هل سقط «يوم الثقافة» المصري في فخ «التكريمات غير المستحقة»؟

وسط مطالب بوضع معايير واضحة للاختيار

لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)
لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)
TT

هل سقط «يوم الثقافة» المصري في فخ «التكريمات غير المستحقة»؟

لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)
لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)

تحمس وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو الذي تولى حقيبة الثقافة قبل 6 أشهر، لعقد «يوم الثقافة» بُغية تكريم المبدعين في مختلف مجالات الإبداع، من منطلق أن «التكريم يعكس إحساساً بالتقدير وشعوراً بالامتنان»، لكن كثرة عدد المكرمين وبعض الأسماء أثارت تساؤلات حول مدى أحقية البعض في التكريم، وسقوط الاحتفالية الجديدة في فخ «التكريمات غير المستحقة».

وأقيم الاحتفال الأربعاء برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقدمه الفنان فتحي عبد الوهاب، وكان الوزير قد عهد إلى جهات ثقافية ونقابات فنية باختيار من يستحق التكريم من الأحياء، كما كرم أيضاً الفنانين الذين رحلوا عن عالمنا العام الماضي، وقد ازدحم بهم وبذويهم المسرح الكبير في دار الأوبرا.

ورأى فنانون من بينهم يحيى الفخراني أن «الاحتفالية تمثل عودة للاهتمام بالرموز الثقافية»، وأضاف الفخراني خلال تكريمه بدار الأوبرا المصرية: «سعادتي غير عادية اليوم».

الفنان يحيى الفخراني يلقي كلمة عقب تكريمه في يوم الثقافة المصري (وزارة الثقافة المصرية)

وشهد الاحتفال تكريم عدد كبير من الفنانين والأدباء والمثقفين على غرار يحيى الفخراني، والروائي إبراهيم عبد المجيد، والمايسترو ناير ناجي، والشاعر سامح محجوب، والدكتور أحمد درويش، والمخرجين هاني خليفة، ومروان حامد، والسينارست عبد الرحيم كمال، والفنان محمد منير الذي تغيب عن الحضور لظروف صحية، وتوجه الوزير لزيارته في منزله عقب انتهاء الحفل قائلاً له إن «مصر كلها تشكرك على فنك وإبداعك».

كما تم تكريم المبدعين الذين رحلوا عن عالمنا، وقد بلغ عددهم 35 فناناً ومثقفاً، من بينهم مصطفى فهمي، وحسن يوسف، ونبيل الحلفاوي، والملحن حلمي بكر، وشيرين سيف النصر، وصلاح السعدني، وعاطف بشاي، والفنان التشكيلي حلمي التوني، والملحن محمد رحيم، والمطرب أحمد عدوية.

وزير الثقافة يرحب بحفيد وابنة السينارست الراحل بشير الديك (وزارة الثقافة المصرية)

وانتقد الكاتب والناقد المصري طارق الشناوي تكريم نقيب الموسيقيين مصطفى كامل، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «حتى لو اختاره مجلس النقابة كان عليه أن ينأى بنفسه عن ذلك»، مشيراً إلى أن الاختيارات جاءت على عُجالة، ولم يتم وضع خطوط عريضة لمواصفات المكرمين، كما أنه لا يجوز أن يُرشح نقيب الموسيقيين ورئيس اتحاد الكتّاب نفسيهما للتكريم، وأنه كان على الوزير أن يتدخل «ما دام أن هناك خطأ». لكن الشناوي، أحد أعضاء لجنة الاختيار، يلفت إلى أهمية هذا الاحتفال الذي عدّه «عودة حميدة للاهتمام بالإبداع والمبدعين»، مشدداً على أهمية «إتاحة الوقت للترتيب له، وتحديد من يحصل على الجوائز، واختيار تاريخ له دلالة لهذا الاحتفال السنوي، كذكرى ميلاد فنان أو مثقف كبير، أو حدث ثقافي مهم»، ضارباً المثل بـ«اختيار الرئيس السادات 8 أكتوبر (تشرين الأول) لإقامة عيد الفن ليعكس أهمية دور الفن في نصر أكتوبر».

الوزير ذهب ليكرم محمد منير في بيته (وزارة الثقافة المصرية)

ووفق الكاتبة الصحافية أنس الوجود رضوان، عضو لجنة الإعلام بالمجلس الأعلى للثقافة، فإن «الاحتفال حقق حالة جميلة تنطوي على بهجة وحراك ثقافي؛ ما يمثل عيداً شاملاً للثقافة بفروعها المتعددة»، متطلعة لإضافة «تكريم مبدعي الأقاليم في العام المقبل».

