«الأبد هو الآن»... مغامرات تشكيلية تُغرّد خارج السّرب في سفح الأهرامات

مشاركة لافتة للفنانة السعودية دانية الصالح في النسخة الرابعة من المعرض

«سفينة الزمن» للفرنسية جان ماري أبريو (إدارة المعرض)
«سفينة الزمن» للفرنسية جان ماري أبريو (إدارة المعرض)
TT

«الأبد هو الآن»... مغامرات تشكيلية تُغرّد خارج السّرب في سفح الأهرامات

«سفينة الزمن» للفرنسية جان ماري أبريو (إدارة المعرض)
«سفينة الزمن» للفرنسية جان ماري أبريو (إدارة المعرض)

هل يمكن أن يتحوّل الزمن إلى سفينة تبحر بنا نحو المجهول، وكيف يرتبط مفهوم الأبدية بالدوائر وكأن فكرة الدائرة نفسها تحتوي على أسرار دفينة، ولماذا تُعد الصحراء منبعاً للحكمة ومجالاً رائعاً للتأمل؟

تخطر مثل هذه النوعية من التساؤلات ببال من يُطالع الأعمال المشاركة في النسخة الرابعة من معرض «الأبد هو الآن» الذي يُقام في منطقة سفح أهرامات الجيزة حتى 16 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بمشاركة 12 فناناً من مختلف دول العالم.

«أمواج» للبلجيكي اللبناني جان بوغوسيان (إدارة المعرض)

ويُغرّد المعرض إجمالاً خارج السّرب المتوقع أو المألوف من خلال مغامرات تشكيلية وأعمال مركبة ذات صبغة حداثية تسعى للتماهي مع اسم المعرض عبر تجسيد «فكرة الزمن» في صِيَغٍ ملموسة كما في «سفينة الزمن» للفنانة الفرنسية جان ماري أبريو التي تجعل السفينة محاطة بصبيّ وطائر.

وعدّت نادين عبد الغفار، مديرة مؤسسة «أرت دي إيجيبت»، التي تُنظم هذا الحدث تحت رعاية عدد من المؤسسات الرّسمية؛ مثل: وزارات الخارجية والثقافة والسياحة والآثار، المعرض بمنزلة «حوار حضاري يتميّز بالتواصل بين الغرب والشرق في إطارٍ من الاحترام المتبادل، وليس في سياق نفي الآخر أو التقليل من شأنه، كما كان يحدث في فترات زمنية سابقة».

عمل للإيطالي لوكا بافي (إدارة المعرض)

وأضافت، في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» قائلة: «نحن إزاء حدثٍ استثنائي شبّ عن الطوق، واكتسب هويته الخاصة، وبلغ عدد زائريه في الدورات الثلاث الماضية 800 ألف شخص، كما اكتسب شهرة عالمية وأصبح وجهة دولية في عالم الإبداع».

عمل للإسباني خافيير ماسكارو بعنوان «خروج» (إدارة المعرض)

وتنطوي مشاركة الفنانة السعودية دانية الصالح في «الأبد هو الآن» على أهمية خاصة، إذ يمزج عملها بين الرسم وفن الفيديو في توليفة بصرية خاصة عبر مقطع مصورٍ صامت يحمل عنوان «Evanesce» (زائل).

«سائل صلب» لليونانية البريطانية ناسيا (إدارة المعرض)

وقالت دانية الصالح إن «عملها يتناول العصر الذهبي للسينما المصرية في الفترة ما بين الأربعينات والستينات من القرن الماضي من خلال شخصيات لا تُنسى وقصص حب عميقة»، مشيرة في كلمة مصوّرة نشرها الموقع الرسمي للمعرض إلى أن «السينما المصرية كان لها تأثير مذهل في العالم العربي وشمال أفريقيا في تلك الحقبة، وبالتالي فقد أرادت أن ترصد هذا الماضي وتوثّقه حتى لا يصبح (زائلاً)».

وُلدت دانية الصالح 1970، وهي تركّز في أعمالها الفنية على جوانب «التّكيف الثقافي»، وتأثير وسائل الإعلام التقليدي منها والجديد في سلوكيات الأفراد وأفكارهم.

