ورش «النقد السينمائي» تجتذب الأطفال في الرياض

شهدت الورشة مشاركة أعمار مختلفة من الأطفال (الشرق الأوسط)
شهدت الورشة مشاركة أعمار مختلفة من الأطفال (الشرق الأوسط)
TT

ورش «النقد السينمائي» تجتذب الأطفال في الرياض

شهدت الورشة مشاركة أعمار مختلفة من الأطفال (الشرق الأوسط)
شهدت الورشة مشاركة أعمار مختلفة من الأطفال (الشرق الأوسط)

رغبة الطفل السعودي فيصل العتيبي في العمل بمجال التمثيل دفعته للمشاركة في النسخة الثانية من مؤتمر «النقد السينمائي» في الرياض، مشاركاً مجموعة من زملائه في المرحلة العمرية نفسها تقريباً بالورشة التي نُظمت ضمن فعاليات المؤتمر بعنوان «كيف نشاهد الأفلام؟» والتي أقيمت بركن الأطفال في المؤتمر الذي يناقش قضايا سينمائية عدة.

على مدار أكثر من ساعتين واصلت المبرمجة التونسية نورس الرويسي الورشة مع الأطفال من الفتيان والفتيات مع رسومات ومناقشات وعرض لفيلم تحريك، بالإضافة إلى أحاديث ورسومات قام بها الأطفال قبل اختتام الورشة التي شهدت مشاركة أكثر من 15 طفلاً.

وحرص مسؤولو «هيئة الأفلام»، الجهة المنظمة للمؤتمر، على تسجيل بيانات الطلاب وذويهم ومعرفة انطباعاتهم بعد الانتهاء من الورش.

الطفل فيصل العتيبي مع المبرمجة التونسية بعد الرسم في الورشة (الشرق الأوسط)

ويقول الطفل فيصل ابن الـ12 عاماً، لـ«الشرق الأوسط»، إنه يحب مشاهدة الأفلام مع عائلته ويرغب في أن يكون ممثلاً عندما يكبر، مشيراً إلى رغبته في دراسة السينما التي دفعته للحضور ليعلم عن التمثيل، فيما تحدثت الطالبة الزهراء التي تدرس بالصف السادس الابتدائي عن إعجابها بالورشة ورسمها مشهداً اختارته من أحداث الفيلم.

وتبدي المبرمجة التونسية نورس الرويسي لـ«الشرق الأوسط» سعادتها بالتجربة التي تهدف لتثقيف الأطفال سينمائياً بتعليمهم كيف يشاهدون الفيلم ويفكرون فيما يقدمه الشريط السينمائي، مشيرةً إلى أنها حرصت على سؤالهم عن آخر الأفلام التي شاهدوها وما أعجبهم بها قبل أن تبدأ في عرض فيلم التحريك اللبناني القصير «كيف تحولت جدتي إلى كرسي؟»، والذي لا يتضمن سوى كلمة واحدة فقط.

أب سعودي يصطحب أبناءه لحضور الورشة (الشرق الأوسط)

وأضافت أنها ناقشت مع الأطفال الفيلم وما فهموه من أحداثه، بالإضافة إلى مناقشة نهاية الفيلم والتفكير في نهايات مختلفة من وجهة نظرهم بالإضافة إلى رسم مشهد من الفيلم يقومون باختياره، وهو ما لاقى تفاعلاً من الأطفال بشكل كبير.

وعدّت المخرجة السعودية، هناء العمير، وجود أنشطة للأطفال ضمن فعاليات المؤتمر «تطوراً مهماً في نسخته الثانية التي يناقش خلالها عادة قضايا يمكن وصفها بـ(النخبوية)»، مشيرةً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «إشراك الأطفال في مثل هذا المؤتمر يعكس الاهتمام بالأجيال القادمة وتنشئتهم على النقد السينمائي من مراحل عمرية مبكرة».

رأي دعمه الناقد السينمائي السعودي أحمد العياد الذي يقول، لـ«الشرق الأوسط»، إن النسخة الثانية من المنتدى تضمنت أكثر من فعالية للأطفال بحضور عدد كبير من الأطفال الذين برز اهتمامهم بالسينما من خلال الورش التي تضمنت عرض أكثر من فيلم بما يتناسب مع المراحل العمرية المختلفة المشاركة.

