«أرزة» ينافس على جائزة «الأوسكار» لعام 2025

مخرجة الفيلم لـ«الشرق الأوسط»: ترشيحه بصيص أمل يخترق عتمة نعيشها

المخرجة ميرا شعيب أثناء تصوير الفيلم (ميرا شعيب)
المخرجة ميرا شعيب أثناء تصوير الفيلم (ميرا شعيب)
TT

«أرزة» ينافس على جائزة «الأوسكار» لعام 2025

المخرجة ميرا شعيب أثناء تصوير الفيلم (ميرا شعيب)
المخرجة ميرا شعيب أثناء تصوير الفيلم (ميرا شعيب)

بارقة أمل أحدثها اختيار فيلم «أرزة» ليمثّل لبنان في القائمة الأولية للمنافسة على جائزة «الأوسكار» لعام 2025. وبذلك ينضمّ إلى لائحة طويلة من الأعمال السينمائية اللبنانية التي سبق أن رُشّحت في هذا الحدث العالمي عن فئة «أفضل فيلم أجنبي».

مخرجته والمشاركة في كتابته وإنتاجه، ميرا شعيب، لم تتوقّع هذا الخبر كما تقول لـ«الشرق الأوسط». وتعلّق: «فوجئت بخطوة وزارة الثقافة هذه، رغم الحرب الدائرة في لبنان. فبذلك تكون قد عبّرت عن الإرادة الصلبة التي يتمتع بها لبنان، ليبقي صورته الفنية المتوهجة».

بيتي توتل وديامان بو عبود في مشهد من الفيلم (ميرا شعيب)

وتعلّق شعيب لـ«الشرق الأوسط»: «فخورة بترشيحه، خصوصاً لكونه رَسَم ابتسامة أمل على وجوه اللبنانيين؛ فهذا الخبر الجميل اخترق عتمة حرب يعيشونها ليزوِّدهم بنفحة رجاء. وفرحة أبناء بلدي بمثابة مكافأة لي».

يُقام حفل توزيع جوائز «الأوسكار»، في 5 مارس (آذار) من العام المقبل، على مسرح «دولبي» في لوس أنجليس. وقد باشر أعضاء اللجنة المسؤولة عن اختيار الأسماء المُرَشَّحة لنيل الجوائز عن فئات مختلفة، من بينها فئة «أفضل فيلم أجنبي». وتتنافس أفلام سينمائيّة طويلة (أكثر من 40 دقيقة)، أُنتجت خارج الولايات المتّحدة. وترتكز على لُغة حواريّة لا تكون الإنجليزيّة فيها أساسيّة. ويمكن أن تكون أعمالاً وثائقيّة أو رسوماً متحرّكة. ومن البلدان العربية المتنافسة على هذه الجائزة، الجزائر والمغرب وفلسطين ومصر والعراق.

وفي هذه الأثناء يُنظّم فريق فيلم «أرزة» حملات مكثفة لعرضه في مهرجانات سينمائية تسبق الحدث، للترويج له؛ إن في ولاياتٍ أميركية أو في كندا، وبلدان أوروبية وعربية.

وتشرح ميرا شعيب: «جولات عدّة نُنفّذها في هذا الصدد. وبينها في ولاية كاليفورنيا وضمن مهرجانات لوس أنجليس ومونتريال. واللافت أن الجاليات اللبنانية تقطع مسافات طويلة تفصل بين ولاية وأخرى لحضور العروض، وقد نفُذت معظم بطاقاتها وعروضها صارت كاملة العدد».

وتحكي شعيب عن ردود فعل اللبنانيين الذين التقتهم في عروض الفيلم. «أنا حالياً موجودة في مهرجان (نيوبورت بيتش) بكاليفورنيا. ولا أستطيع وصف فرحة اللبنانيين الذين شاهدوا عرض (أرزة). فهناك من قال لي إنه أخذهم برحلة إلى بيروت التي يفتقدونها، فيما رأى آخرون أنه يمثّل طائفة لبنان الواحد. بعضهم بكى تأثراً وغيرهم خرجوا مبتسمين. إنها مشهديات مختلفة تركت أثرها الكبير داخلي».

