هل يمكن أن يتحوّل الزمن إلى سفينة تبحر بنا نحو المجهول، وكيف يرتبط مفهوم الأبدية بالدوائر وكأن فكرة الدائرة نفسها تحتوي على أسرار دفينة، ولماذا تُعد الصحراء منبعاً للحكمة ومجالاً رائعاً للتأمل؟
تخطر مثل هذه النوعية من التساؤلات ببال من يُطالع الأعمال المشاركة في النسخة الرابعة من معرض «الأبد هو الآن» الذي يُقام في منطقة سفح أهرامات الجيزة حتى 16 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بمشاركة 12 فناناً من مختلف دول العالم.
ويُغرّد المعرض إجمالاً خارج السّرب المتوقع أو المألوف من خلال مغامرات تشكيلية وأعمال مركبة ذات صبغة حداثية تسعى للتماهي مع اسم المعرض عبر تجسيد «فكرة الزمن» في صِيَغٍ ملموسة كما في «سفينة الزمن» للفنانة الفرنسية جان ماري أبريو التي تجعل السفينة محاطة بصبيّ وطائر.
وعدّت نادين عبد الغفار، مديرة مؤسسة «أرت دي إيجيبت»، التي تُنظم هذا الحدث تحت رعاية عدد من المؤسسات الرّسمية؛ مثل: وزارات الخارجية والثقافة والسياحة والآثار، المعرض بمنزلة «حوار حضاري يتميّز بالتواصل بين الغرب والشرق في إطارٍ من الاحترام المتبادل، وليس في سياق نفي الآخر أو التقليل من شأنه، كما كان يحدث في فترات زمنية سابقة».
وأضافت، في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» قائلة: «نحن إزاء حدثٍ استثنائي شبّ عن الطوق، واكتسب هويته الخاصة، وبلغ عدد زائريه في الدورات الثلاث الماضية 800 ألف شخص، كما اكتسب شهرة عالمية وأصبح وجهة دولية في عالم الإبداع».
وتنطوي مشاركة الفنانة السعودية دانية الصالح في «الأبد هو الآن» على أهمية خاصة، إذ يمزج عملها بين الرسم وفن الفيديو في توليفة بصرية خاصة عبر مقطع مصورٍ صامت يحمل عنوان «Evanesce» (زائل).
وقالت دانية الصالح إن «عملها يتناول العصر الذهبي للسينما المصرية في الفترة ما بين الأربعينات والستينات من القرن الماضي من خلال شخصيات لا تُنسى وقصص حب عميقة»، مشيرة في كلمة مصوّرة نشرها الموقع الرسمي للمعرض إلى أن «السينما المصرية كان لها تأثير مذهل في العالم العربي وشمال أفريقيا في تلك الحقبة، وبالتالي فقد أرادت أن ترصد هذا الماضي وتوثّقه حتى لا يصبح (زائلاً)».
وُلدت دانية الصالح 1970، وهي تركّز في أعمالها الفنية على جوانب «التّكيف الثقافي»، وتأثير وسائل الإعلام التقليدي منها والجديد في سلوكيات الأفراد وأفكارهم.
ويشارك الفنان الجنوب أفريقي جيك مايكل سينغر بعملٍ يحمل عنواناً لافتاً هو «سنلتقي مرة أخرى في السماء» من خلال تكوين يشبه نبات الصّبار ويميل إلى اللون الأسود، وله فرعان يتجهان إلى أعلى، في حين تطرح الفنانة اللبنانية ماري خوري في عملها «بحب» ما يُطلِق عليه نقاد «جماليات الإهمال»، من خلال قطع عدّة بيضاء اللون تبدو للوهلة الأولى كما لو كانت خزفاً ملقى بإهمال.
وتظهر الأهرامات في الخلفية لجميع الأعمال المشتركة، وهو ما جعل بعض الفنانين يصمّمون أعمالهم على أساس تلك الفكرة؛ بحيث يصبح العمل مشتبكاً مع الأثر الشهير ويتقاطع معه بشكل أو بآخر، وهو ما فعلته الفنانة الإيطالية فيديريكا دي كارلو في عملها «أنا أرى، أنا أرى» الذي يظهر مثل قوس معدني يتقاطع بالعرض مع الهرم مع وجود ما يشبه العدسة في المنتصف.
وفي المقابل، اختارت الفنانة الهندية شيلو شيف سليمان في عملها «لوتس» فكرة بسيطة تتّسم بالحميمة والدفء من خلال تقديم 7 أزهار من اللوتس في تصميم غايةً في البساطة، يجمع بين الرقة والفخامة.