جانب من مشاركات الأطفال في الورشة (الشرق الأوسط)

وأوضح أن جزءاً من أهداف المؤتمر مرتبط بنشر الثقافة السينمائية، الأمر الذي يستهدف مختلف الأجيال وليس فئة محددة فحسب، مشيراً إلى أن برنامج «ركن الأطفال» من ضمن البرامج التي حظيت بإقبال على مدار أيام المؤتمر بزيادة عدد الأطفال يومياً الذين يحضرون الورش.

وعودة إلى المبرمجة التونسية التي تتحدث عن المناقشات الثرية التي أجرتها مع الأطفال الذين تحدثوا عن حرص بعضهم على مشاهدة الأفلام السعودية والأميركية في الصالات السينمائية، بالإضافة إلى متابعتهم أحدث الأفلام، بما فيها الأفلام المتوقع طرحها قريباً.

وأضافت نورس الرويسي أن اهتمام الأطفال بالسينما والحديث عن الأفلام عكس بذرة ثقافية يمكن البناء عليها مستقبلاً من خلال مزيد من الفعاليات المشابهة التي ستساعد على تقديم جيل جديد من السينمائيين السعوديين.


مقالات ذات صلة

مصر: إلغاء ترخيص فيلم «المُلحد» ومنع عرضه في دور السينما

يوميات الشرق فيلم «الملحد» واجه أزمات متعددة (الشركة المنتجة)

مصر: إلغاء ترخيص فيلم «المُلحد» ومنع عرضه في دور السينما

قال المحامي مرتضى منصور إن القضاء الإداري في مصر أصدر قراراً بإلغاء ترخيص فيلم «الملحد» ومنع عرضه في جميع السينمات.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من المؤتمر الصحافي لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي (الشرق الأوسط)

«البحر الأحمر» يستقبل 2000 فيلم وتكريم خاص لمنى زكي وفيولا ديفيس

أطلق مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي نسخته الرابعة بحلة جديدة تحت شعار «للسينما بيت جديد» من قلب مقره الجديد في المنطقة التاريخية بمدينة جدة.

سعيد الأبيض (جدة)
يوميات الشرق الفنان المصري محمود عبد العزيز (فيسبوك)

مصريون يتذكرون أعمال «الساحر» محمود عبد العزيز في ذكرى رحيله الثامنة

مع حلول الذكرى الثامنة لرحيل الفنان المصري محمود عبد العزيز الشهير بـ«الساحر»، احتفل محبوه على «السوشيال ميديا»، الثلاثاء، بتداول مشاهد من أعماله الفنية.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق الملصق الدعائي لفيلم «الهوى سلطان» (الشركة المنتجة)

البطولات النسائية تستحوذ على صدارة إيرادات السينما المصرية في الخريف

استحوذت «البطولات النسائية» التي تنوعت موضوعاتها ما بين الرومانسي والكوميدي والاجتماعي على صدارة إيرادات دور العرض السينمائي بـ«موسم الخريف» في مصر.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق الفيلم السعودي القصير «ملكة» (البحر الأحمر)

«مهرجان البحر الأحمر» بانوراما للسينما العربية والعالمية

تشهد الدورة المقبلة لـ«مهرجان البحر الأحمر» في جدة، بالمملكة العربية السعودية، تطوّراً إيجابياً مهمّاً في عداد تحويل المهرجان إلى بيت للسينما العربية.

محمد رُضا (لندن)

طرابلس توحَّدت ببيروت... وتحيّة جنوبية في «ماراثون السلام» اللبناني

شكل آخر للحدث الكبير بحجم النُبل نفسه وجمال المسؤولية (بيروت ماراثون)
شكل آخر للحدث الكبير بحجم النُبل نفسه وجمال المسؤولية (بيروت ماراثون)
TT

طرابلس توحَّدت ببيروت... وتحيّة جنوبية في «ماراثون السلام» اللبناني

شكل آخر للحدث الكبير بحجم النُبل نفسه وجمال المسؤولية (بيروت ماراثون)
شكل آخر للحدث الكبير بحجم النُبل نفسه وجمال المسؤولية (بيروت ماراثون)

