شاهد عيان ياباني تسعينيّ يروي لـ«الشرق الأوسط» فظائع القنبلة النووية على هيروشيما

ياماماتو: شهدت يومها جهنم وأمطاراً داكنة السواد وآخرين يموتون من حرارة الإشعاع

القبة التي ضُربت بالقنبلة وهي على بُعد 200 متر من مركز الضربة (الشرق الأوسط)
القبة التي ضُربت بالقنبلة وهي على بُعد 200 متر من مركز الضربة (الشرق الأوسط)
TT

شاهد عيان ياباني تسعينيّ يروي لـ«الشرق الأوسط» فظائع القنبلة النووية على هيروشيما

القبة التي ضُربت بالقنبلة وهي على بُعد 200 متر من مركز الضربة (الشرق الأوسط)
القبة التي ضُربت بالقنبلة وهي على بُعد 200 متر من مركز الضربة (الشرق الأوسط)

الرحلة استغرقت 40 دقيقة بالقطار السريع من طوكيو إلى مدينة هيروشيما، التي تعرضت لأول ضربة نووية في التاريخ يوم 6 أغسطس (آب) 1945، وأمطرت حينها أمطاراً داكنة السواد اختلط فيها الإشعاع النووي العالق في الهواء، مع حبيبات الغبار لترسم سحابة قاتمة عبَّرت عن حزن غطى السماء.

هناك، وقفت «الشرق الأوسط»، على آثار القنبلة الذرية على المدينة التاريخية المكلومة، التي بدت كأنها تغتسل للتوِّ من غبار الإشعاع النووي، ومع ذلك لم تمنع تدفق زوار العالم إليها من كل حدب وصوب، ليقفوا بأنفسهم على قصة أكبر وأول حدث نووي في العالم على مدينة كانت تحلم بأيام سعيدة يرفع فيها الأطفال أصواتهم فرحاً، وهم يستنشقون هواء رذاذ المطر النقي في تلك الأيام الحالمة قبل أن تتحول في لحظات إلى أيام حالكة السواد.

في مبنى يفصل بين القبة التي تعرضت للضربة النووية ومتحف هيروشيما، قال شاهد العيان ساداو ياماماتو لــ«الشرق الأوسط»: «كان عمري 14 عاماً وأدرس في الصف الثامن بالمرحلة الإعدادية حين قُصفت المدينة، ورغم بلوغي اليوم 92 عاماً فإنني ما زلت أتذكر ذلك اليوم جيداً». ياماماتو الذي لا يزال يحتفظ بذاكرة حديدية أردف قائلاً: «حين أصابت القنبلة النووية هدفها، كنت في مكان تابع للجيش الياباني لا يبعد أكثر من 2.5 كيلومتر عن محطة هيروشيما».

وبعد ذلك بدأ ياماماتو، سرد القصة بعدد كبير من الاستفهامات، كان أولها: لماذا اختارت أميركا «هيروشيما»، هدفاً للقنبلة الذرية؟ ولماذا اختارت وقت ذهاب الأطفال إلى المدراس وهم ينشدون ألحان السلام والجمال؟

لماذا اختيرت هيروشيما من بين مدن أخرى؟

يقول ياماماتو بعد تنهيدة ملؤها الألم: «تم اختيار هيروشيما من بين المدن اليابانية الأخرى لأن بعض الأميركيين المعنيين طالبوا باستهداف مدينة يابانية يكون قطرها 4.8 كيلومتر، رغبةً منهم في قياس مدى تأثير القنبلة من مسافة محددة على مدينة بهذا الحجم». وأضاف «في 27 من شهر أبريل (نيسان) 1945 اختاروا 17 مدينة في اليابان هدفاً للقنبلة الذرية، وبعد ذلك في يوم 25 من شهر يوليو (تموز) اختار الأميركان من بين الـ17 مدينة 4 مدن، وفي شهر أغسطس (آب) اختاروا 3 مدن من بينها، هي هيروشيما وناغازاكي وكوكورا».

