مارس (آذار) الحالي، من أعمال فنان الخط العربي محمد حسن في 3 أساليب تنفيذية متميزة هي: الكلاسيكية، والمُعاد تصورها، والتجريدية.

ويستكملها تصوير الفنانتين رنا شلبي، وكاثرين باخوم للدراويش في أسلوب انطباعي وتقليدي على التوالي؛ حيث تُلتقط ممارسة الذِّكر بعمقٍ في جميع الأعمال التي تتجاوز الثلاثين عملاً.

سحر الشرق وأسراره في لوحة للفنانة كاترين باخوم (إدارة الغاليري)

وتعكس هذه الأعمال من جهةٍ حالة التأمل الدقيق للكون، حتى أنها تُعدّ بمنزلة إحدى مراتب التَّصوف، ومن جهة أخرى يستشعر المتأمل للوحات الإحساس بالتجريد المتمثل في الحالة الصُّوفية، الذي يُشابه إلى حدٍّ بعيد التجريد التشكيلي.

وكأن التقاء الصُّوفية والفن التشكيلي في هذا المعرض يحمل دعوة إلى التَّعمُق في قُدرة الخالق خلال شهر رمضان، إذ تستدعي الأعمال شاعرية الوجدان والبصيرة.

التنوع، من حيث الخط والتقنية والرؤية الفنية للعمل على السواء، هو السِّمة الأساسية للأعمال التي شارك بها الفنان محمد حسن وتبلغ 18 عملاً، ما بين اللوحات والمجسَّمات، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن أعمالي مقسَّمة إلى مجموعتين في المعرض، القسم الكلاسيكي أو التقليدي، والقسم الآخر يتمتَّع برؤية تشكيلية مختلفة، والرابط بينهما هو الخط العربي».

عمل مجسَّم للخط العربي للفنان محمد حسن (إدارة الغاليري)

وفي حين تتناول بعض اللوحات نصوصاً قرآنية وأحاديث نبوية وأشعاراً ومأثورات، فإن هناك أعمالاً أخرى تتضمن حروفاً غير منطوقة؛ و«الأمر الذي يسمح بالتواصل الفكري والوجداني مع مختلف الثقافات؛ فكما هو معروف أن الخط العربي يؤثِّر، ويجذب حتى غير الناطقين باللغة العربية، وغير المسلمين»، وفق حسن؛ الذي يتابع: «يكون الأمر أصعب بالنسبة للوحات الحروف غير المنطوقة؛ لأني أستخدم الأكريلك، وهو خامة تجفُّ بسرعة، ومن ثم يستدعي العمل بها سرعة أكبر».

ويوضح أن «الخطَّاط ما لم تكن لديه فكرة حاضرة في ذهنه قبل بدء الرسم، فإن اللوحة لن تخرج في النهاية بالشكل المطلوب».

تتنوَّع كذلك الخطوط التي يستخدمها حسن في أعماله بشكل لافت، وهو ما يبرِّره قائلاً: «إن النص يُنادي خطَّه، وكذلك طبيعة الرؤية التشكيلية أو التكوين»، ويُشير إلى أن «أنواع الخط تزيد عن 120 نوعاً، ولا أفضِّلُ نوعاً أكثر من آخر، فاللوحة نفسها هي التي تفرض خطاً بعينه».

لا يقتصر التَّنوع في أعمال حسن على تعدد أنواع الخط والرؤى فقط، إنما يمتد ليشمل الخامات أيضاً، فالمعرض يضمُّ أعمالاً يقدِّم من خلالها الفنان الخط على الورق والعملات المعدنية والكانفاس والجلد والخشب والرق.

«إلهي ما أحببتك وحدي ولكن أحببتك وحدك»... لوحة للفنان محمد حسن (إدارة الغاليري)

وتتماهى أعمال محمد حسن مع رؤية أوسع يمتلكها التَّصوف تجاه الحرف، باعتباره المبدأ الموحد للكون، وأنه «سلسلة من النقاط المتتابعة التي تشكِّل وحدات للقياس، وتمثل وجود الإله في الكائن الذي يتحرَّك بمشيئته سبحانه وتعالى»، وفق حسن.

لحظات صوفية عميقة يعيشها أيضاً الزائر للمعرض، عند تأمل لوحات الفنانة المصرية رنا شلبي، التي تُصوِّر عالم الدراويش الراقصين، بهالة من الزهد في تركيبة بسيطة.

وترسم رنا، وهي من ممارسي التَّصوف بنفسها، أداءَ السَّماع (الاستماع)، وهو مرتبط بالعبقرية الصُّوفية في القرن الـ13، والفولكلور المحيط بالدراويش الراقصين.