لقطة من فيلم «أرزة» (ميرا شعيب)

يحكي «أرزة» عن أم عزباء (ديامان بو عبود) تعيش مع ابنها المراهق الوحيد في بيروت. وتكسب رزقها من توصيل الطعام على دراجة نارية. وفي أحد الأيام، سُرقت دراجتها النارية. وبينما نصحها الجميع بتجاوز الأمر وشراء واحدة جديدة، رفضت أرزة وأصرّت على تطبيق خطتها الرئيسية للعثور على الدراجة واسترجاعها.

صُوّر الفيلم في مناطق عدّة من العاصمة بيروت وضواحيها، من بينها الأوزاعي والطريق الجديدة وبدارو والمنارة. وهو ما ولّد لدى مشاهده هذه العلاقة الدافئة بينه وبين الفيلم. فقصته تنبع من واقع حياة يعيشها اللبنانيون على اختلاف مشاربهم. وهنا تعلّق شعيب: «صحيح أن تنوّعنا يولّد اختلافاً في الآراء والتوجهات السياسية وغيرها، بيد أنه في الوقت نفسه ينمو في ظلّ حبّ نكنّه لبعضنا. هذه الرسالة تلقّفها مُشاهد الفيلم وأفرحته، وولدّت داخله شعور الافتخار ببلده وأهله».

شعيب ابنة إحدى بلدات الجنوب التي دمّرها القصف مؤخراً تقول: «يُحزنني مشهد هذه الحرب كثيراً. عائلتي أيضاً خسرت بيوتها وأرزاقها. ولكن يكفيني أن أستيقظ كل صباحٍ وأسمع أصواتهم؛ بأنهم بخير في بيروت. ولو كنت حالياً في لبنان لحملت كاميرتي لأوثّق ما يحدث بالصوت والصورة».

صُوّر «أرزة» في مناطق بيروتية عدّة (ميرا شعيب)

وعمّا إذا كانت تُعدّ نصّ فيلم يحكي عن لبنان في هذه المرحلة تردّ: «لا مزاج عندي اليوم للكتابة أو لتنفيذ فيلم عن لبنان. علينا الانتظار لبعض الوقت لنصنع أفلاماً عن حقبة الحرب هذه. ولكن في الوقت نفسه نحضّر لأفلام تحكي عن واقعنا وعن دور المرأة اللبنانية في مجتمعاتنا».

فريق الممثلين في فيلم «أرزة» يغيب بعضهم عن عروضه الأجنبية. وعما إذا سيحضرون وقائع حفل «الأوسكار» توضح شعيب: «لا نعرف حتى الآن مَن ستتسّنى له المشاركة في ظل حرب تمنع بعضهم من مغادرة لبنان. فالممثلة بيتي توتل رفضت أن تترك عائلتها في لبنان للمشاركة في العروض السابقة لعرض الفيلم. أما ديامان بوعبود فحضرت في عروض باريس والسويد. ونأمل أن نحضر جميعنا في (مهرجان القاهرة السينمائي). وكذلك في (مهرجان قرطاج السينمائي) الذي دُعينا إليه. ونتوجه (ديامان وأنا) إلى تونس في 14 ديسمبر (كانون الأول) المقبل للمشاركة في عرضه هناك». وتبحث شعيب عن سُبل عرض الفيلم أثناء «مهرجان القاهرة السينمائي»، في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) بدار الأوبرا المصرية.


مقالات ذات صلة

رحلة بحث عن «الفستان الأبيض» تكشف خبايا «المهمشين»

يوميات الشرق أفيش الفيلم (الشركة المنتجة)

رحلة بحث عن «الفستان الأبيض» تكشف خبايا «المهمشين»

أكدت المخرجة جيلان عوف وهي أيضاً مؤلفة الفيلم أن التحضير للعمل استغرق 4 سنوات.

