«سيرة ومسيرة»... معرض يُنعش ذاكرة الفن بلوحات الراحل العبيد

أطلقته هيئة الفنون البصرية بالتعاون مع «معهد مسك للفنون»

في معرض «سيرة ومسيرة» 153 لوحة أصلية للفنان العبيد (هيئة الفنون البصرية)
في معرض «سيرة ومسيرة» 153 لوحة أصلية للفنان العبيد (هيئة الفنون البصرية)
TT

«سيرة ومسيرة»... معرض يُنعش ذاكرة الفن بلوحات الراحل العبيد

في معرض «سيرة ومسيرة» 153 لوحة أصلية للفنان العبيد (هيئة الفنون البصرية)
في معرض «سيرة ومسيرة» 153 لوحة أصلية للفنان العبيد (هيئة الفنون البصرية)

في ليلة استثنائية بكل تفاصيلها دشّنت «هيئة الفنون البصرية» بالتعاون مع «معهد مسك للفنون»، يوم السبت، معرض «سيرة ومسيرة» للفنان الراحل سعد العبيّد، الذي يستمر حتى 24 يناير (كانون الثاني)، من خلال 153 لوحة تُبرز إرث الراحل وتجربته الفنية الممتدة لـ5 عقود، وذلك في قصر الثقافة بالعاصمة السعودية الرياض.

وتنتشر في جنبات المعرض أعمال الفنان سعد العبيّد الأصلية، إضافة إلى رسومات خاصة، وكتيب يجمع أغلب أعماله الفنية طيلة فترة حياته، وفيلم قصير يُسلّط الضوء على مسيرته الفنية التي أثرت الساحة التشكيلية، وأسهمت في تطوّرها على مدى عقودٍ طويلة.

شهد المعروض حضوراً كبيراً من المسؤولين والفنانين والمهتمين (هيئة الفنون البصرية)

ويتضمّن المعرض كثيراً من الفعاليات المصاحبة، منها الجلسات الحوارية التي تدور حول حياة الفنان، والحديث عن محطاته الفنية مع عددٍ من المقربين والفنانين، مثل ابنه خالد سعد العبيّد، والدكتور محمد عبد المجيد فضل، والفنانة هدى العمر، والفنان صالح النقيدان، والفنان علي ناجع. كذلك تنظيم ورش عمل فنية وجولات تعريفية لجميع الفئات العمرية والمهتمين بالفنون.

وقال القيّم الفني للمعرض الفنان والكاتب، عبد الرحمن السليمان، إن العبيّد يُعدّ أباً روحياً لكثيرٍ من الفنانين من الأجيال السابقة، وهذا الحدث الفني هو تقديرٌ وتكريم للفنان السعودي وأهميته الفنية ودوره الإداري والتنظيمي والتوجيهي، فعندما نذكر اسم سعد العبيّد فإننا نستعيد تاريخاً وحضوراً وشغفاً فنياً يمتد من النصف الثاني من ستينات القرن الماضي إلى آخر أيام حياته، تاركاً أعمالاً فنية وإنجازات متعدّدة شملت تنظيمه وإشرافه على معارضَ سعودية كبيرة داخل المملكة وخارجها.

جانب من المعرض الذي يُبرز مسيرة الراحل العبيد (هيئة الفنون البصرية)

من جهتها قالت بسمة الشثري مساعدة القيم الفني للمعرض، المديرة العامة لإدارة التقييم الفني وكبيرة القيمين الفنيين في «معهد مسك للفنون»، إن «العبيّد احتل مكانةً فريدة بصفته فناناً وأحد أهم الروّاد لمساهمته الفاعلة في بناء حركة تشكيلية حديثة ومتقدمة في المجتمع». موضحة أن «المعرض يتيح فرصةً استثنائيةً لاكتشاف أعمال الفنان التي تمتد على مدار 5 عقود، وتتضمن بعض المحطات المهمة في مشواره الفني الحافل».

