عبد الله المحيسن لـ«الشرق الأوسط»: خسرت أموالاً كثيرة بسبب الفن

رائد السينما السعودية حاز جائزة «الإنجاز» في «جوي أووردز»

المحيسن خلال تصوير فيلمه «ظلال الصمت» (موقعه الشخصي)
المحيسن خلال تصوير فيلمه «ظلال الصمت» (موقعه الشخصي)
TT
20

عبد الله المحيسن لـ«الشرق الأوسط»: خسرت أموالاً كثيرة بسبب الفن

المحيسن خلال تصوير فيلمه «ظلال الصمت» (موقعه الشخصي)
المحيسن خلال تصوير فيلمه «ظلال الصمت» (موقعه الشخصي)

أكد رائد السينما السعودية، المخرج عبد الله المحيسن، أن تجربته في العمل الفني لم تكن سهلة على الإطلاق، متحدثاً في مقابلة مع «الشرق الأوسط» عن الصعوبات الكثيرة التي واجهها في مسيرته على مدى أكثر من 5 عقود.

وقال المحيسن إنه على الرغم من الصعوبات التي واجهها في بدايته، مع عدم وجود منتج يدعمه أو جهة تموّل مشروعاته، فإنه كان حريصاً على تقديم أعمال جيدة من دون استعجال في خروجها إلى النور، خصوصاً في ضوء سعيه للإنفاق عليها بالشكل الذي يجعله يشعر بالرضا عن مشاهدتها.

وأضاف أن دراسته للإخراج وفنون الغرافيك والتصميم في لندن ساعدته كثيراً في فيلمه الأول «اغتيال مدينة» الذي قدّمه في منتصف السبعينات، واستخدم فيه تقنيات حديثة في الرسوم المتحركة للتعبير عن الفكرة التي يحملها الفيلم بجانب المشاهد التي ترصد الأوضاع في بيروت.

المحيسن حاملاً الجائزة (موقعه الشخصي)
المحيسن حاملاً الجائزة (موقعه الشخصي)

وحول تجربته التي رصد خلالها الحرب الأهلية في لبنان، أكد المحيسن أن تجربة «اغتيال مدينة» كانت مختلفة عن سياقات الأفلام التسجيلية التي كانت شائعة في الفترة نفسها، في ضوء عمله على وضع أفكاره الرمزية في إطار حدوتة درامية ترصد ما يريد أن يقوله بشكل لا يجعل المشاهد يشعر بالملل، وفي الوقت نفسه يقدّم رسالة الفيلم في وقت لم يكن الحديث بالسياسة مسموحاً فيه بصورة كبيرة؛ مما جعله يعتمد على الرمزيات في الأحداث التي عبّرت عن كل ما يريد قوله.

وتابع: «فكرت في التعاون مع الأخوَيْن رحباني في الموسيقى الخاصة بالعمل، ووقتها كانا في مرحلة القمة؛ لكنني تراجعت عن الفكرة لتخوّفي من احتمالية توجيه الرسالة بحميمية وانفعال أكثر من اللازم»، ليستذكر بعدها لقاء جمعه مع الموسيقار المصري عمار الشريعي عندما كان في بدايته الفنية والتقاه مصادفة في إحدى الجلسات بالقاهرة، وشعر بأنه سيكون قادراً على إيصال فكرة الفيلم بموسيقى تحمل الحساسية المناسبة.

وعن تعاونه مع الكاتب المصري الكبير وحيد حامد في مسلسل «اللهم إني صائم»، وصف المحيسن التجربة بـ«المتميّزة»، وكان كلاهما في بداية مسيرته الفنية، مشيراً إلى أن «صعوبة العمل كانت في إيجاد 30 فكرة لاعتماد العمل على فكرة في كل حلقة تلفزيونية؛ الأمر الذي لم يكن مألوفاً، آنذاك، بجانب الرهان على العرض خلال رمضان».

واستعاد رائد السينما السعودية ما تعرّض له من رفض إدارة الجوازات تسجيل مهنته «مخرج سينمائي» في جواز السفر الخاص به، وطلبها تسجيله «تاجر» أو «موظف»، وكيف توجّه إلى كبار المسؤولين، وقتها، حاملاً الشهادات التي حصل عليها في الإخراج، وانتهى الأمر بالموافقة على كتابة مهنته «مخرج سينمائي» بصفته أول سعودي يحصل على هذه المهنة في جواز السفر.

عبد الله المحيسن (موقعه الشخصي)
عبد الله المحيسن (موقعه الشخصي)

يقول المحيسن: «وضعت حصيلة عملي في بريطانيا التي كانت تُقدّر بنحو 200 ألف ريال وقتها في بناء الاستوديو الخاص بي، والإنفاق على تحقيق حلمي بالإنتاج السينمائي، في وقت كان يمكن لهذا المبلغ أن يشتري مساحات كبيرة من الأراضي، وأحقق من خلاله أرباحاً في التجارة»، مؤكداً أنه مرّ بأوقات صعبة كثيرة لدرجة تراكم الديون عليه بسبب نفقات الاستوديو، وعدم قدرته على سدادها، مع خسارته الكثير من الأموال؛ الأمر الذي كاد يضعه في السجن.

