«ملتقى الدرعية الدولي» يستكشف دور الدرعية الثقافي والاقتصادي عبر 600 عام

من قاعة الملتقى الذي يمتد ليومين (هيئة الدرعية)
من قاعة الملتقى الذي يمتد ليومين (هيئة الدرعية)
TT

«ملتقى الدرعية الدولي» يستكشف دور الدرعية الثقافي والاقتصادي عبر 600 عام

من قاعة الملتقى الذي يمتد ليومين (هيئة الدرعية)
من قاعة الملتقى الذي يمتد ليومين (هيئة الدرعية)

أطلق ملتقى الدرعية الدولي‬ نقاشات وحوارات علمية لباحثين ومشاركين من مختلف دول العالم، لتسليط الضوء على التاريخ والتراث الثقافي للدرعية والمنطقة الوسطى، وتأثيرها الذي امتدّ لأكثر من 600 عام.

الملتقى الذي يشارك فيه نحو 50 باحثاً من الأكاديميين السعوديين والدوليين، استعرض خلال جلسات اليوم الأول العديد من العناوين البحثية في التاريخ لتحفيز الحوار الأكاديمي والأطروحات البحثية حول عمق إرث اﻟﻤنطقة والأبعاد التاريخية والتجارب الاجتماعية والثقافية التي ساهمت في تشكيل هوية الدرعية.

وقال الأمير فيصل بن سلمان، رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز، إن الدرعية بما تحمله من رمزية ثقافية وتاريخية هي النواة الأولى للدولة السعودية الأولى وموطن الحلم الذي قاد إلى وحدة هذا الكيان الكبير. وأكد الأمير فيصل، خلال كلمته الافتتاحية لملتقى الدرعية الدولي‬، أنه من هذه المكانة التاريخية للدرعية تنبع أهمية الملتقى الذي لا يقتصر على توثيق الماضي، بل يسعى أيضاً إلى تسليط الضوء على دور الدرعية في رسم ملامح الحاضر واستشراف المستقبل.

الأمير فيصل بن سلمان يلقي كلمة الافتتاح (هيئة الدرعية)

من جهته، وجّه السيد جيري إنزيريلو، الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير بوابة الدرعية، شكره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، لدوره في حماية هذا الإرث الذي احتفظت به المنطقة التاريخية، وبناء تطلعات منطقة الدرعية، بما تملكه من تراث وتنوع، يعد مصدراً مهماً في اعتبارات الباحثين والمهتمين.

وقال إنزيريلو إن تاريخ الدرعية مستمر منذ سنوات، وإن هناك كثيراً من السائحين الذي يفِدون باستمرار إلى الدرعية لزيارة أحيائها التاريخية، والاطلاع على تفاصيل المكان والتراث والتجربة المختلفة التي تجمع بين تراثها الأصيل ورؤيتها للمستقبل.

نحو 50 مشاركاً في يومي «الملتقى العلمي» (مؤسسة التراث)

استمرارية الدولة السعودية منذ 1727

استعرض الملتقى الذي انطلق تحت شعار «علم يمتد»، العديد من المواضيع، تحت عنوانه الرئيسي «الدرعية عند ملتقى التاريخ والتجارة... دور الدرعية والمنطقة الوسطى في التبادل العالمي»، بمشاركة كوكبة من العلماء والمفكرين والباحثين المحليين والدوليين.

وناقش الملتقى 3 محاور رئيسة، تتناول التراث المادي للتجارة من خلال استكشاف الموروثات الأثرية والمعمارية والبيئية التي تبرز دور الدرعية والمنطقة الوسطى في الروابط التجارية التاريخية، فيما ركّز المحور الثاني على التراث غير المادي عبر تجارب تفاعلية. أما المحور الثالث فيغطي التراث النصي، عبر تحليل المخطوطات وروايات الأسفار والتحولات اللغوية التي توثق الروايات التاريخية والثقافية في الدرعية والمنطقة الوسطى.

وتحت عنوان «استمرارية الدولة السعودية منذ 1727»، تناول الباحث الدكتور طلال الطريفي نقداً للسرديات والتصورات النمطية لمؤرخين كثر من المتخصصين والمهتمين بالتاريخ السعودي، وتقسيمه إلى 3 مراحل، مبيناً أهمية المقارنة بأحداث تاريخيّة عالمية، بما ينفي بعض ما تكرّس عن التاريخ السعودي في السرديات التقليدية.