انتصار دردير (الجونة (مصر))
يوميات الشرق سمر ششة تتحدث ووالدتها تسمع باهتمام (إدارة مهرجان الجونة)

أماني جميل وسمر ششة: نتطلع لإتاحة فرص متكافئة للمرأة كمخرجة

مثلما جمع المسلسل الكوميدي «جايبة العيد» الذي عرضته منصة «نتفليكس» بين الفنانتين السعوديتين أماني جميل وابنتها سمر ششة، جمعهما مهرجان «الجونة السينمائي».

انتصار دردير (الجونة (مصر))
يوميات الشرق منال عيسى في دور الفتاة المراهقة في «دفاتر مايا»

الثنائي اللبناني جوانا حاجي توما وخليل جريج: لا بد من المقاومة بالفن

احتفت النسخة السابعة من مهرجان «الجونة السينمائي» بالثنائي اللبناني جوانا حاجي توما وخليل جريج عبر منحهما جائزة «الإنجاز الإبداعي» تقديراً لمسيرتهما الفنية.

أحمد عدلي (الجونة (مصر))
يوميات الشرق نزيه ينوي تقديم حفلات جديدة (حسابه على «فيسبوك»)

الموسيقار هشام نزيه: وقوفي على المسرح جاء في الوقت المناسب

قدم الموسيقار المصري هشام نزيه «ليلة مع سحر الألحان»، مساء الأحد، ضمن فعاليات الدورة السابعة من مهرجان الجونة، لتكون المرة الأولى التي يصعد فيها نزيه المسرح.

انتصار دردير (الجونة (مصر))
يوميات الشرق لقطة من فيلم «المومياء» (أرشيفية)

معرض يحتفي بأماكن تصوير أفلام مصرية

ضمن دورته السابعة، يحتفي مهرجان «الجونة السينمائي»، بأماكن تصوير أفلام مصرية عبر معرض «مدن مصرية احتضنت السينما» للباحث السينمائي إبراهيم مسيحة.

انتصار دردير (الجونة (مصر))

«الدشاش» يُعيد محمد سعد للسينما بعد غياب 5 سنوات

الفنان محمد سعد يعاود الحضور سينمائياً (حسابه على «فيسبوك»)
الفنان محمد سعد يعاود الحضور سينمائياً (حسابه على «فيسبوك»)
TT

«الدشاش» يُعيد محمد سعد للسينما بعد غياب 5 سنوات

الفنان محمد سعد يعاود الحضور سينمائياً (حسابه على «فيسبوك»)
الفنان محمد سعد يعاود الحضور سينمائياً (حسابه على «فيسبوك»)

يعاود الفنان المصري محمد سعد الحضور سينمائياً، من خلال فيلم «الدشاش» الذي أعلن المخرج سامح عبد العزيز عن البدء في تصويره، بعد غياب 5 سنوات، منذ تقديم سعد بطولة فيلم «محمد حسين»، ومشاركته في بطولة فيلم «الكنز 2» عام 2019.

ويجسد الفنان المصري، الذي اشتهر بشخصية «اللمبي» في فيلم «الناظر» عام 2000، شخصية طبيب خلال أحداث فيلمه الجديد «الدشاش»، التي تدور في إطار اجتماعي كوميدي تشويقي، بمشاركة عدد من النجوم، من بينهم باسم سمرة، وزينة، ونسرين أمين، ووليد فواز، والفيلم تأليف جوزيف فوزي، وإخراج سامح عبد العزيز.

ويشهد الفيلم الذي بدأ تصويره في مصر، وفق ما أعلنه المخرج على صفحته بـ«فيسبوك»، التعاون الثالث له مع سعد بعد مشاركتهما سوياً في فيلم «تتح» عام 2013، ومسلسل «فيفا أطاطا» عام 2014.