من بين الصعوبات التي مرّ بها المحيسن في تجربته السينمائية مشكلة إيجاد تمويل لمشروعاته الفنية، وهو ما دفعه إلى تقديم أشياء أخرى بجانب السينما والفن من أجل تغطية نفقاته والتزاماته، مشيراً إلى أن الحملات الإعلامية التي نفّذها من خلال الاستوديو الخاص كانت فرصة لينفّذ من عائدها مشروعاته الفنية، لكن في الوقت نفسه كان حريصاً على ألا يكون انشغاله بهذه الحملات سبباً في ابتعاده عن السينما.

كما لفت إلى تقديمه أفلاماً توعوية، والمشاركة من خلال شركاته في تقديم أفلام تثقيفية؛ لجمع أموال تمكّنه من تقديم عمل خاص به يستطيع من خلاله التعبير عن أفكاره.

وحول رؤيته لصناعة السينما في السعودية خلال السنوات الماضية، عدّ المحيسن «ما يجري تحقيقه حتى الآن بداية جيدة في إطار رؤية أوسع للسينما السعودية بحلول 2030، مع تنفيذها بشكل هندسي مدروس، وباعتبار أن السينما لها أهمية كبيرة في المجتمع تدفعه نحو التفكير وليس فقط الترفيه، مع الاستفادة من الخبرات الأجنبية من مختلف أنحاء العمل، وتوفير الدعم لتقديم إنتاجات سينمائية جيدة فنياً تضع المملكة على الطريق الصحيح».

وأكد في الوقت نفسه أن «المشوار لا يزال في بدايته، مع وجود من يسعون لتقديم أعمالهم، وشباب سعودي قرّر دراسة السينما في مختلف المعاهد والأكاديميات السينمائية حول العالم، وهؤلاء الشباب عند عودتهم وانخراطهم في السينما السعودية ستكون لهم تجارب مميزة»، لافتاً إلى أن الجيل الحالي ظروفه أفضل بكثير من جيله.

تجدر الإشارة إلى أن المحيسن تُوّج بجائزة «الإنجاز مدى الحياة» ضمن فعاليات الدورة الخامسة من جوائز «جوي أووردز» في الرياض، يوم السبت الماضي لدوره في صناعة السينما السعودية، وتقديمه أول فيلم سعودي طويل «ظلال الصمت» عام 2006.


مقالات ذات صلة

12 فيلماً جديداً برسم الدورة الـ78 لمهرجان «كان»

سينما «طريق الريح» لترينس مالك (بابلسبيرغ بيكتشرز)

12 فيلماً جديداً برسم الدورة الـ78 لمهرجان «كان»

محظوظة السينما بأفلامها، وأفلامها محظوظة بمهرجاناتها. من «برلين» إلى «نيويورك» ومن «تورنتو» و«مونتريال» إلى «سان سيباستيان».

محمد رُضا (لندن)
سينما «المستعمرة» (ماد سوليوشن)

شاشة الناقد: المستعمرة

بعد بداية تُثير القلق حول مستوى الفيلم، تتبدَّى الخيوط على نحوٍ أوضح يقود المخرج الجديد محمد رشاد فيلمه صوب نتائج فنية ملائمة لما يريد الحديث فيه وكيف.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق لدى المسلسل ما يقوله وسط الكلام المُكرَّر وما يُصوِّره خارج المشهد الجاهز (البوستر الرسمي)

«ليالي روكسي»... حكايةُ ولادة أول فيلم سينمائي سوري

للمسلسل مزاجه، وقد يراه البعض بطيئاً ومملاً. لا تتسارع الأحداث ولا تتزاحم المفاجآت، بقدر ما يتمهَّل برسم ملامح زمن ساحر تلفحه ذكريات الأوقات الحلوة...

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق إيفان فوند خلال تسلمه الجائزة على المسرح في برلين (إدارة المهرجان)

المخرج الأرجنتيني إيفان فوند: السينما مساحة للتجربة والدهشة

وصف المخرج الأرجنتيني، إيفان فوند، «السينما بأنها مساحة للتجربة والدهشة تعيدنا إلى الطفولة».

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق جانب من الأمسية الرمضانية التي شهدت حضوراً كثيفاً من الإعلاميين

«أفلام السعودية» يعد عشاق السينما بمفاجآت كثيرة

ينتظر عشاق السينما في السعودية الكثير من المفاجآت التي كشف عنها «مهرجان أفلام السعودية»، في أمسية رمضانية ومؤتمر صحافي مصاحب، أزاح الستار عن ملامح الدورة الـ11.