وتابع ياماماتو: «إلا أنهم أخيراً قرروا إلقاء أول قنبلة على هيروشيما، والثانية على مدينة كوكورا، والثالثة على مدينة ناغازاكي، ثم تقرر أن يكون شهر أغسطس موعداً لتحليق الطائرة التي ستُلقي القنبلة، ولكن حتى الآن ليست لدينا معلومات عن سبب اختيار هيروشيما أول هدف». وزاد: «يوم 6 أغسطس 1945، أقلعت الطائرة الحربية الأميركية (الإينولا جا) من قاعدة موجودة في جزيرة تينيان في المحيط الهادئ، في رحلة استغرقت 6.5 ساعة».

لكن قبل انطلاق «الإينولا جا»، وفق ياماماتو، كانت هناك طائرة أخرى تتلخص مهمتها في قياس الطقس في المدن الثلاث المستهدفة، قبل أن يقع الاختيار الأخير على هيروشيما، بسبب أن طقس هيروشيما كان الأفضل لهم في ذلك الوقت. وفي الساعة الثامنة صباحاً، يقول ياماماتو، تم إسقاط القنبلة الذرية وحدث الانفجار كما كان مخططاً له على مساحة دائرية طول قطرها 3 أميال، حيث كانت هيروشيما متوافقة مع هذه المقاييس، فكانت هي المدينة المختارة للضربة النووية.

يستذكر ياماماتو بصوت حزين: «المحصلة النهائية هي أن 140 ألف شخص لقوا حتفهم نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) 1945. كان معظم الضحايا يابانيين ولكن كان من بينهم كوريون عاملون في اليابان ومعتقلون قسريون و12 من الجنود الأميركان». ويقول شاهد العيان إن أكثر ما أثّر في نفسه هو استهداف موقع مشغول بعدد كبير من طلاب المدارس من عمره، وفي وقت كان يقام فيه عدد من الأنشطة الطلابية، كما يوجد فيه عدد من العمال يقومون ببعض أعمال لحماية المدينة من القصف الجوي التقليدي ولم يَدُر بخلدهم قرب وقوع قصف نووي.

أطفال تحت القصف

يقول ياماماتو: «مدرستي الإعدادية (هيروشيما نيتيو)، تدمرت بشكل كامل... عدد الضحايا في مدرستي فقط وصل إلى 321 طالباً في الصف الأول و4 مدرسين»، وزاد: «لحسن حظي كنت على بُعد 2.5 كيلومتر، ولذا نجوت على الرغم من تعرضي لهواء ساخن وإشعاع تسبب لي في أضرار بجسمي استمرت معي أكثر من أسبوعين».

وتابع: «في ذلك اليوم، ظهرت 3 طائرات حربية دون حصول إنذار بقصف جوي، ولذلك اعتبرنا ذلك مجرد استطلاع، وحلَّقت الطائرات الثلاث فوق رؤوسنا وبعدها عادت أدراجها، ففكرنا أنها شيء غريب ولحظتها سمعت صوت انفجار وأحسست بهواء ساخن جداً، وكل الطلاب تطايروا كالقطع الصغيرة الخفيفة في الهواء، وأنا أُصبت بحالة إغماء».

ومضى ياماماتو إلى القول: «عندما استعدت وعيي، رأيت انفجار محطة هيروشيما وكانت النيران تتصاعد إلى السماء بشكل مخيف، بعدها شاهدت شكل القنبلة كأنها كرة من النار بقطر 400 متر وبعد 10 ثوان تقريباً انكسرت الكرة وأصبحت عبارة عن ألسنة نيران تغطي أرجاء المكان». وزاد: «تملَّكنا خوف شديد فهرولنا إلى معبد عند جبل على الوادي، وجاء القائمون على المعبد بزيت لدهن أجسامنا لتخفيف الألم الذي كنا نشعر به، حيث كانت الرؤية ضبابية، بعدها شهدنا حريقاً كبيراً في وسط المدينة وشاهدت الحريق يلتهم المدرسة الابتدائية التي كنا فيها، حينها قررت العودة إلى المنزل».