ومن خلال الأعمال يعيش المتلقي رحلة روحانية داخل عوالم الدراويش، خصوصاً مع دورانهم بملابسهم البيضاء الفضفاضة، وتطلُّع نفوسهم إلى السماء، بينما أجسادهم على الأرض في حركات منظَّمة ومنسَّقة، تتحدَّث عنها الفنانة لـ«الشرق الأوسط»، قائلة: «إن الحركة هي الحياة، ومن خلال أعمالي أريد أن يشعر المشاهد بهذه الحركة».

رنا شلبي تخوض رحلة سموٍّ روحي داخل عوالم الدروايش (إدارة الغاليري)

وتستخدم الفنانة قليلاً من الخطوط والألوان؛ فكما أن المتصوِّف لا يعرض الحقائق دفعة واحدة أمام الخلائق، وإنما يخفيها وراء الرُّموز، فإن اللوحات التشكيلية عند رنا شلبي، باعتمادها لكثيرٍ من إشارات التَّصوف في اللون والشكل، تعمد إلى إخفاء بعض المعاني القدسية، لكنها في الوقت نفسه تقدم كثيراً من الزَّخارف التي ترفع من جماليات اللوحات.

من جهة أخرى، تسرد الفنانة كاثرين باخوم في لوحاتها قصصاً من عالم الصُّوفية، وسحر الشرق وأسراره، متَّبعة قواعد كلاسيكية في بناء اللوحة وتكويناتها، متأثرة بزياراتها المتعددة إلى بلاد المغرب العربي؛ حيث بهاء وجمال القصور العربية التاريخية في أرجائه، بزخارفها، وألوانها، التي استلهمتها في أعمالها.

فيُطلُّ الدراويش علينا بثقة في حين تزخر خلفية اللوحات بالزَّخارف، مع احتفاء بالحواف أو الهوامش في محاكاة لعالم التَّصوف؛ حيث يسمح الرقص للدرويش بالانتقال من المركز إلى الهوامش، والتحليق في عالم التأمل.


مقالات ذات صلة

معرض «ديفا» حكايات الإبداع الإيطالي في تصميم المجوهرات

يوميات الشرق رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)

معرض «ديفا» حكايات الإبداع الإيطالي في تصميم المجوهرات

لا يشكّل معرض «ديفا» (رحلة في بريق المجوهرات الإيطالية) قصة عادية لفنانين مصمّمين، بل يروي حكاية شيّقة عن تاريخ هذا الفنّ اليدوي في إيطاليا.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)

«عيد الكاريكاتير المصري» يحتفي بـ«المتحف الكبير» وطوغان

المعرض يهدف إلى تعزيز الوعي بالهوية المصرية وبقيمة المتاحف، ويقدّم أعمالاً متنوعة تمزج بين السخرية والطرح الإنساني لإيصال رسائل ثقافية وفنية قريبة من الجمهور.

حمدي عابدين (القاهرة)
يوميات الشرق تدور موضوعات لوحات بو فرح بين الخيال والواقع (الشرق الأوسط)

معرض «آي كلاود» لجولي بو فرح ريشة مغمسة بالحدس والعفوية

تستعير الفنانة التشكيلية جولي بو فرح في معرضها «آي كلاود» من الغيوم صورة شاعرية لأعمالها، فترسمها بريشة تتأرجح بين الواقع والخيال.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق إحدى لوحات المعرض (المتحف المصري بالتحرير)

المتحف المصري يحتضن لوحات «من البردي الأخضر إلى الفن الخالد»

تحت عنوان «من البردي الأخضر إلى الفن الخالد»، استضاف المتحف المصري بالتحرير (وسط القاهرة) معرضاً فنياً يضم لوحات وأعمالاً تستلهم الحضارة المصرية.

محمد الكفراوي (القاهرة )
لمسات الموضة انطلقت الدورة الثانية من أسبوع الموضة المصري بورشات عمل وتدريب وعروض تبرز قدرات مواهب شابة (خاصة)

أسبوع الموضة المصري... آمال كبيرة في ترسيخ مكانته بالخريطة العالمية

يأتي أسبوع الموضة المصري ليكون خطوة مهمة في رحلة القاهرة لاستعادة دورها بوصفها عاصمة ثقافية وفنية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بريجيت ماكرون تزور صديقاً قديماً في الصين: الباندا العملاق «يوان منغ» (صور)

سيدة فرنسا الأولى بريجيت ماكرون تحضر حفل تسمية الباندا المولود في حديقة حيوان بوفال بفرنسا عام 2017 (أ.ب)
سيدة فرنسا الأولى بريجيت ماكرون تحضر حفل تسمية الباندا المولود في حديقة حيوان بوفال بفرنسا عام 2017 (أ.ب)
TT

بريجيت ماكرون تزور صديقاً قديماً في الصين: الباندا العملاق «يوان منغ» (صور)

سيدة فرنسا الأولى بريجيت ماكرون تحضر حفل تسمية الباندا المولود في حديقة حيوان بوفال بفرنسا عام 2017 (أ.ب)
سيدة فرنسا الأولى بريجيت ماكرون تحضر حفل تسمية الباندا المولود في حديقة حيوان بوفال بفرنسا عام 2017 (أ.ب)

التقت سيدة فرنسا الأولى بريجيت ماكرون، بصديق قديم، وهو باندا عملاق ولد في فرنسا، وذلك أمس (الجمعة)، في ختام زيارة إلى الصين مع الرئيس إيمانويل ماكرون.