ويحتفي المعرض بالمسيرة الفنية الطويلة للعبيّد، مستعرضاً إرثه الفني والثقافي، ومتضمناً 153 لوحة من اللوحات التي أبدعها الفنان الراحل منذ بدء مسيرته إلى قُبيل وفاته عام 2020. وقد وثّق المعرض هذه السيرة الإبداعية في كتابٍ توثيقي أُطلق خلال المعرض.

ويُعدّ الفنان سعد العبيد، أحد رواد الفن التشكيلي السعودي؛ إذ بدت علاقته بالفن مبكراً مستلهماً رسوماتِه الفنية من صحاري الرياض وحبّات رملها وتضاريسها قبل أن يلتحق بمعهد المعلمين في العاصمة الذي كان له دور بارز في تشكيل حياته الفنية وتنمية موهبته، ليبدأ بعد التخرج في عام 1962 مسيرته العملية مدرساً لمادة التربية الفنية حتى عام 1976، في حين بدأت مشاركاته الفنية في معارض رعاية الشباب خلال النصف الثاني من الستينات، مشاركاً في مجموعة كبيرة من المعارض المحلية والدولية.

انطلق المعرض يوم السبت ويستمر حتى 24 يناير (هيئة الفنون البصرية)

وعلى مدار 9 أعوام نظم الراحل معارضَ شخصية في عدد من المدن السعودية انطلقت خلال أعوام 1971، و1975، و1977، و1979، 2004، 2007، 2008، 2009، 2013، إضافة إلى المشاركة في تنظيم معارض كثيرة، والإشراف عليها داخل السعودية وخارجها. كما ترأس لجنة الفنون التشكيلية في الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بالرياض بين عامَي 1985 و1995، إضافةً إلى تشجيعه على إقامة الجماعات الفنية في المملكة، وكان من مؤسّسي جماعة ألوان التشكيلية في الرياض، وعضواً في جماعات تشكيلية عدّة، فيما أصدر في عام 2003 كتاب «سعد العبيد ومسيرة الأربعين عاماً».

لوحات متعددة تحكي مسيرة 5 عقود (هيئة الفنون البصرية)

وبالعودة لمعرض «سيرة ومسيرة» الذي جاء ضمن جهود هيئة الفنون البصرية في التعريف بالإرث الفني السعودي، وتعميق الفهم لدور الفن في إثراء الحياة الثقافية والاجتماعية، فهو يمثل منصةً فريدة تُلقي الضوء على مسيرة فنان ألهم أجيالاً من الفنانين التشكيليين في المملكة، وأسهم في تشكيل الساحة الفنية السعودية في بداياتها، وكان بمثابة المرجعية الكبيرة للفنانين التشكيليين، ونقطة التقاءٍ لهم؛ إذ تحول أحد أروقة منزله إلى مكانٍ يلتقي فيه الفنانون.


مقالات ذات صلة

الحارثي… مطوف الملوك والرؤساء يروي قصصاً لا تنسى

يوميات الشرق الحارثي مع الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله (الحارثي)

الحارثي… مطوف الملوك والرؤساء يروي قصصاً لا تنسى

لأكثر من 4 عقود، ظل دخيل الله أحمد الحارثي واحداً من الأسماء البارزة في عالم الطوافة، متنقلاً بين زحام الحجيج وحلقات الطوافة، مكرساً حياته لخدمة ضيوف الرحمن.

سعيد الأبيض (جدة)
الاقتصاد أضاف القطاع السياحي الخليجي 1.5 مليون وظيفة خلال عام 2023 (كونا)

أكثر من 110 مليارات دولار قيمة العائدات السياحية لدول الخليج

أكّد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، جاسم البديوي، أن القطاع السياحي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية يشهد تحولاً نوعياً.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
يوميات الشرق صورة الملك فيصل وبالصفحة التي تقابلها المعلومات الشخصية في أول جواز (مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية)

جوازات سفر الملك فيصل: بين التاريخ والدبلوماسية

مثَّلت جوازات سفر الملك فيصل بن عبد العزيز الدبلوماسية، الصادرة قبل 98 عاماً، مراحل مهمة من تطور المملكة العربية السعودية.