ويرى الناقد الفني المصري محمد عبد الخالق، أن «الفنان محمد سعد فنان متميز، وتحول لظاهرة سينمائية عندما قدّم شخصية (اللمبي) الشهيرة بداية من فيلم (الناظر)، وحقّق من خلالها نجاحاً كبيراً».

الفنان محمد سعد (حسابه على «فيسبوك»)

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «محمد سعد فنان من طراز مختلف، وليس له شبيه في الوسط الفني؛ لقدرته على تقديم (كركترات) منوعة بأسلوبه الخاص».

وعزا عبد الخالق ابتعاد سعد عن السينما خلال السنوات الخمس الأخيرة إلى أن «النجاح الكبير يؤدي بالنجم أحياناً للتوقف فترة؛ لعدم قدرته على إيجاد عمل يجعله على نفس المستوى مهما حاول في كل الاتجاهات، وهذا ما حصل مع سعد الذي كرر نفسه في أدوار لم تترك بصمة في أذهان الجمهور خلال سنوات ماضية».

وأشار إلى أن «محمد سعد لا يحتاج سوى نصّ جيد وفكرة جديدة ومتميزة، ومخرج صاحب رؤية ووجهه نظر، وأن يبتعد تماماً عن التدخل في النص أو في الإخراج، لأن تدخله كان وراء عدم تحقيق أعماله الأخيرة للنجاح، بل إن مشكلاته مع المخرجين تصدرت الأخبار الفنية في الفترة الماضية».

وعن تعاونه مع المخرج سامح عبد العزيز مجدداً، قال عبد الخالق: «سامح مخرج متميز قدّم أفلاماً ناجحة كثيرة، وأتمنى أن أرى تجربته الجديدة مع سعد مختلفة وأن يقدمه بشكل مغاير كي يعود لتحقيق النجاحات بالسينما مرة ثانية».

الإعلان عن بدء تصوير فيلم «الدشاش» بطولة محمد سعد (صفحة المخرج سامح عبد العزيز على «فيسبوك»)

وخلال السنوات التي ابتعد فيها سعد عن السينما قدّم مسرحيتي «اللمبي في الجاهلية» عام 2021، و«علي بابا» عام 2023، وتم عرضهما ضمن فعاليات «موسم الرياض»، بجانب مشاركته بعمل إذاعي، وبطولته للمسلسل التلفزيوني الكوميدي «إكس لانس»، الذي عرض في موسم دراما رمضان 2023، وقدّم من خلاله شخصية «الحناوي»، التي قدّمها من قبل في فيلم «كركر» عام 2007.

الناقدة الفنية المصرية خيرية البشلاوي ترى «أن محمد سعد فنان متمكن في مجال الترفيه الذي يتسق مع المزاج السائد للجمهور في السنوات الأخيرة، كما أن لديه موهبة وقدرة تمثيلية لافتة».

الفنان محمد سعد قدّم كثيراً من الأدوار بشخصيات منوعة (حسابه على «فيسبوك»)

وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «الجمهور في الوقت الحالي يبحث عن الفيلم المسلي والكوميديا الراقية، وإذا قدّم سعد هذا النوع فسوف ينجح بشكل كبير، خصوصاً مع بحث الناس عن الضحك والترفيه».

وشدّدت على أن «أفلام محمد سعد التي تعتمد على الكوميديا لا بد أن تقدم فكرة تروق للناس بعيداً عن التكرار»، وأبدت الناقدة الفنية تفاؤلها بعمله مجدداً مع المخرج سامح عبد العزيز، ولكنها طالبتهما بـ«الابتعاد عن الكوميديا المسفة والابتذال، وتقديم رسالة حتى لو من خلال نص كوميدي، مع مراعاة القيم الفنية والأخلاقية والإنسانية، وتوظيف قدرات سعد التمثيلية لإرضاء ذائقة الجمهور».