وتؤكد رضوان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «تكريم نقيب الموسيقيين لا تُحاسب عليه وزارة الثقافة؛ لأنه اختيار مجلس نقابته، وهي مسؤولة عن اختياراتها».

ورداً على اعتراض البعض على تكريم اسم أحمد عدوية، تؤكد أن «عدوية يُعد حالة فنية في الغناء الشعبي المصري وله جمهور، فلماذا نقلل من عطائه؟!».

ولفتت الناقدة ماجدة موريس إلى أهمية وجود لجنة تختص بالترتيب الجيد لهذا اليوم المهم للثقافة المصرية، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أنه من الطبيعي أن تكون هناك لجنة مختصة لمراجعة الأسماء والتأكد من جدارتها بالتكريم، ووضع معايير محددة لتلك الاختيارات، قائلة: «لقد اعتاد البعض على المجاملة في اختياراته، وهذا لا يجوز في احتفال الثقافة المصرية، كما أن العدد الكبير للمكرمين يفقد التكريم قدراً من أهميته، ومن المهم أن يتم التنسيق له بشكل مختلف في دورته المقبلة بتشكيل لجنة تعمل على مدى العام وترصد الأسماء المستحقة التي لعبت دوراً أصيلاً في تأكيد الهوية المصرية».

المخرج مروان حامد يتسلم تكريمه من وزير الثقافة (وزارة الثقافة المصرية)

وتعليقاً على ما أثير بشأن انتقاد تكريم المطرب الشعبي أحمد عدوية، قال الدكتور سعيد المصري، أستاذ علم الاجتماع والأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للثقافة، على «فيسبوك»، إن «أحمد عدوية ظاهرة غنائية غيرت في نمط الأغنية الذي ظل سائداً في مصر منذ الخمسينات حتى بداية السبعينات»، معتبراً تكريم وزير الثقافة له «اعترافاً بالفنون الجماهيرية التي يطرب لها الناس حتى ولو كانت فاقدة للمعايير الموسيقية السائدة».


مقالات ذات صلة

سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

ثقافة وفنون هاني نديم

سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

بالكثير من التفاؤل والأمل والقليل من الحذر يتحدث أدباء وشعراء سوريون عن صورة سوريا الجديدة، بعد الإطاحة بنظام الأسد الديكتاتوري.

رشا أحمد ( القاهرة)
يوميات الشرق الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)

«السيّد أزنافور»... تحيّة موفّقة إلى عملاق الأغنية الفرنسية بأيادٍ عربية

ينطلق عرض فيلم «السيّد أزنافور» خلال هذا الشهر في الصالات العربية. ويسرد العمل سيرة الفنان الأرمني الفرنسي شارل أزنافور، من عثرات البدايات إلى الأمجاد التي تلت.

كريستين حبيب (بيروت)
الوتر السادس أبناء منصور الرحباني يطلقون فعاليات مئوية والدهم (الشرق الأوسط)

أبناء منصور الرحباني يُطلقون مئويته ووزارة التربية تتعاون لترسيخ إرثه في المدارس

بحضور حشدٍ من الشخصيات الثقافية والفنية والإعلامية، أطلق أبناء منصور الرحباني برنامج مئويته من بيروت.

كريستين حبيب (بيروت)
خاص الفنان السوري دريد لحّام (فيسبوك)

خاص دريد لحّام لـ«الشرق الأوسط»: انقضت سنوات القهر وأنا لم أكن مع النظام بل ضد الفوضى

يتحدث الفنان السوري المخضرم دريد لحّام إلى «الشرق الأوسط» عن ارتياحه لنهاية نظام الرأي الأحادي في سوريا ويسترجع السنوات التي مُنعت فيها أعماله بسبب الرقابة.

