«نور الرياض»... نافذة على مشهد فني مزدهر تعيشه السعودية

فنانون لـ«الشرق الأوسط»: الاحتفال فرصة لتقديم لغة فنيّة جديدة

يُرسّخ احتفال «نور الرياض» الهوية السّعودية بشكلها المعاصر (نور الرياض)
يُرسّخ احتفال «نور الرياض» الهوية السّعودية بشكلها المعاصر (نور الرياض)
TT

«نور الرياض»... نافذة على مشهد فني مزدهر تعيشه السعودية

يُرسّخ احتفال «نور الرياض» الهوية السّعودية بشكلها المعاصر (نور الرياض)
يُرسّخ احتفال «نور الرياض» الهوية السّعودية بشكلها المعاصر (نور الرياض)

في إطار مشهدٍ فنيّ مزدهر، وتحوّلٍ ثقافي تشهده السعودية، يتألق احتفال «نور الرياض» بوصفه أحد أهم المشاريع الفنية والثقافية التي تُجسّد الحراك الذي يحدث في قطاع الفنون.

ويجمع احتفال «نور الرياض» الفنانين المحليين والدّوليين لتقديم إبداعاتهم التي تتناغم مع رؤية السعودية الطّموحة في المجال الثقافي، ويُشكّل هذا الاحتفال جسراً للحوار الثقافي والابتكار الفني.

وقال فنانون مشاركون في نسخة العام الحالي من «نور الرياض»، إنه أكبر احتفالٍ للفنون الضوئية في العالم، ويمثّل فرصة لتقديم لغة فنيّة جديدة تجمع بين الأصالة والابتكار. مؤكدين، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أنّ السعودية تسير بخُطى ثابتة نحو التّحول إلى محور عالمي للإبداع الفني، ووجهة لاستقطاب الفنانين من جميع أنحاء العالم.

ومن خلال أعمال إبداعية لافتة، وحضورٍ لشخصيات فنّية بارزة عالمياً، قدّمت النّسخة الرابعة من «نور الرياض» مزيجاً فريداً من الإبداعين المحلي والعالمي، وجاءت بمثابة ترسيخٍ لمكانة المملكة بصفتها مركزاً فنياً عالمياً يعكس هويتها الرّاسخة والمتجددة.

الدكتور ألفريدو كراميروتي القيِّم الفني لـ«نور الرياض» (نور الرياض)

منصة للقاء الأصالة بالمعاصرة

يصف الدكتور ألفريدو كراميروتي، القيّم الفني لـ«نور الرياض»، مشاركته في الاحتفال بأنها «فرصة لتقديم لغة فنيّة جديدة تجمع بين الأصالة والابتكار».

وفي حديث مع «الشرق الأوسط»، يرى كراميروتي أن السعودية تسير بخطى ثابتة نحو التّحول إلى محور عالمي للإبداع الفني؛ حيث أصبحت تستقطبُ الفنانين من جميع أنحاء العالم؛ مؤكداً أن «نور الرياض» ليس مجرد احتفالٍ، بل هو يعكس رؤيةً ثقافية مستقبلية تجاوزت الحدودين الجغرافية والثقافية. مشيراً إلى أن الأعمال الفنية المشاركة تُعبّر عن قِصصٍ عميقة، ما يجعلها محلَ إعجاب وتقدير الفنانين العالميين.

وأضاف كراميروتي، أن الفنانين الدوليين الذين التقاهم في المملكة «مَذهولون بجودة الأعمال والمستوى العالمي للتّنظيم، إذ باتت السعودية مركزاً جديداً للفنون العالمية».

«الهرم الخامس» للفنان الشعشعي يعكس من خلاله التّحولين الثقافي والاقتصادي في المملكة (نور الرياض)

رحلة تطوُّر الفن السعودي

يُشارك راشد الشعشعي، الفنان السعودي الذي يحمل درجة الماجستير في الفنون البصرية، بعمله «الهرم الخامس»، الذي يعكس من خلاله التّحولين الثقافي والاقتصادي في المملكة. وأوضح الشعشعي أن عمله يستهدِف «إعادة تأطير الرّموز التقليدية بطريقة تفتح الآفاق نحو التفكير في مستقبلٍ مُستدام واقتصادٍ قائم على المعرفة».