عمل بعنوان «سنلتقي مرة أخرى» لجيك مايكل سينغر (إدارة المعرض)

ويشارك الفنان الجنوب أفريقي جيك مايكل سينغر بعملٍ يحمل عنواناً لافتاً هو «سنلتقي مرة أخرى في السماء» من خلال تكوين يشبه نبات الصّبار ويميل إلى اللون الأسود، وله فرعان يتجهان إلى أعلى، في حين تطرح الفنانة اللبنانية ماري خوري في عملها «بحب» ما يُطلِق عليه نقاد «جماليات الإهمال»، من خلال قطع عدّة بيضاء اللون تبدو للوهلة الأولى كما لو كانت خزفاً ملقى بإهمال.

«بحب» للبنانية ماري خوري (إدارة المعرض)

وتظهر الأهرامات في الخلفية لجميع الأعمال المشتركة، وهو ما جعل بعض الفنانين يصمّمون أعمالهم على أساس تلك الفكرة؛ بحيث يصبح العمل مشتبكاً مع الأثر الشهير ويتقاطع معه بشكل أو بآخر، وهو ما فعلته الفنانة الإيطالية فيديريكا دي كارلو في عملها «أنا أرى، أنا أرى» الذي يظهر مثل قوس معدني يتقاطع بالعرض مع الهرم مع وجود ما يشبه العدسة في المنتصف.

عمل بعنوان «أنا أرى» للإيطالية فيديريكا دي كارلو (إدارة المعرض)

وفي المقابل، اختارت الفنانة الهندية شيلو شيف سليمان في عملها «لوتس» فكرة بسيطة تتّسم بالحميمة والدفء من خلال تقديم 7 أزهار من اللوتس في تصميم غايةً في البساطة، يجمع بين الرقة والفخامة.


مقالات ذات صلة

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
يوميات الشرق إحدى لوحات معرض «يا عم يا جمّال» (الشرق الأوسط)

«يا عم يا جمّال»... معرض قاهري يحاكي الأغاني والأمثال الشعبية

يحاكي الفنان التشكيلي المصري إبراهيم البريدي الأمثال والحكايات والأغاني والمواويل الشعبية المرتبطة بالجمل في التراث المصري والعربي.

حمدي عابدين (القاهرة )
يوميات الشرق ملالا مع لوحاتها (دليل باريس للمعارض)

جدارية بعرض 60 متراً تعكس تحولات البشرية نحو العولمة

في أكبر صالات «قصر طوكيو» في باريس، تعرض حالياً وحتى 5 يناير (كانون الثاني) المقبل، جدارية استثنائية للفنانة ملالا أندريالافيدرازانا.

«الشرق الأوسط» (باريس)

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
TT

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)
عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)

قال الفنان المصري عمرو سعد إن غيابه عن السينما في السنوات الأخيرة جاء لحرصه على تقديم أعمال قوية بإمكانات مادية وفنية مناسبة، وأكد أنه يعود للسينما بأحدث أفلامه «الغربان» الذي قام بتصويره على مدى 4 سنوات بميزانية تقدر بنصف مليار جنيه (الدولار يساوي 49.73 جنيه)، وأن الفيلم تجري حالياً ترجمته إلى 12 لغة لعرضه عالمياً.

وأضاف سعد خلال جلسة حوارية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الخميس، أنه يظهر ضيف شرف لأول مرة من خلال فيلم «الست» الذي يروي سيرة سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وتقوم ببطولته منى زكي وإخراج مروان حامد، ومن إنتاج صندوق «بيج تايم» السعودي و«الشركة المتحدة» و«سينرجي» و«فيلم سكوير».

وعرض سعد لقطات من فيلم «الغربان» الذي يترقب عرضه خلال 2025، وتدور أحداثه في إطار من الحركة والتشويق فترة أربعينات القرن الماضي أثناء معركة «العلمين» خلال الحرب العالمية الثانية، ويضم الفيلم عدداً كبيراً من الممثلين من بينهم، مي عمر، وماجد المصري، وأسماء أبو اليزيد، وهو من تأليف وإخراج ياسين حسن الذي يخوض من خلاله تجربته الطويلة الأولى، وقد عدّه سعد مخرجاً عالمياً يمتلك موهبة كبيرة، والفيلم من إنتاج سيف عريبي.

