«غولدن غلوب»: لماذا فاز مَن فاز؟ وهل يستحق؟

قراءة نقدية في نتائج الدورة الـ 82

جيم أوزبورن وشارون ستون في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب» الـ82 (إ.ب.أ)
جيم أوزبورن وشارون ستون في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب» الـ82 (إ.ب.أ)
TT

«غولدن غلوب»: لماذا فاز مَن فاز؟ وهل يستحق؟

جيم أوزبورن وشارون ستون في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب» الـ82 (إ.ب.أ)
جيم أوزبورن وشارون ستون في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب» الـ82 (إ.ب.أ)

شهدت هوليوود إقامة حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب» ليل الأحد، الذي حمل مفاجآت عدّة لم تكن محسوبة من قبل. وفي مقدّمتها أن بريق هذه الجائزة في دورتها الـ82 عاد إليها بعد سنوات عجاف.

‫لم يعد ذلك البريق كما كان سابقاً، إنما عاد بالحضور والقوّة نفسيهما. الاختلاف هو أن جوائز «غولدن غلوبز» (وللسنة الثانية على التوالي) باتت مملوكة بالكامل لشركتين إعلاميّتين هما (Penske وEldrigde) وإحداهما ملك لدك كلارك الذي كان يدير إنتاج حفل هذه الجائزة تلفزيونياً عندما كانت هذه الجائزة ملكاً لجمعية «ذا هوليوود فورين برس أسوسياشن».

لم يحفل عام 2024 بكثيرٍ من الأفلام الشامخة، وتلك التي تدرّجت من بدء ظهورها في العروض الأولى لمهرجاني «ڤينيسيا» و«كان» هي التي احتلّت التوقعات ليس بالنسبة إلى جوائز «غولدن غلوب» فقط بل لمجمل الجوائز الرئيسية في هذا الموسم ومن بينها، إلى جانب هذه الجائزة، جوائز «بافتا» البريطانية وجوائز «الأوسكار».

كارلا صوفيا جاسكون (على اليسار) وزوي سالدانيا في مشهد من فيلم «إميليا بيريز» (أ.ب)

تحديداً فيلما «إميليا بيريز» (Emilia Pérez) للفرنسي جاك أوديار الذي نال جائزة لجنة التحكيم في مهرجان «كان» في ربيع العام الماضي، و«المعماري» (The Brutalist) الذي شهد عرضه العالمي الأول في مهرجان «ڤينيسيا» وهو من إخراج برادي كوربت الذي خرج من دون الحصول على جائزة رئيسية كان يستحقها.

من اليسار: كليمنت دوكول وكاميل دالمايس وزوي سالدانا (أ.ف.ب)

لذا لم يكن من غير المتوقع عدم حضور، ثم فوز، الفيلمين المذكورين في حفل «غولدن غلوب» هذا العام، فخرج «إميليا بيريز» بجائزة أفضل فيلم كوميدي أو موسيقي عنوةً عن 5 أفلام أخرى هي: «شرير» (Wicked)، و«متحدّون» (Challengers)، و«ألم حقيقي» (Real Pain)، و«أنورا» (Anora)، و«المادّة» (The Substance).

كل واحد من هذه الأفلام حمل آمالاً عريضة كونه لاقى إعجاباً نقدياً أو جماهيرياً واسعاً. «أنورا» و«مُتحدُّون»، على سبيل المثال، حظيا بتلال من المقالات المعجبة ولو أن معظمها كان يُحسب للموضوع الماثل أكثر من اكتراثه بالقيمة الفنية الحقيقية لهما.

أدريان برودي وفيليسيتي جونز في مشهد من «The Brutalist» (أ.ب)

لم يخرج «The Brutalist» من الحفل بلا تقدير مُستحق، إذ التقط هذا الفيلم جائزة أفضل فيلم درامي متجاوزاً 5 أفلام أخرى هي: «مجهول تام» (A Complete Unknown)، و«اجتماع مقدّس» (Conclave)، و«فتيان النيكل» (The Nickel Boys)، و«سبتمبر 5» (September 5)، و«كثبان- 2» (Dune: Part 2).

أدريان برودي إلى جانب والدَيه: سيلفيا بلاتشي وإليوت برودي (أ.ف.ب)

إلى جانب فوز «The Brutalist» بجائزة أفضل فيلم درامي حظى بجائزتين أخريين مهمّتين: المخرج برادلي كوربت نال «غولدن غلوب» لأفضل إخراج، وبطل فيلمه أدريان برودي نالها بصفته أفضل ممثل.

