من ليالي أم كلثوم إلى شموع فيروز... ذكريات مواسم المجد تضيء ظلمة بعلبك

نايلة دو فريج تسترجع السنوات الذهبية للمهرجانات الأقدم في العالم العربي

مهرجانات بعلبك حدثٌ فني عمرُه 7 عقود احترف النهوض بعد كل كبوة (صفحة المهرجانات على «إنستغرام»)
مهرجانات بعلبك حدثٌ فني عمرُه 7 عقود احترف النهوض بعد كل كبوة (صفحة المهرجانات على «إنستغرام»)
TT

من ليالي أم كلثوم إلى شموع فيروز... ذكريات مواسم المجد تضيء ظلمة بعلبك

مهرجانات بعلبك حدثٌ فني عمرُه 7 عقود احترف النهوض بعد كل كبوة (صفحة المهرجانات على «إنستغرام»)
مهرجانات بعلبك حدثٌ فني عمرُه 7 عقود احترف النهوض بعد كل كبوة (صفحة المهرجانات على «إنستغرام»)

يتّكئ التاريخ في بعلبك على أعمدةٍ اهتزّت ألف مرة وما وقعت. تلك القلعة الأثرية في البقاع اللبناني، التي عبرها الغزاة والطغاة والشعراء والمؤرّخون والفنانون، تقف اليوم عزلاء في وجه خطرٍ يتهدّد شموخها.

منذ بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان، أُحصي سقوط أكثر من 1100 غارة على بعلبك الملقّبة بـ«مدينة الشمس». من بين تلك الغارات ما استهدف محيط القلعة، مثل موقف السيارات الخاص بالموقع التاريخي، ومبنى «المنشيّة» الأثري العائد إلى الحقبة العثمانية. كما زعزع القصف فندق «بالميرا» الأسطوري المحاذي للقلعة، والذي نزل فيه كبار ضيوف «مهرجانات بعلبك الدولية» على رأسهم السيّدة فيروز.

الدمار الذي لحق بمبنى المنشيّة الأثري المحاذي لقلعة بعلبك (إ.ب.أ)

بعلبك... أقدَم مهرجان عربي

اليوم، وأكثر من أي وقت، يُخشى على مصير تلك القلعة التي باتت مسيّجة بزنّارٍ من النار، يُظلّلها الطيران الحربي، بعد أن كانت سماؤها ملعباً للنجوم. فبعلبك عرفت مواسمَ عزٍّ كثيرة كانت وليدةَ مهرجاناتها السنوية، الطليعيّة في العالم العربي.

عندما يُطلب من رئيسة لجنة مهرجانات بعلبك الدولية نايلة دو فريج، أن تحصي السنوات الذهبية في سجلّ هذا الحدث الثقافي العالمي، تكاد تتوه في التعداد لفرط ما مرّت ليالٍ مضيئة على المهرجانات. تتحدّث إلى «الشرق الأوسط» عشيّة اجتماع منظمة «الأونيسكو» المخصص لحماية المواقع الأثرية اللبنانية من القصف الإسرائيلي. يؤرقها خوفها على الحجر المعمِّر، وعلى البشر الذين كانوا يوماً جيران القلعة، وصاروا الآن نازحين.

قلعة بعلبك التي استضافت أهم الحفلات الفنية مسيّجة اليوم بالنيران الإسرائيلية (صفحة مهرجانات بعلبك الدولية على «إنستغرام»)

وحدَها ذكريات المجد الذي أضاء معبدَي باخوس وجوبيتر تشعل شمعةً في الظلام. فمهرجانات بعلبك هي الأقدم في منطقة الشرق الأوسط، مع تاريخٍ يمتدّ لستّة عقود. عام 1955 وفي عهد الرئيس اللبناني كميل شمعون وبمبادرةٍ منه، جرى انتقاء الموقع لاحتضان المهرجان، نظراً لعراقته التاريخية، وسحره الجماليّ، وجاذبيته السياحية. انطلقت المهرجانات رسمياً عام 1956، فاستضافت الأوركسترا السيمفونية لمدينة هامبورغ الألمانية. وفي السنة التالية، دخل الفلكلور اللبناني إلى قلعة بعلبك مع مسرحية «عرس الضيعة».