الفنان السعودي راشد الشعشعي (نور الرياض)

وفي حديثه مع «الشرق الأوسط»، عَدّ الشعشعي احتفال «نور الرياض» منصةً مهمةً لعرض تطوّر الفن السعودي، وأضاف: «يُعزّز الحدث هذا من مكانة السعودية في المشهد الفني العالمي، ويُظهر للعالم أنّنا قادرون على تقديم أعمالٍ تَعكس هويتنا وثقافتنا وتطلعاتنا».

من جهتها، قدّمت مجموعة «يونايتد فيجوال أرتيستس» عملاً فنيّاً بعنوان «أثير»، وهو عرض جويٌّ مكون من 1500 طائرة بل طيار.

وأفادت المجموعة بأن العمل مستوحى من فكرة «الموسيقى الكونية» لفيثاغورس؛ وهذا العمل يُحوّل سماء العاصمة إلى لوحةٍ حيّة؛ كاشفاً عن الطّاقات الخفية التي تربطنا بالكون، إذ يُشبه العرض نسيجاً من الضوء، تَكشِف تشكيلات الطائرات دون طيار من خلاله عن التوازن، مجسدةً تداخل القوى التي تصيغ الواقع. كما يمزج العمل بين الضوء والصوت والحركة، ليُتيح للمُتفرّج تجربة مشاهدة جمالٍ غير مرئي، والتأمل في الموسيقى الصّامتة للكون.

وقال مات كلارم من المجموعة: إن «(نور الرياض) يُتيح تحوِيل الأفكار التّجريدية إلى تجارب ملموسة، ما يفتح المجال أمام الجمهور للتأمل في العلاقة بين الإنسان والكون»، مؤكداً أن الاحتفال ليس مجردَ حدثٍ فنيٍّ، بل منصةٌ لتبادل الثقافات وتعزيزِ الحوار العالمي من خلال الفن.

هوية متجدّدة وقوة إبداعية

واتفق جميع المشاركين على أن «نور الرياض» يتجاوز كونه احتفالاً فنياً ليُصبح حركةً ثقافية متكاملة تُسهم في تشكيل صورة المملكة مركزاً عالمياً للفنون والإبداع. ومن خلال أنشطته المتنوعة والثقافات المتعدّدة، يُرسِّخ الاحتفال الضوئيّ الهوية السعودية بشكلها المعاصر، ويدعو العالم لاكتشاف عمق التّحولات الثقافية التي تعيشها المملكة.

وعاد احتفال «نور الرياض» ليضيء سماءَ العاصمة من جديد خلال الفترة من 28 نوفمبر (تشرين الثاني) إلى 14 ديسمبر (كانون الأول) 2024، تحت شعار «بين الثَّرى والثُّريا» في 3 مراكز رئيسة، هي مركز الملك عبد العزيز التاريخي، ووادي حنيفة، وحي جاكس.

ويُقدم الاحتفال في نسخته الرابعة أكثر من 60 عملاً فنياً ضوئياً، من إبداع أكثر من 60 فناناً يُمثّلون 18 دولة، في تجربة استثنائية تُحوِّل الرياض إلى معرض فني مفتوح، يمزج بين الأصالة والمعاصرة. كما يُشارك في نسخة العام الحالي 18 فناناً سعودياً و43 عالمياً، يُقدِّمون أعمالًا فنية فريدة، يتألق فيها المَشهَدان الثقافي والفني في الرياض.



مهرجان دولي في الرياض لاستكشاف القيمة الثقافية للألعاب الشعبية

على مدى 7 أيام يحتفي «المهرجان الدولي» بالقيمة الثقافية العريقة للألعاب الشعبية (هيئة التراث)
على مدى 7 أيام يحتفي «المهرجان الدولي» بالقيمة الثقافية العريقة للألعاب الشعبية (هيئة التراث)
TT

مهرجان دولي في الرياض لاستكشاف القيمة الثقافية للألعاب الشعبية

على مدى 7 أيام يحتفي «المهرجان الدولي» بالقيمة الثقافية العريقة للألعاب الشعبية (هيئة التراث)
على مدى 7 أيام يحتفي «المهرجان الدولي» بالقيمة الثقافية العريقة للألعاب الشعبية (هيئة التراث)

لتعزيز التبادل الثقافي وعرض أبعاد متنوعة للهويّات الثقافية المختلفة لدول من حول العالم، أطلقت «هيئة التراث» في السعودية «المهرجان الدولي للألعاب الشعبية‬⁩»؛ لتقديم تجربة فريدة ‏تجمع بين ذكريات الماضي وروح الحاضر، واستعراض تفاصيل تعكس تنوع التراث الثقافي في السعودية.