وتابع: «وجدت منزلنا مهشماً من شدة الاهتزاز الذي خلّفته القنبلة، ولكن كانت عائلتي سليمة، لأنهم بعيدون عن أثر الحريق، وكان أبي محظوظاً، لأنه كان على مسافة 680 متراً وموجوداً داخل مبنى محاط بجدار سميك وهو ما حماه من أثر القنبلة، ومع ذلك أُصيب والدي بأضرار خفيفة في البطن وتوفي بسبب أعراض القنبلة النووية عن عمر ناهز 93 عاماً».

حرارة تناهز 4 آلاف درجة عمَّت المكان

وقال ياماماتو: «طلاب الصف الأول الإعدادي في مدرستنا كانوا موجودين على بُعد 500 متر من مركز القنبلة، ومات 70 في المائة منهم، من أثر القنبلة التي خلَّفت درجة حرارة عالية جداً تصل إلى 4000 درجة مئوية».

وأردف قائلاً: «شاهدت بعض الطلاب يموتون على الفور، وبعضهم وصلوا إلى منازلهم بصعوبة وبعضهم ماتوا في الطريق والبعض منهم رمى نفسه في النهر وهو ينادي: أمي أمي، لقد شاهدت بعيني موت طالب لطيف جداً يُدعى (شيغيل إليمونت)، وجدتْه أمه ميتاً وهو ممسك بحقيبة الوجبات. كما رأيت طالباً اسمه (إيساو تانوبتيتشي) ووجهه محروق ولم يكن حينها قد فارق الحياة، وعندما وجده والده لم يستطع تمييزه، ولكن عرفه من خلال (جاكيت) لشقيقه كان يرتديه، بينما شاهدت طالباً ثالثاً تسلخ جلده عن جسمه ومات أيضاً في اليوم التالي».

أمطار داكنة السواد

يقول ياماماتو: «انفجار القنبلة كان على قطر كيلومتر ولكن تأثيرها كان أكبر بكثير ومعظم من كان في محيطها إمَّا مات في اليوم الأول وإما في اليوم الذي يليه وإما بعد فترة من الإصابة، وفي عام 1946 عانى كثيرون من أعراض مرض يطلق عليه اسم (كرويتو)، أي الجسم المحروق والكروش المنفوخة إضافة إلى تغيير شكل الجلد بسبب الإشعاع الذي دخل الجسم ودمَّر وظيفة الدم في الخلايا».

وفي ختام حديثه يقول ياماماتو: «من شدة الانفجار اكتست السماء باللون الأسود بسبب امتزاج الهواء مع تراب الأرض، حتى الأمطار كانت تنزل سوداء جراء تشبع الهواء بالإشعاع، والذين كانوا يشربون من الآبار الملوثة من الأمطار ظهر عليهم كثير من الأمراض والأضرار التي لازمتهم فترة من الزمن، أما النساء الحوامل فتأثر أطفالهن بالأمراض والأشعة، وبعضهم خرج مشوهاً والبعض الآخر مات في بطن أمه، في حين انتشر سرطان الدم الذي أودى بحياة كثيرين بعد عامين وثلاثة أعوام من الحادثة».


مقالات ذات صلة

إردوغان يوجه تحذيراً صارماً لـ«العمال الكردستاني»

شؤون إقليمية إردوغان تعهد بدفن مسلحي «العمال الكردستاني» إذا رفضوا إلقاء أسلحتهم (الرئاسة التركية)

إردوغان يوجه تحذيراً صارماً لـ«العمال الكردستاني»

بينما يواصل وفد الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان في إطار مبادرة لإنهاء الإرهاب في تركيا، وجّه إردوغان تحذيراً صارماً لمقاتلي الحزب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ مخزون من المتفجرات محلية الصنع تم العثور عليها في منزل براد سبافورد بولاية فرجينيا الأميركية في شهر ديسمبر (أ.ب)

«إف بي آي» عثر على 150 قنبلة محلية الصنع بمنزل بفرجينيا في ديسمبر

عثر العملاء الفيدراليون في أميركا على أحد أكبر مخزونات المتفجرات محلية الصنع التي صادروها على الإطلاق، في منزل بولاية فرجينيا في ديسمبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