و«إميليا بيريز» أنجز 3 جوائز أخرى؛ واحدة لزوي سالدانا بصفتها أفضل ممثلة مساعدة، وجائزة أفضل موسيقى، وأفضل فيلم أجنبي.

الممثلات

لم تكن هناك فيما سبق، مفاجآت تُذكر. نعم تم تجاوز «أنورا» و«مُتَحدُّون»، ولم ينل «شرير» إلا جائزة واحدة (وهو الذي رُشّح في أكثر من مسابقة وحَفِل بتوقعات المتنبئين) ودخلت بضعة أفلام لم يكن من الممكن فوزها مثل «فتيان النيكل»، لكن سباق الأفلام الدرامية والكوميدية كان سهل التنبؤ به.

ديمي مور في مشهد من فيلم «المادة» (أ.ف.ب)

المفاجآت انطلت أكثر على صعيد الممثلين وبداية ديمي مور التي قادت بطولة فيلم «المادّة» حول امرأة حاربت الشيخوخة بنجاح عندما لجأت إلى حلٍّ علمي مُتاح. هي نالت جائزة أفضل ممثلة في فيلم كوميدي أو موسيقي.

مور تستحق الجائزة لتاريخها أكثر مما تستحقها لحاضرها، لكن الحال هو أن المنافِسات لم يلمَعن كما لمعت هي ولم يشهَدن مهنة تتعدى الثلاثين سنة من النجاحات والإخفاقات. هذا ينطلي على الممثلة الجيدة آيمي أدامز التي رُشحت عن فيلم (Nightbitch) وزندايا عن «مُتحدُّون».

ديمي مور حازت جائزة أفضل أداء لممثلة عن فيلم «المادة» (أ.ب)

أفضل المفاجآت على صعيد التمثيل النسائي فوز الممثلة البرازيلية فرناندا توريس عن دورها الممتاز في فيلم «ما زلت هنا» (I'm Still Here).

في الجهة المقابلة فازت فرناندا توريس بجائزة أفضل ممثلة عن فيلم درامي برازيلي تناول أحداثاً وقعت في مطلع السبعينات عن زوجة احتُجز زوجها، وكان ناشطاً سياسياً معارضاً، ومسعاها لإطلاق سراحه قبل أن يصل إليها أن السُّلطة قد قتلته.

فرناندا توريس تحصل على جائزة أفضل أداء لممثلة في فيلم سينمائي عن فيلم «أنا ما زلت هنا» (أ.ف.ب)

فوزها لم يكن بحد ذاته المفاجأة الوحيدة، بل حقيقة أن المنافسة التي واجهتها الممثلة كانت حاشدة بالأسماء الكبيرة أمثال أنجلينا جولي عن «ماريا»، ونيكول كدمان عن «بايبي غيرل»، وتيلدا سوينتن عن «الغرفة التالية»، وكيت ونسلت عن «لي» (Lee)، كما باميلا أندرسن عن «آخر فتاة استعراض» (The Late Showgirl). للحقيقة كل منهن لعبت دورها على الشاشة بإجادة وإبداع.

زوي سالدانا تحصد جائزة أفضل أداء لممثلة في دور مساند في فيلم «إميليا بيريز» (أ.ب)

في نطاق الأدوار المساندة (جائزة واحدة للدراما أو الكوميديا) فاجأت زوي سالدانا الحضور بفوزها عن «إميليا بيريز». هذا بدا هيّناً كون منافساتها في معظمهن غير معروفات على نطاق عريض ومنهن مارغريت كويلي (عن «المادة»)، وأريانا غراندي (عن «شرير).

والممثلون...

في المقابل الذكوري، صعد أدريان برودي المنصّة ليتسلم جائزته عن «The Brutalist» الذي أدّى فيه دور المهندس المعماري اللاجئ من أوروبا الحالم بممارسة مهنته على نحو مختلف عمّا يسود المعمار الأميركي. دور رائع لممثل جيد ورد على طبق من ذهب تبعاً لقوّة تقمصه للدور ولتاريخه المهني.

