في عصر التكنولوجيا الرقمية، يحذِّر خبراء النوم من أن الضوء المنبعث من الأجهزة الإلكترونية، مثل الجوال، قد يعطل أنماط نومنا، مما يؤثر على صحتنا ودورات النوم والاستيقاظ.
واكتشف باحثون من جامعة كاليفورنيا الأميركية، أن الأضواء الاصطناعية خلال الليل لا تؤثر على صحة البشر فقط، بل تؤثر أيضاً على النحل.
وتوصَّل الباحثون إلى أن الضوء الاصطناعي يمكن أن يعطل دورات النوم لدى نحل العسل، وهو ما يؤثر سلباً على دوره الحيوي بصفته مُلقحاً للنباتات والمحاصيل، ونُشرت النتائج، الثلاثاء، في دورية «Scientific Reports».
ويلعب النحل دوراً حيوياً في تلقيح النباتات البرية والمحاصيل الزراعية المهمة؛ ما يدعم استقرار النظام البيئي، والأمن الغذائي العالمي. ومن دون التلقيح، فإن المحاصيل التي تُقدَّر قيمتها بملايين الدولارات ستكون مهددة بالخطر. ويفضل النحل عادة بناء أعشاشه في بيئات مظلمة، رغم أنه قد ينام خارج الخلية في الليالي الحارة؛ نتيجة التغير المناخي.
وبينما يختلف تأثير الضوء الاصطناعي على نوم النحل من منطقة إلى أخرى، فإن البيئات الحضرية الحديثة أصبحت أكثر تعرضاً لهذا النوع من الضوء، خصوصاً مع ارتفاع درجات الحرارة.
وكما هي الحال مع البشر، يؤدي نقص النوم واختلال الإيقاع اليومي إلى مشكلات سلوكية ووظيفية لدى النحل.
وبعد إجراء سلسلة من التجارب التي امتدت لسنوات عدة، قارن الباحثون مجموعات من النحل التي حصلت على نوم طبيعي في الظلام مع أخرى تعرَّضت للضوء الاصطناعي المستمر.
وأظهرت النتائج أن التعرُّض المستمر للضوء الاصطناعي يعطل إيقاعات النحل الحيوية ويضعف سلوكياته. ومن خلال مراقبة النحل على مدار الساعة، تم توثيق تأثيرات النوم المضطرب بوضوح.
كما وجد الباحثون أن اضطراب النوم يؤثر سلباً في قدرة النحل على أداء «الرقصة الاهتزازية» التي يستخدمها للتواصل مع زملائه في العش، وإرشادهم إلى مصادر الغذاء. كما أظهر النحل في ظروف الإضاءة المستمرة ميلاً للبحث عن الأماكن المظلمة داخل عشه، ما يعكس حاجته إلى الظلام للنوم بشكل طبيعي.
وأشار الباحثون إلى أن التلوث الضوئي أصبح تحدياً متزايداً للنحل، خصوصاً في المدن التي تشهد ارتفاعاً في درجات الحرارة. ومع ازدياد تربية النحل في المناطق الحضرية لدعم خدمات التلقيح، يزيد التعرض المستمر للضوء الاصطناعي من تفاقم المشكلة.
وأكدوا ضرورة فهم العوامل المؤثرة في صحة النحل وتطوير استراتيجيات للحد من التلوث الضوئي، حيث يغطي الضوء الاصطناعي رُبع مساحة الأرض، مُهدِّداً صحة البيئة وأمن الغذاء.
ونبه الفريق إلى أنه إذا استمرت التأثيرات السلبية في سلوك النحل، فقد يتدهور تواصله مع زملائه في العش؛ ما يعرِّض صحة مستعمرات النحل واستدامة التلقيح للخطر.