وتطرق سعد إلى ظهوره ضيف شرف لأول مرة في فيلم «الست» أمام منى زكي، موضحاً: «تحمست كثيراً بعدما عرض علي المخرج مروان حامد ذلك، فأنا أتشرف بالعمل معه حتى لو كان مشهداً واحداً، وأجسد شخصية الرئيس جمال عبد الناصر، ووجدت السيناريو الذي كتبه الروائي أحمد مراد شديد التميز، وأتمنى التوفيق للفنانة منى زكي والنجاح للفيلم».

وتطرق الناقد رامي عبد الرازق الذي أدار الحوار إلى بدايات عمرو سعد، وقال الأخير إن أسرته اعتادت اصطحابه للسينما لمشاهدة الأفلام، فتعلق بها منذ طفولته، مضيفاً: «مشوار البدايات لم يكن سهلاً، وقد خضت رحلة مريرة حتى أحقق حلمي، لكنني لا أريد أن أسرد تفاصيلها حتى لا يبكي الحضور، كما لا أرغب في الحديث عن نفسي، وإنما قد أكون مُلهماً لشباب في خطواتهم الأولى».

عمرو سعد في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (إدارة المهرجان)

وأرجع سعد نجاحه إلي «الإصرار والثقة»، ضارباً المثل بزملاء له بالمسرح الجامعي كانوا يفوقونه موهبة، لكن لم يكملوا مشوارهم بالتمثيل لعدم وجود هذا الإصرار لديهم، ناصحاً شباب الممثلين بالتمسك والإصرار على ما يطمحون إليه بشرط التسلح بالموهبة والثقافة، مشيراً إلى أنه كان يحضر جلسات كبار الأدباء والمثقفين، ومن بينهم الأديب العالمي نجيب محفوظ، كما استفاد من تجارب كبار الفنانين.

وعاد سعد ليؤكد أنه لم يراوده الشك في قدرته على تحقيق أحلامه حسبما يروي: «كنت كثيراً ما أتطلع لأفيشات الأفلام بـ(سينما كايرو)، وأنا أمر من أمامها، وأتصور نفسي متصدراً أحد الملصقات، والمثير أن أول ملصق حمل صورتي كان على هذه السينما».

ولفت الفنان المصري خلال حديثه إلى «أهمية مساندة صناعة السينما، وتخفيض رسوم التصوير في الشوارع والأماكن الأثرية؛ لأنها تمثل ترويجا مهماً وغير مباشر لمصر»، مؤكداً أن الفنان المصري يمثل قوة خشنة وليست ناعمة لقوة تأثيره، وأن مصر تضم قامات فنية كبيرة لا تقل عن المواهب العالمية، وقد أسهمت بفنونها وثقافتها على مدى أجيال في نشر اللهجة المصرية.

وبدأ عمرو سعد (47) عاماً مسيرته الفنية خلال فترة التسعينات عبر دور صغير بفيلم «الآخر» للمخرج يوسف شاهين، ثم فيلم «المدينة» ليسري نصر الله، وقدمه خالد يوسف في أفلام عدة، بدءاً من «خيانة مشروعة» و«حين ميسرة» و«دكان شحاتة» وصولاً إلى «كارما»، وقد حقق نجاحاً كبيراً في فيلم «مولانا» للمخرج مجدي أحمد علي، وترشح الفيلم لتمثيل مصر في منافسات الأوسكار 2018، كما لعب بطولة عدد كبير من المسلسلات التلفزيونية من بينها «يونس ولد فضة»، و«ملوك الجدعنة»، و«الأجهر»، بينما يستعد لتصوير مسلسل «سيد الناس» أمام إلهام شاهين وريم مصطفى الذي سيُعْرَض خلال الموسم الرمضاني المقبل.