الممثل دانيال كريغ (رويترز)

منافسوه كانوا مجموعة من الممثلين المعروفين من بينهم راف فاينس عن «اجتماع مقدّس»، ودانيال كريغ عن «مُتَحدُّون». هناك اسم غير مشهور أدّى دوره بإجادة تستحق الفوز بدورها هو كولمان دومينغو عن فيلم بعنوان (Sing Sing).

سيباستيان ستان حائز جائزة أفضل أداء لممثل عن فيلم «رجل مختلف» (أ.ف.ب)

في القسم الكوميدي - الموسيقي حظي سيباستيان ستان بالجائزة المنشودة. المنافسة لم تكن بالحرارة نفسها لتلك السابقة لكنّ جيسي بليمونس («أنواع اللطف»، Kinds of Kindness)، وهيو غرانت («هرطوقي»، Heretic)، كانا أبرز المنافسين في هذا المضمار.

جيريمي سترونغ (على اليسار) وسيباستيان ستان في مشهد من فيلم «المتدرب» (أ.ب)

في مجال أفضل ممثل مساند كانت هناك 4 أسماء لامعة بين المرشحين الستة: إدوارد نورتون عن «مجهول تام»، وغاي بيرس عن «The Brutalist»، وجيريمي سترونغ عن «المتدرب»، ودنزل واشنطن عن «غلادياتور 2». إلى جانبهم ضُمّ يورا بوريسوف عن «أنورا»، وكيران كولكن عن «ألم حقيقي» وهو الذي فاز بالجائزة فعلياً.

إيما وول وجيريمي سترونغ (إ.ب.أ)

في الدلالات لم يكن متوقعاً أن يفوز دنزل واشنطن بالجائزة رغم ترشيحه، كون دوره في «غلادياتور 2» ميكانيكياً أكثر مما هو إبداعي. في المقابل كان المستحق الأول غاي بيرس يليه إدوارد نورتون.



لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
TT

لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)

في الوقت الذي يشهد تصاعداً للجدل حول إعادة تمثال ديليسبس إلى مكانه الأصلي في المدخل الشمالي لقناة السويس، قررت محكمة القضاء الإداري بمصر الثلاثاء تأجيل نظر الطعن على قرار إعادة التمثال لجلسة 21 يناير (كانون الثاني) الحالي، للاطلاع على تقرير المفوضين.

وتباينت الآراء حول إعادة التمثال إلى موقعه، فبينما رأى معارضو الفكرة أن «ديليسبس يعدّ رمزاً للاستعمار، ولا يجوز وضع تمثاله في مدخل القناة»، رأى آخرون أنه «قدّم خدمات لمصر وساهم في إنشاء القناة التي تدر مليارات الدولارات على البلاد حتى الآن».

وكان محافظ بورسعيد قد أعلن أثناء الاحتفال بالعيد القومي للمحافظة، قبل أيام عدة، بأنه طلب من رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إعادة تمثال ديليسبس إلى مكانه في مدخل القناة بناءً على مطالبات أهالي المحافظة، وأن رئيس الوزراء وعده بدراسة الأمر.

ويعود جدل إعادة التمثال إلى مدخل قناة السويس بمحافظة بورسعيد لعام 2020 حين تم نقل التمثال إلى متحف قناة السويس بمدينة الإسماعيلية (إحدى مدن القناة)، حينها بارك الكثير من الكتاب هذه الخطوة، رافضين وجود تمثال ديليسبس بمدخل قناة السويس، معتبرين أن «المقاول الفرنسي»، بحسب وصف بعضهم، «سارق لفكرة القناة وإحدى أذرع التدخل الأجنبي في شؤون مصر».

قاعدة تمثال ديليسبس ببورسعيد (محافظة بورسعيد)

ويعدّ فرديناند ديليسبس (1805 - 1894) من السياسيين الفرنسيين الذين عاشوا في مصر خلال القرن الـ19، وحصل على امتياز حفر قناة السويس من سعيد باشا حاكم مصر من الأسرة العلوية عام 1854 لمدة 99 عاماً، وتقرب من الخديو إسماعيل، حتى تم افتتاح القناة التي استغرق حفرها نحو 10 أعوام، وتم افتتاحها عام 1869.

وفي عام 1899، أي بعد مرور 5 سنوات على رحيل ديليسبس تقرر نصب تمثال له في مدخل القناة بمحافظة بورسعيد، وهذا التمثال الذي صممه الفنان الفرنسي إمانويل فرميم، مجوف من الداخل ومصنوع من الحديد والبرونز، بارتفاع 7.5 متر، وتم إدراجه عام 2017 ضمن الآثار الإسلامية والقبطية.