إيمان الخطاف (الدمام)

المنشدون والمولوية يعيدون الحميمية لليالي رمضان في مصر

الرَّقص المولوي يُصاحب فرق الإنشاد في الأوبرا المصرية (وزارة الثقافة)
الرَّقص المولوي يُصاحب فرق الإنشاد في الأوبرا المصرية (وزارة الثقافة)
TT
20

المنشدون والمولوية يعيدون الحميمية لليالي رمضان في مصر

الرَّقص المولوي يُصاحب فرق الإنشاد في الأوبرا المصرية (وزارة الثقافة)
الرَّقص المولوي يُصاحب فرق الإنشاد في الأوبرا المصرية (وزارة الثقافة)

أعادت فِرق الإنشاد الديني والمولوية، التي تختصُّ بفنون الموسيقى الروحية والمديح والذِّكر، الحميمية إلى الليالي الرمضانية في مصر، عبر أكثر من حفلٍ شارك فيه مُنشدون بمصاحبة فرق الرقص المولوي.

فقد احتشد جمهور الأوبرا في المسرح الصغير، الأربعاء، للاستمتاع بليلة رمضانية أحيتها فرقة بصمة للإنشاد الديني بقيادة الفنان محمد حسن، وبمصاحبة فنانين قدَّموا رقصة المولوية، وقدمت الفرقة مجموعة مميزة من الأعمال الرمضانية والإنشادية، من بينها «ميدلي أغاني رمضان»، و«مديح سيدنا النبي»، ووصلة بعنوان «مناجاة»، و«رمضان جانا»، و«أشتاق يا الله»، و«قصدت باب الرجا»، و«جل المنادي»، و«خليك مع الله»، وسط تفاعل جماهيري لافت.

إحدى فرق الإنشاد تحيي ليالي رمضان (وزارة الثقافة المصرية)
إحدى فرق الإنشاد تحيي ليالي رمضان (وزارة الثقافة المصرية)

وفي قبة الغوري بالقاهرة الفاطمية، أحيا الفنان علي الهلباوي وفرقته حفلاً غنائياً، قدّم خلاله مجموعة من الابتهالات والإنشاد الديني ممزوجاً بالموسيقى الحديثة، في تجربة تجمع بين التراث والتجديد.

وعَدّ الناقد الفني المصري، أحمد سعد الدين، «فِرق الإنشاد الديني والمولوية جزءاً أصيلاً من طبيعة شهر رمضان، ومن ثَمّ تُكثف حفلاتها في أكثر من موقع، سواء في الأوبرا أو المراكز الثقافية بالقاهرة الفاطمية خلال الشهر»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنه إلى جانب ذلك فهناك مشروعات مهمة تحاول الحفاظ على التُّراث وإعادته من جديد، مثل «الليلة الكبيرة».

وتابع سعد الدين: «حين تستعين المواقع الثقافية والمسارح بالتنورة أو المولوية أو المنشدين فهذا يُعدّ جزءاً من الطقوس الرمضانية، لما تُقدِّمه من شحنة روحانية وأجواء حميمية في رمضان، فهذا هو الموسم الطبيعي لها، لذلك يُقبِل عليها الجمهور بشكل واضح».

وتُقدم فرقة الحضرة المصرية أمسيتين في دار الأوبرا المصرية بمشاركة المنشد المغربي جواد الشاري، تحت عنوان «مدائح النيل والأطلسي... ليلة مصرية مغربية»، وذلك مساء الجمعة، 14 مارس (آذار) الحالي على المسرح المكشوف، ومساء الاثنين 17 مارس على مسرح سيد درويش «أوبرا الإسكندرية».

وتتضمَّن الأمسيتان قصائد المديح التراثية، منها ما تقدمه فرقة الحضرة مثل «المحمدية» للإمام البوصيري، و«يا جمال الوجود»، و«هل دعاك الشوق يوما للسري»، و«هنا الحسين»، و«يفديك قلبي»، وما يُقدِّمه المُنشد المغربي جواد الشاري، من قصائد المديح المغربية منها «قل للذي لأمني»، و«جمال الذات»، و«عبد بالباب». وتُقدِّم الفرقة مع المُنشد المغربي مزيجاً من المدائح والذِّكر من تُراث الساحات والزوايا الصوفية في مصر والمغرب، وفق بيان لدار الأوبرا المصرية.

تأبين مؤسس فرقة المولوية المصرية (وزارة الثقافة)
تأبين مؤسس فرقة المولوية المصرية (وزارة الثقافة)

ونظّم صندوق التنمية الثقافية التابع لوزارة الثقافة المصرية أمسية رمضانية في قبة الغوري بحي الأزهر، لتأبين المُنشد الراحل عامر التوني، مؤسس فرقة المولوية المصرية، وتضمَّنت الأمسية التأبينية استعادة أعمال الفنان الراحل ومقاطع من آخر ألبوماته في الإنشاد، بالإضافة إلى عرض فيلم قصير عن مشواره وفلسفته في فنون الإنشاد وتأسيسه لفرقة المولوية المصرية. وتضمَّنت الأمسية عرضاً للفرقة في تأبين قائدها.

وكانت وزارة الثقافة المصرية قد أعلنت عن برنامجٍ احتفالي خلال ليالي رمضان في أكثر من موقع بمصر، تضمّن كثيراً من الحفلات المُرتبطة بالإنشاد الديني التي يُصاحبها في أحيان كثيرة رقصة المولوية.