معرض قاهري يستلهم جمال «حتحور»

يضم 100 لوحة للفنانة المصرية لينا أسامة

«حتحور» تحضر في لوحات فنية بوسط القاهرة (الشرق الأوسط)
«حتحور» تحضر في لوحات فنية بوسط القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

معرض قاهري يستلهم جمال «حتحور»

«حتحور» تحضر في لوحات فنية بوسط القاهرة (الشرق الأوسط)
«حتحور» تحضر في لوحات فنية بوسط القاهرة (الشرق الأوسط)

خَلّد المصريون القدماء اسم «حتحور» رمزاً للحب والجمال؛ وأعاد فنانون مصريون استلهام هذا الرمز بما يحمله من معانٍ ودلالات في فعاليات مختلفة، ضمن أسبوع ثقافي تشهده العاصمة المصرية القاهرة، من بينها معرض «حتحور وسط البلد»، الذي يستضيفه مركز «الفاكتوري» حتى 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

ويتزيّن بهو المكان بنحو مائة لوحة للفنانة المصرية لينا أسامة، تتراوح في أحجامها وكذلك في تنويعات استلهامها لـ«حتحور» التي تتسيّد بطولة اللوحات، وإلى جانب كونها رمزاً للحب والجمال في مصر القديمة، فهي أيضاً كانت «منبعاً للموسيقى والأمومة»، كما تشير لينا أسامة في حديثها مع «الشرق الأوسط».

وتضيف: «تلك الثيمات التي اجتمعت لدى (الإلهة حتحور)، كانت مُلهمة بشكل كبير لتنظيم تلك الفعالية، التي تحاول كسر الشكل التقليدي للمعرض الفني، بجعل المعرض نفسه مناسبة لاستضافة فعاليات فنية مختلفة تتناغم مع اللوحات وفلسفتها».

وخلال أسبوع «حتحور وسط البلد»، يجري تنظيم فعاليات تتحاور مع اللوحات، منها جلسات شِعر وموسيقى وغناء، وكذلك محاضرات حول أسطورة «حتحور»، وفلسفة الفنون البصرية في مصر القديمة، وكذلك نظرة حول الطعام في مصر القديمة، وعرض أزياء يستلهم التراث ويستفيد من ثيمات الموسيقى والأمومة التي تُعززها «حتحور» في الأسطورة المصرية القديمة، وكذلك عروض أفلام.

«كما ستكون هناك أيضاً ندوة للقائمين على مستشفى (بهية) خلال أسبوع الفعالية، المتخصصة في الكشف المُبكر وعلاج سرطان الثدي للسيدات، وهي محاولة لدمج الفن مع مُعطيات اجتماعية شديدة الحساسية والأهمية»، كما تقول صاحبة المعرض لينا أسامة.

أبعاد مختلفة لعرض اللوحات في معرض «حتحور وسط البلد» (الشرق الأوسط)

وتدعم المساحة المفتوحة التي يُقام بها معرض «حتحور وسط البلد»، المفهوم الفني للفعالية التي تستقبل على مدار أسبوع عدداً كبيراً من الفنانين والمتحدثين، الذين تجتمع أعمالهم حول مفردات «الجمال» و«الأمومة» و«الموسيقى» المُشتقة من عالم «حتحور»، كما تُعزز جدران المكان ذات الملمس الخشن والعفوي التجربة البصرية المُفعمة بالألوان المُشتقة من «البالتة» المصرية القديمة، لا سيما درجات الأزرق والأخضر والأصفر التي تستدعي إيقاعات قصة الحضارات القديمة على ضفاف النيل في قالب مُعاصر مفتوح على التجريب واللعب مع الخامات.

وخلال التجوّل بين لوحات المعرض، تقترب لينا من لوحة بعنوان: «مدينة مشتركة»، تُبرز فيها طبقات زمنية متراكمة ومتداخلة، وتقول: «تعلّمتُ مفهوم تكسير الزمن من دراستي لفن السينما، وتحديداً فن المونتاج، وصار التحدي الذي أمارسه هو توظيف تلك التقنية داخل اللوحة».

اللوحات تستلهم الأسطورة المصرية في قالب معاصر (الشرق الأوسط)

ويُمثل الزمن السيّال في اللوحات أحد أبرز عناصر تشكيلها، أما «حتحور» فهي إما حاضرة بهيئتها الأسطورية القديمة بصفتها امرأة بأذني «بقرة»، وإما بدلالتها المتخفية وراء أوجه النساء والفتيات التي لا تخلو منها أعمال المعرض، وربما تحضر بهيئتها القديمة في سياقات حديثة يتبادل بها عاشقان الحب في مدينة متخيّلة وزمن غير محدد، وتُضاعف الفنانة من سريالية المشهد بحضور ديناصورات من زمن الانقراض، لتُجاور فتيات في لقطة «سيلفي» عفوية.

لوحات المعرض شهدت تنويعات بين الأساطير والحياة اليومية (الشرق الأوسط)

أما الموسيقى التي تُنسب كذلك لـ«حتحور»، فقد وجدت سبيلها إلى المتن التشكيلي للأعمال، عبر تشكيلات الراقصات التي ظهرت في بعض اللوحات لتمنحها بُعداً سينوغرافياً، يستفيد من عناصر اللوحة، ويضيف إليها، في حين يظهر الرقص في سياقات معاصرة ترتبط بالأمومة بتنويعاتها وهوامشها المختلفة، كما في لوحة تُهدهد فيها أم طفلها، وأخرى تتفقد أم ابنتها راقصة الباليه، وكأنهما في وضع تحليق.