تلفت دو فريج إلى أنّ التركيز كان، خلال السنوات الأولى، على عروض الموسيقى الكلاسيكية والمسرح الفرنسي والباليه العالمي. وتضيف أن انطلاقة «الليالي اللبنانية» شكّلت محطة أساسية، كرّت بعدها سبحة العروض المحلّية لتُتوّج مع الأخوين رحباني عام 1960 ومسرحية «موسم العزّ» من بطولة صباح، ووديع الصافي، ونصري شمس الدين.

«موسم العز» والدخول الرحبانيّ الأول إلى مهرجانات بعلبك عام 1960

كوكب الشرق يضيء شمس بعلبك

منذ ذلك الحين، سكنَ الفنّ الرحبانيّ القلعة، فعاد الأخوان عاصي ومنصور عام 1965 مع مسرحيّة «دواليب الهوا». كما كان للفنان روميو لحّود وفرقته حضور أساسي في عروض «الليالي اللبنانية»، فهو قدّم 6 أعمال مسرحية غنائية في بعلبك ما بين 1964 و1970.

شكّل صيف 1966 محطة مفصليّة في تاريخ المهرجانات الدوليّة، إذ انضمّ كوكبٌ إلى شمسه. حملت أم كلثوم صوتها وطارت من القاهرة، لتسطع وسط هياكل بعلبك. تخبر دو فريج حكاية تلك الأمسية كما تناقلتها الأجيال: «شهدت ليالي أم كلثوم حضوراً جماهيرياً غير مسبوق. ففي محطاتها الثلاث في أعوام 1966 و1968 و1970، غصّت القلعة بالناس الآتين من كل أنحاء لبنان والعالم العربي. وقد وُضعت مكبّرات الصوت في كل أرجاء مدينة بعلبك كي يتمكّن الأهالي والزوّار من سماعها وهي تغنّي».

بدخول «كوكب الشرق» سجلَّ بعلبك الذهبي، صُنعت نقلة نوعيّة فتح من خلالها المهرجان ذراعَيه للفن العربي، بعد أن كانت برامجه السنوية تقتصر على العروض اللبنانية والأوروبية.

أم كلثوم في مهرجانات بعلبك عام 1970 (صفحة المهرجانات على «إنستغرام»)

شمعة القلعة

لعلّ سنة 1966 كانت من بين الأسطَع على الإطلاق، فهي شهدت على وقوف أسطورتَين فوق مسرح القلعة؛ الكوكب الآتي من خلف البحار، وشمعة البلاد التي اتّقدت على «أدراج بعلبك» واسمُها فيروز. في تلك السنة، ظهرت للمرة الأولى على جمهور المهرجانات بشخصية «عطر الليل» في مسرحية «أيام فخر الدين»، ثم عادت عام 1969 حاملةً اسم «غربة» في «جبال الصوّان».

كما استوطنت قلوب الناس، كذلك اخترقت فيروز الحصن البعلبكي فصارت ضيفته الدائمة. قدّمها الأخوان رحباني كـ«زاد الخير» في مسرحية «ناطورة المفاتيح» عام 1972، وفي السنة التالية حفرت صوتها إلى الأبد على الأعمدة صادحةً في مسرحية «قصيدة حب»: «يا قلبي لا تتعب قلبك وبحبك على طول بحبك... بتروح كتير وبتغيب كتير وبترجع ع أدراج بعلبك».

شهد عام 1966 الظهور الأول لفيروز ضمن مهرجانات بعلبك (فيسبوك)

تميّزت مهرجانات بعلبك بطابعها التجديديّ، وتخبر دو فريج في هذا الإطار كيف أنه وفي مطلع السبعينات، «وبعد سجالاتٍ اختلفت فيها الآراء داخل اللجنة المنظّمة آنذاك، تَقرّر إدخال موسيقى الجاز إلى العروض، فشكّل ذلك سابقة في العالم العربي». وقد استضاف المهرجان أسطورتَي «الجاز» إيلا فيتزجيرالد ومايلز ديفيس عامَي 1971 و1973.