سيدة فرنسا الأولى بريجيت ماكرون (يمين) تزور قاعدة أبحاث تشنغدو لتربية الباندا العملاقة في تشنغدو (أ.ف.ب)

وفي محمية للباندا بجنوب غربي الصين، التي يعدّها «يوان منغ» موطناً له الآن، تعجبت سيدة فرنسا الأولى من حجم نمو الباندا. وقد ساعدت في اختيار اسمه - الذي يعني «تحقيق حلم» - عندما ولد في حديقة حيوانات فرنسية عام 2017.

وقالت وهي ترفع إصبعين على مسافة قصيرة: «عندما يولدون، يكونون هكذا».

وفي هذه الأثناء، كان الذكر الضخم يتجول في حظيرته، ويتغذى على الخيزران، ويتجاهل المارة الذين صرخوا باسمه، على أمل إثارة رد فعله.

باندا عملاقة تلعب على شجرة أثناء زيارة بريجيت ماكرون إلى قاعدة تشنغدو البحثية لتربية الباندا (رويترز)

وتابعت: «إنهم يتمتعون بشخصية مستقلة للغاية. إنهم يفعلون فقط ما يريدون».

ولعقود من الزمن، استخدمت الصين ما يسمى غالباً «دبلوماسية الباندا»، بهدف تسهيل وتعزيز العلاقات مع دول أخرى، حيث تقوم بإهداء الحيوانات إلى الدول الصديقة، وإقراض الباندا لحدائق الحيوان في الخارج بشروط تجارية.

وقالت الجمعية الصينية للحفاظ على الحياة البرية خلال الزيارة، إنها وقعت خطاب نوايا لإرسال اثنين من حيوانات الباندا إلى حديقة حيوان بوفال جنوب باريس في عام 2027، في إطار جولة جديدة مدتها 10 سنوات من تعاون الباندا مع فرنسا.

بريجيت ماكرون زوجة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تزور قاعدة تشنغدو البحثية لتربية الباندا العملاقة بالصين (رويترز)

يذكر أن حديقة الحيوان الفرنسية أعادت اثنين من حيوانات الباندا عمرهما (17 عاماً)؛ وهما أنثى الباندا هوان هوان وشريكها يوان زي، إلى الصين الشهر الماضي، بعد قضاء 13 عاماً على سبيل الإعارة في فرنسا.


«صوت ملاك»... ترمب يشيد بأندريا بوتشيلي

المغني الأوبرالي الإيطالي أندريا بوتشيلي يقدم عرضاً خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 (أ.ف.ب)
المغني الأوبرالي الإيطالي أندريا بوتشيلي يقدم عرضاً خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 (أ.ف.ب)
TT

«صوت ملاك»... ترمب يشيد بأندريا بوتشيلي

المغني الأوبرالي الإيطالي أندريا بوتشيلي يقدم عرضاً خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 (أ.ف.ب)
المغني الأوبرالي الإيطالي أندريا بوتشيلي يقدم عرضاً خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 (أ.ف.ب)

أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مساء أمس (الجمعة)، بالمغني الأوبرالي الإيطالي أندريا بوتشيلي، وقال إن لديه «صوت ملاك». ودخل الرئيس الغرفة الشرقية بالبيت الأبيض، برفقة زوجته السيدة الأولى ميلانيا ترمب وبوتشيلي.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والسيدة الأولى ميلانيا يسيران أمام الموسيقي أندريا بوتشيلي وزوجته فيرونيكا بيرتي في البيت الأبيض (رويترز)

وقال ترمب إنه وبوتشيلي صديقان، وسأل قبل نحو 4 أسابيع عما إذا كان بوتشيلي سيغني في البيت الأبيض. وأشار إلى أن بوتشيلي وافق خلال «لحظة ضعف».

وحضر الحفل الخاص في البيت الأبيض مشرعون جمهوريون وأعضاء في حكومة ترمب.

وأفاد ترمب: «هذا شرف هائل. سوف نستمع إلى صوت، صوت ملاك».

أندريا بوتشيلي يغني خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 (أ.ب)

وكان بوتشيلي قد قام بالغناء في وقت سابق يوم الجمعة، في حفل إجراء قرعة كأس العام لكرة القدم بمركز كيندي.


كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.