المنطلقون عند السادسة صباح الأحد من خطّ بداية السباق في مدينة طرابلس الشمالية، ارتدوا الأبيض ورفعوا العلم اللبناني. تقرَّر ليوم 10 نوفمبر (تشرين الثاني) أن يستضيف الحدث السنوي المُنتظر، وخرَّبت الحرب الخطط. لم تعبُر شوارعَ بيروت أقدام العدّائين أو تتطلّع عيون الأطفال مذهولةً بألوان البالونات والشابات الراقصات والموسيقى الحماسية طوال «سباق المرح». كرنفال «ماراثون بيروت الدولي» أُلغي. الأحد الماضي، وفي يومه المُقرَّر، اتّخذ شكلاً آخر بحجم النُبل نفسه وجمال المسؤولية. سباق من أجل السلام انطلق من طرابلس نحو العاصمة النازفة.

ترى مي الخليل أنّ التكاتف يُجمِّل الإنجاز ويدفع نحو الأفضل (بيروت ماراثون)

9 فرق هتفت: «كلنا للوطن». فريقٌ سلّم الآخر الأعلام اللبنانية بعد الركض لمسافة 10 كيلومترات، فتكتمل خطّة وَصْل طرابلس ببيروت بركض ما يزيد على 90 كيلومتراً للفرق الـ9 مجتمعةً. وإن حضر العداؤون بعدد أقل مقارنةً بجَرْف الأعداد في يوم الماراثون الكبير، فقد سجَّلوا فارقاً، وأحدث الأفراد وَقْع الجماعة. خَبْطُ الأقدام دوَّى، والرمزية بلغت أشدَّها. رسالة من أجل السلام، والحرب تتمادى... من أجل لبنان، ويتراءى مقبرة.

مَن ركضوا يتشاركون المعاناة والشغف والإنجاز، ويلتقون على الالتزام والوحدة وعظمة روح الرياضة. تفتتح مؤسِّسة جمعية «بيروت ماراثون» ورئيستها، مي الخليل، حديثها مع «الشرق الأوسط» بإعلاء أهمية التكاتُف. تقول إنه «يُجمِّل الإنجاز ويدفع نحو الأفضل».

وإن حضر العداؤون بعدد أقل فقد سجَّلوا فارقاً وأحدث الأفراد وَقْع الجماعة (بيروت ماراثون)

لـ20 عاماً، التزمت «بيروت ماراثون» بتنظيم النشاط الرياضي في بلد يطفح بالتناقض. تتابع: «ماراثونات عدّة نظّمناها على وَقْع التفجيرات والاغتيالات والاشتعال الأمني. مع ذلك، تجمَّع المشاركون وأعلنوا الوحدة. منذ العام الأول، أردنا نشاطاً رياضياً يجمع. بشر تتعدَّد أديانهم وجنسياتهم التقوا في سباق وُلد عام 2003 ويستمرّ على ثبات المبدأ. اليوم، نركض للسلام على امتداد الوطن».

وُلدت النسخة الأولى من «بيروت ماراثون» بعد حادث مأساوي أصاب مي الخليل. كانت تركض، فصدمتها شاحنة. دخلت في غيبوبة ومكثت عامين في المستشفى... «أنا العدّاءة التي ركضت من أجل لبنان، فحلَّ الأسوأ، لتوظّف شغفها وإرادتها بإقامة نشاط ماراثوني يُقرّبه من العالم ويُوحّد أبناءه من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، تحت شعار (الرياضة للجميع). هنا تُمحى الفروق وتعلو الإنسانية».

9 فرق هتفت: «كلنا للوطن..» وفريقٌ سلّم الآخر الأعلام اللبنانية (بيروت ماراثون)

حينها، ندرت ثقافة الركض لمسافات طويلة، فدُعي عدّاؤون أجانب محترفون إلى أرض الأرز للمشاركة في الحدث. كبُرت الحشود عبر السنوات، فاقتطعت الجمعية رسوم التسجيل لمصلحة جمعيات خيرية. راحت الأقدام تركض للخير، وتكثَّف الخفقان، وسُمَع لهاث الأنفاس كأنه أوركسترا.