ويصل الأمر بالبعض إلى وصف ديليسبس بـ«الخائن الذي سهَّل دخول الإنجليز إلى مصر بعد أن وعد عرابي أن القناة منطقة محايدة ولن يسمح بدخول قوات عسكرية منها»، بحسب ما يؤكد المؤرخ المصري محمد الشافعي.

ويوضح الشافعي (صاحب كتاب «ديليسبس الأسطورة الكاذبة») وأحد قادة الحملة التي ترفض عودة التمثال إلى مكانه، لـ«الشرق الأوسط» أن «ديليسبس استعبد المصريين، وتسبب في مقتل نحو 120 ألف مصري في أعمال السخرة وحفر القناة، كما تسبب في إغراق مصر بالديون في عصري سعيد باشا والخديو إسماعيل، وأنه مدان بالسرقة والنصب على صاحب المشروع الأصلي».

وتعد قناة السويس أحد مصادر الدخل الرئيسية لمصر، وبلغت إيراداتها في العام المالي (2022- 2023) 9.4 مليار دولار، لكنها فقدت ما يقرب من 50 إلى 60 في المائة من دخلها خلال الشهور الماضية بسبب «حرب غزة» وهجمات الحوثيين باليمن على سفن في البحر الأحمر، وقدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخسائر بأكثر من 6 مليارات دولار. وفق تصريح له في شهر سبتمبر (أيلول) من العام الماضي.

في المقابل، يقول الكاتب المصري علي سعدة، إن تمثال ديليسبس يمثل أثراً وجزءاً من تاريخ بورسعيد، رافضاً ما وصفه في مقال بجريدة «الدستور» المصرية بـ«المغالطات التاريخية» التي تروّجها جبهة الرفض، كما نشر سعدة خطاباً مفتوحاً موجهاً لمحافظ بورسعيد، كتبه مسؤول سابق بمكتب المحافظ جاء فيه «باسم الأغلبية المطلقة الواعية من أهل بورسعيد نود أن نشكركم على القرار الحكيم والشجاع بعودة تمثال ديليسبس إلى قاعدته».

واجتمع عدد من الرافضين لإعادة التمثال بنقابة الصحافيين المصرية مؤخراً، وأكدوا رفضهم عودته، كما طالبوا فرنسا بإزالة تمثال شامبليون الذي يظهر أمام إحدى الجامعات الفرنسية وهو يضع قدمه على أثر مصري قديم.

«المهندس النمساوي الإيطالي نيجريلي هو صاحب المشروع الأصلي لحفر قناة السويس، وتمت سرقته منه، بينما ديليسبس لم يكن مهندساً، فقد درس لعام واحد في كلية الحقوق وأُلحق بالسلك الدبلوماسي بتزكية من والده وعمه وتم فصله لفشله، وابنته نيجريلي التي حصلت على تعويض بعد إثباتها سرقة مشروع والدها»، وفق الشافعي.

وكانت الجمعية المصرية للدراسات التاريخية قد أصدرت بياناً أكدت فيه أن ديليسبس لا يستحق التكريم بوضع تمثاله في مدخل القناة، موضحة أن ما قام به من مخالفات ومن أعمال لم تكن في صالح مصر.

في حين كتب الدكتور أسامة الغزالي حرب مقالاً يؤكد فيه على موقفه السابق المؤيد لعودة التمثال إلى قاعدته في محافظة بورسعيد، باعتباره استكمالاً لطابع المدينة التاريخي، وممشاها السياحي بمدخل القناة.

وبحسب أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس المصرية والمحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، الدكتور جمال شقرة، فقد «تمت صياغة وثيقة من الجمعية حين أثير الموضوع في المرة الأولى تؤكد أن ديليسبس ليس هو صاحب المشروع، لكنه لص سرق المشروع من آل سان سيمون». بحسب تصريحاته.

وفي ختام حديثه، قال شقرة لـ«الشرق الأوسط» إن «ديليسبس خان مصر وخدع أحمد عرابي حين فتح القناة أمام القوات الإنجليزية عام 1882، ونرى بوصفنا مؤرخين أنه لا يستحق أن يوضع له تمثال في مدخل قناة السويس».