وقال الطريفي إن نقد وتمحيص السرديات التي تناولت فكرة سقوط الدولة السعودية مرتين عبر تاريخها، وأثر ذلك على تصورات المتخصصين من الأكاديميين والمهتمين، يساهم في إعادة صياغة الوعي، وفتح الباب على مصراعيه لصراع مفاهيمي مع المؤرخين المتمسكين بالسرديات الكلاسيكية، لأن نتائجها تعد نقضاً صريحاً لتصورات ومسلمات تاريخية قديمة.

وتتبّع الباحث في ورقته وقائع من التاريخ السعودي تثبت نظريته في ديمومة العهد السعودي، ونقد التصورات التقليدية التي تناولت سقوط الدول، لأنها غالباً ما تقود إلى قناعات مضللة ومشوهة للتاريخ، حسب أطروحته.

وأوصى الطريفي، في نهاية ورقته العلمية، إلى تحري الدقة والأخذ بالمناهج النقدية المختلفة، وإعادة تطبيقها على السرديات التاريخية للحصول على تفسيرات منطقية ومقنعة في تفاصيل الأحداث، وإعادة النظر في التقسيمات والتصنيفات التاريخية المتعارف عليها، لأنها في الغالب تحتاج نظرة أكثر ديناميكية للأحداث، خاصة ما يتعلق باستمرار الأنظمة السياسية والاجتماعية، حتى في أحلك الأوقات التاريخية.

جلسات علمية بمشاركة باحثين سعوديين ودوليين (مؤسسة التراث)

من جهته، تناول الدكتور عبد الله المطوع، أستاذ التاريخ المعاصر، البعد الحضاري في منطقة الدرعية خلال قيام الدولة السعودية الأولى، وذلك من خلال الأنشطة التجارية التي ازدهرت، وتوّجت بقيام سوق الموسم.

وقال الباحث المطوع إن سوق الموسم بالدرعية برز واشتهر من بين أسواق الجزيرة العربية بعد أن أصبحت الدرعية عاصمة لدولة مترامية الأطراف ومزدهرة اقتصادياً. وأضاف: «تميز سوق الدرعية عن غيره من أسواق الجزيرة العربية، وخاصة في عهد الإمام سعود بن عبد العزيز الذي اهتم بالسوق، وقد قيل إنه كان يجلس في حصن فيصل بن سعود، ليشرف من نافذته على حركة السوق والبيع والشراء أسفل منه في الوادي». واستكمل: «أعطى الإمام سعود لهذا السوق بعداً علمياً، إذ كان يخرج يومياً - كما يفهم من سياق كلام ابن بشر - إلى الموسم ليعقد درساً صباحياً يحضره أهل الدرعية ورواد السوق».

معرض «ذاكرة المطايا» المصاحب للملتقى (هيئة الدرعية)

يتضمّن المعرض مجموعةً من الصور الأرشيفية والخرائط الجغرافية والمقتنيات النادرة (هيئة الدرعية)

وعلى هامش الملتقى، افتتحت هيئة تطوير بوابة الدرعية المعرض المصاحب في مطل البجيري، الذي يحمل شعار «ذاكرة المطايا»، ويبرز دور الإبل في طرق التجارة والسفر، والتأثير العميق في تشكيل ملامح الدرعية كمركز عالمي للتجارة والضيافة.

ويتضمّن المعرض مجموعةً من الصور الأرشيفية والخرائط الجغرافية والمقتنيات النادرة، التي تستعرض الدور المحوري للدرعية والمنطقة الوسطى في التبادل الثقافي والاقتصادي العالمي، وتُبرز إرثها الثقافي الغني والضارب في جذور التاريخ. إضافةً إلى استعراض الدور البارز للإبل في طرق التجارة، ما يعكس أهمية الموروث الثقافي في تعزيز الهوية الوطنية وإبراز مكانة المنطقة عبر العصور.