وتقول لينا: «تلك الحالة التي تستحضر الحركة والرقص والموسيقى كانت من أبرز الدوافع لجعل المعرض مناسبة للاستمتاع بفنون أخرى من عروض موسيقية وشعرية وسينمائية تحت مظلة فعالية (حتحور وسط البلد)».


مقالات ذات صلة

أعمال فنية تستلهم الحضارة الفرعونية بصعيد مصر

يوميات الشرق المواقع الأثرية الفرعونية ألهمت فناني مراسم بني حسن (قومسيير الملتقى)

أعمال فنية تستلهم الحضارة الفرعونية بصعيد مصر

من مقابر بني حسن إلى تل العمارنة ثم جبل الطير ومعبد حتشبسوت في إسطبل عنتر، بالإضافة إلى المشاهد الطبيعية في صعيد مصر التي ألهمت 15 فناناً.

محمد الكفراوي (القاهرة )
رياضة عالمية محمد صلاح سيكشف رحلته مع الكتاب في معرض الشارقة (الشرق الأوسط)

صلاح ضيفاً على معرض «الشارقة للكتاب»

أعلنت إدارة معرض الشارقة الدولي للكتاب بالإمارات أن لاعب كرة القدم المصري ونجم فريق ليفربول الإنجليزي محمد صلاح، سيحل ضيفا على المعرض في لقاء جماهيري.

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق تصميم الأطر تطلَّب عملاً مكثّفاً (أ.ف.ب)

أُطر اللوحات «بطلة» معرض ألماني نادر

يغوص معرض فريد بجنوب غربي ميونيخ في مسألة الأُطر الأصلية لعدد من لوحات كيرشنر. ويركز على الأنواع المختلفة للأُطر التي من المرجَّح أن يتجاهلها معظم زوار المتاحف.

«الشرق الأوسط» (بيرنريد (ألمانيا))
المشرق العربي أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)

فنانون لبنانيون يكافحون الحرب ويواصلون الإبداع

بينما تشنّ إسرائيل هجوماً عسكرياً على لبنان في حربها مع «حزب الله»، يواصل فنانون لبنانيون الإبداع مكافحين في مواجهة نكبة الحرب الدائرة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق يشارك في المعرض 17 فناناً سعودياً من أجيال مختلفة (هيئة المتاحف)

البرازيل تحتضن أوّل معرض متجوّل للفن السعودي المعاصر

معرض «فن المملكة» أوّل معرض متجوّل للفن السعودي المعاصر الذي أطلقته «هيئة المتاحف السعودية» في أروقة القصر الإمبراطوري في البرازيل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ياسمين مصر: عطر الأجيال وسر البقاء في دلتا النيل

ياسمين مصر: عطر الأجيال وسر البقاء في دلتا النيل
TT

ياسمين مصر: عطر الأجيال وسر البقاء في دلتا النيل

ياسمين مصر: عطر الأجيال وسر البقاء في دلتا النيل

في قلب دلتا النيل، تحتل زراعة الياسمين مكانة خاصة، حيث يُعد هذا النبات العطري جزءاً من تقاليد متوارثة وعصباً اقتصادياً للعديد من العائلات. وفقاً لتقرير لصحيفة «نيويورك تايمز».

بلدة شبرا بلولة، الواقعة على مسافة نحو 50 ميلاً (80 كيلومتراً) شمال القاهرة، تضم نحو 300 فداناً من مزارع الياسمين، الذي يُعرف علمياً بـ«Jasminum grandiflorum»، ويساهم بنسبة 90 في المائة من إنتاج مصر من هذا النبات، بنحو 2500 طن من الأزهار سنوياً.

وعملية قطف الياسمين تتطلب الدقة، حيث تُجمع الزهور في الفجر، وتُنقل إلى معامل خاصة لاستخراج عطرها بطريقة تقليدية؛ إذ تُمرر عبر خزانات مملوءة بالمذيبات، وتخضع للتقطير والتبخير قبل أن تتحول إلى معجون شمعي يُصدّر للعالم لاستخدامه في تصنيع العطور الفاخرة.

ورغم أن الياسمين ليس أصيلاً في مصر، فإن له تاريخاً عريقاً يضرب بجذوره منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام. ويُقال إن التجار جلبوه من بلاد ما بين النهرين، حيث وجدت هذه الزهور طريقها إلى الأدب والشعر العربيين، وأصبحت رمزاً للحب والجمال.

تعود جذور صناعة استخراج الياسمين إلى خمسينات القرن العشرين في مصر، ومع الزمن تحولت بلدة شبرا بلولة إلى مركز رئيسي لهذه الصناعة، معتمدة عليها أنها مصدر رزق رئيسي. ورغم التحديات الاقتصادية، خاصة في ظل ارتفاع معدلات التضخم، يواصل السكان، الذين يبلغ عددهم نحو 20 ألف نسمة، العمل في زراعة الياسمين كجزء من تراثهم الثقافي.

واليوم، يمثل ياسمين مصر نحو نصف مستخلصات العطور العالمية.

خارج مزارع شبرا بلولة، ينتشر «الياسمين العربي» أو «الفل» ذو العطر الزكي في شوارع مصر، حيث يُباع على نواصي الطرق، ويُقدم كهدايا ترمز للمحبة والنقاء، ليبقى الياسمين مكملاً للمشهد اليومي في حياة المصريين ورابطاً عاطفياً بين الأجيال.