أسطورة «الجاز» إيلا فيتزجيرالد في مهرجانات بعلبك عام 1971 (فيسبوك)

الولادة الثانية

ضرب صيف 1974 موعداً جديداً مع الفرح في قلعة بعلبك. قُدّمت في تلك السنة عروضٌ كثيرة من بينها مسرحية «وتضلّوا بخير» من بطولة صباح ووديع الصافي. لم يعرف مؤلّفها ريمون جبارة ومُخرجها صبري الشريف أنّ عنوانها ينبئ بالكثير، فهو كان بمثابة وداعٍ للمهرجانات وزوّارها.

على مدى عقدَين غاب الخير عن لبنان والمهرجاناتُ عن بعلبك. حلّت الحرب وانقطع الوصل عن قلعة الحب 22 عاماً.

لكن تماشياً مع قدَر اللبنانيين الناهضين بعد كل كبوة، خفقت الحياة مجدداً في قلعة بعلبك عام 1997، فكانت الولادة الثانية للمهرجانات الدولية. عن تلك العودة تقول دو فريج: «كل فترة ما قبل الحرب تُعدّ ذهبية، لكن هذا لا يعني أنّ المجد لم يُستأنف بعد الحرب مع أسماء لامعة استضافها المهرجان».

عادت الحياة إلى مهرجانات بعلبك عام 1998 بعد انقطاع 22 عاماً بسبب الحرب (صفحة المهرجانات على إنستغرام)

وكتأكيدٍ على سطوع الشمس من جديد فوق الهياكل، عادت فيروز إليها برفقة منصور الرحباني ومجموعة من كبار الممثلين عام 1998، ليقدّموا مقاطع من مسرحياتٍ كانت قد عُرضت قبل الحرب في بعلبك.

وقبل انقطاع الوصل مرة ثانية بسبب حرب يوليو (تموز) 2006، شرّعت القلعة أبوابها لنجوم العالم أمثال شارل أزنافور، وجوني هاليداي، وبلاسيدو دومينغو، ووردة الجزائرية، وفيل كولينز، وستينغ، وفرقة كركلّا وغيرهم. وقد «تكرّس الطابع الحداثي للمهرجانات في تلك الفترة»، وفق تعبير دو فريج، إذ استضافت فرقاً عالمية مثل «Lord of the Dance» و«Massive Attack».

كي لا تنطفئ الشمس

لم يكن الاستسلام يوماً قدرَ مهرجانات بعلبك، فهي انبعثت من جديد بعد كل هزّةٍ أصابتها؛ من الحرب الأهلية، إلى «حرب تموز»، وحرب الجرود. حتى جائحة كورونا لم تتمكّن من هزيمتها، فكانت «المحطة الذهبية صيف 2020 مع حفل الأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية الذي نُقل مباشرةً عبر القنوات التلفزيونية والإنترنت، بغياب الجمهور الذي بكى تأثُّراً من خلف الشاشات»، كما تخبر دو فريج. وفي العام التالي، استُعيض عن المهرجانات بعرضٍ شكّل تحيةً للفنانين اللبنانيين الشباب، في وجه الأزمة المالية التي دفعت الجيل الجديد إلى الهجرة.

تحتفل مهرجانات بعلبك الدولية العام المقبل بسبعينيّة تأسيسها. كل ما تأمله هو أن تضاء هياكلها من جديد في صيف 2025 وتدفأ حجارتها بلهفة الناس والفنانين العائدين إليها. وعلى هذا الأمل، وجّهت لجنة المهرجانات كتاباً مفتوحاً إلى الجهات الديبلوماسية والمنظّمات الدولية دعتهم فيه إلى "التحرّك السريع لوقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على بعلبك وموقعها الأثري، كي لا تغرق مدينة الشمس في الظلام".


مقالات ذات صلة

مخرج مصري يوثّق تداعيات اعتقال والده في الثمانينات

يوميات الشرق صناع الفيلم بعد العرض الأول في المهرجان (القاهرة السينمائي)

مخرج مصري يوثّق تداعيات اعتقال والده في الثمانينات

يوثق المخرج المصري بسام مرتضى في تجربته السينمائية الجديدة «أبو زعبل 89» مرحلة مهمة في حياة عائلته.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق لقطة من الفيلم اللبناني «أرزة» (إدارة مهرجان القاهرة السينمائي)

«أرزة»... فيلم لبناني عن نساء أرهقتها ضغوط الحياة

عن معاناة لسيدة لبنانية تتحمّل مسؤولية تأمين لقمة العيش لابنها وشقيقتها، تدور أحداث الفيلم اللبناني «أرزة» الذي عُرض ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية».