سعيد الأبيض (جدة)
الاقتصاد توقيع الاتفاقية بين صندوق قطر للتنمية وهيئة الربط الكهربائي الخليجي (وكالة الأنباء العمانية)

قطر تموّل مشروعاً جديداً للربط الكهربائي الخليجي مع سلطنة عُمان

وقّعت هيئة الربط الكهربائي الخليجي و«صندوق قطر للتنمية» اتفاقية تمويل بقيمة 100 مليون دولار لمشروع الربط الكهربائي الخليجي وعُمان.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
الاقتصاد صورة جماعية لوزراء الدول المشارِكة في اللجنة العليا للشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة (وام)

قطر وتركيا تنضمان إلى مبادرة الشراكة الصناعية التكاملية

أعلنت اللجنة العليا للشراكة الصناعية التكاملية للإنتاج والتنمية الاقتصادية المستدامة انضمام دولتيْ قطر وتركيا للشراكة.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)

مصر: اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني المفقودة بالأقصر

جانب من القطع المكتشفة بالمقبرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
جانب من القطع المكتشفة بالمقبرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني المفقودة بالأقصر

جانب من القطع المكتشفة بالمقبرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
جانب من القطع المكتشفة بالمقبرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الثلاثاء، اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني المفقودة بالأقصر، وهي المقبرة الملكية الأولى التي يتم العثور عليها منذ اكتشاف مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون عام 1922.

جاء الكشف خلال أعمال الحفائر والدراسات الأثرية التي تنفذها البعثة الأثرية المصرية - الإنجليزية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» بمصر، ومؤسسة «أبحاث الدولة الحديثة»، للمقبرة رقم «C4»، حسب بيان صحافي أشار إلى أن مقبرة الملك تحتمس الثاني هي «آخر مقبرة مفقودة لملوك الأسرة الثامنة عشرة في مصر».

وأوضح البيان أنه تم العثور على مدخل المقبرة رقم «C4» وممرها الرئيسي عام 2022 بمنطقة «وادي C» بجبل طيبة غرب مدينة الأقصر (صعيد مصر)، الذي يقع على بعد حوالي 2.4 كيلومتر غرب منطقة وادي الملوك. وقال إنه «تم العثور على أدلة تشير بوضوح إلى أن المقبرة تخص الملك تحتمس الثاني».

جانب من القطع المكتشفة بالمقبرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ووفق الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، فإنه «عند عثور البعثة على مدخل المقبرة وممرها الرئيسي في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، اعتقد فريق العمل أنها قد تكون مقبرة لزوجة أحد ملوك (التحامسة)، نظراً لقربها من مقبرة زوجات الملك تحتمس الثالث، وكذلك من مقبرة الملكة حتشبسوت، التي أعدت لها بصفتها زوجة ملكية قبل أن تتقلد مقاليد حكم البلاد كملك وتدفن في وادي الملوك».

وقال إنه «مع استكمال أعمال الحفائر، خلال الموسم الحالي، اكتشفت البعثة أدلة أثرية جديدة حددت هوية صاحب المقبرة، وأنها تعود للملك تحتمس الثاني، وأن من تولى إجراءات دفنه هي الملكة حتشبسوت بصفتها زوجته وأخته غير الشقيقة».

وأشار إلى «العثور على أجزاء من أواني الألبستر عليها نقوش تحمل اسم الملك تحتمس الثاني بصفته (الملك المتوفى)، إلى جانب اسم زوجته الملكية الرئيسية (حتشبسوت) مما يؤكد هوية صاحب المقبرة».

مقتنيات عثر عليها بالمقبرة المفقودة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ووصف الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار هذا الكشف بأنه «أحد أهم الاكتشافات الأثرية في السنوات الأخيرة»، مشيراً إلى أن «القطع الأثرية المكتشفة بالمقبرة تُعد إضافة مهمة لتاريخ المنطقة الأثرية وفترة عهد الملك (تحتمس الثاني)، حيث تم العثور لأول مرة على الأثاث الجنائزي للملك، الذي لا يوجد له أي أثاث جنائزي في المتاحف حول العالم».