مقالات ذات صلة

علي الطخيس شغف 5 عقود في نحت الأعمال الفنية

يوميات الشرق ملتقى طويق الدولي للنحت 2025 انطلق تحت شعار «من حينٍ لآخر... متعة الرحلة في صعابها» (الرياض آرت)

علي الطخيس شغف 5 عقود في نحت الأعمال الفنية

بتأنٍ وهدوء، يعكف النحات السعودي علي الطخيس على إنجاز عمله النحتي الجديد، وذلك خلال مشاركته في النسخة السادسة من «ملتقى طويق الدولي للنحت 2025»

عمر البدوي (الرياض)
الخليج وزير الخارجية السعودي خلال الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس (رويترز)

بن فرحان: هناك فرصة لنقل سوريا باتجاه إيجابي

قال الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، أمس (الثلاثاء)، إن لديه «تفاؤلاً حذراً» بشأن سوريا، ودعا إلى «إعادة بناء الدولة» في هذا البلد.

«الشرق الأوسط» (دافوس)
يوميات الشرق السعودية تؤكد التزامها بتعزيز الابتكار وحماية أعمال المبدعين (هيئة الملكية الفكرية)

السعودية تنضم لاتفاق لاهاي الدولي للتصاميم

انضمت السعودية لاتفاق لاهاي الدولي للتصاميم، الذي يهدف لمساعدة المصممين في ترويج وتسويق أعمالهم، وحمايتها إقليمياً ودولياً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمير محمد بن سلمان لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء الثلاثاء في العلا (واس)

سياسة سعودية للقضاء على العمل الجبري

أقر مجلس الوزراء السعودي سياسة وطنية للقضاء على العمل الجبري في البلاد؛ لتوفير بيئة آمنة لجميع العاملين، وتعزيز سوق عمل آمنة وجاذبة تحمي الحقوق كافة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد حسن الحويزي رئيس اتحاد الغرف السعودية يستقبل السفير الفلسطيني مازن غنيم في الرياض (واس)

تأسيس أول مجلس أعمال سعودي - فلسطيني

أعلن اتحاد الغرف السعودية الاتفاق على تأسيس أول مجلس أعمال سعودي - فلسطيني؛ في خطوة تهدف لرفع حجم التبادلات التجارية والاستثمارية بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مصر: «الإسماعيلية للأفلام التسجيلية» يسعى لدورة «مميزة» تتحدى ضعف الميزانية

المخرجة هالة جلال وفريق عمل المهرجان خلال المؤتمر الصحافي (إدارة المهرجان)
المخرجة هالة جلال وفريق عمل المهرجان خلال المؤتمر الصحافي (إدارة المهرجان)
TT

مصر: «الإسماعيلية للأفلام التسجيلية» يسعى لدورة «مميزة» تتحدى ضعف الميزانية

المخرجة هالة جلال وفريق عمل المهرجان خلال المؤتمر الصحافي (إدارة المهرجان)
المخرجة هالة جلال وفريق عمل المهرجان خلال المؤتمر الصحافي (إدارة المهرجان)

كشف مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة عن برنامج دورته الـ26، التي تقام خلال الفترة من 5 إلى 11 فبراير (شباط) المقبل، وتحمل اسم المخرج علي الغازولي، أحد رواد السينما التسجيلية في مصر، وتشهد تكريم نُخبة من أبرز رواد مخرجي الأفلام التسجيلية والقصيرة، من بينهم: نبيهة لطفي، وعطيات الأبنودي، وتهاني راشد، وماهر راضي، وسمير عوف، إضافة للمخرجين الكاميروني جان ماري تينو، والأميركي روس كفمان، اللذين يعقد معهما المهرجان لقاءات متخصصة حول مسيرتهما.

وأعربت المخرجة هالة جلال، رئيسة المهرجان، خلال المؤتمر الصحافي الذي عُقد بعد ظهر الأربعاء، عن تمنياتها بأن تكون هذه الدورة فرصة للقاء السينمائيين لعمل مشاريع مشتركة، مؤكدة دعوتها لسينمائيين من مختلف العالم «على قدر الإمكان»، وعَدّت المهرجان فرصة للأفلام الجيدة لكي تفوز بجوائز حتى لو كانت ضئيلة، مؤكدة أن التكريم لأي سينمائي يكمن في عرض فيلمه بالمهرجان، وأن ينال استحسان النقاد. وأشارت إلى الاهتمام بوجود تنوع كبير في جنسيات الأفلام بمشاركة أفلام من أفريقيا وأميركا اللاتينية والهند وأوروبا والمنطقة العربية ومصر.