فرضت الصين عقوبات على 10 شركات دفاعية أميركية، اليوم (الخميس)، على خلفية بيع أسلحة إلى تايوان، في ثاني حزمة من نوعها في أقل من أسبوع تستهدف شركات أميركية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الولايات المتحدة​ ختم مكتب التحقيقات الفيدرالي يظهر بالمقر الرئيسي للوكالة في واشنطن (أ.ب)

أميركا: ضبط أكبر كمية متفجرات تامة الصنع في فيرجينيا

أفادت مذكرة قدمها مدعون فيدراليون إلى المحكمة بأن محققين فيدراليين ضبطوا أحد أكبر المخزونات لمتفجرات محلية الصنع لم يسبق لهم ضبطها على الإطلاق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ جنود أوكرانيون في مناورة تدريبية بمنطقة دنيبروبيتروفسك بأوكرانيا 12 ديسمبر 2024 وسط الغزو الروسي للبلاد (أ.ف.ب)

واشنطن تعلن حزمة مساعدات أمنية لأوكرانيا بقيمة 2.5 مليار دولار

أعلنت الولايات المتحدة تقديم حزمة مساعدات أمنية لكييف بقيمة 2.5 مليار دولار، مع سعي واشنطن لتزويد أوكرانيا بما أمكن من الدعم قبل تنصيب دونالد ترمب رئيساً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)
أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)
TT

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)
أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)

تُعد دراما السيرة الذاتية للمشاهير والشخصيات العامة من أهم أنواع الدراما التي يُقبل عليها المشاهد عالمياً، لكن الأزمة الأساسية التي تواجه هذا النوع الدرامي تتعلق بالصراع مع الورثة حول أحقية تقديم العمل من عدمه، وفق متابعين ونقاد.

وفي الآونة الأخيرة، طالعتنا وسائل إعلام بتصريحات على لسان الممثل كريم نجل النجم الراحل محمود عبد العزيز أنه «يرفض تحويل حياة والده إلى عمل درامي».

في حين أن محمود عبد العزيز قدم أحد أشهر مسلسلات السيرة الذاتية وهو «رأفت الهجان» عن قصة عميل المخابرات المصرية الذي عاش في إسرائيل رفعت الجمال، وحقّق العمل الذي بُث الجزء الأول منه لأول مرة عام 1988 نجاحاً ساحقاً في أجزائه الثلاثة.

مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)

وعلى الرغم من أن الفنان الراحل أحمد زكي قدم 3 أفلام سيرة ذاتية عن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر «ناصر 56» عام 1996، والرئيس الراحل أنور السادات «أيام السادات» عام 2001، والمطرب الراحل عبد الحليم حافظ «حليم» عام 2006، بيد أن شقيقته إيمان زكي رفضت رفضاً قاطعاً تقديم قصة حياته في مسلسل.

حق عام بضوابط

قال حسن حافظ الباحث في تاريخ مصر لـ«الشرق الأوسط»: إن «سيرة أي شخصية مشهورة هي ملكية عامة، ومن حق أي مبدع تقديمها في عمل فني». وتابع: «بيد أن هناك بعض المعايير، أهمها الاحتفاظ بالسياق التاريخي للأحداث دون تزييف، مع حق المبدع أن يتعمّق في دوافع الشخصية لفهم القرارات التي اتخذتها، وهنا يكون الورثة أحد مكونات عملية البحث، مع التدقيق في ما يقولونه».

أمر آخر لا بد من أخذه في عين الاعتبار حسب حافظ، وهو أن العمل الدرامي لا يحكي قصة الشخصية العامة كما جرت بالضبط، بل هو مبني في جزء منه على الخيال، بعكس العمل الوثائقي.

ويتفق معه الناقد الفني أمجد مصطفى، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يحق للورثة حتى طلب أموال مقابل السماح بتناول القصة، ولكن من حقهم الاطمئنان لخروج العمل الدرامي دون تشويه للشخصية، فهناك بعض كتاب الأعمال الدرامية الذين يتعمدون إضافة أشياء قد تكون غير حقيقية وربما جارحة من أجل التشويق والإثارة».