ووجدت المقبرة في حالة سيئة من الحفظ بسبب تعرضها للسيول بعد وفاة الملك بفترة قصيرة حيث غمرتها المياه، حسب رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار ورئيس البعثة من الجانب المصري محمد عبد البديع، الذي أوضح أن «الفريق الأثري عمل على انتشال القطع المتساقطة من الملاط وترميمها».

وأضاف أن «الدراسات الأولية تشير إلى أنه تم نقل محتويات المقبرة الأساسية إلى مكان آخر بعد تعرضها للسيول خلال العصور المصرية القديمة».

وتابع أن «أجزاء الملاط المكتشفة عليها بقايا نقوش باللون الأزرق ونجوم السماء الصفراء، وكذلك زخارف وفقرات من كتاب (إمي دوات)، الذي يُعد من أهم الكتب الدينية التي اختصت بها مقابر الملوك في مصر القديمة».

وتوفي تحتمس الثاني، وهو في الثلاثين من عمره، وعثر على موميائه في خبيئة الدير البحري، وهي موجودة حالياً في متحف الحضارة بالفسطاط في القاهرة.

من جانبه، قال رئيس البعثة الأثرية من الجانب الإنجليزي الدكتور بيرز ليزرلاند، إن «المقبرة تتميز بتصميم معماري بسيط كان نواة لمقابر من تواتر على حكم مصر بعد تحتمس الثاني خلال الأسرة الثامنة عشرة».

وتضم المقبرة ممراً غطيت أرضيته بطبقة الجص الأبيض، يؤدي إلى حجرة الدفن بالممر الرئيسي للمقبرة، حيث ترتفع مستوى أرضيته بنحو 1.4 متر عن أرضية الحجرة ذاتها. ويعتقد أنه «قد استخدم لنقل محتويات المقبرة الأساسية بما فيها جثمان تحتمس الثاني بعد أن غمرتها مياه السيول»، وفق ليزرلاند.

وستواصل البعثة أعمال المسح الأثري التي تجريها في الموقع منذ عامين، للكشف عن المزيد من أسرار هذه المنطقة، والمكان الذي نُقلت إليه باقي محتويات مقبرة تحتمس الثاني.

بدوره، أكد مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية الدكتور حسين عبد البصير «أهمية الكشف كونه يسهم في إضافة معلومات عن تلك الفترة من تاريخ مصر القديمة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المقبرة ستسهم في توضيح جزء مفقود من تاريخ الأسرة الـ18، والملك تحتمس الثاني الذي لا يُعرف عنه الكثير من المعلومات».

مومياء الملك تحتمس الثاني (متحف الحضارة)

وتحتمس الثاني هو ابن الملك تحتمس الأول من زوجة ثانوية، وتم تأمين حكمه عبر زواجه من أخته غير الشقيقة حتشبسوت. ولا يُعرَف الكثيـر عـن عصـر تحتمس الثاني، لا سيما مع قصر فترة حكمه نسبياً، حسب موقع المتحف القومي للحضارة المصرية.

وتختلف المراجع التاريخية بشأن مدة حكم تحتمس الثاني، رابع ملوك الأسرة الـ18، ويشير بعضها إلى فترة حكم تقل عن خمس سنوات. لكن رغم قصر الفترة، تشير المصادر التاريخية إلى «نجـاح الملـك تحتمـس الثانـي فـي إخماد العديد من الثورات في النوبة، كما قضى على قبيلة تسـمى (الشاسو) في سيناء، وربما قام بحملة عسـكرية علـى سوريا، وترك وراءه بقايا مشروع بناء متواضع في الكرنك، عبارة عـن بوابة مـن الحجر الجيري مـن فناء الصرح الرابع وإلفنتيـن، وكذلـك فـي النوبـة عنـد سـمنة وقمـا»، وفق موقع المتحف القومي للحضارة.