وعلى مدى 7 أيام، يحتفي «المهرجان الدولي» بالقيمة الثقافية العريقة للألعاب الشعبية، ويعزز التبادل الثقافي بين الدول المشاركة، التي استقطبها المهرجان لعرض أبعاد متنوعة من هوياتها الثقافية المتنوعة.

يمثل المهرجان منصة حيوية للاحتفاء بتراث السعودية الممتد (هيئة التراث)

‏وبين تفاصيل «المهرجان الدولي»، الذي يحتفي بالألعاب الشعبية‬⁩، يتنقل الزوار في أزمنة مختلفة تأخذهم من ماضي اللعبة إلى بهجة اللحظة. ‏

وعبر التجارب والتحديات والألعاب التراثية، التي تملأ أيام المهرجان، تسافر بالزوار الحكايات، التي تحدّت حدود الزمن وخلّدت ذكراها بتراث متأصل في جذور التاريخ، إلى أجواء مملوءة بالبهجة.‏

تتأرجح «الدنانة»... وهي لعبة تقليدية مشهورة في السعودية... لتحاكي تُراث الألعاب الشعبية (هيئة التراث)

وفي المكان حيث يقام المهرجان، تتأرجح «الدنانة» (وهي لعبة تقليدية مشهورة في السعودية) لتحاكي تُراث الألعاب الشعبية، وتعيد عبق المُنافسات والتحديات التي كانت تملأ حياة الناس قديماً، وتذكّر بأجواء تراثية عاشتها أجيال متعاقبة، تجمع بين الألعاب وحكاياتها، وبين تفاصيل تعكس تنوع التراث الثقافي في المملكة.

ويضمّ المهرجان مجموعة من الفعاليات والأجنحة التي تثري تجارب الزوار، ومن ذلك منطقة الحارات، التي تتيح للزائر التجول بين واجهات مباني مناطق السعودية واكتشاف غنى وتنوع التراث العمراني، وتجسيد الألعاب الشعبية والتراثية في السعودية... بالإضافة إلى «أسرار الفاو» المصممة لتكون مغامرة تفاعلية تكشف النقاب عن أسرار قرية الفاو الأثرية.

ويقدم المهرجان رحلة مع الألعاب الشعبية؛ حيث يمكن للزوار استكشاف الألعاب القديمة واستعراض تفاصيل تطورها، بالإضافة إلى الاستمتاع بتجارب الألعاب الشعبية المتنوعة، وإقامة ورشات عمل مبتكرة لتعليم الزوار كيفية صناعة الألعاب والديكورات المنزلية المستوحاة من تلك الألعاب، وأيضاً منطقة أركان الحرف التي تعرض منتجات عدد من الحرفيين المختصين من مختلف مناطق السعودية بمشاركة كثير من الدول، في مساهمةٍ ثقافيةٍ تُثري تنوع وغنى التراث الشعبي.

يضمّ المهرجان مجموعة من الفعاليات والأجنحة التي تثري تجارب الزوار (هيئة التراث)

كما يضم المهرجان جناح «عام الإبل 2024»، الذي يقدم لضيوفه تجربة بصرية للتعرف على الإبل بوصفها رمزاً عميقاً متجذراً في الثقافة السعودية.

ويمثل «المهرجان الدولي للألعاب الشعبية» منصة حيوية للاحتفاء بتراث السعودية الممتد، حيث يعرّف بالألعاب التي ابتكرها المجتمع قديماً لترفيه أفراده عن أنفسهم، وباتت مع الوقت جانباً مهماً من الجوانب التراثية في البلاد. إضافة إلى الإسهام في إبراز القيمة الثقافية العريقة للألعاب الشعبية؛ من خلال استعراضها والتعريف بها بين مختلف شرائح المجتمع.

التجارب والتحديات والألعاب التراثية تملأ أيام المهرجان (هيئة التراث)

يذكر أن «هيئة التراث» تسعى عبر هذا المهرجان، الذي يمتد على مدار 7 أيام، إلى تسليط الضوء على الألعاب الشعبية بوصفها جزءاً من التراث غير المادي في السعودية، وتوثيقها بصرياً وذهنياً، إضافةً إلى دعم التراث الشعبي والحفاظ على استدامته.