ثقافة العطاء عمَّمها «ماراثون بيروت» وكرَّسها. ومن عظمة العمل التطوّعي، تمضي هذه الأيام. منذ الاشتعال الكبير والنزوح المُربِك، تحوَّلت الجهود إلى لملمة الوجع. تُكمل مي الخليل حديثها برَفْع العطاء إلى أعلى المراتب: «أمام الإنسان، لبّى الفريق والمتطوّعون الشباب، النداء. أراهم نبض المستقبل. ننطلق من ثقافة أن نُعطي المجتمع ما نأخذه. فَهْم هذه المعادلة مهم جداً».

اليوم، تتقدَّم ثقافة السلام وتستدعي نشرها في المدى الأوسع. ذلك شعورٌ يملأ العدّاء وهو يُراكم المسافة وصولاً إلى خطّ النهاية. يبلغه ليحيل الداخل على الصفاء. فالسلام الفردي بإمكانه أن يُعمَّم ليصبح العدّاء اختزالاً للبنان. كلاهما يتحمَّل ويُعاند. داخلهما ندوب وصمود. مي الخليل تدرك ذلك. فداخلها أيضاً تألَّم. تقول: «سلام النفس يرتقي بطبيعتنا الإنسانية، فكيف إن اجتمع بـ40 أو 50 ألف عدّاء وعدّاءة؟ هنا يُترجَم سلام الأوطان. يسألونني دائماً: من أجل أي سلام تركضون؟ السلام ليس خطّ النهاية فقط. إنه امتداد سلامنا الداخلي نحو سلام أشمل».

سباق من أجل السلام انطلق من طرابلس نحو العاصمة النازفة (بيروت ماراثون)

لسنوات، كبُرت تحدّيات «بيروت ماراثون» باشتداد العصف. فتك الوباء، فأُلغي السباق لاقتضاء السلامة العالمية التباعُد بين البشر. وبعد انفجار المرفأ شعرت مي الخليل بأهمية الاضطلاع بدور. «وَجَبت علينا العودة. حجم المسؤولية استدعى توظيف علاقاتنا بالخارج لتجاوُز المرحلة الصعبة. حينها، غادر بعض الفريق بين الغربة والبحث عن فرص تُعوّض إغلاق أبواب |(الجمعية). تعلّمنا مرّة أخرى كيف ننظّم سباقات افتراضية بالتواصل مع ماراثونات دولية. جمعنا مبالغ لجمعيات تنتشل المتضرّرين من كابوسية المرفأ ومقتلة ذلك العصر».

مشهد رَفْع العلم اللبناني رغم اتّساع الجراح أثَّر عميقاً (بيروت ماراثون)

تستدعي الحرب اليوم وَقْفة مُشابهة. بالنسبة إلى مي الخليل، لا شيء يُضاهي مرارة أن تشاهد بلدك يُدمَّر والناس في نزوحهم المريع. كان لا بدّ من إلغاء السباق المُنتَظر يوم 10 نوفمبر وتحوُّل كل الأيام سباقاً للتكاتف والوحدة: «نظّمنا سباق السلام بديلاً للحدث الكبير. أردناه سباقاً مستوحى من مساحة لبنان البالغة 10 آلاف و452 كيلومتراً مربعاً. مشهد رَفْع العلم اللبناني رغم اتّساع الجراح أثَّر عميقاً. على مجموعة نقاط، توزّع العدّاؤون، فانطلقوا من (معرض رشيد كرامي الدولي) في طرابلس إلى واجهة بيروت البحرية. 10 ساعات من الركض للسلام والأمل».

ومن مدينتَي النبطية وصور النازفتَيْن، عَبَر عدّاؤون فوق الأنقاض رافعين الأعلام... زرعوها فوق الخراب لعلَّ زهر الربيع يشقّ الجدران المُهدَّمة وينمو معانداً «اليباس». «الوطن لا يموت. يعيش على المحبة»، تؤكد مي الخليل التي تغرّبت 23 عاماً في نيجيريا بعد زواجها، لكنّ داخلها ظلَّ متعلّقاً بأرض تتشظّى ولا تُقتَل.