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق فيلم «ثقوب» يدور حول قضايا اجتماعية متنوعة (مهرجان القاهرة السينمائي)

الفيلم السعودي «ثقوب» يفتتح مسابقة آفاق عربية بـ«القاهرة السينمائي»

افتتح الفيلم السعودي «ثقوب» مسابقة «آفاق عربية» بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ45، بحضور صنّاع العمل.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق المخرج المصري خيري بشارة يتحدث عن مشواره الفني (إدارة مهرجان القاهرة السينمائي)

خيري بشارة: قسوت على أحمد زكي... و«كابوريا» نقطة تحول

أكد المخرج المصري خيري بشارة أنه يرفض تصنيف أفلامه لأن التصنيف يسجن أفكاره، خلال جلسة حوارية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ45.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق دار الأوبرا المصرية حيث تُقام الدورة 45 لمهرجان القاهرة السينمائي (أ.ب)

مهرجان القاهرة السينمائي انطلق بثبات وموقف

أن يحضر ممثلو شركات إنتاج عربية أو أجنبية ليس وضعاً خاصاً بالنسبة إلى مهرجان القاهرة، لكنه دلالة على اهتمام شركات عاملة في مجالي الإنتاج والتوزيع بهذا المهرجان.

محمد رُضا (القاهرة)

يسري نصر الله: أفلامي إنسانية وليست سياسية

كشف عن نقاط اتفاق وخلاف مع أستاذه المخرج يوسف شاهين
كشف عن نقاط اتفاق وخلاف مع أستاذه المخرج يوسف شاهين
TT

يسري نصر الله: أفلامي إنسانية وليست سياسية

كشف عن نقاط اتفاق وخلاف مع أستاذه المخرج يوسف شاهين
كشف عن نقاط اتفاق وخلاف مع أستاذه المخرج يوسف شاهين

قال المخرج المصري يسري نصر الله، إنه لم يقدم أفلاماً سياسية في مسيرته سوى فيلم «الماء والخضرة والوجه الحسن» الذي تحدث عن العيش والحرية والكرامة، لكن أفلامه الأخرى كانت إنسانية؛ عن الناس الذين يعيشون في ظل أحداث معينة، وكيف تأثروا بها.

وأكد خلال «ماستر كلاس» عُقد معه، مساء السبت، في إطار تكريمه خلال الدورة الـ45 بمهرجان القاهرة السينمائي، ومنحه جائزة «الهرم الذهبي» لإنجاز العمر، أنه تعلم من المخرج الراحل يوسف شاهين «الصنعة»، لكنه تأثر في الوقت نفسه بكل الأفلام التي شاهدها.

ووصف صناعة السينما في مصر حالياً بأنها «مريضة»، وأبدى تعجبه من منع عرض فيلم «الملحد» رغم حصوله على ترخيص رقابي.

وتحدث نصر الله عن شغفه بالإخراج منذ طفولته حين سأل والده: من يصنع الفيلم؟ فقال له المخرج، وأنه من وقتها أراد أن يكون مخرجاً، قائلاً إن طفولته كانت صعبة، وإن الوقت الوحيد الذي كان يشعر فيه بالأمان عندما كان يشاهد فيلماً.

وكشفت المحاضرة التي قدمها عن وجود نقاط اتفاق واختلاف بينه وبين المخرج الكبير يوسف شاهين الذي عَدَّه أستاذه، وروى نصر الله: «كنت قد جئت من بيروت حيث عملت ناقداً سينمائياً بصحيفة (السفير) اللبنانية، وكنت أقوم بتغطية تصوير الفيلم لصالحها، وأتدرب مساعداً رقم 15 مع شاهين، وذات يوم طلب المساعد الأساسي أن أتابع تصوير أحد المشاهد مع شاهين، وكان لممثلة شابة، وقد أعادت المشهد 11 مرة، فقال لي شاهين بانفعال كفى فكل ممثل له حدود».