ولفتت رئيسة المهرجان، التي تقوده للمرة الأولى، إلى أن فريق العمل بذل جهداً كبيراً لتحقيق برنامج متميز في ظل ميزانية ضئيلة جداً، وأكدت حرصها على اختيار أفلام جيدة، مؤكدة أن المهرجان لجأ إلى شراكات مع عدة جهات، من بينها: هيئة تنشيط السياحة، والهيئة العليا للإعلام، ومصر للطيران، التي قدمت دعماً عينياً للمهرجان، إضافة لدعم بعض السفارات وشركات إنتاج مصرية.

جانب من حضور المؤتمر الصحافي الخاص بالإعلان عن تفاصيل المهرجان (إدارة المهرجان)

واستحدث المهرجان هذه الدورة جائزة خاصة، من خلال ورشة يقيمها بعنوان «ذاكرة المكان»، حيث تقدم من خلالها مشاريع أفلام يجري تصوير جزء منها بالقاهرة وجزء آخر بالإسماعيلية ومدن القناة، وتقام بإشراف المخرجين تغريد العصفوري وشريف فتحي اللذين أكدا أن الهدف من الورشة هو الحفاظ على ذاكرتنا في الأحياء والمدن وعلاقة الإنسان بالمكان، ويشارك بها شباب من 6 جامعات مصرية، وتقام بالتعاون مع جهاز التنسيق الحضاري وشركة «الإسماعيلية».

ويقيم المهرجان ثلاث مسابقات للأفلام الطويلة والقصيرة وأفلام الطلبة التي تم تغيير اسمها إلى «أفلام النجوم الجديدة»، ويشارك بمسابقة الأفلام الطويلة 10 أفلام هي: «السهر ليلاً» من الكونغو، و«فدائي» من فلسطين، و«شهيد» من إيران وألمانيا، و«كان مساء وكان صباحاً يوماً واحداً» من مصر، و«خط التماس» من لبنان، و«يوميات العبث» من كوبا، و«الاتحاد» من أميركا، و«برناو بارك» من سويسرا، و«حين تمنح الأشجار الحياة» من الأرجنتين، و«الليل لا تزال تفوح منه رائحة البرود» من موزمبيق، ويرأس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة المخرج الكاميروني جان ماري تينو الذي يكرمه المهرجان.

فيما تضم لجنة تحكيم الأفلام القصيرة 24 فيلماً؛ وكشفت المخرجة ماجي مرجان، مديرة البرنامج، عن اختيار هذه الأفلام من بين 2300 فيلم تقدمت للمهرجان عبر مشاركة عدد كبير من المبرمجين، ويرأس لجنة تحكيم الأفلام القصيرة الفرنسية سولونج بوليه.

أما مسابقة «النجوم الجديدة» فتضم 17 فيلماً لمخرجين من القاهرة والإسكندرية وبورسعيد وأسوان، وتترأس التونسية إنصاف وهيبة لجنة تحكيمها.

ملصق الدورة الـ26 من المهرجان (إدارة المهرجان)

وخارج المسابقة تشهد هذه الدورة برنامج «سينما العالم»، ويضم 25 فيلماً، وذكرت المخرجة حنان راضي المشرفة على البرنامج أن غالبية الأفلام المشاركة حازت على جوائز من مهرجانات مرموقة.

وأشاد المخرج أشرف فايق بقدرة فريق عمل المهرجان برئاسة المخرجة هالة جلال، في أول دورة تترأسها، على تقديم برنامج متكامل للدورة 26 تميز باستحداث برامج جديدة واختيارات فيلمية جيدة، في ظل ميزانية ضئيلة لم تتجاوز الـ3 ملايين جنيه (الدولار يوازي 50.33 جنيه مصري) لمهرجان دولي يقام خارج القاهرة ويدعو صناع أفلام من كل أنحاء العالم، كما أن هالة جلال تغلبت على ذلك بالعمل وفريق عملها كمتطوعين.

وأشار المخرج المصري إلى أن هذه الدورة لم تكن لتقام في ظل عدم تعيين رئيس للمركز القومي للسينما المنوط بالإنفاق على المهرجان، وأيضاً في غياب تعيين رئيس للرقابة حتى الآن مما يعرقل عمل المهرجان.