ولفت إلى أن ذلك لا يعني أن العمل الدرامي يجب أن يُركّز فقط على الجوانب الإيجابية في حياة الشخصية، فهناك أمور قد لا تفيد في رصد حياة الشخصية، وفق مصطفى.

تخليد للشخصية وشركائها

من أهم السير التي قّدّمت وخلقت حالة في مصر، مسلسل «أم كلثوم» (إنتاج 1999)، وحقق نجاحاً كبيراً، وفق نقاد، ومع ذلك يقول حسن حافظ إن «هذا المسلسل قدم سيرة بيضاء لأم كلثوم، ولم ينخرط مثلاً في صراعاتها مع نجوم عصرها».

في حين يرى أمجد مصطفى أن «مسلسل (أم كلثوم) إلى جانب أنه يخلّد سيرتها، فإنه كذلك يرصد حياة جميع من شاركوا في قصة نجاحها من ملحنين وشعراء، ولكن هذا المسلسل مثلاً تجاهل دور الموسيقار محمد الموجي في حياة أم كلثوم، ومن هنا يجب على كاتب دراما السيرة الذاتية أن يكون أميناً في الرصد».

سيرة أم كلثوم في مسلسل من بطولة صابرين (يوتيوب)

الجدية شرط النجاح

على المستوى العالمي هناك انفتاح لتقديم دراما السيرة الذاتية سواء في أميركا أو أوروبا، مثل مسلسل «كليوباترا» الذي عرضته منصة «نتفليكس» الأميركية في مايو (أيار) 2023 وأثار الجدل لأنه قدم الملكة المصرية الفرعونية ذات بشرة سمراء، وهو ما عدّته السلطات المصرية «تزييفاً للتاريخ»؛ لأن المصادر تؤكد أن كليوباترا كانت بشرتها فاتحة اللون.

في حين أن مسلسل «التاج» (The Crown)، الذي يتناول سيرة الملكة إليزابيث الثانية، حقق نجاحاً كبيراً.

ويُرجع حافظ سبب نجاحه إلى «ما لمسه المشاهد من جدية القائمين عليه لتقديمه في أحسن صورة وأدق تفاصيل».

وشدّد على أن «غياب الجدّية والدقة تسبب في فشل مسلسلات عن سير المشاهير في مصر خلال السنوات الأخيرة، مثل مسلسلات (العندليب) عن سيرة عبد الحليم حافظ، و(السندريلا) عن سيرة سعاد حسني، و(الضاحك الباكي) عن سيرة نجيب الريحاني».

ويرى أمجد مصطفى كذلك أن «فيلم حليم لأنه كان في آخر أيام أحمد زكي وقت مرضه أُنجز بسرعة ولم يكن متّقناً بالقدر اللازم لنجاحه».

تصبح المهمة أسهل حينما تكون للشخصية المشهورة مذكرات كتبتها قبل وفاتها، وهذا ما حدث في فيلم «أيام السادات» الذي كتب السيناريو له من واقع مذكراته الكاتب الراحل أحمد بهجت، الذي يقول نجله الشاعر محمد بهجت لـ«الشرق الأوسط»: «لم يواجه والدي مشكلات مع الورثة عند كتابة الفيلم لأنه اعتمد على كتاب البحث عن الذات للرئيس السادات، وكذلك بعض كتب الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل، وأيضاً مذكرات جيهان السادات التي كانت على قيد الحياة وقتها وأثنت على سيناريو الفيلم قبل تصويره حينما عرضه عليها والدي والفنان أحمد زكي».

أحمد زكي في فيلم «أيام السادات» (فيسبوك)

موقف القانون

وعن موقف القانون من دراما السيرة الذاتية يقول المحامي بالنقض محمد إصلاح في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «وفق المبادئ القانونية المستقرة في القانون المدني المصري فإن مجرد التجسيد لا يرتب حقاً قانونياً للورثة في الاعتراض، ولكن لهم رفع دعوى تعويض إذا أثبتوا أن النشر والتجسيد قد أضرّ بسمعة المتوفى، ولا يستطيعون رفع دعوى منع ما لم يتمكنوا من إثبات تحقّق هذا الضرر للمحكمة من واقع العمل الفني».