وواصل موضحاً: «حينما قمت بصناعة أفلامي شغلني هذا الأمر كثيراً، لكن ما أعرفه أنني حين أختار ممثلاً أكون متيقناً من أنه يكون مناسباً له، وأتذكر مثلاً أن الفنان أحمد زكي وهو ممثل عظيم كان يرغب في العمل معي في فيلم (مرسيدس)، لكن لم يكن يصلح للدور لأن الشخصية لرجل أبيض البشرة، لذا أختار الممثل الملائم للدور، وأثق بأنه سيضيف له، وبالتالي كل الممثلين الذين عملت معهم لم أضع لهم حدوداً».

يسري نصر الله خلال محاضرته بمهرجان القاهرة مع المخرج تامر عشري

وأشار إلى أنه كان يحب مواقع التصوير في أفلام شاهين؛ لأنها كانت تتضمن بهجة غير عادية وإحساساً بأنك تصنع جمالاً، فإذا افتقدت هذا مخرجاً أو فناناً فلا تعمل، لافتاً إلى أنه «لم يتعاطف أبداً مع من يقولون لقد تعبنا جداً في هذا الفيلم، فمتعة العمل مهمة جداً».

وتطرق نصر الله إلى تجربته الأولى في فيلم «سرقات صيفية» التي استعان فيها بممثلين غير معروفين مؤكداً أنه كان مفتوناً بالتجارب السينمائية في أميركا اللاتينية وفرنسا التي تقدَّم بممثلين ليست لهم تجارب سابقة، وأنه حينما عرض أدواراً على بعض النجوم اعتذروا كونه يتحدث عن عائلة إقطاعية، وأن يوسف شاهين نصحه بأن يعمل الفيلم بنفسه، وتم ذلك بدعم من عائلته، فاستعان بأشخاص يمثلون لأول مرة بجانب الفنانة عبلة كامل التي كانت قد قدمت بعض أدوار مسرحية.

ويكشف نصر الله أن النجوم الذين رفضوا الفيلم اكتشفوا بعد ذلك أنه مخرج يحب الممثلين، وأنه يختارهم لأنهم الأنسب للدور، ما سهَّل علاقاته مع النجوم فيما بعد.

صناع أفلام شباب حرصوا على حضور لقاء يسري نصر الله

وقدم يسري نصر الله عبر بعض أفلامه أحداثاً سياسية تنطلق منها شخصياته كما في «سرقات صيفية» و«مرسيدس»، لكنه نفى أنه قدم أفلاماً سياسية، فيما عدا «الماء والخضرة والوجه الحسن» الذي كان يتناول العيش والكرامة، أما أفلامه الأخرى فقد انطلقت من أحداث سياسية، ففيلم «سرقات صيفية» لم يكن ضد جمال عبد الناصر ولا معه، بل كان عن عائلة مصرية تعيش لحظة معينة.

ونفى أن يكون فيلم «باب الشمس» عن القضية الفلسطينية، بل كان عن الناس الذين يعيشون في ظل ظروف معينة وما يفعلونه في هذا الوضع هو ما يكون شغوفاً به.

وخلال محاضرة نصر الله؛ تحدث الفنان باسم سمرة مؤكداً أنه «كان محظوظاً بالعمل مع المخرج الكبير في أكثر من عمل، وقد تعلم منه على المستويين الإنساني والفني»، ووجَّه سمرة كلمة للمسؤولين عن صناعة السينما قائلاً: «نحن نرجع للخلف على مستوى الاستوديوهات التي تحترق، والمنع الذي يسبب إحباطاً».

لكن يسري أبدى تفاؤله قائلاً: «هذا العام شهد عرض أكثر من فيلم رائع، وهناك فنانون قادرون على العمل رغم روتين المؤسسات الرقابية»، مضيفاً: «صناعة السينما المصرية مريضة اليوم، لكنني لا أخشى على السينمائي لأنه حتماً سيجد طريقة لعمل فيلمه».

وأشار إلى أنه «منذ الثمانينات ونحن نحذر من وجود كارثة في صناعة السينما، ومنذ 2011 ونحن نعقد اجتماعات، ونكتب تقارير لإصلاح الأحوال، ثم توضع في أدراج لجنة السينما... لا أطلب تمويل أفلام، لكن أعطونا فرصة لكي ننفذ أفلامنا».

وعن أحدث أعماله قال، لديَّ فيلم محتجَز في الرقابة، وآخر تَعَطَّلَ لأسباب إنتاجية، وسُحِبت إجازته، «وهذا من العبثيات»، وفق تعبيره.