كريستين حبيب (بيروت)
ثقافة وفنون غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

معرض «حضارة مصر القديمة» في الصين يتجاوز المليون زائر

إقبال كبير على معرض «قمة الهرم» في الصين (وزارة السياحة والآثار المصرية)
إقبال كبير على معرض «قمة الهرم» في الصين (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

معرض «حضارة مصر القديمة» في الصين يتجاوز المليون زائر

إقبال كبير على معرض «قمة الهرم» في الصين (وزارة السياحة والآثار المصرية)
إقبال كبير على معرض «قمة الهرم» في الصين (وزارة السياحة والآثار المصرية)

حققت المعارض الأثرية التي تقيمها مصر مؤقتاً في الخارج أرقاماً «قياسية» خلال العام الماضي 2024، وأعلنت وزارة السياحة والآثار عن تجاوز عدد زوار معرض «قمة الهرم: الحضارة المصرية القديمة» الذي يقام في مدينة شنغهاي بالصين، أكثر من مليون زائر خلال فترة عرضه منذ يوليو (تموز) الماضي.

وأكد بيان لوزارة السياحة والآثار، الخميس، نجاح المعارض الأثرية المؤقتة في جذب عدد كبير من الزوار، واستعرض اجتماع للمجلس الأعلى للآثار برئاسة وزير الآثار المصري، شريف فتحي، نتائج معرض «رمسيس وذهب الفراعنة»، الذي انتهت مدة عرضه بمدينة كولون بألمانيا منذ أيام، وتتم الآن إجراءات نقله إلى محطه المقبلة باليابان، وقد بلغ إجمالي عدد زائريه نحو 200 ألف زائر في الفترة من 19 يوليو حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) 2024.

ويضمّ المعرض 180 قطعة أثرية بعضها من مقتنيات المتحف المصري في التحرير وتعود إلى عصر الملك «رمسيس الثاني»، وبعض القطع الأثرية الأخرى من مكتشفات البعثة المصرية في منطقة البوباسطيون في سقارة، ومجموعة من التماثيل، وكذلك الحلي، وأدوات التجميل، والكتل الحجرية المزينة بالنقوش، بالإضافة إلى بعض التوابيت الخشبية الملونة التي توضح سمات الحضارة المصرية القديمة منذ الدولة الوسطى وحتى العصر المتأخر.

وخاض هذا المعرض رحلة تضمنت عدة محطات بدأها في هيوستن، ثم سان فرنسيسكو في الولايات المتحدة الأميركية عامي 2021 و2022، ثم انتقل للعاصمة الفرنسية باريس في 2023، وجذب أكثر من 800 ألف زائر، وكانت محطته الرابعة في العاصمة الأسترالية سيدني، ثم المحطة الخامسة في كولون الألمانية، ومن المنتظر نقله إلى المحطة السادسة في اليابان.

معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» شهد إقبالاً كبيراً في ألمانيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويقول المتخصص في الإرشاد السياحي والحضارة المصرية، الدكتور محمود المحمدي: «بعد النجاح الكبير الذي حققه معرض (رمسيس ذهب الفراعنة) فى ألمانيا، ومن قبله فى الولايات المتحدة، يتجه إلى (بلاد الساموراي) اليابان لكي يعرض آثار الملك رمسيس الثانى»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «المعرض أيضاً يتضمن مجموعة من الفيديوهات التي تحكي تاريخ الملك رمسيس الثاني والمعارك الحربية التي قادها وعلى رأسها معركة قادش، فضلاً عن الزيارات الافتراضية بالمعرض التي تسهم بشكل كبير في الترويج السياحي لمصر».

ولا يزال معرض «قمة الهرم: حضارة مصر القديمة» يستقبل الجمهور بمتحف شنغهاي في الصين، وقد زاره ما يقرب من مليون و200 ألف زائر مند افتتاحه في 23 يوليو الماضي وحتى نهاية ديسمبر2024، وفق بيان للوزارة.

ويضم المعرض 787 قطعة أثرية، تمثل مراحل وعصوراً مختلفة في الحضارة المصرية القديمة، وقد تم اختيار القطع من عدة متاحف مصرية، وكذلك مواقع البعثات الآثارية؛ لتحكي قصة الحضارة المصرية القديمة منذ نشأتها، متضمنة تماثيل عدة ملوك من بينهم رمسيس الثاني وتوت عنخ آمون ومرنبتاح، والمعبودات المصرية إيزيس وأوزيريس وحتحور وباستت.

ويرى المحمدي أن «هذه المعارض المؤقتة المتنقلة بما تحققه من أرقام قياسية، تعمل على ترويج السياحة الثقافية وعرض أسرار الحضارة المصرية القديمة لجذب السائحين لزيارة مصر والاستمتاع بمواقع اكتشاف تلك الآثار».